لم يُعلن مجلس الوزراء، أمس، بشكل واضح تمديد فترة التعبئة العامة التي تنتهي الأحد المُقبل. إلّا أن تسجيل 37 إصابة جديدة بفيروس «كورونا» في يوم واحد ينبئ بأن التمديد حتمي، وفق تقديرات مصادر في وزارة الصحة. وفيما يُمثّل التزام تدابير الحجر والوقاية هاجس السلطة الأول في المرحلة المُقبلة، فإنّ الحكومة مُلزمة بتزويد الفئات الأكثر هشاشة بما يُمكّنها من البقاء بشكل يتخطّى «التكافل الاجتماعي» و«تقاسم رغيف الخبز»
حتى اليوم، لم يتأثر قطاع النفط بالأزمات المتلاحقة التي تعصف بلبنان والعالم. بل على العكس، يُرجّح أن تُنجز مرحلة الاستكشاف في الموعد المقرر، في نهاية الشهر المقبل، وربما قبل ذلك. حتى إعلان مجلس الوزراء للتعبئة العامة في 15 الشهر الجاري، لا يُتوقع أن يؤثر على خطط الاستكشاف. فالمجلس استثنى «العاملين في الأنشطة البترولية العائدة لأنشطة حفر البئر الاستكشافية في الرقعة الرقم ٤ من الإجراءات المحددة في مرسوم التعبئة العامة».
لكن بعد أن طلبت رئاسة مجلس الوزراء من الأجهزة الأمنية، في ٢١ آذار، التشدّد في تطبيق قرار التعبئة العامة، وتقييد حركة السير في مختلف المناطق، خُشي أن تؤدي هذه الخطوة إلى إعاقة العاملين في الحفر من الوصول إلى القاعدة اللوجستية في مرفأ بيروت إلى مطار بيروت للتوجه بالمروحيات إلى سفينة الحفر، كما إلى مكاتب الشركات المعنية (توتال والمقاولين والمقاولين الثانويين). كذلك، أبدت وزارة الطاقة خشيتها من أن تسهم هذه الإجراءات في منع المروحيات من نقل العاملين إلى سفينة الاستكشاف أو منع السفن اللوجستية من الإبحار باتجاهها. ولتأكيد الاستثناء، عمدت الوزارة إلى إعداد اقتراح تطلب فيه من رئاسة مجلس الوزراء الإيعاز إلى الاجهزة الأمنية بتسهيل مرور العاملين لدى هذه الشركات داخل الأراضي اللبنانية، وكذلك الإيعاز لها بعدم منع المروحيات والسفن من نقل العاملين.
إذا كان هذا الإجراء يضمن استمرار الأعمال على باخرة الاستكشاف من دون عراقيل، فإن الشركات العاملة في الموقع كانت قد بدأت من جهتها بإجراءات صارمة للوقاية من كورونا، خاصة أن سفينة الاستكشاف تضم على متنها ما يقارب 200 شخص بين خبراء فنيين ومقدمي خدمات وممثلين للدولة اللبنانية. أولاً، هي أقفلت تماماً الباب أمام من يزورون الباخرة من دون أن يكونوا من العاملين على متنها، منذ ٦ آذار الحالي، فكانت الزيارة الأخيرة من نصيب كل من وزيرة الطاقة السابقة ندى بستاني والمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم.
كذلك، وعوضاً عن تبديل فرق العمل كل أسبوع، اعتمدت المداورة كل أسبوعين. وقد انتهت بالفعل الدورة الأولى وعادت فرق الاستكشاف إلى بيروت، على أن تنتقل مجدداً إلى السفينة بعد مرور أسبوعين.
أما بشأن الرقعة الرقم 9، فالأمر أكثر تعقيداً. بالرغم من حجز تحالف توتال – إيني – نوفاتِك لميزانية العمل في تلك الرقعة، وبالرغم من بدء إعداد العقود والمناقصات المتعلّقة بها، إلا أن هذه الخطوة قد تتأخر بسبب فترة التوقف القسري التي فرضها كورونا على العالم. وحتى دراسة الأثر البيئي التي بدأ العمل بها، لن يكون ممكناً استكمالها في الوقت الراهن، نظراً إلى الحاجة للانتقال إلى الميدان وإجراء مقابلات مع أهالي المناطق المواجهة للرقعة.
المشكلة أن كورونا ليس العائق الوحيد في وجه الاستكشاف في البحر اللبناني. الانخفاض التاريخي لأسعار النفط سيكون له تأثير كبير على الخطط الموضوعة من قبل الشركات. هي تعمد، في هذه الظروف، إلى ضبط نفقاتها، وبالتالي خفض استثماراتها، فتكتفي بالإنتاج من الحقول الجاهزة مقلّصة مشاريع الاستكشاف وتطوير الحقول. لكن مع ذلك، فإن هذه قد لا تكون الحال في لبنان، وإن تأخر العمل عن المهل التي كانت مقررة.
في الحالة الثانية، أي عند عدم اكتشاف كميات تجارية في البئر الأولى، يخشى أن تعمد الشركات إلى الانسحاب، انطلاقاً من أن البئر الاستكشافية تكلف نحو 60 مليون دولار، وبالتالي من الأجدى في ظل انهيار أسعار النفط عدم صرف مزيد من الأموال، على استثمار غير مضمون.