لفضيلة الشيخ علي ياسين العاملي
23-6-2017م
اليوم آخر جمعة من شهر رمضان المبارك لهذا العام ، ولم يبقَ من هذا الشهر الشريف إلاّ يوم أو يومين ؛ نصومهما ونقوم في ليلتهما نودّع فيهما هذا الشهر الكريم ،الذي اختص الله به أمّة نبيّه المصطفى (ص) ، وضاعف فيه الإيمان ، وفرض فيه الصيام ، وحثّ على قيام ليله وصوم نهاره ،وجعل الله عزّ وجلّ فيه ليلة القدر التي هي خيرٌ من ألف شهر ، نسأله تبارك وتعالى أن نكون ممن أحسن صحبة هذا الشهر الفضيل .
يقول الإمام السجّاد (ع) في وداع شهر رمضان : اللَّهُمَّ إِنَّا أَهْلُ هَذَا الشَّهْرِ الَّذِي شَرَّفْتَنَا بِهِ ، وَ وَفَّقْتَنَا بِمَنِّكَ لَهُ حِينَ جَهِلَ الْأَشْقِيَاءُ وَقْتَهُ ، وَ حُرِمُوا لِشَقَائِهِمْ فَضْلَهُ . ومما يقوله (ع) مسلّماً على شهر رمضان : السَّلَامُ عَلَيْكَ مِنْ أَلِيفٍ آنَسَ مُقْبِلًا فَسَرَّ ، وَ أَوْحَشَ مُنْقَضِياً فَمَضَّ .السَّلَامُ عَلَيْكَ مِنْ مُجَاوِرٍ رَقَّتْ فِيهِ الْقُلُوبُ ، وَ قَلَّتْ فِيهِ الذُّنُوبُ .السَّلَامُ عَلَيْكَ مِنْ نَاصِرٍ أَعَانَ عَلَى الشَّيْطَانِ ، وَ صَاحِبٍ سَهَّلَ سُبُلَ الْإِحْسَانِ .السَّلَامُ عَلَيْكَ مَا أَكْثَرَ عُتَقَاءَ اللَّهِ فِيكَ ، وَ مَا أَسْعَدَ مَنْ رَعَى حُرْمَتَكَ بِكَ .السَّلَامُ عَلَيْكَ مَا كَانَ أَمْحَاكَ لِلذُّنُوبِ ، وَ أَسْتَرَكَ لِأَنْوَاعِ الْعُيُوبِ .السَّلَامُ عَلَيْكَ مَا كَانَ أَطْوَلَكَ عَلَى الْمُجْرِمِينَ ، وَ أَهْيَبَكَ فِي صُدُورِ الْمُؤْمِنِينَ .السَّلَامُ عَلَيْكَ مِنْ شَهْرٍ لَا تُنَافِسُهُ الْأَيَّامُ .السَّلَامُ عَلَيْكَ مِنْ شَهْرٍ هُوَ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ سَلَامٌ .السَّلَامُ عَلَيْكَ غَيْرَ كَرِيهِ الْمُصَاحَبَةِ ، وَ لَا ذَمِيمِ الْمُلَابَسَةِ .السَّلَامُ عَلَيْكَ كَمَا وَفَدْتَ عَلَيْنَا بِالْبَرَكَاتِ ، وَ غَسَلْتَ عَنَّا دَنَسَ الْخَطِيئَاتِ .إلى أن يختم (ع) بقوله : وَ اجْبُرْ مُصِيبَتَنَا بِشَهْرِنَا ، وَ بَارِكْ لَنَا فِي يَوْمِ عِيدِنَا وَ فِطْرِنَا ، وَ اجْعَلْهُ مِنْ خَيْرِ يَوْمٍ مَرَّ عَلَيْنَا أَجْلَبِهِ لِعَفْوٍ ، وَ أَمْحَاهُ لِذَنْبٍ ، وَ اغْفِرْ لَنَا مَا خَفِيَ مِنْ ذُنُوبِنَا وَ مَا عَلَنَ .
