ليبانون ديبايت” – ملاك عقيلبصفته وزيرًا سابقًا في حكومة الرئيس نجيب ميقاتي كُلّف تأليف حكومة مواجهة أخطر أزمة مالية واقتصادية كان بقيَ الى جانب حسان دياب الوزير السابق دميانوس قطار “الناجي” الوحيد من معركةِ إبعادِ أي وزيرٍ سابقٍ أو وجهٍ سياسيٍّ من الحكومة المقبلة.
كان سبقه الى الخروج من لائحةِ الترشيحات الوزير السابق زياد بارود الذي رُفِعَ الفيتو العوني بوجههِ لخلفياتٍ سياسيةٍ وانتخابيةٍ، وبقيَ دميانوس قطار في الميدان وحده يصارع به الرئيس المكَلَّف من ضمن قلّةٍ من “مشاريعِ” الوزراء أرادهم برغبةٍ شخصيةٍ منه أن يكونوا ضمن فريق عمله في السرايا الحكومية.بقيَ إسم دميانوس قطار قابلًا للتفاوضِ والاخذ والردّ بعد تعديلٍ في الحقائبِ بحيث يعيّن وزيرًا لحقيبة الاقتصاد بدل الخارجية الى اللحظة التي خرج فيها الرئيس المكَلَّف من اجتماعهِ مع رئيسِ الجمهورية ميشال عون يوم الثلاثاء، إذ لم يصمد اقتراح التبديل سوى ساعاتٍ ليبلّغ دياب في اليوم التالي أنّ إسمَ أيّ وزيرٍ سابقٍ لا مكان له في التركيبةِ الحكومية المقبلة، فيما كان لافتًا، أنّ التسريبة الاعلامية من قبل القصر الجمهوري والتي تحدثت عن تطيير إسم دميانوس قطار من الحكومة قابلها تسريبة مضادة من الرئيسِ المكَلَّف بأن لا تغيير طرأ على التشكيلة الحكومية!مع العلم، أنّ مسعى لا يزال يبذل ليعيّن قطار وزيرًا للعمل، لكن يبدو أنّ قرارَ رئيس الجمهورية عاد وتماهى بشكلٍ كاملٍ مع قرار الوزير جبران باسيل في عدم ضمّ الحكومة أيّ وجهٍ سياسيٍّ من الحكومات السابقة.إبعادُ قطار الذي أتى بعد ارتفاعِ منسوبِ التوتر بين دياب وباسيل طوال فترة التفاوضِ الحكومي ترافقَ مع موقفٍ من عين التينة تكفّل بالايحاء بعودة الامور الى نقطةِ الصفر. رئيس مجلس النواب يريدها “حكومة لمّ شمل وطني وجامعة”، وهو الأمرُ الذي خلق إرباكًا كبيرًا لدى الرئيس المكَلَّف الذي سبق أن سمعَ في لقائه الاخير مع الرئيس عون إصراره على تسريع التشكيل مع تفضيلهِ توسيع الحكومة ورَفدها ببعض الشخصيات من أصحاب الخبرات لكن المسيّسة، بسبب الحاجة الى وجود وزراءٍ مواكبين ومطلعين على مجمل الملفات السياسية في لبنان والمنطقة.ويبدو، أنّ الاعصارَ في العراق مَنح مؤيدي خيار الحكومة التكنوسياسية منذ تكليفِ دياب، بينهم عون وبري، الحجّة لإعادة طرح هذه التركيبة بثقةٍ أكبر لأن متطلبات المرحلة هي التي تفرضها قبل أي شيءٍ آخر.هكذا طوى الرئيس بري صفحة “الثرثرات” في انتقادٍ مباشرٍ، برأي مطلعين، لدياب وباسيل وفرضَ خيارًا حكوميًا بات بالنسبة الى الكثيرين بمثابة خيار الأمر الواقع. مع تسجيلِ تكتّمٍ كاملٍ من جانبِ حزب الله حتى الآن بشأن تغطيتهِ للانتقال من حكومةِ تكنوقراط الى أخرى تكنوسياسية. وفي هذا السياق، يبرز تناقضٌ في مناخات الضاحية بين رأي يؤكد، أن لا مشكلة للحزب في السير بالتركيبة الحكومية التي كادت ترى النور منذ ايامٍ وهي تركيبةٌ لاسماءٍ محض تكنوقراط وذلك أخذًا بمطالبِ الشارعِ وصعوبة الوقوف بوجهها، وبين رأي آخر يقول، أنّ الحزبَ يدفع باتجاه خيار الحكومة السياسية لكن من خلفِ الكواليسِ وقد تطوّع بري ليضع أولياء التأليف أمام هذا الواقع الجديد.وما بين الضفتَيْن، معطيات من جانبِ مصادرٍ في قوى الثامن من آذار تقول، أنّ عنوانَ المرحلة تفعيل حكومة تصريف الاعمال برئاسة الحريري بعدما اتجهت بوصلة التأليف صوب خيار توسيع الحكومة لتصل الى 24 وزيرًا وتطعيمها بسياسيين والتصدي لواقعٍ حاول فرضه الرئيس المكلف عبر الحكومة “المضغوطة” بحمل وزراء أكثر من حقيبة.وهو أمرٌ رفضه باسيل منذ البداية من ضمن سلسلة مآخذٍ أخرى، معتبرًا، أنّ تحميلَ وزراء تكنوقراط عبء حقيبتَيْن هو عنوانٌ للفشلِ وليس للنجاحِ، كذلك لم يلقَ هذا الموضوع ارتياحًا لدى “الثنائي الشيعي”.ويقول مطلعون، أنّ إضافة ٦ وزراء الى الحكومة، أمرٌ كفيلٌ بإراحة أطرافٍ سياسيةٍ عدّة بما في ذلك القوى الدرزية والمسيحية ويسمح بتغطيةٍ أكبر لها على اساس الاتيان بمزيدٍ من الوجوهِ صاحبة الكفاءة والاختصاص والتي تدور في الفلكِ السياسي، لكن أي خطوة من هذا النوع ستكون عرضة للتنكيل في الشارعِ.وفيما بات مسلّمًا به أنّ مراسيمَ التشكيلة الحكومية لن تعلن الاسبوع الحالي، فإنّ تأجيلَ الولادة سيسمح بحصول استنزافٍ أكبر لكن من دون أن يدفعَ بالضرورةِ الرئيس المكَلَّف الى الاعتذار، إذ تصرّ أوساطه على اعتبار هذا الاحتمال غير قائمٍ.في حين، يرى مطلعون، أنّ احتمالَ اعتذار دياب قد يصبح واردًا في حال توسيع التركيبة عبر تطعيمها بوجوهٍ سياسيةٍ غير حزبيةٍ محسوبة مباشرة على القيادات السياسية، بحيث تجمع بين تركيبة دياب وأخرى تريدها القوى السياسية “قد حِملَ” متطلبات المرحلة وتعيد الاعتبار لأحجامها التي تقزَّمت في الاشهر الماضية بفعلِ انتفاضةِ الشارعِ.