صرخة الحق وجبل الصبر الحوراء زينب بنت أمير المؤمنين (ع) وسيّدة نساء العالمين (ع) وشقيقة الحسنين (ع)، وُلدت في الخامس من شهر جمادى الأول في السنة الخامسة للهجرة النبوية في المدينة المنوّرة، سمّاها جدّها رسول الله (ص) زينب، وكلمة زينب معناها الشجرة الحسنة المنظر والطّيّبة الرّائحة، وقيل اسم زينب مركّب من كلمتين؛ زين أبيها وقد حُذفت بعض الأحرف للتخفيف. وعندما وُلدت الحوراء قالت أمّها الزهراء (ع) لعلي (ع) سمّها، فأخذها وقبّلها وقال (ع): ما كُنتُ لأسبق رسول الله (ص)، فسمّاها رسول الله (ص) زينب.استقبلها أهل بيت النبوة (ع) بفرحٍ وسرور وابتهاج، وأجرى عليها أمير المؤمنين (ع) المراسيم الشرعية للمولود ساعة ولادته؛ فأذن في أذنها اليُمنى، وأقام في اليسرى، فكان أوّل صوت قرع سمعها صوت إمام المتقين (ع) بكلمات التكبير والتهليل، فهي ترانيم الأنبياء وجوهر القيم العظيمة في هذا الكون، عاشت أيام طفولتها الأولى مع جدّهاالمصطفى (ص)، يُغذّيها من حنانه وعطفه هي وأخويها الحسنين (ع)، فنشأت في حضن النبوة وترعرعت في كنف الرسالة وتشرّبت صمود الزهراء وإيمان علي، فكانت برفقة أصحاب الكساء (ع) .
زوّجها أبوها من ابن أخيه عبد الله بن جعفر الطيّار، وأسكنها بجواره، حدّث يحيى المازني قال: كنت في جوار أمير المؤمنين (ع) في المدينة مدة مديدة، وبالقرب من البيت الذي تسكنه زينب (ع) ابنته، فلا والله ما رأيت لها شخصا، ولا سمعت لها صوتا,وكانت إذا أرادت الخروج لزيارة جدها رسول الله (ص) تخرج ليلا، والحسن (ع) عن يمينها، والحسين(ع) عن شمالها، وأمير المؤمنين(ع) أمامها، فإذا قربت من القبر الشريف سبقها أمير المؤمنين(ع) فأخمد ضوء القناديل، فسأله الحسن (ع) مرة عن ذلك؟ فقال: أخشى أن ينظر أحد إلى شخص اختك زينب .
وفي بعض الأخبار؛ أنّ الحسين (ع) كان إذا زارته أخته زينب يقوم إجلالاً لها، وكان يجلسها مكانه، وعندما اتخذ أمير المؤمنين (ع) الكوفة داراً للخلافة؛ انتقلت الحوراء زينب (ع) للسكن في الكوفة، وكانت تستقبل نساء وبنات أهل الكوفة تفقّههُن في الدّين، وتعلّمهن القرآن، وتبيّن لهن معانيه، فكانت المرجع للسيّدات من نساء المسلمين، فكُنّ يأخذنَ منها أحكام الدين وتعاليمه وآدابه، ويكفي تدليلاً على علمها وفضلها أنّ حبر الأمة ابن عباس روى عنها (ع) كوكبة من الأخبار، وكان يظهر اعتزازه بالرواية عنها، فكان يقول: حدّثتنا عقيلتنا زينب بنت علي … ومما رواه عنها الخطاب الذي ألقته أمّها السيدة الزهراء (ع) في مسجد رسول الله (ص) .
