الرئيسية / أخبار صور / خطبة الجمعة[الإمام عليٌّ (ع) وشيعته] فضيلة الشيخ علي ياسين العاملي

خطبة الجمعة[الإمام عليٌّ (ع) وشيعته] فضيلة الشيخ علي ياسين العاملي

الإمام علي (ع) وُلد في الكعبة، وتربّى في حجر رسول الله (ص)، يقول أمير المؤمنين (ع): وضعني في حجره وأنا ولد يضمني إلى صدره ويكنفني في فراشه ويُمُّسني جسده ويُشمني عرفه . ويقول (ع): ولقد كنت اتبعه إتباع الفصيل أثر أمه يرفع لي في كل يوم من أخلاقه علمًا ويأمرني بالإقتداء به.
كان(ع)يرى جبرائيل (ع) ويسمع الوحي،وسمع رنّة الشيطان التي أطلقها يوم بُعث رسول الله (ص)، كان أكثر الناس عبادة، وأخشع الناس، وأكثرهم زهادة في الدنيا وعملاً للآخرة، لم يؤثر – ولو للحظة من حياته – مصلحته على مصلحة الدين، وكان يلبس من اللباس ما خشن، ويأكل ما قل، وهو القائل: والله لو اعطيت الاقاليم السبعة بما تحت افلاكها على أن اعصي الله في نملة اسلبها جلب شعيرة ما فعلت وإن دنياكم عندي لأهون من ورقة في فم جرادة تقضمهاما لعلي ولنعيم يفنى , ولذة لا تبقى .
أما مطعمه (ع)؛ فقد روى عمران بن مسلمة، عن سويد بن علقمة، قال: دخلت على علي (ع) بالكوفة، فإذا بين يديه قعب لبن أجد ريحه من شدة حموضته، وفي يده رغيف، ترى قشار الشعير على وجهه، وهو يكسره، ويستعين أحيانا بركبته، وإذا جاريته فضة قائمة على رأسه، فقلت: يا فضة، أما تتقون الله في هذا الشيخ! ألا نخلتم دقيقه؟ فقالت: إنا نكره أن نؤجر ويأثم، نحن قد أخذ علينا ألا ننخل له دقيقا ما صحبناه – قال: وعلي عليه السلام لا يسمع ما تقول، فالتفت إليها فقال: ما تقولين؟ قالت: سله، فقال لي: ما قلت لها؟ قال: فقلت إني قلت لها: لو نخلتم دقيقه! فبكى، ثم قال: بأبي وأمي من لم يشبع ثلاثا متوالية (من) خبز بر حتى فارق الدنيا، ولم ينخل دقيقه، قال: يعني رسول الله صلى الله عليه وآله.
وأما لباسه (ع)؛ تقول الرواية: أتى (ع) سوق الكرابيس فإذا هو برجل وسيم فقال: يا هذا عندك ثوبان بخمسة دراهم؟ فوثب الرجل فقال: نعم يا أمير المؤمنين، فلما عرفه مضى عنه وتركه فوقف على غلام فقال له: يا غلام عندك ثوبان بخمسة دراهم؟ قال: نعم عندي ثوبان أحدهما أخير من الاخر واحد بثلاثة والاخر بدرهمين، قال: هلمهما فقال: يا قنبر خذ الذي بثلاثة. قال: أنت أولى به يا أمير المؤمنين تصعد المنبر وتخطب الناس، قال: يا قنبر أنت شاب، ولك شره الشباب، وأنا أستحي من ربي أن أتفضل عليك لأني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: ألبسوهم مما تلبسون وأطعموهم مما تأكلون، ثم لبس القميص ومد يده في ردنه فإذا هو يفضل عن أصابعه فقال: