أمل اللبنانيون في الخارج خيراً من قرارات الحكومة بموضوع السماح لهم بالعودة وفتح مطار بيروت الدولي لهم. “إجا الفرج”، هكذا ظنّوا بعد أن ذاقوا مرارة الاغتراب في الأيام الماضية مع انتشار فيروس كورونا في كل العالم. فبين الخوف من الإصابة بالعدوى من جهة، والصعوبات المالية الناجمة عن أزمة المصارف في لبنان من جهة أخرى، عاش المغتربون، وخصوصاً الطلاب منهم، أياماً عصيبة يجب أن تنتهي قريباً.
يوم الثلاثاء الماضي، أقرّت الحكومة موضوع عودة اللبنانيين من الخارج. كما نشرت وزارة الخارجية عبر موقعها الإلكتروني استمارة للطلاب اللبنانيين الذين يتابعون دراستهم بالخارج والراغبين بالعودة في ظلّ أزمة كورونا، إضافة لاستمارة أخرى لمن يواجهون صعوبات في عملية تحويل الأموال من لبنان واستخدام البطاقات المصرفية.
“بيلاروسيا” سقطت سهواً
ما إن صدر هذا القرار، بدأ الطلاب في الخارج الإطّلاع على استمارة العودة، لكن الصدمة كانت عند الطلاب اللبنانيين في بيلاروسيا، الذين علت أصواتهم بسب عدم إدراج هذه الدولة ضمن دول الإستمارة الأولى.
في هذا السياق، أكدت مصادر وزارة الخارجية لـ”النشرة” أن “بيلاروسيا” سقطت سهواً من لائحة الدول وسيتم اضافتها ليتمكن الطلاب اللبنانيين الموجودين هناك من تعبئة الاستمارات. وهكذا حصل، فبعد ساعة من التواصل مع الوزارة أضيفت بيلاروسيا على اللائحة، لكن دون وجود آلية واضحة في ظل غياب تام، حسب بعض التلاميذ، للقنصل هناك جيفارا سليم والذي لا يرد على اتصالات الطلاب وغياب القنصليّة التي لم تقدم أيّ مساعدة لهم.
من جانبه، أكد قنصل لبنان في بيلاروسيا جيفارا سليم، في حديث مع “النشرة”، “أننا تواصلنا مع كل التلاميذ اللبنانيين والذين يبلغ عددهم 700 طالب تقريباً بما يخص تحويل الأموال وأعطيناهم الحلول، ونحن على تواصل دائم مع الجميع على عكس ما يُشاع”.
وبما يخص موضوع عودة الطلاب، أكد سليم “أننا ضيوف هنا وبالتالي بما أن السلطات هنا لم تعلن حالة الطوارئ وما زالت الحياة طبيعية لا يمكننا ان نطالبهم نحن الضيوف باقفال الجمعات”، مشدداً على ضرورة احترام قوانين البلد المضيف، مضيفاً “أقول لجميع الطلاب عليهم تعبئة الاستمارة المخصصة من وزارة الخارجية واللجنة المختصة هي التي تحدد كيف ستكون آلية عودتهم”.
رغم إضافة اسم بيلاروسيا على اللائحة، توضح مصادر مطلعة عبر “النشرة” أن “مشكلة جديدة سيواجهها لبنان وهي أن “طيران الشرق الأوسط” لا يسيّر رحلات الى هذه الدولة، وبالتالي على الحكومة إيجاد آليّة بالتعاون مع الدولة البيلاروسية لإعادة الطلاّب، خصوصا أن الأخيرة هي الدولة الأوروبيّة الوحيدة التي لم تغلق حدودها، كما لم تعلن حالة الطوارئ ولا زالت الجامعات فيها مفتوحة ولا يزال الناس يذهبون إلى أعمالهم، رغم إعلان السلطات تسجيل 152 إصابة بالفيروس وتسجيل وفاة واحدة وشفاء 47 شخصاً”.