ثمّ إنّ بعض ألقابها تدلّ على مكانتها؛ من ألقابها: * عقيلة بني هاشم؛ والعقيلة هي المرأة الكريمة على قومها العزيزة في بيتها . * العالمة؛ إذ كانت نساء المسلمين يرجعن إليها في شؤون دينهن، والإمام زين العابدين (ع) خاطبها في كربلاء: عالمة غير معلّمة . * عابدة آل علي؛ فكانت لا تترك النوافل؛ حتى في أقسى لياليها وهي ليلة الحادي عشر من محرم، وقد صلّت صلاة الليل من جلوس . * الكاملة * الفاضلة * ومن أشهر ألقابها أم المصائب؛ وكيف لا وهي التي شهدت مصائب متتالية بدءاً برحيل جدّها المصطفى (ص) وظلامة أمّها الزهراء (ع)، ومعاناة أبيها علي (ع) حتى استشهاده، ومظلومية أخيها الحسن (ع) حتى شهادته مسموماً، وقد صحبت أخاها الحسين (ع) من حين مسيره من المدينة إلى كربلاء أرض الكرب والبلاء، وقد شاركته كلّ المصائب لحين استشهاده وأهل بيته، وتكفّلت أطفاله ونساءه بلوعة السبي، وهي صابرة محتسبة، يُحدّث الراوي أنها دخلت على أخيها الإمام الحسين (ع) وهو في خيمته ليلة العاشر من المحرّم، وقد كان يُصلح سيفه ويصقله، ويردّد شعراً يقول: يا دهرُ أفٍّ لك من خليلِ *** كم لك بالإشراق والأصيلِ، من طالبٍ وصاحبٍ قتيل *** والدهر لا يقنعُ بالبديلِ، وإنّما الأمرُ إلى الجليلِ *** وكلّ حيٍّ سالكٌ سبيلِ، حينها عرفت أنّ أخاها ينعى نفسه بأنه مقتولٌ لا محالة، فقالت (ع): واثكلاه؛ ليت الموت أعدمني الحياة، اليوم ماتت أمي فاطمة وأبي علي وأخي الحسن، يا خليفة الماضين وثمال الباقين … فصبّرها الإمام الحسين (ع)، وأوصاها بوصاياه، فقامت يوم عاشوراء بمسؤولياتها كاملةً، ولم تُظهر الضعف أمام الأعداء؛ بل كانت كما أرادها سيد الشهداء حينما سقط صريعاً على الأرض، وقد تقدّمت إلى جسده الشريف، فوجدته مضرّجاً بدمائه، فوقفت عنده بكلّ خشوع وصارت تزيح عنه التراب ونصول الرماح والسهام، وبسطت يديها تحت الجثمان الطاهر ورفعته إلى السماء وقالت: اللهم تقبّل منّا هذا القربان. فكانت هذه العبارة كالصاعقة على رؤوس الأعداء، الذين وقفوا مذهولين، والتفتت إلى ابن سعد وقالت له: أيُقتلُ الحسين وأنت تنظر إليه؟ فأبكته وأبكت كلّ من كان حاضراً، حينها نعت أخاها إلى جدّها المصطفى (ص) قائلةً:وامحمّداه، بناتك سبايا، وذريّتك مقتلة، تسفي عليهم ريح الصبا، وهذا حسين محزوز الرأس من القفا، مسلوب العمامة والردا؛ بأبي من أضحى عسكره يوم الإثنين نهباً، بأبي من فسطاطه مقطع العرى، بأبي من لا غائب فيرتجى، ولا جريح فيداوى، بأبي من نفسي له الفداء، بأبي المهموم حتى قضى، بأبي العطشان حتى مضى، بأبي من شيبته تقطر بالدماء، بأبي من جدّه رسول إله السماء، بأبي من هو سبط نبيّ الهدى، بأبي محمّد المصطفى، بأبي خديجة الكبرى، بأبي عليّ المرتضى، بأبي فاطمة الزهراء، بأبي من ردّت له الشمس حتى صلّى، فأبكت والله، كل عدو وصديق.
