أعلنت منظمة الصحة العالمية، أمس، أن فيروس كورونا الجديد أصبح وباءً عالمياً، وأن «عدد الإصابات والوفيات والدول المتأثرة سيزداد بشكلٍ كبير في الأيام والأسابيع المقبلة». ودعت دول العالم الى التحرك من أجل احتواء الوباء الذي تخطّى عدد ضحاياه الأربعة آلاف. وبحسب المنظمة، فقد تضاعف عدد الإصابات بالفيروس خارج الصين 13 مرة في الأسبوعين الماضيين، كما تضاعف عدد البلدان التي وصل إليها الوباء ثلاث مرات، مشيرة الى «إصابة 118000 شخص بالفيروس في 114 دولة ووفاة 4291 شخصاً».
المدير العام للمنظمة تيدروس أدهانوم غيبريسوس قال في مؤتمر صحافي «إنها المرة الأولى التي نشهد فيها حصول وباء عالمي جراء فيروس من سلالة كورونا، ولكنها المرة الأولى أيضاً التي نشهد فيها وباءً عالمياً يمكن السيطرة عليه». إلا أن هذه السيطرة لن تتم إلا باعتماد مقاربةٍ أكثر تشدداً في مواجهة الوباء. مُذكّراً الجميع بأن المنظمة دعت، منذ الأيام الأولى لانتشار الوباء، دول العالم إلى اتخاذ كل الإجراءات العاجلة والحازمة لمواجهة فيروس «سارس-كوف-2». وأضاف: «قلت منذ البداية إنه يجب على الدول اتباع استراتيجية شاملة لمنع العدوى وإنقاذ الأرواح وتقليل التأثير». ولخص «مفاتيح الإجراءات» التي يجب اتخاذها في أربعة مجالات رئيسية: أولاً، الاستعداد والجهوزية. ثانياً، البحث عن المصابين وعلاجهم. ثالثاً، تقليل انتشار الوباء. ورابعاً، ابتداع الحلول والتعلم من التجربة.
وبحسب تعريف منظمة الصحة العالمية، يُطلق مصطلح «وباء عالمي» على أي مرض خطير وجديد ينتشر حول العالم، من دون أن يكون سكان العالم محصّنين مناعياً ضده (أي أن أجهزة مناعة البشر لم يسبق لها أن واجهت المرض ولم تنتج مضادات له)، علماً بأن استخدام مصطلح «وباء عالمي» في توصيف مرض ما، لا يعني أن خطورته قد ازدادت، بل، هو توصيف لاتساع رقعة انتشاره جغرافياً وبين الدول.
ماذا يعني ذلك؟
يعني أن المهمة الأساسية، اليوم، هي الحدّ من تناقل الفيروس بين البشر الى الحدود الدنيا، وقد يكون ذلك عبر سيناريوات أقرب الى سيناريوات الأفلام الهوليوودية. فاستمرار انتشار الفيروس بمعدلات متسارعة، وفي حال عدم التوصل الى علاج له قريباً، يعني أننا قد نكون أمام ما يشبه إعلان حال طوارئ عالمية، تتضمن فرض حظر تجول في مدن العالم تتولى فيها الجيوش والقوى الأمنية مراقبة تطبيق الحظر. وتعطى الأولوية في مثل هذه الظروف لحماية الطواقم الطبية وتأمين كل مستلزمات العزل لها. وينبغي على الدول الموبوءة وضع خطط لإيصال المواد الغذائية الى المنازل بما لا يستدعي خروج أحد، مع احتمال حصول نقص في هذه المواد بسبب توقف حركة الإنتاج والتوزيع. كما أن عجلة الإنتاج العالمي ستكون مهددة بالتوقف تماماً باستثناء الأعمال التي يمكن إجراؤها من المنازل، إضافة الى توقف حركة الملاحة البرية والجوية باستثناء الحالات الطارئة والاستثنائية.
بعض ملامح هذه الإجراءات المشددة بدأت بالتبلور عالمياً. فمع إصابة 1004 أميركيين في 37 ولاية أميركية، إضافة إلى واشنطن العاصمة، ووفاة 31، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب انه «مستعد لاستخدام السلطة الكاملة للحكومة الفيدرالية للتعامل مع تفشّي الفيروس في الولايات المتحدة»، و«سنستخدم كل الموارد الحكومية اللازمة لمكافحته». ونقلت وكالة «رويترز» عن مصدر مطلع أن ترامب يدرس إعلان تفشي فيروس كورونا في الولايات المتحدة «كارثة على المستوى الوطني». ودفع الانتشار السريع للفيروس الولايات المتحدة إلى اتخاذ خطوات عاجلة؛ أبرزها إغلاق مدارس وجامعات في ولايات عدة وتوجيه دعوات للمواطنين بتوفير الأدوية والغذاء كإجراء احترازي. كما تدرس الولايات المتحدة فرض حظر على دخول المسافرين من أوروبا لإبطاء انتشار الفيروس على أراضيها، وقال نائب وزير الأمن القومي بالوكالة كين كوتشينيلي إنّ «المسألة قيد النقاش حول كيفية التعامل مع أوروبا بشكل عام… ولم يصل ذلك بعد إلى مستوى استخدام السلطات القانونية لمنع السفر، لكنّه أمر قيد الدرس».
تأتي إمكانية فرض هذا الحظر بعدما بلغ عدد المصابين في أوروبا 22,307 توفي منهم 930 شخصاً، فيما بلغ عدد المصابين في إيطاليا وحدها 12462 شخصاً بزيادة 2313 إصابة خلال الساعات الـ 24 الماضية، كما بلغ عدد الوفيات فيها 827. ويسعى قرابة 60 مليون إيطالي، منذ الإثنين، للتكيّف مع إجراءات مشددة لاحتواء الفيروس قلبت حياتهم رأساً على عقب. إذ إن التنقّل بات ممنوعاً إلا بعد الحصول على إذن من الشرطة، ولأغراض طبية أو لشراء سلع أساسية، على ألا يكون ذلك ضمن مجموعات.
وفي إسبانيا، يبدو أن الأمور تتجه نحو الأسوأ، مع تسجيل 47 وفاة و506 إصابات جديدة خلال الساعات الـ 24 الماضية، ليرتفع عدد الوفيات الى 54 وعدد المصابين الى 2128. وأعلنت فرنسا تسجيل 15 وفاة جديدة، ما يرفع حصيلة الوفيات إلى 48 من 2281 إصابة سجّلت منذ نهاية كانون الثاني، من بينها نحو 500 إصابة في الساعات الأربع والعشرين الماضية وارتفع عدد الإصابات إلى أكثر من 500 في هولندا، وإلى 456 حالة في بريطانيا، فيما سجلت ألمانيا حالة وفاة ثالثة وأكثر من 200 إصابة في غضون 24 ساعة، ليرتفع عدد الإصابات الى 1139 في الولايات الست الأكثر تأثراً بانتشار الفيروس، وهي شمال الراين فيستفاليا وبافاريا وبادن فورتمبرج وهيسن وسكسونيا السفلى وبرلين. وحذرت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل من أن الفيروس قد يضرب بين 60 و70 في المئة من سكان ألمانيا.
وأعلنت إيران أمس عن 63 وفاة إضافية، في أعلى حصيلة يومية منذ بدء انتشار الفيروس، ما يرفع عدد الوفيات الى 354. كما سُجّلت 958 إصابة جديدة، ما يرفع الحصيلة الإجمالية إلى 9 آلاف حالة».
الاخبار