يا غلام اقطع هذا الفضل فقطعه فقال الغلام: هلم أكفه يا شيخ فقال: دعه كما هو فإن الامر أسرع من ذلك. وكان يقول (ع): ولقد رقعت مدرعتي هذه حتى استحييت من راقعها . وقال (ع) في كتابه لعثمان بن حنيف: وَلَوْ شِئْتُ لاَهْتَدَيْتُ الطَّرِيقَ، إِلَى مُصَفَّى هذَا الْعَسَلِ، وَلُبَابِ هذَا الْقَمْحِ، وَنَسَائِجِ هذَا الْقَزِّ (الحرير). وَلكِنْ هَيْهَاتَ أَنْ يَغْلِبَنِي هَوَايَ، وَيَقُودَنِي جَشَعِي إِلَى تَخَيُّرِ الأطْعِمَةِ وَلَعَلَّ بِالْحِجَازِ أَوِ اليمَامَةِ مَنْ لاَ طَمَعَ لَهُ فِي الْقُرْص، وَلاَ عَهْدَ لَهُ بِالشِّبَعِ أَوْ أَبِيِتَ مِبْطَاناً وَحَوْلِي بُطُونٌ غَرْثَى(جائعة) وَأَكْبَادٌ حَرَّى، أَوْ أَكُونَ كَمَا قَالَ الْقَائِلُ: وَحَسْبُكَ دَاءً أَنْ تَبِيتَ بِبِطْنَة وَحَوْلَكَ أَكْبَادٌ تَحِنُّ إِلَى الْقِـدِّ(الجلد غير مدبوغ) أَأَقْنَعُ مِنْ نَفْسِي بِأَنْ يُقَالَ: هذَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، وَلاَ أُشَارِكَهُمْ فِي مَكَارِهِ الدَّهْرِ، أَوْ أَكُونَ أُسْوَةً لَهُمْ فِي جُشُوبَةِ(خشونة) الْعَيْش! فَمَا خُلِقْتُ لِيَشْغَلَنِي أَكلُ الطَّيِّبَاتِ، كَالْبَهِيمَةِ الْمَرْبُوطَةِ، هَمُّهَا عَلَفُهَا، أَوِ الْمُرْسَلَةِ شُغْلُهَا تَقَمُّمُهَا(التقاطها الزبالة)، تَكْتَرِشُ مِنْ أَعْلاَفِهَا … إلى أن قال (ع): وأيم الله يمينا أستثني فيها بمشيئة الله لأروضن نفسي رياضة تهش معها إلى القرص إذا قدرت عليه مطعوما، وتقنع بالملح مأدوما، ولأدعن مقلتي كعين ماء نضب معينها مستفرغة دموعها. أتمتلئ السائمة من رعيها فتبرك، وتشبع الربيضة من عشبها فتربض ويأكل علي من زاده فيهجع ؟ قرت إذا عينه إذا اقتدى بعد السنين المتطاولة بالبهيمة الهاملة والسائمة المرعية .
قال هذا أمير المؤمنين (ع) لابن حنيف بعد أن كان قائلاً له:ألا وإن لكل مأموم إماماً يقتدي به، ويستضيء بنور علمه، ألا وإن ‏إمامكم قد اكتفى من دنياه بطمريه، ومن طعمها بقرصيه، ألا وإنكم لا ‏تقدرون على ذلك، ولكن أعينوني بورع واجتهادٍ، وعفة وسدادٍ .
لقد عمل أمير المؤمنين (ع) على حمل شيعته على الاقتداء به والتشبه بسيرته؛ بأن يكفّوا أنفسهم عن الحرام، وأن لا يقصروا في الواجبات، وأن يربوا أنفسهم على حبّ الطاعة، وكراهية المعصية وترويضها؛ إن تركت نفسه شيئاً فيه رضا الله سبحانه عاقبها بحرمانها عمّا تُحب وإن كان حلالاً، يقول (ع):إذا استعصت عليه نفسه فيما تكره لم يُعطها سؤلها فيما تُحب . وليكون حقاً من شيعة علي (ع)، الذين أخبر عنهم رسول الله (ص) أنهم هم الناجون وهم معه على الحوض .