ورد عن رسول الله (ص) أنّه قال : أُعْطِيَتْ أُمَّتِي خَمْسَ خِصَالٍ فِي رَمَضَانَ لَمْ تُعْطَهُ أُمَّةٌ قَبْلَهُمْ : خُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ ، وَتَسْتَغْفِرُ لَهُمُ الْمَلائِكَةُ حَتَّى يُفْطِرُوا ، وَتُصَفَّدُ فِيهِ مَرَدَةُ الشَّيَاطِينِ ، فَلا يَخْلُصُونَ إِلَى مَا كَانُوا يَخْلُصُونَ فِيهِ إِلَى غَيْرِهِ ، وَيُزَيِّنُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِ فِي كُلِّ يَوْمٍ جَنَّتَهُ ، ثُمَّ يَقُولُ : يُوشِكُ عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ أَنْ يُلْقُوا عَنْهُمُ الْمُؤْنَةَ وَالأَذَى ، وَأَنْ يَصِيرُوا إِلَيَّ ، وَيُغْفَرُ لَهُمْ فِي آخِرِ لَيْلَةٍ ، قِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ! هِيَ لَيْلَةُ الْقَدْرِ ؟ قَالَ : ” لا ، وَلَكِنْ إِنَّمَا يُوَفَّى الْعَامِلُ أَجْرَهُ إِذَا قَضَى عَمَلَهُ .
فجائزة شهر رمضان ؛ هي أنّ المغفرة تتوقف على إتمام الشهر في العبادة ، لأنّ الأعمال عند الله هي بخواتيمها ، والذي يطمع بعفو الله تبارك وتعالى وغفرانه لا تبرد همّته ، ولا يهدأ حتى يطمئن إلى الوصول إلى الهدف ، فكما بدأنا هذا الشهر بهمّةٍ وشوق ؛ علينا أن نقضي الساعات والدقائق الأخيرة منه بخضوع وخشوع وتذلّل واستذكار للذنوب ، والندم عليها ، حتى يغفرها الله لنا ونخرج من ذنوبنا كما نخرج من هذا الشهر الشريف .
بحلول شهر رمضان انفتحنا على الآفاق الإلهية الرّحبة ، وعشنا معانيه بكلّ أنسٍ ، وروحية قرّبتنا منه سبحانه ، ونحزن على فراقه ؛ لأننا سوف نفتقد الأجواء الروحية ، قال أمير المؤمنين (ع) في وداع شهر رمضان المبارك : أيها الناس! إن يومكم هذا يوم يثاب فيه المحسنون ويخسر فيه المبطلون، وهو أشبه بيوم قيامكم، فاذكروا بخروجكم من منازلكم إلى مصلاكم خروجكم من الأجداث إلى ربكم، واذكروا بوقوفكم في مصلاكم وقوفكم بين يدي ربكم، واذكروا برجوعكم إلى منازلكم رجوعكم إلى منازلكم في الجنة!. عباد الله! إن أدنى ما للصائمين والصائمات أن يناديهم ملك في آخر يوم من شهر رمضان: أبشروا عباد الله، فقد غفر لكم ما سلف من ذنوبكم فانظروا كيف تكونون فيما تستأنفون؟!.
عباد الله هذا شهر رمضان قد عزم على الرّحيل ، فمَن أحسن فيه فعليه أن يحفظ ما جناه ، ويستمرّ في الطاعة ومحاسبة النّفس ، ومَن أساء وأهمل وقصّر فليعد إلى ربّه معتذراً وخاتماً شهره بتوبة نصوح ، وعملٍ صالحٍ ، فإنّ خير الأعمال خواتيمها .
في هذه الليالي يجتمع محبّو شهر الله لوداعه بذرف الدموع ألماً لفراقه ، فهو شهر الرحمة والبركة ، وشهر العتق من النار والفوز بالجنّة ، فيحمدون الله على أن بلّغهم شهر رمضان ، ووفّقهم لحسن ختامه بالطّاعة وعدم التقصير في جنب الله سبحانه ، ويوم العيد ؛ يومٌ يُثاب فيه المحسنون ، ويعاقب فيه المسيؤون ، الذي لو كشف فيه الغطاء لانشغل أهل الإحسان بإحسانهم وأهل السيئات بسيّئاتهم ؛ فمن زادت سيّئاته على حسناته ؛ فهو الظالم لنفسه ، ومن استوت حسناته وسيّئاته أو زادت حسناته على سيّئاته فهو السابق بالخيرات ، فقد أخلص العمل لله جلّ وعلا ، القائل عزّت قدرته ” ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا ۖ فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ * جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا ۖ وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ *وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ ۖ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ * الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِن فَضْلِهِ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ ” .