حفظت الأطفال والعيال، واهتمّت بالإمام زين العابدين (ع)، الذي قضت حكمة الله أن يكون مريضاً يوم العاشر، فلم تصل إليه سيوف القوم، حتى لا تخلو الأرض من حجّةٍ من آل محمد (ص)، وقد واست الإمام زين العابدين (ع) حينما نظر إلى أبيه مقطّعاً على رمضاء كربلاء، وأهل بيته حوله قتلى، فعظم المنظر عليه واشتدّ حزنه وتغيّر لونه، فالتفتت إليه الحوراء زينب (ع) وتقدّمت إليه وقالت: ما لي أراك تجود بنفسك يا بقيّة جدّي وأبي وأخوتي؟ فأجابها الإمام زين العابدين (ع): لما أصابنا بالطف ما أصابنا، وقتل أبي الحسين وقتل من كانوا معه من وُلده وأخوته وسائر أهل بيته، وحمّلت حرمه ونساءه على الأقتاب يُراد بنا الكوفة، فجعلتُ أنظر إليهم صرعى ولم يُواروا؛ فعظم ذلك في نفسي، واشتدّ لما أرى منهم قلقي، فكادت نفسي تخرج، وكيف لا أجزع وأهلع… فقالت له بنتُ أمير المؤمنين (ع): لا يجزعنّك ما ترى ـ فوالله ـ إن ذلك لعهداً من رسول الله (ص) إلى جدّك وأبيك وعمّك، ولقد أخذ الله ميثاق أنّاس من هذه الأمّة لا تعرفهم فراعنة هذه الأمّة، وهم معروفون في أهل السماوات، أَنهم يجمعون هذه الأعضاء المتفرقة فيوارونها، وهذه الجسوم المضرّجة، وينصبون بهذا الطفّ علمّاً لقبر أبيك سيّد الشهداء لا يدرس أثره، ولا يعفو رسمه على كرور الليالي والأيّام، وليجهدّن أئمة الكفر وأشياع الضَّلالة في محوه وتطميسه فلا يزداد إلا ظهوراً، وأمره إلا علوّاً.
وعندما أرادت أن ترمي نفسها على جسد أخيها الحسين (ع) من على ظهر المحمل قال لها الإمام زين العابدين (ع): يا عمّة؛ ودّعي أخاك من على ظهر المحمل، فإنّك عالمة غير مُعلّمة، وأنا مُقيّد على ظهر الناقة، فإن نزلتِ فمن يُركبكِ؟ فودّعت سيد الشهداء وكلّ الضحايا وتوجهت القافلة إلى الكوفة، وهناك ذكّرتهم ببلاغة أبيها أمير المؤمنين (ع) في خطابها لهم أمام ابن زياد الذي همّ بقتل الإمام زين العابدين فحالت دونه وحمته، حيث كان شعار بني أميّة: لا تبقّوا من أهل هذا البيت باقية . ولكن ابن زياد خاف من قيام ثورة الناس عليه تأثّرهم بكلمات الحوراء زينب وخطاب الإمام زين العابدين (ع) في أهل الكوفة، حيث شعروا بالندم، فعمل ابن زياد على إرسالهم إلى يزيد في الشام، التي استعدت لاستقبال الأسرى بمجالس الفرح والزينة، وكأنّ الأسرى من الترك والديلم، لكنّ بنت علي والزهراء – التي لم ينل من إبائها ما جرى في كربلاء، وما قام به الجلاوزة من إذلال للأسرى–وقفت في مجلس يزيد هي وابن أخيها الإمام زين العابدين (ع) الذي ألقى خطبته المشهورة التي بيّن فيها من هم هؤلاء الأسرى، وماذا فعل يزيد بهم، وكانت وقفت زينب الشهيرة في قصر يزيد وخطابها حينما رأت يزيد واضعاً رأس الحسين (ع) أمامه في طشت ويضرب شفتيه الطاهرتين بالعصى وهو يقول:
ليت أشياخي ببدر شهدوا ….. جزع الخزرج من وقع الاسل
لأهلوا واستهلوا فرحا ………….. ثم قالوا يا يزيد لا تشل