إنّ التشيّع عمره من عمر الإسلام، ومن أيام رسول الله (ص)، فالنبي (ص) أوّل من وضع اسم الشيعة لأتباع أمير المؤمنين علي (ع)؛ حيث أنه كان ثمّة أشخاص من أصحاب النبي (ص) كانوا يعرفون بشيعة علي (ع) في زمن النبي (ص) كسلمان وأبي ذر والمقداد وغيرهم، روى ابن حجر في الصواعق المحرقة عن ابن عباس قال : لما أنزل الله تعالى : ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ﴾ ، قال رسول الله (ص) لعلي (ع): ” هم أنت و شيعتك يوم القيامة راضين مرضيين ، و يأتي عدوّك غِضابا مقمحين “. وروى الحموي الشافعي في فرائد السمطين بسنده عن جابر قال كنا عند النبي (ص) فأقبل علي بن أبي طالب فقال رسول الله (ص): قد أتاكم أخي ثم التفت إلى الكعبة فضربها بيده وقال والذي نفسي بيده أن هذا وشيعته هم الفائزون يوم القيامة ثم قال إنه أولكم إيمانا معي وأوفاكم بعهد الله تعالى وأقومكم بأمر الله وأعدلكم في الرعية وأقسمكم بالسوية وأعظمكم عند الله مزية . ويقول الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء [قده]:إن أول من وضع بذرة التشيع في حقل الإسلام هو نفس صاحب الشريعة -؛ يعني أن بذرة التشيع وضعت في بذرة الإسلام . جنباً إلى جنب، وسواء بسواء، ولم يزل غارسها يتعهدها بالسقي والري حتى نمت وازدهرت في حياته، ثم أثمرت بعد وفاته .
وقد وردت روايات عديدة عن أئمة أهل بيت النبوة (ع) تذكر صفات الشيعة؛ منها ما ذكره الإمام أمير المؤمنين (ع) لبعض أصحابه في صفة شيعته، وكان من بينهم صاحبه همّام الذي أغشي عليه من عظيم ما سمعه، وقد حركوه فوجدوه ميّتاً، فقال علي (ع): هكذا تفعل المواعظ بأهلها . ومنها ما ورد عن الإمام العسكري (ع) قوله:و شيعة علي عليه السلام هم الذين لا يبالون في سبيل الله أوقع الموت عليهم أو وقعوا على الموت، وشيعة علي عليه السلام هم الذين يؤثرون إخوانهم على أنفسهم ولو كان بهمخصاصة، وهم الذين لا يراهم الله حيث نهاهم، ولا يفقدهم حيث أمرهم، وشيعة علي هم الذين يقتدون بعلي عليه السلام في إكرام إخوانهم المؤمنين.وعن الإمام الصادق (ع):شيعتنا أهل الورع والاجتهاد، وأهل الوفاء والأمانة، وأهل الزهد والعبادة، أصحاب إحدى وخمسين ركعة في اليوم والليلة، القائمون بالليل، الصائمون بالنهار، يزكّون أموالهم، ويحجّون البيت، ويجتنبون كلّ محرّم.وعن الإمام الباقر (ع):ما شيعتنا إلاّ مَن اتّقى الله وأطاعه، وما كانوا يُعرفون إلاّ بالتواضع والتخشّع، وأداء الأمانة، وكثرة ذكر الله، والصوم والصلاة، والبر بالوالدين، وتعهّد الجيران من الفقراء وذوي المسكنة والغارمين والأيتام، وصدق الحديث، وتلاوة القرآن، وكف الألسن عن الناس إلاّ من خير، وكانوا أمناء عشائرهم في الأشياء.
لقد ملأ حبّ علي (ع) قلوب أصحابه، فاقتدى به كثيرون؛ في قوّة إيمانهم، وثباتهم، وإيثار ما عند الله على ما عند الناس؛ لأنّهم رأوا ما عليه علي (ع)، ووعوا ما كان يقوله رسول الله (ص) في علي (ع)، جاء رجل إلى رسول الله (ص) قائلاً له:هل ينفعني حب علي عليه السلام؟ فقال: ويحك، من أحبه أحبني ومن أحبني أحب الله، ومن أحب الله لم يعذبه.
فكانوا يستأنسون بالموت دونه، وإذا خيّرهم عدو الله بين القتل أو البراءة من علي (ع)؛ كانوا يختارون القتل، لأنّ في ذلك الجنة، كيف لا وقد سمعوا رسول الله (ص) يقول لسلمان: يا سلمان؛ حب علي إيمان، وبغضه نفاق، والله لا يُحبّه إلاّ مؤمن، ولا يُبغضه إلاّ منافق .