شهر رمضان شهر الغنيمة والرّبح ، والرابح الكبير هو الذي عمّر المساجد بذكره سبحانه ، وتلا القرآن ، وكفّ لسانه إلاّ عن الخير ، ووصل الرّحم ، وأعان الضّعيف ، وحسّن خُلقه ، ولم ينم من الليل إلا النزر اليسير ، فيقضي ليالي الشهر المبارك بالتهجّد والدّعاء والتلاوة ، فلم يُلههِ شيء عن ذكر الله سبحانه ، مستعدّاً لليوم الذي ” يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ” ، فكما كان ينتظر قدوم شهر رمضان بلهفة واستقبله بالطّاعات والإيمان والبر والإحسان ؛ فكذلك يودّعه بمثل ما استقبله ، ويعزم على أن تكون كلّ أيامه عامرة بالطّاعات والخشوع كشهر رمضان .
قيل لبشر الحافي (رض) : إن قوما يتعبدون ويجتهدون في رمضان فقال: بئس القوم لا يعرفون لله حقا إلا في شهر رمضان إن الصالح الذي يتعبد ويجتهد السنة كلها .
يقول الشاعر :
ترحل شهر الصبر والهفاه وانصرما … واختص بالفوز في الجنات من خدما
وأصبح الغافل المسكين منكسرا … مثلي فيا ويحه يا عظم ما حرما
من فاته الزرع في وقت البدار فما … تراه يحصد إلا الهم والندمـــــا
ونردّد مع الإمام زين العابدن (ع) في دعاء وداع شهر رمضان : وَ قَدْ أَقَامَ فِينَا هَذَا الشَّهْرُ مُقَامَ حَمْدٍ ، وَ صَحِبَنَا صُحْبَةَ مَبْرُورٍ ، وَ أَرْبَحَنَا أَفْضَلَ أَرْبَاحِ الْعَالَمِينَ ، ثُمَّ قَدْ فَارَقَنَا عِنْدَ تَمَامِ وَقْتِهِ ، وَ انْقِطَاعِ مُدَّتِهِ ، وَ وَفَاءِ عَدَدِهِ ، فَنَحْنُ مُوَدِّعُوهُ وِدَاعَ مَنْ عَزَّ فِرَاقُهُ عَلَيْنَا ، وَ غَمَّنَا وَ أَوْحَشَنَا انْصِرَافُهُ عَنَّا ، وَ لَزِمَنَا لَهُ الذِّمَامُ الْمَحْفُوظُ ، وَ الْحُرْمَةُ الْمَرْعِيَّةُ ، وَ الْحَقُّ الْمَقْضِيُّ ، فَنَحْنُ قَائِلُونَ :السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا شَهْرَ اللَّهِ الْأَكْبَرَ ، وَ يَا عِيدَ أَوْلِيَائِهِ .
السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أَكْرَمَ مَصْحُوبٍ مِنَ الْأَوْقَاتِ ، وَ يَا خَيْرَ شَهْرٍ فِي الْأَيَّامِ وَ السَّاعَاتِ .السَّلَامُ عَلَيْكَ مِنْ شَهْرٍ قَرُبَتْ فِيهِ الْآمَالُ ، وَ نُشِرَتْ فِيهِ الْأَعْمَالُ .السَّلَامُ عَلَيْكَ مِنْ قَرِينٍ جَلَّ قَدْرُهُ مَوْجُوداً ، وَ أَفْجَعَ فَقْدُهُ مَفْقُوداً ، وَ مَرْجُوٍّ آلَمَ فِرَاقُهُ .السَّلَامُ عَلَيْكَ مِنْ أَلِيفٍ آنَسَ مُقْبِلًا فَسَرَّ ، وَ أَوْحَشَ مُنْقَضِياً فَمَضَّ .
ونردّد مع شاعرٍ قوله :
يا شهر الصيام فدتك نفسي * تمهل بالرحيل والانتقالِ
فما أدري إذا ما الحول ولَّـى * وعدت بقابل في خير حالِ
أتلقاني مع الأحياء حيا * أم أنك تلقني في اللحد بالي
فهذي سنة الدنيا دواما * فراق بعد جمع واكتمالِ
لقد أراد الله سبحانه لشهر رمضان أن بكون شهراً للتقوى ، إذ لا يكفي إن صلّينا أو صمنا فحسب ؛ بل علينا أن نلاحظ أنفسنا : هل صرنا إلى الله أقرب ؟ فنحافظ على هذه الحالة الإيمانية والتقوائية التي حصّلناها ، ونعمل على تثبيتها بالالتزام بكل ما أمر الله سبحانه والابتعاد عن معاصيه ، وننظر إلى أنّنا مهما التزمنا نبقى مقصّرين في جنب الله عزّ وجلّ ، ونبتعد عن الذنوب مهما كان الذنب صغيراً ؛ لأنّ فيه معصية للمولى العظيم ، ونبقى بين الخوف من سخطه تعالى والرجاء لرحمته الواسعة ؛ خوف على أعمالنا إذ قد لا تكون مقبولة ، فيدفعنا هذا الخوف إلى المحافظة على حدود الله سبحانه ، ورجاءً أن تشملنا رحمة الله التي وسعت كلّ شيء ، نعمل على أن يوصلنا الصوم إلى امتلاك القدرة على الإمساك بزمام أنفسنا والسيطرة على أهوائنا وشهواتنا ، فهذا يعني أنّ صومنا مقبول ، فنحب ما يُحبّه الله ونكره ونبتعد عما يكرهه سبحانه ، ليعيننا سبحانه بذلك على مواجهة الأخطار والمؤامرات التي يحيكها أعداؤنا ضدّنا ، ونقف مع المظلومين والمحرومين .
