ودّع والدته بحرارة طالباً منها أن تحضّر له الغداء وأن تصطحبه ووالده الى البحر بعد الظهر، قبل أن ينطلق مع الاخير الى عمله لتمضية الوقت برفقته، من دون ان يتوقع احد ان الموت بانتظاره في ورشة نجارة، وانه سيلفظ اخر انفاسه نتيجة سقوط الواح خشبية عليه… هو الفتى ابرهيم سقسوق الذي أطبق عينيه في الامس للابد ليرحل تاركا والديه وكل من عرفه في صدمة والم على فراقه المبكر.
لحظات الكارثة
عند الساعة الثالثة والنصف من بعد الظهر وقعت الكارثة، وبحسب ما قاله قريب الضحية إبرهيم سقسوق لـ”النهار”: “كان ابرهيم يرافق والده لتمضية الوقت معه لا اكثر، وذلك على عكس ما تداوله البعض من انه يعمل لمساعدة عائلته، فوالده من ميسوري الحال، وهو اشهر معلم كهرباء في بلدته حناويه، وفي الامس قصد ورشة نجارة لتصليح عطل حيث شاء القدر ان تقع الواح خشبية على ابنه، الضربة اتت على رأسه فنقل الى المستشفى اللبناني الايطالي، عمل الاطباء كل ما في وسعهم لانقاذه، لكن في النهاية اعلنوا عن مغادرة الروح لجسده”.
وداع استثنائي
لا كلمات تعبر عن هول مصاب والدي ابرهيم، ولفت قريبه الى انه “وكأن الدنيا لم تكن تسعه في الامس، اراد ان يقوم بعدة امور في ذات الوقت، طلب الذهاب الى البحر وتمضية اوقات جميلة مع عائلته، وداعه لوالدته صباحا كان استثنائيا وكأنه في قرارة نفسه كان يعلم قرب الفراق”، واضاف “خسارتنا كبيرة لفتى في سنّ الثانية عشرة، كان من حفظة القرآن، احب حياة الكشاف وانضم الى صفوف الكشاف المهدي، حيث ابهر جميع زملائه بنشاطه واخلاقه الحميدة والابتسامة التي لم تكن تفارق محياه، اضافة الى ذلك كان من المجتهدين في الدراسة حيث عرف بذكائه وسرعة بديهته”.
كابوس الفراق
اليوم ووري ابرهيم الثرى وسط حزن عمّ جميع ابناء بلدته التي اتشحت بالسواد، وقال قريبه: “بالدموع ودعناه الى مثواه الاخير، التحف تراب بلدته ليرقد للمرة الاولى بعيدا من حضن والديه، سيشتاقه شقيقه وشقيقتاه وكل من عرفه، فقد مرّ كالحلم على هذه الارض، قبل ان نستيقظ على كابوس رحيله السريع، كل ما نتمناه الان الرحمة له والصبر والسلوان لعائلته”.