وقد جسّد أصحاب الإمام علي (ع) أرقى معاني التضحية والثبات؛ حيث قُتلوا، وصُلبوا، وقُطّعت أيديهم وأرجلهم وألسنتهم، ومُنعوا من بيت المال، وهُجّروا، وسُجنوا، ورغم كل ذلك بقوا متمسكين بانتمائهم الفكري والعقائدي، وسجّل التاريخ نماذج مذهلة من أصحاب أمير المؤمنين (ع)؛ من هؤلاء عدي بن حاتم الطائي، الذي استشهد أولاده الثلاثة [طريف، وطراف، وطرفة] مع الإمام علي (ع) في حرب الجمل، وذهبت عين عدي نفسه، دخل يوماً على معاوية وعنده عبد الله بن الزبير الذي قال له:يا أبا طريف متى ذهبت عينك قال يوم فر أبوك منهزماً فقتل وضربت على قفاك وأنت هارب وأنا مع الحق وأنت مع الباطل فقال معاوية ما فعل الطرفات يعني طريفاً وطرافاً وطرفة أبناءه قال قتلوا مع أمير المؤمنين علي (ع) فقال له: ما أنصفك علي اذ قدّم ابناءك وأخّر أبناءه . قال بل انا ما أنصفته إذ قتل وبقيت بعده .
ومن أصحاب الإمام وشيعته ميثم التّمار الذي كان عبداً لامرأة من بني أسد، اشتراه أمير المؤمنين (ع) وأعتقه، وكان مسلماً، فقال له الإمام:ما اسمك؟ قال: سالم. فقال: إن رسول الله (ص)أخبرني أن اسمك الذي سماك به أبوك في العجم ميثم. فقال: صدق الله ورسوله وصدقت يا أمير المؤمنين! فهو والله اسمي. قال: فارجع إلى اسمك ودع سالما، ونحن نكنيك به. فكناه أبا سالم .
لأنّ النبي (ص) كان قد ذكر للإمام علي (ع) أخبار أصحابه، ومن أين هم، وكيف يُقتلون، ومنهم ميثم الذي بأمر من الإمام أمير المؤمنين (ع) رجع إلى الإسم الذي سمّاه به أبوه حينما وُلد في النهروان، وسُمّي بالتمار لأنه كان يبيع التمر، لازم أمير المؤمنين (ع) ملازمة الظل، يحذو خلفه حذو الفصيل إثر أمه، وكان أمير المؤمنين (ع) يأتيه ويجلس معه في دكّانه أحياناً، وقد يبيع له التمر إذا خرج ميثم لحاجة، فاكتسب العلوم والمعارف وأطلعه الإمام على كثيرٍ من مكنونات العلم والمعرفة، وعلّمه علم البلايا والمنايا، إلى جانب نحبة من أصحابه وحوارييه؛ كعمّار بن ياسر، وحبيب بن مظاهر، ورشيد الهجري، وغيرهم …، التقى ميثم ذات يوم بحبيب في مجلس بني أسد، وتحدّثا طويلاً والناس يستمعون لهما، إلى أن قال حبيب بن مظاهر: لكأنّي بشيخ أصلع، ضخم البطن، يبيع البطّيخ عند دار الرزق، قد صُلب في حُبّ أهل بيت نبيّه (ع)، يُبقر بطنه على الخشب.فقال ميثم: و إنّي لأعرف رجلاً أحمر له صفيدتان، يخرج لينصر ابن بنت نبيّه فيُقتل، و يُجال برأسه في الكوفة. ثمّ افترقا، فقال أهل المجلس: ما رأينا أحداً أكذبُ من هذين.قال: فلم يفترق أهل المجلس حتّى أقبل رُشيد الهجري فطلبهما، فسأل أهل المجلس عنهما، فقالوا: افترقا و سمعناهما يقولان كذا و كذا.فقال رُشيد: رحم الله ميثماً و نسي: و يُزاد في عطاء الذي يجيء بالرأس مائة درهم، ثمّ أدبر.فقال القوم: هذا والله أكذبهم.فقال القوم: والله ما ذهبت الأيّام والليالي حتّى رأيناه مصلوباً على دار عمرو بن حُريث، و جيء برأس حبيب بن مظاهر قد قُتل مع الحسين عليه السلام، و رأينا كلّ ما قالوا .