اليوم الجمعة الأخيرة في شهر رمضان المبارك ؛ يومٌ أطلقه إمام المحرومين والمستضعفين في العالم [الإمام الخميني (رض)] ليكون يوماً عالمياً للقدس ، حيث أراده الإمام الخميني (رض) إكمالاً لأعمال البر والوحدة والتكاتف بين المسلمين في شهر رمضان المبارك ، أن يكون يوماً نتوجّه فيه إلى أولى القبلتين ؛ نستشعر تكليفنا الشرعي تجاه هذه القبلة المقدّسة التي يدنّسها الصهاينة باستمرار احتلالهم لها ، وعملهم على تهديم المسجد الأقصى بحثاً عن هيكلهم المزعوم .
إنّ القدس تمثّل عزّة المسلمين والمؤمنين ، وهي مقدّسة عند كلّ الأديان ، فهي بحق عاصمة السماء في الأرض ، فليس بمؤمن من لا يشارك بيوم القدس بالمساعدة على تحريرها من دنس الاحتلال الصهيوني ، وفك أسرها المرير ، فلنشارك بالدعاء وبالتعبئة النفسية ، وباستحضار رمزّيتها في الإسلام وفي الضمير الديني لدى المسلمين ، ونتيقّن أنّ [عيشنا دون القدس ذل] – كما صدح بذلك إمام المقاومة في لبنان سماحة السيد موسى الصدر ، انتقم الله من كل مَن أراده بسوء .
إنّ قوى الاستكبار العالمي والصهيونية العالمية أوجدوا هذا الكيان اللقيط ؛ ليستمرّوا في إذلال شعوبنا وتقسيم منطقتنا ، فشنّت المؤامرة الصهيو أمريكية الحروب علينا للسيطرة الظالمة على القدس ، ومن أجل توسيع هذا الكيان الغاصب ، وكل الحروب والمشاكل التي عانيناها – وما زلنا نعانيها – هي كرمى لعين الصهيونية ، الصهاينة الذين حاولوا إقامة إسرائيل الكبرى ، فهبّ المؤمنون الشرفاء الذين تخرّجوا من مدرسة الصوم المحمدي الولائي الأصيل ، الأتقياء ، الأوفياء ، النجباء ، رجال الله ، بعزيمة البواسل ، وبإرادة الأحرار ، وبإيمان الولاية ، فحطّموا ذلك الحلم الصهيوني البغيض ، وأثبتوا أوّل مسمار في نعش هذا الكيان الصهيوني الذي يحاول أن يحميه تآمر علامي ظالم ، فاستهدفوا قوى المقاومة – وبتحريض عربي فاضح – .
لقد أعاد الإمام الخميني (رض) توجيه البوصلة نحو وجهتها الحقيقية ، فأبقى قضيّة فلسطين حيّة في نفوس المؤمنين الشرفاء ، من خلال يوم القدس العالمي ، هذا اليوم الذي يهتمّ به ويُحييه كلّ حرٍّ في هذه الأمة ، إنّنا على يقين أن القدس ستتحرّر وستسقط كلّ المؤامرات بأيدي المرابطين على الثغور من فلسطين إلى اليمن مروراً بلبنان وسوريا والعراق والبحرين .
في الشأن الداخلي نتمنّى أن يكون قانون الانتخابات بداية ضوء لمرحلة جديدةٍ تُنهي المحاصصة الطائفية والسياسية ، وتنهي الجشع والاستئثار والاحتكار السياسي ، سائلين المولى أن يعيد ذكرى يوم القدس العالمي على الأمة الإسلامية والعالم بالخير والسعادة والحريّة من رجس الاحتلال وظلم الحكّام وسقوط المؤامرات الدولية علينا .
وأخر دعوانا أن صلّ اللهم على محمد وآله الطاهرين والحمد لله رب العالمين .
