من رحم حراك العام ٢٠١٥ الذي إنطلق بسبب أزمة النفايات، ولد حراك العام ٢٠١٩ بسبب وضع مالي وإقتصادي ضاغط بدأ بأزمة دولار وبنزين وطحين وأدوية، وفجّرت فتيله في ١٧ تشرين الأول الفائت، محاولة وزير الإتصالات السابق محمد شقير فرض مبلغ ٦ دولارات على خدمة الإتصال عبر تطبيق الواتساب. وإذا نسي حراك العام ٢٠١٩ أزمة النفايات في تحركاته، فهذا لا يعني أبداً أن المشكلة حُلّت وأن الشوارع لا سيما في بيروت والمتن وكسروان لن تمتلئ مجدداً بأكوام النفايات المنزلية. في الضاحية وبعبدا ومناطق من بيروت الإدارية، كما عاليه والشوف، ما من مشكلة قريبة تلوح في الأفق لأن مطمر الكوستابرافا قادر على إستيعاب النفايات حتى العام ٢٠٢٢ تقول المصادر المتابعة للملف، أما في القسم الآخر من بيروت وكذلك في المتن الشمالي وكسروان، فالمشكلة آتية لا محال، وحدّها الأقصى هو شهر نيسان المقبل، أي بعد شهرين ونيف تقريباً. وفي التفاصيل، يقول المتابعون “قبل إنطلاق التحركات المطلبية في تشرين الأول الفائت، أي قبل إستقالة رئيس تيار المستقبل النائب سعد الحريري من رئاسة الحكومة، إقترح وزير البيئة السابق فادي جريصاتي فكرة توسعة مطمر الجديدة الذي كان قد شارف على الوصول الى قدرته الإستيعابية كما حصل مع مطمر برج حمود الذي أقفل بعد إمتلائه، لكن فكرة التوسعة لم تمر بسبب الإعتراض عليها من بلدية برج حمود وحزب الطاشناق ومن نواب المتن الشمالي. عندها لجأ جريصاتي الى إقتراح آخر يتمثل برفع مستوى الطمر في الخلايا الصحية لمطمر الجديدة لمتر ونصف المتر، كل ذلك بهدف إطالة عمر المطمر لأشهر قليلة علّ أن يسمح ذلك أمام الحكومة بالتوصل الى إتفاق حول المعالجة عبر التفكك الحراري أو المحارق. حتى هذا الإقتراح سقط على الطاولة الحكومية بسبب أكثر من فيتو سياسي عليه، لذلك وجد جريصاتي نفسه مضطراً الى إيجاد حلّ بينه وبين المتعهد، يبعد شبح الأزمة ولو لفترة زمنية قصيرة ومحددة عن المتن وكسروان وبيروت. الحل الذي لم يكن يحتاج الى قرار لمجلس الوزراء، تمثّل بإستعمال كل زوايا الخلايا الصحية، وهذا ما أطال عمر المطمر حتى نيسان من العام ٢٠٢٠. ما ساعد أيضاً على إطالة عمر مطمر الجديدة كما الكوستابرافا، هو إنخفاض كميات النفايات يومياً بحوالى ٥٠٠ طن وذلك بسبب تردّي الوضعين المالي والمعيشي بعد حراك ١٧ تشرين الأول. ما الذي يجب أن يحصل وبسرعة قبل نيسان هو إيجاد حل لهذه الأزمة المرتقبة، وإلا ستعود القُمامة الى الشارع من جديد، وسيتضاعف غضب الشارع على الحكومة الجديدة، الأمر الذي يجب أن يتداركه وزير البيئة الجديد دميانوس قطار، وفي أسرع وقت ممكن.
بعد شيطنة المحارق، ومذهبة المطامر، وعلى رغم الخطة المتكاملة التي وضعها، إحترق إسم فادي جريصاتي على عتبة وزارة البيئة، وقبله إحترق أيضاً إسما طارق الخطيب ومحمد المشنوق. فهل سيتمكن دميانوس قطار من صنع المعجزات في ملف يعتبر من أصعب التحديات التي تنتظر حكومة حسان دياب؟.
الجواب بعد أشهر قليلة.
النشرة