أكد النائب الأول لحاكم مصرف لبنان رائد شرف الدين، في لقاء حواري عن “الأوضاع المالية في مؤسسة ثقافة قانون وحريات”، في مقر المؤسسة في الأشرفية، أن “ليس من أدنى قلق على العملة الوطنية”، مشددًا على أن “الليرة اللبنانية غير مهددة على الإطلاق ومن غير المطروح في أي شكل لدى مصرف لبنان المركزي، التخلي عن سياسته في دعم الإستقرار النقدي والمحافظة على العملة الوطنية، لأن التجربة أثبتت أهمية ذلك في صون الإستقرار الوطني والإجتماعي”.
ولفت شرف الدين الى “حساسية فائقة موجودة في الأسواق حيث تنعكس الأحداث على السوق وسعر الصرف، إلا أنه أبدى اعتقاده بأن المصرف المركزي تمكن من تجاوز الكثير من الأزمات الكبرى التي شهدها لبنان في السنوات الأخيرة بدءًا من اغتيال رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري إلى عدوان تموز 2006 وحرب مخيم نهر البارد وما تلا ويتلو ذلك”.
وذكر في المقابل أن “الأزمة المالية العالمية في العام 2009 انعكست في شكل إيجابي على لبنان بفضل التعاميم والجهود الجبارة التي قام بها حاكم المصرف المركزي وكبار موظفي المصرف آنذاك، وسجل حينها دخول أموال من سويسرا وزيادة للودائع بنسبة 24 في المئة، وارتفع النمو إلى 8 في المئة و9 في المئة”.
وأبدى شرف الدين ثقته بأن “مصرف لبنان مستمر في سياسته للمحافظة على ما يمكن المحافظة عليه وتجنيب لبنان الأزمات الكبرى”.
ورأى شرف الدين أن “النظام المصرفي اللبناني بات موثوقًا في الداخل والخارج والدليل أن اثنين وثلاثين مصرفا باتت خارج القطاع المصرفي، من دون أن يخسر مودعوهم قرشا واحدا ويعود ذلك إلى عمليات الدمج التي حصلت بين المصارف وقانون الدمج الذي حافظ على القطاع وعلى مدخرات المواطنين”.
واعتبر شرف الدين أن “للمصارف اللبنانية موقعًا متقدمًا فموظفوها على مستوى رفيع من الكفاية، وهي تعتمد الحوكمة الرشيدة وتطبق معايير عالمية، فضلا عن أن تطبيقها التعاميم الصادرة عن المصرف المركزي، والمتعلقة بمكافحة الإرهاب وتبييض الأموال، أسهم في ترسيخ حضورها وتماسكها، وهي تاليا غير مهددة بأي أزمة مالية كما يتردد في الكواليس وتتناقله الإشاعات، بل بالعكس إن حجمها كبير جدا وهو يقدر بـ 250 مليار دولار من دون احتساب 75 فرعا منتشرا في الخارج، مع تقدير الرساميل بـ 21 مليار دولار”.
وعن أسباب المشاكل المالية في لبنان بيّن شرف الدين أنها “تعود إلى النظام السياسي والمذهبي في لبنان، وقد ذكر ذلك البنك الدولي في تقرير وضعه عن لبنان في حزيران من العام 2015 مؤكدا أن هذا النظام يكلف الإقتصاد اللبناني 9 في المئة من الناتج المحلي، نتيجة المتاجرة بالنفوذ والصفقات التي تحصل بالتراضي وتقاسم المغانم وازدياد الإحتكارات التجارية والتخبط السياسي الدائم وغياب المساءلة على المستويات كافة وتبعية القضاء للسياسيين، ما يؤدي إلى إهدار في المال العام وعجز الحكومات عن وضع خطة وتنفيذها وإضعاف ثقة المجتمع الدولي والمستثمرين في لبنان”.
وعن الخطوات المطلوبة للمستقبل رأى شرف الدين ضرورة في “إقرار قانون ضريبي عادل وإحياء الطبقة الوسطى ووضع رؤيا اقتصادية واضحة لا تقتصر على إجراءات تقشفية قد تؤدي إلى انكماش اقتصادي، بل من الواجب ترسيخ الأمن والأمان والإستقرار السياسي وتأمين بيئة مؤاتية للأعمال وتطوير البنى التحتية وربط سوق العمل بالتعليم وتفعيل اقتصاد المعرفة”.