قد قتلنا القرم من ساداتهم ………. وعدلنا ميل بدر فاعتدل
لست من عتبة ان لم انتقم …… من بني أحمد ما كان فعل
لعبت هاشم بالملك فلا …………. خبر جاء ولا وحي نزل
فقامت بطلة كربلاء عقيلة الهاشميين؛ فحمدت الله وصلّت على رسول الله، وقالت ليزيد:أظننت يا يزيد حيث أخذت علينا أقطار الأرض وآفاق السماء، فأصبحنا نُساق كما تُساق الأُسارى أنَّ بنا على الله هواناً وبك عليه كرامة، وإنَّ ذلك لعِظَمِ خَطَرِكَ عنده، فشمَخْتَ بأنفِكَ، ونظرت في عطفِك،جذلان مسروراً، حين رأيت الدنيا لك مستوسقة، والأمور متَّسقة، وحين صفا لك ملكنا وسلطاننا،فمهلاً مهلاً، أنسيت قول الله تعالى: ﴿وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِّأَنفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُواْ إِثْمًا وَلَهْمُ عَذَابٌ مُّهِينٌ ﴾.أمِن العدل يا ابن الطلقاء، تخديرك حرائرك وإماءك، وسوقك بنات رسول الله سبايا، قد هتكت ستورهن، وأبديت وجوههن، تحدو بهنَّ الأعداء من بلد الى بلد، ويستشرفهن أهل المناهل والمعاقل، ويتصفَّحُ وجوههن القريب والبعيد، والدني والشريف، ليس معهنَّ من حُماتهنَّ حميّ ولا من رجالهنَّ وليّ، وكيف يُرتجى مراقبة من لفظ فوه أكباد الأزكياء، ونبت لحمه من دماء الشهداء، وكيف يستبطئ في بغضنا أهل البيت من نظر إلينا بالشنف والشنآن، والإحن والأضغان ثمَّ تقول غير متأثِّم ولا مستعظم:لأهلوا واستهلوا فرحاً *** ثمَّ قالوا يا يزيد لا تشل .
منحنياً على ثنايا أبي عبد الله سيِّد شباب أهل الجنة تنكتها بمخصرتك وكيف لا تقول ذلك، وقد نكأت القرحة، واستأصلت الشأفة، بإراقتك دماء ذريَّة محمد صلى الله عليه وآله ونجوم الأرض من آل عبد المطلب وتهتف بأشياخك زعمت أنَّك تناديهم فلترِدنَّ وشيكاً موردهم ولتودنَّ أنَّك شُلِلتَ وبكمت ولم تكن قلت ما قلت وفعلت ما فعلت, اللهم خذ لنا بحقِّنا، وانتقم ممن ظلمنا، واحلل غضبك بمن سفك دماءنا، وقتل حماتنا.فوالله ما فريت إلا جلدك، ولا حززت الا لحمك، ولتردنَّ على رسول الله صلى الله عليه وآله بما تحمَّلت من سفك دماء ذريته وانتهكت من حرمته في عترته ولحمته، حيث يجمع الله شملهم، ويلمَّ شعثهم، ويأخذ بحقّهم ﴿وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ﴾.وحسبك بالله حاكماً، وبمحمَّد صلى الله عليه وآله خصيماً، وبجبرئيل ظهيراً، وسيعلم من سوّل لك ومكَّنَك من رقاب المسلمين بئس للظالمين بدلاً وأيّكم شرٌ مكاناً، وأضعف جنداً.ولئن جرَّت علي الدواهي مخاطبتك، إنّي لاستصغر قدرك واستعظم تقريعك، واستكثر توبيخك، لكن العيون عبرى، والصدور حرى.ألا فالعجب كل العجب، لقتل حزب الله النجباء، بحزب الشيطان الطلقاء، فهذه الأيدي تَنْطُفُ من دمائنا، والأفواه تتحلّب من لحومنا وتلك الجثث الطواهر الزواكي تنتابها العواسل، وتعفرها أمّهات الفراعل ولئن اتّخذتنا مغنما، لتجدنَّ وشيكاً مغرماً، حين لا تجد الا ما قدَّمت يداك وما ربُّك بظلام للعبيد، والى الله المشتكى وعليه المعول.