23-6-2017م
اليوم آخر جمعة من شهر رمضان المبارك لهذا العام ، ولم يبقَ من هذا الشهر الشريف إلاّ يوم أو يومين ؛ نصومهما ونقوم في ليلتهما نودّع فيهما هذا الشهر الكريم ،الذي اختص الله به أمّة نبيّه المصطفى (ص) ، وضاعف فيه الإيمان ، وفرض فيه الصيام ، وحثّ على قيام ليله وصوم نهاره ،وجعل الله عزّ وجلّ فيه ليلة القدر التي هي خيرٌ من ألف شهر ، نسأله تبارك وتعالى أن نكون ممن أحسن صحبة هذا الشهر الفضيل .
يقول الإمام السجّاد (ع) في وداع شهر رمضان : اللَّهُمَّ إِنَّا أَهْلُ هَذَا الشَّهْرِ الَّذِي شَرَّفْتَنَا بِهِ ، وَ وَفَّقْتَنَا بِمَنِّكَ لَهُ حِينَ جَهِلَ الْأَشْقِيَاءُ وَقْتَهُ ، وَ حُرِمُوا لِشَقَائِهِمْ فَضْلَهُ . ومما يقوله (ع) مسلّماً على شهر رمضان : السَّلَامُ عَلَيْكَ مِنْ أَلِيفٍ آنَسَ مُقْبِلًا فَسَرَّ ، وَ أَوْحَشَ مُنْقَضِياً فَمَضَّ .السَّلَامُ عَلَيْكَ مِنْ مُجَاوِرٍ رَقَّتْ فِيهِ الْقُلُوبُ ، وَ قَلَّتْ فِيهِ الذُّنُوبُ .السَّلَامُ عَلَيْكَ مِنْ نَاصِرٍ أَعَانَ عَلَى الشَّيْطَانِ ، وَ صَاحِبٍ سَهَّلَ سُبُلَ الْإِحْسَانِ .السَّلَامُ عَلَيْكَ مَا أَكْثَرَ عُتَقَاءَ اللَّهِ فِيكَ ، وَ مَا أَسْعَدَ مَنْ رَعَى حُرْمَتَكَ بِكَ .السَّلَامُ عَلَيْكَ مَا كَانَ أَمْحَاكَ لِلذُّنُوبِ ، وَ أَسْتَرَكَ لِأَنْوَاعِ الْعُيُوبِ .السَّلَامُ عَلَيْكَ مَا كَانَ أَطْوَلَكَ عَلَى الْمُجْرِمِينَ ، وَ أَهْيَبَكَ فِي صُدُورِ الْمُؤْمِنِينَ .السَّلَامُ عَلَيْكَ مِنْ شَهْرٍ لَا تُنَافِسُهُ الْأَيَّامُ .السَّلَامُ عَلَيْكَ مِنْ شَهْرٍ هُوَ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ سَلَامٌ .السَّلَامُ عَلَيْكَ غَيْرَ كَرِيهِ الْمُصَاحَبَةِ ، وَ لَا ذَمِيمِ الْمُلَابَسَةِ .السَّلَامُ عَلَيْكَ كَمَا وَفَدْتَ عَلَيْنَا بِالْبَرَكَاتِ ، وَ غَسَلْتَ عَنَّا دَنَسَ الْخَطِيئَاتِ .إلى أن يختم (ع) بقوله : وَ اجْبُرْ مُصِيبَتَنَا بِشَهْرِنَا ، وَ بَارِكْ لَنَا فِي يَوْمِ عِيدِنَا وَ فِطْرِنَا ، وَ اجْعَلْهُ مِنْ خَيْرِ يَوْمٍ مَرَّ عَلَيْنَا أَجْلَبِهِ لِعَفْوٍ ، وَ أَمْحَاهُ لِذَنْبٍ ، وَ اغْفِرْ لَنَا مَا خَفِيَ مِنْ ذُنُوبِنَا وَ مَا عَلَنَ .
