ام رئيس لقاء علماء صور للارشاد والتوجيه العلامة الشيخ علي ياسين صلاة العيد في مسجد المدرسة الدينية في صور بحضور حشد من المؤمنين، وبعد الصلاة القى سماحته خطبة العيد
الله أكبر [ 10 مرات ]
الحمد لله الذي سهّل لنا طريق العبادة ، ونحمده ونشكره على ما تفضّل به علينا من إكمال شهر رمضان ، ونسأله سبحانه إتمام نعمه علينا ؛ بأن يقبل صيامنا ويغفر لنا أي تقصير .
هو يوم فرح للمؤمنين ، إذ منّ الله عليهم بإكمال شهر رمضان ، ومكّنهم من اغتنام فضله ، ويسّر لهم أن يشغلوا أوقاته بالطاعات ، إنه يوم شكر وذكر لا يوم لهو ولعب ، أمر الله فيه بالخروج لصلاة العيد ، ويستحب أن تكون في الفلا ، وأمر بإخراج زكاة الفطرة قبل الصلاة ، قال سبحانه ” قد أفلح من تزكّى * وذكر اسم ربّه فصلّى ” حتى لا يتلهّى الإنسان بالأكل والشرب واللهو ، بل يجعل من صورة خروجه إلى المُصلّى والعودة عبرةً وتذكرةً ، قال أمير المؤمنين (ع) : أيها الناس إن يومكم هذا يُثاب فيه المحسنون ويخسر فيه المبطلون وهو أشبه بيوم قيامتكم، فاذكروا بخروجكم من منازلكم إلى مُصلاكم، خروجكم من الأجداث إلى ربكم، واذكروا بقوفكم في مصلاكم وقوفكم بين يدي ربكم، واذكروا برجوعكم إلى منازلكم، رجوعكم إلى منازلكم في الجنة.
“عباد الله إن أدنى ما للصائمين والصائمات أن يناديهم ملَك في آخر يوم من شهر رمضان أبشروا عباد الله فقد غفر لكم ما سلف من ذنوبكم فانظروا كيف تكونون في ما تستأنفون”.
نبدأ يومنا بصدقة واجبة هي زكاة الفطرة ، وتسمّى زكاة الأبدان ، يدفعها الإنسان عن نفسه وعن كل من يعوله – لا عن أمواله – ، يوصل للفقير ثلاثة كيلو غرام من الطعام – أو ثمنها – ، ثم يتوجّه لصلاة العيد ، بعد الصلاة نستذكر إخواننا الذين كانوا معنا في العيد السابق ، فنعتبر أن هذه الصلاة قد آخر صلاة عيد فطر لنا ، فلنحافظ على ما حصلناه في هذا الشهر الكريم ، ثم نتفكر في حال الأمة الإسلامية ، التي من المفروض أن تتوحّد تحت شعار الإسلام والإيمان ، فيتقبل الله صيامها وصلاتها ، لكننا سوف نصاب بخيبة أمل ، إذ نرى أنّ كثيراً من الدول الإسلامية أصبحب أداة لقوى الاستكبار العالمي ، ومنفّذة للمشاريع الصهيو أمريكية في الانتقام من قوى المقاومة والممانعة ، فباتوا يعملون على القضاء على كلّ إرادة تحرّر وحرّية ، وتقضي على تطلّعات الشعوب في امتلاك زمام أمرها وسيطرتها على ثرواتها وخيراتها .
في عيدنا – هذه السنة – ننظر أطفال اليمن ، ونساء اليمن ؛ يموتون بالجوع وبالأمراض الفتّاكة ، ومع ذلك تستمر قوى التحالف العدواني في قتل البشر وتدمير الحجر وحرق الشجر ، لكنّ رجال الله المؤمنين يواجهون بعزمٍ وصلابة وحشية العدوان ، ولا يُثنيهم عن عزمهم قصف ولا حصار ولا دمار ، إذا نظرنا إلى البحرين ؛ ند حاكماً متسلّطاً يُصادر الحرّيّات ، ويحاصر الأبرياء العزّل ، ويلفّق التّهم ، فيقتل ويدمّر ويعتدي على المقامات الدينية ، وفي القريب منها العوّاميّة تُحاصر وتدمّر – وكأنها في معمعة حرب طاحنة – ، لأنّ فيها مثل من في البحرين ، يطالبون بأبسط حقوق المواطنة ، وبطرق سلمية بحتة ، بعيدة عن العنف .