سجنه عبيد الله بن زياد هو والمختار الثقفي، فقال ميثم للمختار:إنك تفلت من قبضة هذا الطاغية، وتخرج عليه ثائرا بدم الحسين (ع) فتقتل هذا الذي يقتلنا، فلما دعا عبيد الله المختار ليقتله، طلع البريد بكتاب يزيد إلى عبيد الله يأمره بإطلاق سراح المختار وتخلية سبيله فخلاه، وذلك بشفاعة عبيد الله بن عمر بن الخطاب لأنه كان زوج أخت المختار. ثم أدخل ميثم على عبيد الله بن زياد، فقيل له: هذا كان من آثر الناس عند علي، قال: ويحكم هذا الأعجمي؟؟ قيل له نعم قال ابن زياد: من ربك؟ قال: بالمرصاد لكل ظالم، وأنت أحد الظلمة، قال: إنك على عجمتك لتبلغ الذي تريد؟ ما أخبرك صاحبك أني فاعل بك؟… الخ، وكان عمرو بن حريث عنده، فقال أصلح الله الأمير أتعرف هذا المتكلم؟ قال ابن زياد: لا. فقال ابن حريث، هذا ميثم التمار، الكذاب مولىالكذاب علي بن أبي طالب دهش ابن زياد، وشد على أسنانه، واستوى جالسا والتفت إلى ميثم قائلا: ما يقول هذا؟ وأشار إلى عمرو بن حريث. قال ميثم: كذب هذا الرجل، بل أنا الصادق، مولى الصادق علي بن أبي طالب أمير المؤمنين حقا، فأربد وجه ابن زياد واحمرت عيناه وصاح بميثم قم واصعد المنبر، وتبرأ من علي واذكر مساويه، وإلا قطعت يديك، ورجليك، وصلبتك، فانسابت دموع ميثم منهمرة على لحيته الطاهرة، وظن ابن زياد أن هذه الدموع وليدة الخوف والجزع فالتفت ابن زياد إليه قائلا: بكيت من القول دون الفعل؟ فقال: والله ما بكيت من القول، ولا من الفعل، ولكن بكيت من شك خامرني يوم أخبرني سيدي ومولاي. فافتعل ابن زياد ابتسامة صفراء وقال: وما قال لك صاحبك؟ قال ميثم قال إمامي علي (ع): والله ليقطعن يداك ورجلاك، ولسانك، ولتصلبن عاشر عشرة، أقصرهمخشبة، وأقربهم من المطهرة، وتعلق على باب دار عمرو بن حريث، فقلت من يفعل ذلك بي يا أمير المؤمنين؟ قال: يأخذك العتل الزنيم ابن الأمة الفاجرة عبيد الله بن زياد. فاستشاط ابن زياد غضبا، وأربد وجهه واحتقن، ونطت عروقه وصرخ قائلا: لنخالفه ونكذب صاحبك قال ميثم: كيف تخالفه؟ والله ما أخبرني إلا عن الصادق الأمين رسول الله (ص)، ولقد عرفت الموضع الذي أصلب فيه، وإني أول خلق الله ألجم في الإسلام. فقال ابن زياد: والله لأقطعن يديك، ورجليك، ولأدعن لسانك حتى أكذبك، وأكذب مولاك، وزحف ابن زياد من على سريره، وهو يهدر كالثور الهائج من الغضب، وصاح بجلاديه اقطعوا يديه ورجله وأريحوني منه، وكان ما أراد، ثم أمر بإخراجه وصلبه على باب دار عمرو بن حريث، واحتشد الناس على ميثم، وهو بتلك الحالة يعالج جراحه، وطافت بنفسه أمنيات، كما دارت برأسه أفكار وأفكار، وتجسد أمامه عاملان، حق،وباطل، لقد تحمل كل هذا العذاب بسبب ولائه للحق المتمثل بإمامة علي بن أبي طالب (ع) والآن وقد تمثل الموت أمامه، وأنشب أنيابه فيه، وبينه وبين النهاية المشرقة كلمة يلقيها لتنير الدنيا في خضم ظلمة الجور الأموي وباطله، وعلى الرغم من جراحاته العميقة وقطع يديه ورجليه، ولكنه لم يفقد إيمانه بعقيدته، بل ازداد صلابة وتصميما، ولمس في نفسه العزم والتصميم على مواصلة كفاحه، وإبلاغ رسالته ونشر فضائل إمامه وأهل البيت ومناقبهم، وهدر كالبركان الثائر يحدث الناس وينشر فضائل أهل البيت ومناقبهم، وكشف زيف بني أمية وكذبهم ومخازيهم وفضائحهم. وصاح عندما رفع على الخشبة وصلب عليها قائلا: أيها الناس من