ورد عن رسول الله (ص) أنّه قال : أُعْطِيَتْ أُمَّتِي خَمْسَ خِصَالٍ فِي رَمَضَانَ لَمْ تُعْطَهُ أُمَّةٌ قَبْلَهُمْ : خُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ ، وَتَسْتَغْفِرُ لَهُمُ الْمَلائِكَةُ حَتَّى يُفْطِرُوا ، وَتُصَفَّدُ فِيهِ مَرَدَةُ الشَّيَاطِينِ ، فَلا يَخْلُصُونَ إِلَى مَا كَانُوا يَخْلُصُونَ فِيهِ إِلَى غَيْرِهِ ، وَيُزَيِّنُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِ فِي كُلِّ يَوْمٍ جَنَّتَهُ ، ثُمَّ يَقُولُ : يُوشِكُ عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ أَنْ يُلْقُوا عَنْهُمُ الْمُؤْنَةَ وَالأَذَى ، وَأَنْ يَصِيرُوا إِلَيَّ ، وَيُغْفَرُ لَهُمْ فِي آخِرِ لَيْلَةٍ ، قِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ! هِيَ لَيْلَةُ الْقَدْرِ ؟ قَالَ : ” لا ، وَلَكِنْ إِنَّمَا يُوَفَّى الْعَامِلُ أَجْرَهُ إِذَا قَضَى عَمَلَهُ .
فجائزة شهر رمضان ؛ هي أنّ المغفرة تتوقف على إتمام الشهر في العبادة ، لأنّ الأعمال عند الله هي بخواتيمها ، والذي يطمع بعفو الله تبارك وتعالى وغفرانه لا تبرد همّته ، ولا يهدأ حتى يطمئن إلى الوصول إلى الهدف ، فكما بدأنا هذا الشهر بهمّةٍ وشوق ؛ علينا أن نقضي الساعات والدقائق الأخيرة منه بخضوع وخشوع وتذلّل واستذكار للذنوب ، والندم عليها ، حتى يغفرها الله لنا ونخرج من ذنوبنا كما نخرج من هذا الشهر الشريف .
بحلول شهر رمضان انفتحنا على الآفاق الإلهية الرّحبة ، وعشنا معانيه بكلّ أنسٍ ، وروحية قرّبتنا منه سبحانه ، ونحزن على فراقه ؛ لأننا سوف نفتقد الأجواء الروحية ، قال أمير المؤمنين (ع) في وداع شهر رمضان المبارك : أيها الناس! إن يومكم هذا يوم يثاب فيه المحسنون ويخسر فيه المبطلون، وهو أشبه بيوم قيامكم، فاذكروا بخروجكم من منازلكم إلى مصلاكم خروجكم من الأجداث إلى ربكم، واذكروا بوقوفكم في مصلاكم وقوفكم بين يدي ربكم، واذكروا برجوعكم إلى منازلكم رجوعكم إلى منازلكم في الجنة!. عباد الله! إن أدنى ما للصائمين والصائمات أن يناديهم ملك في آخر يوم من شهر رمضان: أبشروا عباد الله، فقد غفر لكم ما سلف من ذنوبكم فانظروا كيف تكونون فيما تستأنفون؟!.
عباد الله هذا شهر رمضان قد عزم على الرّحيل ، فمَن أحسن فيه فعليه أن يحفظ ما جناه ، ويستمرّ في الطاعة ومحاسبة النّفس ، ومَن أساء وأهمل وقصّر فليعد إلى ربّه معتذراً وخاتماً شهره بتوبة نصوح ، وعملٍ صالحٍ ، فإنّ خير الأعمال خواتيمها .
في هذه الليالي يجتمع محبّو شهر الله لوداعه بذرف الدموع ألماً لفراقه ، فهو شهر الرحمة والبركة ، وشهر العتق من النار والفوز بالجنّة ، فيحمدون الله على أن بلّغهم شهر رمضان ، ووفّقهم لحسن ختامه بالطّاعة وعدم التقصير في جنب الله سبحانه ، ويوم العيد ؛ يومٌ يُثاب فيه المحسنون ، ويعاقب فيه المسيؤون ، الذي لو كشف فيه الغطاء لانشغل أهل الإحسان بإحسانهم وأهل السيئات بسيّئاتهم ؛ فمن زادت سيّئاته على حسناته ؛ فهو الظالم لنفسه ، ومن استوت حسناته وسيّئاته أو زادت حسناته على سيّئاته فهو السابق بالخيرات ، فقد أخلص العمل لله جلّ وعلا ، القائل عزّت قدرته ” ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا ۖ فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ * جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا ۖ وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ *وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ ۖ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ * الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِن فَضْلِهِ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ ” .
شهر رمضان شهر الغنيمة والرّبح ، والرابح الكبير هو الذي عمّر المساجد بذكره سبحانه ، وتلا القرآن ، وكفّ لسانه إلاّ عن الخير ، ووصل الرّحم ، وأعان الضّعيف ، وحسّن خُلقه ، ولم ينم من الليل إلا النزر اليسير ، فيقضي ليالي الشهر المبارك بالتهجّد والدّعاء والتلاوة ، فلم يُلههِ شيء عن ذكر الله سبحانه ، مستعدّاً لليوم الذي ” يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ” ، فكما كان ينتظر قدوم شهر رمضان بلهفة واستقبله بالطّاعات والإيمان والبر والإحسان ؛ فكذلك يودّعه بمثل ما استقبله ، ويعزم على أن تكون كلّ أيامه عامرة بالطّاعات والخشوع كشهر رمضان .
