الرئيسية / ثقافة عامة / كيف يطفئ الحزن اشتعال المُقل؟

كيف يطفئ الحزن اشتعال المُقل؟

م. حسن شرف الدين|

كيف يترسب التعب إلى عينيك فتغدوان بهذه
الوحشة؟ وكيف يصنع تشابك الأفكار قلقاً مزمناً تتغرب معه عن نفسك؟ فلا تعود وتألف لا حيز ولا زمن ولا أحد؟ أخبرني قليلاً، ماذا يفعل هذا الوخز في روحك؟

قالت سائلتي، التي أرسلت إليّ سؤالها أعلاه، وهي لم تعد تدري عن الكائن الذي في داخلي. تبحث عن جواب لكل تساؤلاتها، في كومة من فوضى المشاعر والأفكار. فعيوني التي غدت بهذه الوحشة، لأنها تعبت من الرؤية، ومن الواقع.

مشاهد يومية من الظلم والقهر والفساد والحزن، ولا أستطيع أن أفعل شيئًا. تعبت من نقل كل هذا الحزن إلى ذهني المتشابك بالأفكار، بين الواقع والخيال. هذا الذهن الذي أبرم اتفاقًا مع الحزن منذ وقت طويل، أن يتعايش معه في هذا الدماغ، أنه موجود، أنه يحتل ضفتيّ هذا العقل، ويغزو ما تبقى منه، مع شذرات قليلة من الفرح والأمل. كل هذه المظاهر التي تمّر أمام مقلتيّ المتعبتين، يترجمها عقلي الى حزن ويبقيها معتّقة في أحد مخازنه، ويصنع منها نبيذ الكآبة. لم أعد أفقه تعريف الفرح. لم يعد يعتاد دماغي على هذا الشعور، فأصبح مجرد لحظة عابرة في دهر من التخبط، يمكث هنيهة، وبعدها يمضي، لأنه يعلم أن لا مكان له في عقلي المُحتل، وأن أراضي الفرح في ذهني تُغتصب وتستوطن.

أما عن القلق وتشابك الأفكار، التي تغرب النفس عن صاحبها ولا تعود تألف زمنًا أو مكانًا أو شخص، فهذا القلق حليف الحزن وسنده وذراعه اليمنى. فكما للحزن مقاليد الحكم في ذهني، كذلك للقلق المواجهة في الميدان بين أفكاري. فيتصدى لأي فكرة إيجابية، أو بصيص أمل، ويلجمهما كي يبقى الحكم أخيراً للحزن. تتقدم الأفكار، تقاوم، تحاول، فيأتي القلق بجلاديه وزبانيته، يلجمونها عن أن تتحقق، وبهذا يبقى الحزن قائمًا في هذا العقل. الحزن داهية، مخادع، يعرف كيف يتشبث بمقاليد السلطة ويبعد عنه الشكوك. فيظهر تارةً بعض مظاهر الفرح، بين ضحكة وابتسامة و نشوة، فقط ليوهم الجميع بأن الأمور تسير بشكل جيد، فيما يسيطر هو على كيان مخفي باطني.

هذا، بعض من كياني، فبرغم هذا الواقع المقيت، وهذا الاحتلال من الحزن والقلق، يبقى حيّزٌ في هذا العقل للمقاومة. حيّزٌ صغير، ولكنه كفيل بمقارعة هذا الاحتلال، حيز مليئ بالغضب، بالثورة، وبالأمل. يومًا ما سيدحر كل هذا الحزن من العقل، والوحشة من العيون المتعبة، في سبيل التغيير، في سبيل الى يوم جديد، الى بداية النهاية. نهاية الحزن، نهاية الظلم، نهاية القهر. لتشتعل الروح بعد هذا الوخز كله، ستحرق الحزن، ويغدو رمادًا ومن الرماد سيبعث الأمل

شاهد أيضاً

ندعوا أهل الخير للمساهمة في إفطار مئة صائم يومياً

بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك، يطلق “مركز مصان” لذوي الإحتياجات الخاصّة مشروعه الإنسانيّ “مائدة الرّحمٰن” …

Open chat
أهلاً وسهلاً بكم