أراد منكم أن يستمع الحديث المكنون وأقوال مولاي علي بن أبي طالب (ع) قبل موتي، فوالله لأخبرنكم بعلم ما يكون إلى أن تقوم الساعة، وما يكون من الفتن. فالتف الناس حوله، واستمعوا إلى كلامه، وهو يتحدث عن فضائل أهل البيت، ومساوي بني أمية، حتى أبلغوا ابن زياد بأن هذا الرجل قد فضحك، وإذا بقي يتكلم لعدة ساعات، فإنه سيحرك الناس ضدك. فأمر ابن زياد أن يوضع اللجام في فمه، ولكن ميثم لم يمنعه ذلك فأخذ يتكلم بأي صورة يستطيع بها إفهام الناس قصده. مر عمر بن حريث على ميثم في طريقه إلى منزله، فسمع يتحدث عن فضائل الإمام (ع) وكشف مساوي بني أمية. فعاد إلى ابن زياد مسرعا وقال له: أصلح الله الأمير بادر فورا إلى ميثم التمار من يقطع لسانه، ويريح بني أمية منه، فإني لست آمن أن تتغير قلوب أهل الكوفة فينقلبوا عليك، لقد أخذا هذا العبد يتحدث عن فضائل علي، ويذكر الناس بعدله، وحكمه وقربه من رسول الله (ص) ويكشف مخازي ومثالب بني أمية وجورهم. وهال ابن زياد هذا الأمر وجن جنونه، وأمرسيافه أن يبادر فورا إلى قطع لسانه، ولما وصل السياف إلى ميثم، والناس تبتعد عنه رعبا، ووقف أمام ميثم، وغرق في تفكيره قائلا: ماذا يخيفك يا أمير من هذا الجريح الذي سيلفظ أنفاسه بعد قليل؟ ولم يطل التفكير بالجلاد، بل تقدم إليه، وألقى إليه أمر ابن زياد، فأشرق وجه ميثم، وتهللت أساريره، وأعجب الحاضرون منه فشعر الجريح بهذا المعنى، فقال: لا تعجبوا لقد زعم ابن الأمة الفاجرة ابن زياد أن يكذبني، ويكذب مولاي الإمام (ع) لقد خاب ظنه، وتاه فأله، هاك لساني يا سياف فاقطع، ونفذ فيه أمر أميرك، وسيجزي الله الصابرين . وكان ذلك في الثاني والعشرين من شهر ذي الحجة سنة 60 للهجرة، قبل وصول الإمام الحسين (ع) إلى كربلاء، استشهد ميثم وبقي ذكره، لأنه أخلص لله دينه، وجاهد في سبيل عقيدته، فآثر الآخرة على الدنيا، فسلام عليه يوم وُلد ويوم استشهد ويوم يُبعث حيّاً .
إننا نرى بأن الحرب الاقتصادية التي تشنها الولايات المتحدة الأمريكية على لبنان شعباً ومؤسسات تحت مسميات واهية كالعقوبات؛ ما هي إلا نتيجة لفشل أدواتها في المشروع الصهيوتكفيري من الإمساك بالوضع اللبناني.
إن على المسؤولين في لبنان ممارسة أقصى درجات الوطنية للحفاظ على استقرار لبنان وتماسك وضعه،وننوه بموقف رئيس الجمهورية المدافع عن لبنان بكل مكوناته.
إننا ندعو المجلس النيابي للقيام بدوره والإسراع بعقد جلساته التشريعية لإقرار القوانين التي تحصن الوضع الاقتصادي والمالي، وتواكب كل التطورات في المنطقة.
إننا ندين الاعتداءات الصهيوأمريكية التي طالت سيادة العراق عبر استهداف مقاوميه في الحشد الشعبي،ونطالب الهيئات الدولية برفض هذا العدوان على دولة ذات سيادة.
وفي أجواء ذكرى انتصار لبنان على التكفيريين نؤكد على أهمية الثلاثية الماسية ( جيش وشعب ومقاومة) التي حصنت لبنان وما زالت تحصنه.
ونختم بمناسبة ذكرى احراق المسجد الاقصى بدعوة الشعوب العربية والإسلامية إلى مواكبة مقاومة الشعب الفلسطيني كي لا يخسر العرب والمسلمون كرامتهم.

والحمد لله رب العالمين والصلاة على محمدٍ وآله الطاهرين .

شاهد أيضاً

فرصة عمل في صور

Job Location: Tyre, Lebanon Company Industry: Insurance Job Role: Accounting Employment Type: Full Time Employee …

Open chat
أهلاً وسهلاً بكم