حركة أمل أحيت اليوم الثامن من عاشوراء في ساحة القسم – صور
الوزير داوود: ” ندعو جميع القوى السياسية الى التجاوب مع دعوة الرئيس نبيه بري لتنفيذ ما لم ينفذ من اتفاق الطائف”
أحيت حركة أمل – إقليم جبل عامل اليوم الثامن من عاشوراء في ساحة الامام الصدر (القسم) في مدينة صور، بحضور وزير الثقافة الدكتور محمد داوود، عضو المكتب السياسي في حركة أمل علي رحال، المسؤول التنظيمي لإقليم جبل عامل في حركة أمل علي اسماعيل وأعضاء قيادة الاقليم، وفد من حركة فتح برئاسة اللواء ابو احمد زيداني، المفوض العام لكشافة الرسالة الاسلامية حسين قرياني، وفد من جمعية كشافة المهدي، لفيف من رجال الدين وقيادات أمنية وعسكرية ولفيف من رجال الدين وفعاليات اجتماعية وبلدية واختيارية وحشود غفيرة من المواطنين.
بعد تلاوة آيات من القرآن الكريم بصوت القارئ عباس عبد الحسين وتقديم من المسؤول الثقافي في المنطقة الثامنة قاسم محسن، ألقى وزير الثقافة الدكتور محمد داوود كلمة جاء فيها: “عام بعد عام وتتوهج ثورة الحسين شمساً ليس لنورها احتجاب ، وتترسّخ حقيقة الدم الحسيني شعلةً في كلّ وجدان وميراثاً لكل إنسان، فالإنسان القادر على حمل شرف كلمة (الإنسانية) بكل مضامينها وأبعادها سيكون بلا شك وريثاً للدم الحسيني وشريكاً في الحزن الكربلائي، ما يقارب الألف وأربعمئة عام الا قليل وهذه الثورة بكل عناوينها الانسانية و الروحية و بكل قيمها النبيلة تفرض نفسها نموذجاً ومثالاً لكل التواقين للحرية والساعين للإصلاح الحقيقي والحالمين بالعدالة وقول كلمة الحق أمام جور السلاطين. المقام لا يتّسع لحصر الأثر الشاسع الذي خلّفته هذه الواقعة على مسار البشرية جمعاء ويكفي للدلالة على ذلك الأثر ما خلص إليه المهاتما غاندي إبان مجابهة الإستعمار البريطاني لبلاده: على الهند إذا أرادت أن تنتصر أن تقتدي بالإمام الحسين”.
وتابع: “ولّى زمانٌ كان فيه اﻻمام الحسين عليه السلام و آل بيته و الصفوة الذين آثروا الاستشهاد بين يديه قلةً فوق رمال الصحراء الحارقة …وها زمانٌ أصبحوا وإيّانا أنهاراً من البشر تجتمع روافدها من كل بيت من بيوتنا، من كل قرية وبلدةٍ ومدينة من كل طفلٍ وامرأةٍ وشيخٍ وكبيرٍ وصغير، يتعالى نبضها ويتعاظم هديرها ليصمّ مسامع الطغاة في مشارق الأرض ومغاربها ، في كل زمان ومكان”.
وأكمل: “إنّ صورة الخروج المظفّر للإمام الحسين (ع)هي صورة تتجاوز في أبعادها الروحية والفكرية حدود المشهد والتراجيديا التصويرية لتنقلنا إلى عمق العبرة التي تفتح الحدث على الفكرة والهدف. الكثير الكثير علّمنا سيّد الشهداء، ولعل أوّل وأبلغ ما علّمنا، هو أن الثورة تبدأ أول ما تبدأ من الثورة على الاستكانة الداخلية والخضوع النفسي داخل ذات الإنسان، وتنتهي بعد ذلك عند حدود تغيير المجتمع بكل أبعاده، من خلال تغيير الأشخاص والرموز التي تدعي القيمومة عليه، علّمنا الحسين أن نحبّ حياتنا ، نعم وأن نحبّها كريمة وأن نحياها كما نريد وليس كما يريدها لنا الآخرون، سواء كانوا أصدقاء أم أعداء، علّمنا الحسين أن نكون توّاقين الى المبادرات من أجل إصلاح شؤوننا ما استطعنا حتى وإن كانت في ذلك مخاطرة كبرى ودونه عقبات وعلّمنا الحسين أنّ أهمّ ما يعطي قضايانا قيمةً على الإطلاق هو ليس ما نستطيع أن نوهم الناس به وليس عدد الأشخاص الذين نستطيع أن نجمعهم حولنا إنّما هو محض إيماننا الداخلي بما نفعل واستعدادنا للتضحية في سبيل ما نؤمن به، كما علّمنا أن ما يبنى على باطل فهو باطل وأن الحق حقٌ حتى ولو سحق تحت حوافر الخيول . سيسقط كل باطل ومبطل وكل فاسد ومفسد مهما علا شأنه”.
