يقدّم شاطئ صور الجنوبي نفسه كمساحة آمنة للشباب والعائلات في لبنان لقضاء موسم الصيف بطريقة تشبههم اقتصادياً واجتماعياً. يرحّب الشاطئ بالجميع وعاداتهم من دون استثناء فتجد النراجيل والكحول، الرقص والالتزام في آن، فالمحجّبة تسبح مع التي ترتدي ملابس البحر من دون معارضة أو نفور، فتتوحد حرية أجساد النساء.
يشرح نائب رئيس المجلس البلدي “صلاح صبراوي” لـ”نداء الوطن” القوانين المفروضة والجهود المبذولة على مدار السنة لتأمين مساحة آمنة لرواد المنطقة، عبر انتشار عناصر الشرطة والإنقاذ، وجود مواقف للسيارات والمحافظة على المساحة العامة المجانية، بالإضافة إلى الخيم البحرية المؤلفة من أكواخ خشبية غير ثابتة على طول الشاطئ والتي تقدم الطعام والمرطبات بأسعار مقبولة.
يقول صبراوي إن عامل الجذب الأساسي هو الشاطئ الرملي المتسم بجمال طبيعي ومساحة شاسعة لم تعد متوافرة على طول الساحل اللبناني، بالإضافة إلى التنوع الطائفي الذي تتغنى به المدينة وتعمل البلدية على الحفاظ عليه متّبعة سياسة القانون اللبناني. ويؤكّد صبراوي أيضاً أن عدد زوار المدينة الجنوبية، ارتفع مقارنة بالعام الماضي بحسب إحصاءات المواقع الأثرية من 3000 إلى 36000، ما يسبب زحمة سير خانقة في نهاية الأسبوع، تعمل البلدية على إيجاد حلول لها.
ظاهرياً، القوانين المفروضة من البلدية والتي تلقى احترام الزوّار ساهمت في الحفاظ على المنطقة وتنوّعها، والأزمات البيئية في لبنان جعلت من صور الملاذ الأخير، لكن إن أردنا الغوص أكثر في أسباب هذا “الانفجار السياحي” فثمة عامل ساهم بما نشهده اليوم، وهو المحمية الطبيعية.
وقد تمّ إعلان محمية شاطئ صور بموجب القانون 708 العام 1998 الذي نصّ على إنشاء “محمية شاطئ صور الطبيعية” بهدف الحفاظ على التنوع البيولوجي النباتي والحيواني وتحديداً السلاحف البحرية المهدّدة بالانقراض. وتتألف المحمية من ثلاثة أقسام: قسم الحماية، قسم الزراعة والآثار وقسم السياحة الذي يتشكلّ منه الشاطئ الرملي.
وأكّدت “ريم غريّب” مسؤولة العلاقات العامة والإعلام في “جمعية الجنوبيون الخضر” أهمية المحمية وتأثيرها في تكوين مدينة صور التي نعرفها اليوم عبر القول: “إن وجود المحميات الطبيعية الشاطئية وغير الشاطئية تعمل وفق مبدأ التنمية المستدامة للمجتمعات المحلية، وبذلك تسمح بكافة الاستثمارات الصديقة للبيئة، وتساهم في تنميتها اقتصادياً. الأمر الذي يترجم على الشاطئ الرملي”.
يتمّ إقرار منطقة بالمحمية نتيجة تميزها بالنباتات والحيوانات المهددة بالانقراض مما يستلزم حمايتها من التعديات الإنسانية. فرضت الكائنات والنباتات قوانينها على البشر بمدينة صور، وربما ما لا يدركه أغلب روّاد الشاطئ هو خضوعهم لهذه القوانين وعلاقتهم التبادلية مع الطبيعة التي يحمونها وتحميهم. إذا أردنا الإبتعاد عن العامل الإقتصادي الذي تبلور جزء منه نتيجة هذه المحمية، فإن صراع البقاء ومحاولة إنقاذ النباتات والطيور والسلاحف أنقذتنا بدورها، وربما لو فرضت في الماضي قوانين على طول الساحل اللبناني مثل تلك المفروضة على شاطئ صور لكنا حصلنا اليوم على مساحات غير ملوثة وآمنة يقصدها المواطن ويحافظ عليها بدوره.
المصدر: نداء الوطن