امال خليل|
أصاب خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الأخير بشظاياه حراك الجنوب، لا سيما عندما دعا جمهور المقاومة إلى إخلاء الساحات. البعض في كفررمان والنبطية وصور لبوا نداءه. لكن آخرين وقبل دعوته، تراجعت حماستهم للمشاركة الإعتصامات المفتوحة، منهم بسبب الخوف ومنهم بسبب ضبابية الرؤية الموحدة للمطالب وبرامج العمل ومنهم يأساً من استجابة السلطة لهم. لكن خطاب نصرالله شحذ همم الكثيرين في المقابل، لا سيما لتأطير الحراك والإنتقال إلى خريطة طريق مختلفة تحدد المطالب وآلية إيصالها.
فرعا كفررمان والنبطية في الحراك شكلا أول من أمس نواة لجنتين، ستدمج في لجنة واحدة تحمل المطالب وتنقلها إلى لجنة التنسيق المركزية في بيروت. ما هي المطالب؟ تشير عدرة قانصو بيدها نحو الجدارية المثبتة على المبنى قبالة باحة اعتصام دوار كفررمان. «منذ اليوم الأول، حددنا مطالبنا»، تقول إحدى المشاركات في انتفاضة مزارعي التبغ في بلدتها كفرمان عام 1972، عندما كانت في التاسعة من عمرها. «استقالة الحكومة»، تعلو الجدارية. تحتها، تتوالى عبارات «تشكيل حكومة وطنية انتقالية» و«رؤية اقتصادية جديدة» و«قانون انتخابي لا طائفي» و«استعادة المال المنهوب ومحاكمة الفاسدين» و«العدالة الإجتماعية». البوصلة واضحة في دوار «كفرموسكو» كما تعرف البلدة ذات الأرضية الشيوعية. الوضوح يطال أيضاً انتماء المشاركين في خيمة الإعتصام المفتوح التي أقفلت حركة السير حول الدوار. معظمهم منتسبون أو مؤيدون للحزب الشيوعي اللبناني والقوى الوطنية الفاعلة في البلدة كحزب الطليعة وحركة الشعب. «تخيلي بأن الشيوعيين في ظروف كهذه، ليسوا على الأرض». توضح بأنها تتحدث كمشاركة في الحراك وليس كمنتسبة إلى الحزب الشيوعي. «لو شاركنا باسم الحزب الذي أنتمي له، لكان الحشد أكبر وأكثر تنظيماً وأسرع في تحديد برنامج العمل». لكن قانصو مثلها مثل رفاقها التزموا بإبعاد الأحزاب عن التحرك، من دون أن يخفوا تأثيرهم غير المباشر على تحركي كفررمان والنبطية لأنهم وسائر الحزبيين «يملكون الوعي السياسي الذي لا يملكه كثير من الشبان الذين تحمسوا للحراك». ميدانياً، يتجه المنظمون حتى مساء الإثنين إلى فتح الطريق كلياً عند المستديرة، ونقل الاعتصام من وسطها إلى زاوية جانبية على ان يبقى ثابتاً حتى تحقيق المطالب.
يتجه المنظمون إلى فتح الطريق كلياً عند مستديرة كفررمان
مطالب النبطية تتداخل بمطالب كفررمان. أول مطالب نواة اللجنة التي تشكلت في النبطية، «استقالة الحكومة وتشكيل حكومة مصغرة نثق بها وتشرع بتنفيذ خطة انقاذ وطني اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا وامنيا وبيئياً». ميدانياً، أعلن المنظمون عن نيتهم الإبقاء على شكل تحركهم أمام سراي النبطية، بعد فتح نصف الشارع أمام حركة السيارات. أمس، أطلقوا حملة تطوير للحراك. وفق الناشطة سلام بدرالدين، فإن حراك النبطية جمع في اليومين الأولين «من هب ودب من الدخلاء ممن قطعوا الطرق وأشعلوا النار في النفايات. على نحو تدريجي، نظف الحراك نفسه بنفسه. لم يصمد الدخلاء وبقي المؤمنون الواعون. ومن أجل الشبان المتحمس، ننظم جلسات تثقيف سياسي على المطالب والحقوق المعيشية».
في صور، تراجع الحراك نوعاً وكماً. بعد خطاب نصرالله، أصدر تجمع «شباب صور» بياناً أعلن فيه انسحابه «لإعطاء مهلة للسلطة لتنفيذ المطالب المحقة التي اعلنها الحراك المدني تفهما للاوضاع الاقتصادية للناس لكي لا يؤثر الحراك على امورهم المعيشية وتعطيل الدراسة». ما تبقى من منظمي الحراك أصدروا بياناً مقابلاً أكدوا فيه بقاءهم في مستديرة الإستراحة من دون إقفال الطرقات، داعين إلى «تشكيل حكومة انقاذ وطني من اختصاصيين ذوي ثقة».
الإعتصام المفتوح في دوار إيليا في صيدا، لم يتأثر مباشرة بخطاب نصرالله. الحشود بدأت تتراجع منذ أيام، منها بدافع الملل من البرنامج الروتيني اليومي للتحرك الذي تحول إلى سهرة، أو احتجاجاً على عدم وجود قيادة موحدة للحراك. لكن حراك إيليا شكل منذ الأيام الأولى لجنة تنسيقية لتنظيم شؤونه اليومية ولتحديد الشعارات والمواقف، تمثل فيها ناشطون من خلفيات مدنية وحزبية يسارية ووطنية. وفي بيان للجنة، دعت إلى استمرار الإعتصام والتجمع بعد ظهر اليوم «لتصعيد الانتفاضة الشعبية، وتشكيل حكومة انتقالية تتولى تنظيم انتخابات نيابية مبكرة واستعادة الأموال المنهوبة وبناء السلطة القضائية المستقلة».