فكد كيدك، واسع سعيك، وناصب جُهدَك، فوالله لا تمحو ذكرنا، ولا تميت وحينا، ولا يرحض عنك عارها، وهل رأيك الا فند وأيَّامك الا عدد، وجمعك الا بدد، يوم ينادي المنادي ألا لعنة الله على الظالمين.والحمد لله رب العالمين، الذي ختم لأوَّلنا بالسعادة والمغفرة ولآخرنا بالشهادة والرحمة، ونسأل الله أن يكمل لهم الثواب، ويوجب لهم المزيد ويحسن علينا الخلافة،إنّه رحيم ودود، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
أظهر يزيد الندم، ولعن ابن زياد، وأمر بإرجاع الإمام زين العابدين (ع) والحوراء زينب ومن معهما إلى مدينة رسول الله (ص) التي أقامت فيها الحوراء زينب لمآتم الحزن على سيّد الشهداء، فكانت المدينة كيوم مات فيه رسول الله (ص)، وفهم الناس ماذا أراد سيد الشهداء حينما قال: شاء الله أن يراني قتيلاً ويراهن سبايا . فقد أكمل السبايا مسيرة ثورة الطف على الطغاة، ليخبروا ما حصل في كربلاء وليكملوا مسيرة الإصلاح، إذ لو لم يخرج الإمام الحسين (ع) بنسائه وأطفاله؛ لما عرف الناس ما جرى في كربلاء، ولما سجّل التاريخ تضحيات الإمام الحسين (ع) ومن معه في كربلاء من أجل الأمة، ولتمكّنت السلطة الظالمة من طمس جريمتها النكراء، فللسيدة زينب (ع) دور كبير ومفصلي في إظهار حقائق ما جرى وفي تجسيد نتائج النهضة الحسينية المباركة، حيث أحيت الدين وقضت على ظلم الأمويين وخلّدت ذكر محمدٍ وآل محمد (ص)، وصدق الشاعر إذ قال في بطلة كربلاء: بأبي التي ورثت مصائب أمّها *** فغدت تقابلها بصبرِ أبيها
لم تمكث عقيلة الهاشميين بعد مصيبة كربلاء إلاّ قليلاً، حيث أنّ ما جرى في كربلاء كان دائماً ماثلاً أمام عينيها، فأرهقتها حتى لا تكاد تقوى على الكلام، فصعدت روحها الطاهرة في الخامس عشر من رجب سنة 62 هـ – على الأشهر – إلى خالقها تحفّها ملائكة الرحمة وفي استقبالها جدّها وأبوها وأمها وأخوتها والشهداء، ترفع إلى الله شكواها .
واستمرت مجالس العزاء التي بدأتها في كربلاء حينما خاطبت ربّها قائلةُ: اللهم تقبّل منّا هذا القربان . لتوكّد على أنّ الحسين (ع) لم يخرج أشراً ولا بطراً وإنما خرج لطلب الإصلاح في أمة جدّه، يريد أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويريد إحياء دين الله، وعلى كلّ محبّ للحسين ومؤمن بشهادته أن يكون عاملاً في سبيل الله سبحانه ومقاوماً للظلم، ومن خلال المجالس الحسينية يترسّخ الإيمان والعقيدة والسعي، ومنها انطلقت الثورات الرافضة للظلم والطغيان، فكانت الجمهورية الإسلامية التي أسّسها الإمام الخميني (رض) والمقاومة الإسلامية في لبنان، وبقيت بركات دماء الشهداء وصمود الثوار من يوم الطف وإلى يومنا هذا وإلى أن تقوم الساعة المدماك الرئيس في حفظ وجود الإسلام وتعاليمه، فسلام الله على الحوراء زينب حين ولدت وحين أسرت وحين انتقلت إلى ربّها راضية مرضية .
