ستفتح المصارف صباح اليوم، أبوابها للجمهور بعد 12 يوماً من الإقفال.
وبحسب صحيفة “الاخبار” فان التحضيرات التي أعدّتها في الأيام الماضية، تمهيداً لفتح الأبواب، خلصت إلى اتفاق شفهي منسّق مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بأن تعمل المصارف على تقييد عمليات السحب والتحويل بكل الطرق المتاحة خشية أن يؤدي الأمر إلى كوارث.
وفي هذا السياق قال مسؤول مصرفي “هذا اليوم، وفق توقعاتنا، سيكون أقسى مما شهدناه في شباط 2005 بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري، ولا في صيف 2006 أثناء حرب تموز”.
وتابعت الصحيفة في مقال للكاتب محمد وهبة ان هلع المودعين بدأ يظهر أمس قبل فتح الأبواب للجمهور. فقد تبيّن أن المصارف تلقّت اتصالات من زبائنها للسؤال عن إمكان سحب ودائعهم إلى الخارج، أو طالبين تحضير المبالغ المستحقة لسحبها نقداً. إجابات مديري الفروع أو مراكز الاتصالات جاءت رافضة بشكل قاطع لإجراء مثل هذه العمليات، مشيرين إلى أن السحب النقدي محدّد بـ 2000 دولار أسبوعياً.
الى ذلك فانه وبحسب التقديرات المصرفية، يرتقب أن يكون هناك طلب على سحب الودائع وتحويلها إلى الخارج بقيمة تصل إلى 3 مليارات دولار في أول أسبوع بعد فتح الأبواب، وأن تزداد عمليات هروب الودائع إلى الخارج لتبلغ 5 مليارات دولار بعد ثلاثين يوماً، وهذا على اعتبار أنه لم تحصل تطورات أخرى، سواء في الشارع أو تطورات سياسية متعلقة بتشكيل الحكومة.
وفي هذا السياق فان خشية المصارف من هذا الأمر دفعها إلى عقد سلسلة اجتماعات، بعضها اقتصر على مجلس إدارة الجمعية وبعضها الآخر كان موسعاً، للنقاش في إجراءات موحّدة يمكن اتخاذها لمواجهة ضغط غير مسبوق ستكون له انعكاسات سلبية على سيولة المصارف بالدولار، وعلى احتياطات مصرف لبنان بالعملات الأجنبية أيضاً. في هذه الاجتماعات، كان هناك رأيان: الأول يتحدث عن عدم إمكان فتح الأبواب من دون “كابيتال كونترول” معلن من مصرف لبنان أو ما يعرف بقيود وضوابط على عمليات السحب والتحويل، علماً بأن بعض المصرفيين اقترحوا تحديد سحب الوديعة بقيمة 25% إلى جانب إجراءات أخرى تتعلق بضبط السحوبات المالية النقدية بالدولار وبالليرة. وأصحاب الرأي الثاني كانوا يطالبون بالاستمرار في إغلاق الأبواب لفترة أطول نسبياً وتسيير الأعمال داخلياً حتى يتضح المسار الذي تسلكه البلاد.
وتابع الكاتب انه وإزاء تشدّد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في رفض مبدأ إعلان الـ”كابيتال كونترول” نظراً الى ما سيرتّبه من مخاطر كبيرة تضرب إمكانية تدفق رؤوس الأموال إلى لبنان على فترة طويلة نسبياً، وخصوصاً أنه تردّد عن إمكان استقطاب ودائع كبيرة إلى لبنان في هذه الفترة بعد انخفاض أسعار الفائدة الأميركية، اتُّفق على أن تفرض المصارف نوعاً من القيود والضوابط المتحرّكة ضمن حدود قصوى ودنيا تحدّدها هي فقط ليصبح الـ”كابيتال كونترول” غير معلن وغير واضح ومرتبط بمديري الفروع والزبائن. المصارف وافقت على هذا الأمر، وخصوصاً أن مديريها يمارسون هذه القيود منذ أشهر، وإن كان الأمر يختلف اليوم بعد إقفال لـ 12 يوماً بعد تحركات احتجاجية هي الأكبر في تاريخ لبنان، وبالتالي بات على موظفي الفروع المصرفية أن يتعاملوا مع الزبائن بخشونة أكثر وبقسوة وحزم لفرض قيود وضوابط أشد وطأة. طبعاً هذا الأمر قد يسبب مواجهات “عنيفة” مع الزبائن نظراً إلى مستوى وحجم الإجراءات المتفق عليها والتي يمكن إيجازها بالآتي:
– يجب منع كل عمليات تحويل الودائع إلى الخارج. وهذا الأمر لا يسري على كبار المودعين المرتبطين بعلاقة مع أصحاب المصارف أو مع كبار المديرين فيها.
– استجابة المصرف لطلبات الزبائن الراغبين بتحويل ودائعهم من الليرة إلى الدولار بالسعر المحدّد من مصرف لبنان (1507.5 ليرات وسطياً لكل دولار)، على أن يوافق المودع على تجميد وديعته لفترة سنة، وإذا رفض مطالباً بالحصول على وديعته يمكن للمصرف أن يحرّر شيكاً مصرفياً للزبون بعملة الوديعة.
– لا يجب التنافس بين المصارف على استقطاب الودائع، سواء من خلال رفع الفوائد أو منح تسهيلات للزبائن متصلة بآجال الاستحقاقات. وبالتالي فإن أي زبون سيحصل على شيك مصرفي بقيمة وديعته ستكون لديه صعوبة في نقل حساباته من مصرف إلى آخر، وبالتالي ستكون لديه صعوبة في تحويل وديعته من الليرة إلى الدولار وسحبها إلى الخارج.
– بالنسبة إلى العمليات التجارية، فإنه يجب على كل مصرف أن يقلّص التسهيلات المصرفية بالدولار التي كانت ممنوحة للشركات إلى حدّها الأدنى، إلا إذا كانت هناك اتفاقات مسبقة بين المصرف والزبون على تمويل مشروع ما في هذه الفترة.
– بالنسبة إلى عمليات السحب النقدي، فإن المصارف حدّدت سقفاً متدنياً لقيمة المبالغ المسحوبة أسبوعياً. بعض المصارف أوضحت للزبائن أنها تسمح بسحب نقدي أسبوعي لا يتجاوز 2000 دولار، ومصارف أخرى حدّدته بـ 3000 دولار… إلا أن من الثابت أن كل المصارف منعت السحب النقدي المفتوح منذ أسابيع وأوقفت بشكل نهائي تزويد الصرافات الآلية بالدولارات.
Check Also
غزة ما بعد العصر الإسرائيلي: قيامةٌ لا رجعة منها
يمثّل تحرير قطاع غزة من الاحتلال الإسرائيلي محطّة مضيئة في الصراع المستمرّ مع العدو، كونه …