الرئيسية / ثقافة عامة / برُوفَة بِطَالة

برُوفَة بِطَالة

فاطمة عبدالجليل |

البروفة لغةً: تجربة مسرحيّة ونحوُها قبل عرضها على الجمهور للتَّحقّق من إجادتها، تدريب وتمرين بهدف الإعداد..
وأعتقد أنني قد بدأت في مرحلة “عام بروفة من البطالة“.. وهذا العنوان المؤقت لحالة مؤقتة لا أَجَلَ لها، في بلدٍ يعتاشُ على التوقيت الخطأ، الأمل الوهمي والحسابات الصعبة.

لا أعلم أين تكمن الثغرة، أفينا نحن الجيل؟ أم بزماننا هذا؟ الظالم لنا، لطموحاتنا أو دعونا من الطموح على قول عمي “هيدا كلام الفلاسفة والشعراء” -أقل شيء- الظالم لشهاداتنا وتعب ليالينا والأموال المهدورة (نعم هي كذلك إن لم يُصْرَف لها تعويض أو على الأقل يَكُن لنا مردوداً مالياً يُوْفِي كل ما طُرِحَ على سنوات الدراسة) !

يا لهذا العام! لن أخفي عنكم، لم يكن سهلاً أبداً، مرَّت عليّ خيبات أمل لم أشعر بها يوماً قط، وحيناً آخراً بأمل عظيم على وزن حكمةٍ قالها لي أبي مراراً : ” من طلب العلا، سهر الليالي! “، مني وعليِّ سهرت ليالٍ لا تُعدُّ ولا تُحصى .. وها أنا بانتظار العلا ..

أيها العُلا، أينك؟

بين أصحاب الدراسات العليا الذين ينحتون في غير طريقهم ومسارهم؟

في شهادات المهندسين الذين أصبحوا في ميادين خدمة المطاعم؟

أو الدكاترة الذين يبحثون عن لقمة عيش عائلاتهم بين طرقات غريبة عن ميادينهم؟
فأول ميدان يُنصَحُ به ويُشير عليكَ المجتمع بالدخول إليه، التعليم طبعاً .. حتى لو أنك لا تجيد التكلم والشرح لنفسك !

“الشغل مش عيب” لكن العيب أن لا تجد مكانة لتعب اختصاصك بين أركان سوق العمل.. أو أن تضطر لأن تكون مُبْعَداً عمَّا تُحِب فقط لأجل إيجاد فرصة عمل وبدل مادي لنعيش..

العيب أن يصبح جدار غرفتنا مليئاً بشهادات دراسية، جامعية، نشاطات مُلْحَقَة وكلها رهينة إنتظار صعب .. تحت رحمة التفاؤل المر الجميل.

هذا ليس مقال يدعو إلى السلبية -لا سمح الله-، بل سطوراً تنادي بأزمة حقيقية يجب أن نجد لها حل ..
رِفقاً بقلوبنا يا أصحاب الوسائط، وبشهاداتنا يا عبيد الأموال ومحتكري السوق..
من أين لنا الكِلْيَة الإضافية حتى نستطيع أن نهاجر لإكمال دراستنا أو إيجاد فرصتنا خارجاً؟ أعلم أنك تقول الآن، يمكنكم يا معشر طلاب العلم إكمال علمكم في بلادكم لماذا السفر؟ من الذي قال؟ أجل يمكننا ذلك لكن بالمقابل نحتاج إلى كبد وطرف طحال لهذا ..فِعلاً بلد مضحك مبكي..

لنا الله .. وسواعد قوية بعونه، كل انسان ستأتي فرصته لكن بِهِمته وإرادته وعمله الدؤوب وسعيه الدائم والمتواصل -خاصة- في بلد مثل بلدنا لا يكفي أن تسعى فقط، عليك أن تضاعف أضعاف سعيك وهرولتك ومجهودك لكي أقلّها تقطف فخراً بما عملت وسعادةً بما ستعمل..

لك مني أيها القارئ/أيتها القارئة أمنيةً بالفعل عزيزة ..

“آمل أن تستثمر أيام عمرك الآن، في المجال الذي تحبه، والذي قضيت ما قضيت حتى تغوص في غِماره وتراه واقعاً حقيقياً .. فلا يَستنزِف من طاقاتك ولا يأخذُ منك صحتك، أو سعادتك ووقتك مع من تُحِب”.

في حربنا الضروس ضد البطالة، فلننتبه فقط إلى الفرص التي نحصدها ولا نستعجل في التمسك بها، فالدخول بهذا العالم ليس كخروجه.. الحسابات تسير بشكل مغاير في زمننا، وكلّ يهمه مصلحته الخاصة وأنت عليك أن تفكر بيومك اليوم وغدك مستقبلاً، فلا تصبح هذه البروفة تجربة طويلة وتدريباً بِهدفِ تحقيق البؤس والإحباط والكسل.. فلتكن على الأقل تمهيداً وتحضيراً للدخول في مسرحية أنت بطلها، مخرجها والجمهور الذي سيقف تحيّةً وفخراً بنفسه، أَيْ أنتَ، نعم أنتَ.

شاهد أيضاً

ندعوا أهل الخير للمساهمة في إفطار مئة صائم يومياً

بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك، يطلق “مركز مصان” لذوي الإحتياجات الخاصّة مشروعه الإنسانيّ “مائدة الرّحمٰن” …

Open chat
أهلاً وسهلاً بكم