قيل لبشر الحافي (رض) : إن قوما يتعبدون ويجتهدون في رمضان فقال: بئس القوم لا يعرفون لله حقا إلا في شهر رمضان إن الصالح الذي يتعبد ويجتهد السنة كلها .
يقول الشاعر :
ترحل شهر الصبر والهفاه وانصرما … واختص بالفوز في الجنات من خدما
وأصبح الغافل المسكين منكسرا … مثلي فيا ويحه يا عظم ما حرما
من فاته الزرع في وقت البدار فما … تراه يحصد إلا الهم والندمـــــا
ونردّد مع الإمام زين العابدن (ع) في دعاء وداع شهر رمضان : وَ قَدْ أَقَامَ فِينَا هَذَا الشَّهْرُ مُقَامَ حَمْدٍ ، وَ صَحِبَنَا صُحْبَةَ مَبْرُورٍ ، وَ أَرْبَحَنَا أَفْضَلَ أَرْبَاحِ الْعَالَمِينَ ، ثُمَّ قَدْ فَارَقَنَا عِنْدَ تَمَامِ وَقْتِهِ ، وَ انْقِطَاعِ مُدَّتِهِ ، وَ وَفَاءِ عَدَدِهِ ، فَنَحْنُ مُوَدِّعُوهُ وِدَاعَ مَنْ عَزَّ فِرَاقُهُ عَلَيْنَا ، وَ غَمَّنَا وَ أَوْحَشَنَا انْصِرَافُهُ عَنَّا ، وَ لَزِمَنَا لَهُ الذِّمَامُ الْمَحْفُوظُ ، وَ الْحُرْمَةُ الْمَرْعِيَّةُ ، وَ الْحَقُّ الْمَقْضِيُّ ، فَنَحْنُ قَائِلُونَ :السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا شَهْرَ اللَّهِ الْأَكْبَرَ ، وَ يَا عِيدَ أَوْلِيَائِهِ .
السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أَكْرَمَ مَصْحُوبٍ مِنَ الْأَوْقَاتِ ، وَ يَا خَيْرَ شَهْرٍ فِي الْأَيَّامِ وَ السَّاعَاتِ .السَّلَامُ عَلَيْكَ مِنْ شَهْرٍ قَرُبَتْ فِيهِ الْآمَالُ ، وَ نُشِرَتْ فِيهِ الْأَعْمَالُ .السَّلَامُ عَلَيْكَ مِنْ قَرِينٍ جَلَّ قَدْرُهُ مَوْجُوداً ، وَ أَفْجَعَ فَقْدُهُ مَفْقُوداً ، وَ مَرْجُوٍّ آلَمَ فِرَاقُهُ .السَّلَامُ عَلَيْكَ مِنْ أَلِيفٍ آنَسَ مُقْبِلًا فَسَرَّ ، وَ أَوْحَشَ مُنْقَضِياً فَمَضَّ .
ونردّد مع شاعرٍ قوله :
يا شهر الصيام فدتك نفسي * تمهل بالرحيل والانتقالِ
فما أدري إذا ما الحول ولَّـى * وعدت بقابل في خير حالِ
أتلقاني مع الأحياء حيا * أم أنك تلقني في اللحد بالي
فهذي سنة الدنيا دواما * فراق بعد جمع واكتمالِ
لقد أراد الله سبحانه لشهر رمضان أن بكون شهراً للتقوى ، إذ لا يكفي إن صلّينا أو صمنا فحسب ؛ بل علينا أن نلاحظ أنفسنا : هل صرنا إلى الله أقرب ؟ فنحافظ على هذه الحالة الإيمانية والتقوائية التي حصّلناها ، ونعمل على تثبيتها بالالتزام بكل ما أمر الله سبحانه والابتعاد عن معاصيه ، وننظر إلى أنّنا مهما التزمنا نبقى مقصّرين في جنب الله عزّ وجلّ ، ونبتعد عن الذنوب مهما كان الذنب صغيراً ؛ لأنّ فيه معصية للمولى العظيم ، ونبقى بين الخوف من سخطه تعالى والرجاء لرحمته الواسعة ؛ خوف على أعمالنا إذ قد لا تكون مقبولة ، فيدفعنا هذا الخوف إلى المحافظة على حدود الله سبحانه ، ورجاءً أن تشملنا رحمة الله التي وسعت كلّ شيء ، نعمل على أن يوصلنا الصوم إلى امتلاك القدرة على الإمساك بزمام أنفسنا والسيطرة على أهوائنا وشهواتنا ، فهذا يعني أنّ صومنا مقبول ، فنحب ما يُحبّه الله ونكره ونبتعد عما يكرهه سبحانه ، ليعيننا سبحانه بذلك على مواجهة الأخطار والمؤامرات التي يحيكها أعداؤنا ضدّنا ، ونقف مع المظلومين والمحرومين .
