أعلنت وزارة الصحة العامة، أمس، تسجيل حالة ثالثة مُصابة بفيروس «كورونا» كانت على متن الطائرة التي قدمت من إيران الإثنين الماضي. وبسبب الخشية من تزايد الإصابات في الأيام المُقبلة، في ظلّ «الإمكانات الكبيرة» لنقل العدوى التي يتمتّع بها الفيروس، تتجّه الأنظار نحو إجراءات «الاستنفار» التي ستتخذها السلطات المعنية تماشياً مع تفاقم الوضع، فيما بدأت تبرز «تجارة» الفحوصات المخبرية المخصصة لتشخيص الفيروس، إذ يروّج بعض المختبرات لتوافر الفحوصات «الدقيقة» لديه، في وقت تؤكّد فيه الجهات الرسمية المعنية أن مختبرات مُستشفى رفيق الحريري الحكومي هي المرجع الوحيد القادر على تقديم التشخيص الدقيق، علماً بأن أبحاثاً علمية أكدت أنّ العملية الصحيحة للاختبار «أمر بالغ الأهمية»، لتحديد النتائج بدقة، ما يحتّم على المعنيين الالتفات إليه لـ«ضبط» سوق المُختبرات.
تصل، منذ أيام، إلى هواتف بعض المُقيمين في لبنان، رسائل نصّية ترسلها مختبرات «تُحيط» أصحابها علماً بأن فحص فيروس «كورونا» الجديد (Covid – 19) متوافر، «والنتيجة خلال 24 ساعة».
في جولةٍ بسيطة على إعلانات هذه المختبرات، يتبيّن أن المعدّل الوسطي لكلفة فحص الـPCR المخصص لتشخيص الفيروس يُقدّر بنحو 316 ألف ليرة (الأسعار تراوح بين 283 ألف ليرة و350 ألفاً)، فيما لا يبدو واضحاً «مصدر» المعدّات والتجهيزات التي تستخدمها هذه المختبرات لإجراء التحاليل.
ممثلة مُنظّمة الصحة العالمية في لبنان إيمان الشنقيطي أكّدت أنّ المُنظّمة لم تُزوّد أي جهة بمعدّات إجراء الفحص باستثناء مُستشفى رفيق الحريري الحكومي، «بوصفه المرجع الوحيد لإجراء الفحوصات»، فمن أين أتت هذه التجهيزات؟
بحسب المعلومات، فإنّ عدداً من المختبرات عمد إلى استيراد أجهزة الفحص من هونغ كونغ «بالطرق القانونية وبترخيص من وزارة الصحة»، بحسب صاحب أحد المختبرات، لافتاً إلى أنّ مصدرها شركة BGI التي جهّزت مُستشفى الحجر الصحي الذي بنته السلطات الصينية في مدينة ووهان» مع بدء انتشار الفيروس الشهر الماضي، علماً بأن الشركة المذكورة حازت «موافقة طارئة» لمُنتجها، ما يدفع البعض إلى التشكيك في فعاليتها. وأوضح المصدر أن بعض المختبرات يتجّه حالياً إلى استيراد التجهيزات من إسبانيا.
وبمعزل عن مصدر تجهيزات الفحوصات، ثمّة تساؤلات جدّية ترتبط بجدوى نشوء هذه «التجارة» في ظروف مماثلة وبسبب تبعاتها الحسّاسة. فقبل يومين، حذّر رئيس نقابة المُستشفيات الخاصة سليمان هارون من «صعود» هذا السوق ومن الفوضى التي قد تنجم عنه، باعتبار أن هذا النوع من الفحوصات حسّاس جدّاً، «ويجب حصره بالمُستشفيات الجامعية أو بمستشفى رفيق الحريري الحكومي»، طالباً من وزارة الصحة الالتفات الى الأمر.
أمّا مكمن الخطورة الأساسي فيعود، وفق رئيسة دائرة المُختبر الطبي ريتا فغالي، إلى أمرين: الأول، إمكانية إعطاء نتائج مغلوطة، «إذ يقع الخطأ في التشخيص نتيجة حساسية الاختبار، وقد يتبيّن أن الشخص غير مُصاب فيما هو في الواقع مُصاب». والثاني يتعلّق بعدم جاهزية الطاقم الصحي والعاملين في المُختبرات للتعامل مع الفحص، لأن «ثمة خطراً على سلامة هؤلاء في حال لم يتم التخلّص من معدات الوقاية الفردية الطبية مثلاً (PPE)». لذلك، تشدّد فغالي على أهمية حصر إجراء هذا النوع من الفحوصات بمؤسسات وجهات مُحدّدة، و«ضرورة ضبطها من قبل وزارة الصحة».
ولعلّ ما يزيد من أهمية الحرص على التدقيق في التشخيص وحصر إجراء التحاليل بالمُستشفى الحكومي الذي يقوم باعتماد إرشادات مُنظّمة الصحة العالمية، «الشكوك» التي تُطرح «عالمياً» بشأن طبيعة الفحص نفسه، والذي يحتاج إجراؤه إلى كثير من الدقّة، بحسب م%