بناءً على ذلك، تتشارك العديد من الدول هذا الموضوع، إذ ان طيران الشرق الأوسط لا يصل مباشرة إلى كل الدول. من هنا، جاء توضيح رئيس مطار بيروت الدولي فادي الحسن الذي لفت إلى أنه “بالنسبة للدول التي لا يصل اليها خط طيران مباشر أو لا يصل اليها “طيران الشرق الأوسط”، فإن “الميدل إيست” ستصل الى المطارات التي لا تُشغل عادة رحلات اليها وستقدم طلبات للسلطات في هذه البلدان لتسيير رحلات مباشرة، أما البلدان البعيدة فلا حل إلا عن طريق الترانزيت أو الطائرات الخاصة”.
دفع القسط أو عدم المغادرة!
في ظلّ هذه الضبابيّة في الرؤية، يعرب الطالب ثابت يونس، الذي يتابع دراسته في مينسك، عن “امتعاضه من طريقة تعامل الدولة البيلاروسيّة مع أزمة كورونا وعدم إعلانها عن الأرقام الحقيقيّة لعدد الإصابات”، مشيرا من جهة أخرى الى “أننا عالقون بين مشكلتين، الأولى صحيّة وهي أزمة الوباء، والثانية هي الأزمة الماليّة في لبنان وعدم قدرة أهلنا على تحويل الأموال لنا”، لافتاً إلى “أنه في حال نجاح خطوات الحكومة اللبنانيّة بإعادتنا إلى بلدنا، نحن مجبرون على دفع الأقساط والتوجّه الى الجامعات وإلا يتمّ فصلنا من الجامعة”. ورأى يونس “أننا “واقعين بالنص”، الخوف من الكورونا أو الطرد”، مؤكدا أن “إدارة الجامعة لا تأبه بالأزمة الماليّة التي يعاني منها لبنان، وحتى إن أردنا العودة نحن مجبرون على دفع القسط كاملا وإلا نُمنع من المغادرة”.
أما الطالب جاد يتيم، فشدّد على أن “مشكلتنا الأساسية ماليّة مصرفيّة”، مشيرا الى أن “بعض الأهالي قاموا بتحويل ما يكفي من الأموال الى أولادهم، إلا أن التحويلات تمّ تعليقها، ويتعذّر على الأهل إعادة سحبها بالدولار لإرسالها من جديد عبر شركات التحويل. وسحبها بالليرة اللبنانية وإعادة تحويلها الى الدولار يسبب خسائر ماليّة هائلة”، كاشفاً أن “بعضنا يعاني من شحّ مالي صعب جدا ومهدد بالطرد من الجامعة رغم بقاء فصل واحد للتخرج، بحال لم يتم دفع الأقساط”، وأضاف متسائلا: “إن كان البعض لا يملك ثمن إيجار المنزل أو قسط الجامعة، كيف سيكون معنا المال الكافي لنشتري مستلزمات الوقاية من كورونا أو ثمن بطاقة الطائرة”؟.
ودعا يتيم بإسم الطلاب اللبنانيين “تقديم مساعدات ماديّة وعينيّة للطلاب الذين يعانون من مشاكل معيشيّة في ظلّ الوضع الأقتصادي الراهن وتوقّف ذويهم عن العمل، خاصة الطلاب غير القادرين على اكمال او دفع اقساطهم”، مطالباً بـ”توطيد العلاقة بين القنصليّة والجالية اللبنانيّة والتواصل الدائم فيما بينهم”.
أضافت وزارة الخارجية، إذاً، بيلاروسيا إلى لائحة الدول التي سيعود اللبنانيون منها، لكن هواجس كثيرة ما زالت في أذهان اللبنانيين هناك، والطلاب خصوصاً: ما هي الآلية التي ستعتمدها الدولة في ظل عدم وصول طيران الشرق الأوسط إلى هناك؟ ماذا عن التحويلات الماليّة للطلاب ليتمكنوا من دفع متوجّباتهم قبل مجيئهم؟ من سيؤمّن على صحة الطلاب اللبنانيين في بيلاروسيا في ظل استمرار الحياة الطبيعيّة في البلاد؟.
النشرة