حكّام الجور العالمي جاءوا بالتكفيريين من كل أصقاع الأرض ليسقطوا دول الممانعة ، لتنفيذ شرق أوسط جديد، كل همّهم محاصرة الجمهورية الإسلامية في إيران ، التي حملت همّ القضية الفلسطينية وهموم المستضعفين والمحرومين ، وأسقطت بثباتها مشاريع الصهيو أمريكية ، وانتصرت على كل المؤامرات ، حتى صارت من القوى العظمى في المنطقة ، بفضل إخلاص قادتها وطاعة شعبها لقائدها الولي الفقيه ، وفي الموازاة ثمّة مقاومة رجال الله التي أسّس لها الإمام الصدر في لبنان ، وسجّلت أوّل هزيمة للجيش الذي قيل عنه أنّه لا يُقهر ، ومنعته من تحقيق أي نصر ، وأسقطت حلم الصهيونية في إسرائيل الكبرى ، وها هي اليوم تشكّل رأس الحربة في مواجهة المشروع الصهيو أمريكي التكفيري الذي يلفظ أنفاسه الأخيرة على يد محور المقاومة والممانعة ، الذي يواجه تحالف قوى العدوان الذي يزيد على ثمانين دولة .
فلولا ثبات المجاهدين الذين وتدوا في الأرض أقدامهم وأعاروا جماجمهم لله ؛ لما بقي لبنان ، ولما سلمت دولة عربية من التقسيم ، خاصّة الممالك والإمارات والدول التي تعمل على تنفيذ المخططات الاستكبارية ، وهاهم يشربون سمّهم الذي صنعوه ، وينال بعضهم من بعض ، بينما قوى محور المقاومة والممانعة أصبحوا قاب قوسين أو أدنى من القضاء على المشروع التكفيري في العراق ، وقريبا – إن شاء الله – في سوريا ، بفضل المقاومين من الحشد الشعبي ورجال الله والجيشين العراقي والسوري ، هاهم المجاهدون يواجهون بكل ما أوتوا من قوّة ، وينتقلون من نصر إلى نصر رغم أنف المعتدين الذين صنعوا الدواعش ، تحاول قوى الاستكبار إطالة عمر الدواعش لتستمر الفوضى في المنطقة وينعم الصهاينة بربيعهم العبري وقد أسموه – زوراً – ربيعاً عربيّاً .
إنّنا في لبنان – والحمد لله – ننعم باستقرار أمني بفضل انتصارات المقاومة ، وبتمسّكنا بالمثلث الماسي [ شعب وجيش ومقاومة ] ، نامل أيضاً أن ننعم بأمن اجتماعي وسياسي واقتصادي ، ينهض بالبلد ، ويحقّق أماني الشعب وتطلّعاته ، خاصّةً بعد وضع قانون انتخابي ،وإن لم يكن بمستوى آمال اللبنانيين ، ونعلّق أملاً على جلسة الحوار التي انعقدت برآسة رئيس الجمهورية في القصر الجمهوري ، إنّنا في ظل الوضع الراهن في المنطقة أشد حاجةً للتمسّك بخيار المقاومة ، إذ بدونها – لا سمح الله – سنتعرّض لخطر وجود ، وتصبح هويّة الوطن في خطر .
نسأل الله سبحانه – بحقّ هذا الشهر ، وبأنفاس الصائمين ، وقيام المطيعين – أن يُحقّق آمالنا في الدنيا والآخرة ، وأن يُهدي الممسكين بقرار البلد إلى سواء السبيل ، إذ نأسف – كلّ الأسف – للمظاهر الشّاذة من فسق وفجور – فضلا عن عدم احترام شهر رمضان – في مدينة الإمامين شرف الدين والصدر ، مع أنّه يمكن تخفيفها بإجراءات بسيطة ، لم تُتّخذ بحجّة أنّ مدينة صور مدينة سياحية ، أوليست مدينة صيدا مدينة سياحية ، وأكبر من مدينة صور ، إنّها لحجج واهية ، ونذكر بالأخص ما حصل في ساحة القسم التي أسّسها الإمام الصدر ؛ حيث أقاموا [ أكشاك ] وفيها الإفطار العلني بنهارات شهر رمضان ، كان يمكن للمسؤولين عنها أن يشترطوا على من يستثمر إقفالها في نهار شهر رمضان ، إنّ التساهل في هكذا أمور يساهم في الفساد الأخلاقي ويسبّب سخط الله سبحانه ، أهكذا أرادها الإمام الصدر ساحة للقسم ؟ أهكذا أراد الإمام الصدر أن تكون مدينة صور ؟ هذه أسألة برسم المسؤولين – من بلدية وقوى ووجهاء مدينة صور .
تصوير:رامي أمين