Home / اخبار رئيسية / يومُ الشهيدْ..

يومُ الشهيدْ..

غوى قصير|

في المسافة التي تُركت بيننا أجدُ مساحة روحيّة، أتسلّلُ إليها كل ليلة لأكتب قليلًا، يتأرجح النُّعاس بين جفني فأطرده وأحيانًا أخرى أطارده علّني أنال منه وأتغلّب عليه كي أكمل ما تبقى من ساعات فجري بارتياح.
أقلّب في صفحات كتابٍ كنتُ قد أنهيتهُ لتوّي، أختار له مقعدًا بين رفاقه ليستريح من رحلة سفرٍ طويلة امتدت لشهرين أو ربّما لعامين، لا أدري!
أرقٌ جديدٌ يدخل في موسوعة حياتي اليوميّة، أرقٌ ليليٌّ حاد، أعاني منه في الليلة الواحدة أعوام!
أعدُّ ساعاتي المتبقيّة، ينبّهني هاتفي عند السّاعة الثانية عشر عند انقطاع الكهرباء فأنظر خلسةً إلى الشاشة، لقد دخلنا في يومٍ جديدٍ، إنّه الحادي عشر من شهر نوفمبر. نسيتُ نصيّ الأدبيّ الذي قررت أن أسهر لأجلهِ كي أعيد لحبيبن فرصة أخيرة بعد أن كنتُ قد فرّقتهما ليلة أمس في الفصل الخامس من روايتي ورحت أحدّق في الفراغ…
إنّها ليلتكم، سنضع الحب جانبًا ونعتذر من حضرته، سنعود إليه يومًا إن استدعى الأمر.
تفحّصتُ صورًا ملتوية، كانت وجوهكم واضحة فيها، حاوطتني ملامحكُم وأنتم تُلقون على مسامعنا وصايا الحُب الأخيرة، وأخذتني بعيدًا يد طفلة ارتدت فستان ميلادها الأوّل يوم راقصها والدها قبل رحيله بساعاتٍ قليلةٍ، وأخبرتني يومَ كَبُرت أنّه لم يقبّلها قُبَل الوداع بل أراحها فوق صدره لترتاح طويلًا وعندما استيقظت لم تجدهُ، كانت ملامحه تُزيّن الجدار.
لو تعلمون كم انتظرناكم على أعتاب القُرى، والله ما كُنّا لنرضى أن نعود بأيادٍ فارغة، لقد كُنا جِياعًا ننتظر أن تأتونا برغيف خُبزٍ أو حبّة قمح، أو بشارة نصر. ويوم عدتم لم نأكل لقد نذرنا للرحمن صومًا، والأرُزّ الذي كان يُشبعنا في غيابكم لم نتذوّقه بل نثرناه فوق نعوشكم فأشبعنا الله عزًّا لا جوع من بعده.

Check Also

غزة ما بعد العصر الإسرائيلي: قيامةٌ لا رجعة منها

يمثّل تحرير قطاع غزة من الاحتلال الإسرائيلي محطّة مضيئة في الصراع المستمرّ مع العدو، كونه …

Open chat
أهلاً وسهلاً بكم