وأضاف: “في رحاب هذه الثورة النابضة بالعشق والحياة والخلود ومن ساحة اﻻمام الصدر الذي قدم من خلال قضية حركته وإيثار تلامذته في افواج المقاومة اللبنانية أمل البعد الحقيقي والرسالي لعاشوراء تعالوا اليوم نقارب عاشوراء كما قاربها سماحة الامام عندما قال: ” ان عاشوراء ثروة غير مستثمرة و هي تحتاج الى اعطائها الابعاد الهادفة، عاشوراء في أبعادها تتجاوز المحنة العاطفية والمأساة البشرية، عاشوراء هي نموذج بأسبابها وتفاصيلها ونتائجها، هي تعلم الأجيال كل الأجيال و تفتح أمامهم طريق النجاة و الخلاص، فلنستثمر عناصر القوّة والجرأة في عاشوراء ولنغرف من البحر الحسيني وافراً من الارادة والإصرار يعيننا على مواجهة الظلم في أوطاننا و عالمنا. فعاشوراء ليست طقسا روحيا و لا ستارةً يختفي وراءها المذنبون و لا يمكن أن تكون مجرّد منفسٍ للغضب والاحتجاج، عاشوراء الحقيقية تعني بلوغ الانسان قمة الإلتزام وغاية التضحية ونهاية التقديم والوفاء والخدمة والعطاء وكل ذلك مترافقاً مع أسمى مراتب العفو و التسامح والترفّع وأوضح الرؤى وأشدّها جلاءً.
وقال: “ليس من قبيل الصدفة إذا نظرنا إلى طبيعة الأشخاص المرافقين للإمام الحسين (ع) أن نرى معه الطفل والشيخ والشاب، والمرأة والطفلة وأن نرى العربي وغير العربي والأبيض والأسمر والأسود والمسلم والمسيحي. لقد اجتمعت كل مراحل العمر وكل الألوان والطبقات الإجتماعية في جيش الإمام الذي بلغ عدده سبعين ونيف فقط مقابل الآلاف في جيش يزيد ، حتى لكأن الله سبحانه وتعالى شاء أن يجعل من جيش الحسين رمزاً للإنسان بعمره ولونه وديانته وقوميته ليقول بعد ذلك أن الإسلام الحقّ فوق كل هذه الحواجز، وما ثورة الحسين إلا لإزالة هذه الحواجز والحدود. فللصغير دور وللكبير دور وللرجل دور وللمرأة دور لا يقل شأناً وبهذا التكامل في الأدوار والمهمات فقط تنجح الثورات وتؤتي ثمارها، فالحسين خرج ليس حبا بالخروج و قاتل و حارب ليس حبا بالحرب و القتال انما خرج و قاتل صيانة للاسلام و ان الساحة الحقيقية التي ولدت فيها عاشوراء هي ساحة القيم الانسانية، فالامام الحسين و شهداء ثورته هم شهداء الاصلاح فاذا ساعدنا في اصلاح أمة جده نكون قد نصرنا الحسين و اذا سكتنا أو منعنا الاصلاح عن هذه الأمة نكون قد خذلنا الحسين و نصرنا من قتله”.
وأكمل: “هكذا فهم الامام الصدر الثورة الحسينية و هكذا علّمنا أن نترجمها سياسياً تحت قيادة دولة الرئيس الأستاذ نبيه بري وأن نتّخذ من الأبعاد الرسالية و الانسانية و الوحدوية لمدرسة عاشوراء اداء وممارسة وسلوكا يوميا في كل ما يصنع فارقاً في حياة اﻻنسان وحياة الدولة والمجتمع” .
وختم: “لأننا في حركة أمل ، الحركة التي ارثها من ارث من وارث اﻻنبياء الحسين عليه السلام و التي تؤمن أن الايمان بالانسان لأي طائفة انتمى هو البعد الأرضي للايمان بالله و هو لا يمكن أن ينفصل عن البعد السماوي للايمان بالله، و لأننا نؤمن ان عاشوراء هي فعل يومي نعيشه في كل المساحات التي نتحرك فيها ومن على منبر سيد الشهداء ومن موقع انتسابنا لهذه الثورة، وهو انتساب تعمد بالدم مع باكورة الحروف بأن كونوا مؤمنين حسينيين نؤكد على الثوابت التالية :
أولا: في مواجهة اي حماقة اسرائيلية تستهدف لبنان وانسانه وارضه وسيادته سنكون ، وكما كنّا دوماً، وكما يشهد تاريخنا المضيء وقوافل شهدائنا وجرحانا وأسرانا، سنكون طليعة المقاومين ومصداقا لما غرسه فينا امام الوطن والمقاومة. حقٌّ مقدّس هو الدفاع عن الأرض والعرض وقد كرّسته كل الشرعات والقوانين والأعراف ولا يمكن لأحد على الإطلاق ، أياً كان أن ينكر على أهلنا هذا الحق ويمنحه لأعدائنا. شرعية الدفاع تستمدّ أولاً وأخيراً من إرادة الشعب ومن تفويضه. وإذا ما اعتدي علينا فإننا جاهزون للالتحام كأمواج البحر ليصبح كل الشعب جيشاً ومقاومة و لتصبح كل المعادلات كلّنا للوطن.
ثانيا : في الموضوع الداخلي نؤكد التزامنا بحفظ لبنان وطنا نهائيا لجميع ابنائه ، هذه مدرستنا وهذا دأبنا الذي لم نحد عنه في عزّ اشتداد الأزمات والتحديات. مجدداً ندعو جميع القوى السياسية الى التجاوب مع دعوة الرئيس نبيه بري التي اطلقها في ذكرى تغييب اﻻمام الصدر ورفيقيه في النبطية لجهة المبادرة الى تنفيذ ما لم ينفذ من اتفاق الطائف.
واختتم المجلس بالسيرة الحسينية العطرة مع خطيب المنبر الحسيني سماحة السيد نصرات قشاقش.
تصوير رامي أمين