حسن شرف الدين|
في صور المدينة، ترعرت و كبرت و تغربّت إلا أنني كما السمكة لا أستطيع البقاء بعيدًا. هي مدينتي و وطني بكل ما للكلمة من معنى. منذ خمس سنوات و نيّف و صرت مغتربًا عن صور، لا آتيها سوى مارٍ ، عابرٍ بين الشواطئ و أزقة الحارات القديمة. أحب أن أعبر في المدينة و من خلالها، أسير على اقدامي حولها، بلا ضجة محرك سيارة أو دخانها و من غير فاصل عن أرضها.
عندما تمشي تدرك كل الجمال الأخآذ في المدينة، تلمس الأصالة و التاريخ و الحضارة عن كثب. تمشي من شاطئ صور الرملي جنوب المدينة، الى آخر الميناء و الكورنيش شمالًا. مارًا بالأزقة و الحارات القديمة، بمساجدها و كنائسها و عبق الزهور و نسيم البحر حولها.
هكذا أنا أحب صور و أصورها، في رأسي و بعدستي، ولكن أرى أيضا جانبًا لم احببه في إنعكاسات الصور.
أرى المصطافين على جوانب الكورنيش البحري، يمرحون يلعبون يشربون يأكلون، ينعمون بكل ما تعطيه المدينة من جمال، ثم ماذا يتركون بالمقابل؟ كومة من القاذورات و القمامة، التي لا تعكس سوى ثقافة حضيضية و نفوس بربرية،و تربية لا أخلاقية و لا دينية و لا إنسانية و عدائية للطبيعة. أقل ما يقال في هؤلاء، أنهم همج رعاع، بربريون بعيدون كل البعد عن الدين و الأخلاق والإنسانية بل حتى أنهم تدنوا عن مستوى الحيوانات فحتى الحيوانات لا تخلف قاذوراتها وراءها.
هذا المظهر و التصرف الشنيع الذي يهدم لذة النظر الى هذا الجمال و البهاء في المدينة. هذا العقوق و قلة الوفاء للمدينة و الطبيعة،عندما تبصق في صحنها، و تخلف القذارة خلفك. أيًّا يكن دينك و مذهبك و كتابك و إلهك، احترم الطبيعة حد اقل، لأنك كما تعطي الطبيعة،ستعطيك و كما تؤذيها ستعود لك الأذية لأنك تعيش فيها و لا تستطيع الإستغناء عنها.
أريد أن اتوجه الى كل مواطن يحب صور، و يمر بصور ، و يحب أن يأتي الى صور، إن كنتم تحبون صور فحافظوا عليها، إن كنتم تريدون لأحفادكم موطئ قدم في صور فخافوا عليها و احموها و دافعوا عنها. فليكن كل واحد منا شرطيًا للنظافة و البيئة اذا رأيت نفايات او من يرميها، فلتنبهه فلتنهره، لا تدعوا أحدًا يسلبنا هذا الجمال الأخآذ و الحضارة الغنية الأصيلة.
بعد كل هذا الكلام سأترك صور صور تتحدث، لعلها أبلغ من الكلام، دعوا هذا الجمال يوصل لكم الرسالة …
شاهد أيضاً
غزة ما بعد العصر الإسرائيلي: قيامةٌ لا رجعة منها
يمثّل تحرير قطاع غزة من الاحتلال الإسرائيلي محطّة مضيئة في الصراع المستمرّ مع العدو، كونه …