اليوم الجمعة الأخيرة في شهر رمضان المبارك ؛ يومٌ أطلقه إمام المحرومين والمستضعفين في العالم [الإمام الخميني (رض)] ليكون يوماً عالمياً للقدس ، حيث أراده الإمام الخميني (رض) إكمالاً لأعمال البر والوحدة والتكاتف بين المسلمين في شهر رمضان المبارك ، أن يكون يوماً نتوجّه فيه إلى أولى القبلتين ؛ نستشعر تكليفنا الشرعي تجاه هذه القبلة المقدّسة التي يدنّسها الصهاينة باستمرار احتلالهم لها ، وعملهم على تهديم المسجد الأقصى بحثاً عن هيكلهم المزعوم .
إنّ القدس تمثّل عزّة المسلمين والمؤمنين ، وهي مقدّسة عند كلّ الأديان ، فهي بحق عاصمة السماء في الأرض ، فليس بمؤمن من لا يشارك بيوم القدس بالمساعدة على تحريرها من دنس الاحتلال الصهيوني ، وفك أسرها المرير ، فلنشارك بالدعاء وبالتعبئة النفسية ، وباستحضار رمزّيتها في الإسلام وفي الضمير الديني لدى المسلمين ، ونتيقّن أنّ [عيشنا دون القدس ذل] – كما صدح بذلك إمام المقاومة في لبنان سماحة السيد موسى الصدر ، انتقم الله من كل مَن أراده بسوء .
إنّ قوى الاستكبار العالمي والصهيونية العالمية أوجدوا هذا الكيان اللقيط ؛ ليستمرّوا في إذلال شعوبنا وتقسيم منطقتنا ، فشنّت المؤامرة الصهيو أمريكية الحروب علينا للسيطرة الظالمة على القدس ، ومن أجل توسيع هذا الكيان الغاصب ، وكل الحروب والمشاكل التي عانيناها – وما زلنا نعانيها – هي كرمى لعين الصهيونية ، الصهاينة الذين حاولوا إقامة إسرائيل الكبرى ، فهبّ المؤمنون الشرفاء الذين تخرّجوا من مدرسة الصوم المحمدي الولائي الأصيل ، الأتقياء ، الأوفياء ، النجباء ، رجال الله ، بعزيمة البواسل ، وبإرادة الأحرار ، وبإيمان الولاية ، فحطّموا ذلك الحلم الصهيوني البغيض ، وأثبتوا أوّل مسمار في نعش هذا الكيان الصهيوني الذي يحاول أن يحميه تآمر علامي ظالم ، فاستهدفوا قوى المقاومة – وبتحريض عربي فاضح – .
لقد أعاد الإمام الخميني (رض) توجيه البوصلة نحو وجهتها الحقيقية ، فأبقى قضيّة فلسطين حيّة في نفوس المؤمنين الشرفاء ، من خلال يوم القدس العالمي ، هذا اليوم الذي يهتمّ به ويُحييه كلّ حرٍّ في هذه الأمة ، إنّنا على يقين أن القدس ستتحرّر وستسقط كلّ المؤامرات بأيدي المرابطين على الثغور من فلسطين إلى اليمن مروراً بلبنان وسوريا والعراق والبحرين .
في الشأن الداخلي نتمنّى أن يكون قانون الانتخابات بداية ضوء لمرحلة جديدةٍ تُنهي المحاصصة الطائفية والسياسية ، وتنهي الجشع والاستئثار والاحتكار السياسي ، سائلين المولى أن يعيد ذكرى يوم القدس العالمي على الأمة الإسلامية والعالم بالخير والسعادة والحريّة من رجس الاحتلال وظلم الحكّام وسقوط المؤامرات الدولية علينا .
وأخر دعوانا أن صلّ اللهم على محمد وآله الطاهرين والحمد لله رب العالمين .
تصوير:رامي أمين