إننا نقدم المواساة لأحرار العالم عموماً والجمهورية الإسلامية قيادةً وشعباً وفي مقدّمتهم الإمام الخامنائي (حفظه الله)بشهادة حامل لواء محور المقاومة الحاج قاسم سليماني (قدس سره)، وكذلك جمهورية العراق مرجعية وحشداً وشعباً بشهادة مهندس الانتصارات الشهيد الحاج أبو مهدي المهندس (قدس سره) والثلة المؤمنة من بقية الشهداء، ونؤكد على أنّ دماء هؤلاء الشهداء ستخرج المشروع الصهيو أمريكي عاجلاً من المنطقة .
إنّ لبنان من الدول التي تدين للواء سليماني بالكثير، وهو الذي عشق أرضه وشعبه ومقاومته، وقد تجلّى ذلك في حرب تموز 2006، وندعو إلى التمسّك بقوة المقاومة التي وهبت لبنان الانتصارات وردع الأعداء وحمت الانجازات .
ونشير إلى أنّ جهود قاسم سليماني وإخوانه كانت لحماية الإنسان والإسلام من أطماع المشاريع الصهيو أمريكية، خصوصاً في المنطقة التي تدين له بثمار الانتصارات المتتالية من أفغانستان إلى فلسطين مروراً بلبنان والعراق وسوريا، وقد بدا جلياً في الانتصار على الجماعات التكفيرية التي عاثت قتلاً وإجراماً في المنطقة، وبدا أيضاً جلياً في تشكيله التهديد المستمر للكيان الغاصب .
إننا نعتبر أنّ الحماقة التي أقدمت عليها الإدارة الأمريكية ومن في فلكها تُعتبر انتحاراً استراتيجياً لمشاريعها الاستعمارية، وستكون لهذه الحماقة تداعيات وخيمة على مستوى العالم، لأنّ موازين القوى أصابها الخلل لتوهّم الإدارة الأمريكية بقوتها الوهمية باعتمادها على عملائها الصغار في المنطقة، وندعو شعوب المنطقة وقوى المقاومة على امتدادها للمزيد من بذل الجهود لتحرير المنطقة من الاحتلال وفي مقدمتها فلسطين .
إننانشيد بصفات الشهداء لا سيما اللواء سليماني والقائد المهندس، اللذان شكلا نموذجاً للمجاهد المؤمن المخلص للإسلام المحمدي الأصيل وقضايا الإنسان الحر ومقارعة الاستكبار العالمي .
وعلى المستوى المحلي إننا نطالب المسؤولين اللبنانيين الرأفة بالوطن والمواطنين والإسراع في تشكيل حكومة تنتشل البلاد والعباد من تراكم الأزمات التي جعلت لبنان في أسوء حالاته، بمؤشرات معادلاته المتنوعة المتدنية،ونستغرب عودة إقفال الطرقات إلى الأحداث، في وقت نتمنى فيها فتح الأبواب أمام الحلول وليس إقفالها لمصالح خاصة.
إننا نهيب بالجميع وعي خطورة الأزمة والابتعاد عن مصالح الطوائف والمناطق والتركيز على مصالح الوطن بكل فئاته.
على المعنيين أن يبدؤوا بإجراءات استعادة الأموال المهربة والمحولة بشكل غير قانوني. ونؤكد أن على الدولة العمل على تأمين الحدود البرية أمام الصادرات الزراعية والتواصل مع السلطات في سوريا لتسهيل مرور الشاحنات ومع الدول العربية لتصدير المنتجات المحلية.
ونختم بدعوة اللبنانيين بالعودة الى الأرض والتمسك بها واعتمادها كمنقذ للاقتصاد عبر الزراعة وتأمين الحاجات الضرورية.والحمد لله رب العالمين والصلاة على محمدٍ وآله الطاهرين .
شاهد أيضاً
فرصة عمل في صور
Job Location: Tyre, Lebanon Company Industry: Insurance Job Role: Accounting Employment Type: Full Time Employee …