الرئيسية / أخبار محلية / دياب يخرج مُدافعًا… هل الحكومة نسخة عن الحُكومات الفاشلة السابقة؟!

دياب يخرج مُدافعًا… هل الحكومة نسخة عن الحُكومات الفاشلة السابقة؟!

لا يختلف إثنان على أنّ الحكومة الحاليّة برئاسة الدُكتور حسّان دياب غير مسؤولة إطلاقًا عن كل التراكمات الكارثيّة التي تجمّعت منذ إنتهاء الحرب في لبنان حتى اليوم، بسبب سياسات خاطئة ومَعدومة الرؤية حينًا، وخلافات ومُناكفات سياسيّة داخليّة مُدمّرة حينًا آخر، إلى غيرها من الأسباب. لكن وعلى الرغم من عُمر الحكومة القصير حتى تاريخه، ومن مُصيبة وباء كورونا التي فاجأت العالم أجمع، هل تُعالج الحكومة الملفّات الكثيرة المُتراكمة بالشكل المُناسب لتستحقّ الثناء، أم أنّ الآمال بتحقيقها أداء مُختلفًا عن الحُكومات السابقة بدأت تتلاشى تدريجًا؟.

في الملفّ الصحّي وإرتداداته، نجحت الحُكومة حتى اليوم في تأخير إنتشار وباء كورونا، وفي الحفاظ على فعاليّة القطاع الإستشفائي في التعامل مع المُصابين، وهي نجحت أيضًا في تنفيذ المرحلة الأولى من خطّة إعادة اللبنانيّين العالقين في الخارج. لكنّ الثغرات كثيرة، حيث أنّه وبموازاة نشاط وزير الصحّة ​حمد حسن​ وجُهوده، بقيت أعداد الفُحوصات اليوميّة قليلة، ما يعني أنّ الكثير من حاملي الفيروس من دون عوارض ظاهرة، يتجولون بحريّة بين المُواطنين، الأمر الذي يُشكّل قنبلة موقوتة قد تُمدّد الأزمة لفترة طويلة. وفي ما خصّ إجراءات منع التجوال، فهي نجحت جزئيًا، لكنّ إستمرارها وتمديدها مُجدّدًا من دون توفير مُسلتزمات الصُمود للبنانيّين الذين صاروا عاطلين عن العمل، ومن دون رواتب، سيُفجّر مشكلة إجتماعيّة أشدّ خطورة من وباء كورونا نفسه! وليس بسرّ أنّ المُساعدات العينيّة التي جرى إقرارها، والتي كان يُفترض أن يبدأ توزيعها أمس الثلاثاء، قد تأجّلت بسبب ثغرات في إعداد لوائح المُستفيدين! وبحسب التوقعات، فإنّه من المُرجّح أن يتمّ تمديد إجراءات الحجر المنزلي الإلزامي لمدة أسبوعين إضافيين إعتبارًا من 26 نيسان، لكن هذه المرّة مع بدء رفع جزئي لبعض الإجراءات، لإعطاء المزيد من المواطنين فرصة للعمل ولكسب الأموال، وذلك في حال بقيت الأرقام تحت السيطرة من اليوم وحتى الأسبوع الأخير من نيسان، علمًا أنّ مُختلف دول العالم تُخطّط للعودة إلى الحياة الطبيعيّة بشكل تدريجيّ في ظلّ زمن كورونا–إذا جاز التعبير، ولبنان لن يكون إستثناء عن هذا الخيار. ومن ضُمن المشاكل التي فشلت الحكومة في حلّها حتى اليوم على مُستوى الملفّ الطبّي، مسألة تسديد مُستحقّات المُستشفيات الخاصة، الأمر الذي يُهدّد بإقفال بعض المُستشفيات، ومسألة تأمين كل الأدوية والمُسلتزمات الطبّية من الخارج للحفاظ على القُدرات الإستشفائيّة.
في الملفّ الحياتي والمعيشي، فإنّ بعض القرارات الحُكوميّة تركت إنطباعات جيّدة، لجهة تجميد وتأجيل دفع بعض الفواتير والأقساط (كهرباء، هاتف، إنترنت، إلخ.) لكن في المُقابل، إنّ مُراقبة الإرتفاع الجنوني والعشوائي للأسعار فشلت، ولم تنفع الجولات الإستعراضيّة وبعض محاضر الضبط هنا أو هناك، في ردع المُخالفين، وفي الحدّ من جشع الكثير من التُجّار. وترافق هذا الأمر مع فشل ​وزارة المال​ في ضبط إرتفاع سعر صرف الدولار الذي يُواصل صُعوده التدريجي، ما تسبّب بمُضاعفة الأسعار، أي بفقدان نصف القيمة الشرائيّة لليرة! وبقيت مُخالفات الصيارفة قائمة، من دون أن تنفع بعض الإجراءات العقابيّة المَحدودة بحقّ بعضهم، في توحيد سعر الصرف، وفي لجم تصاعد الدولار!.
في الملف الإقتصادي–المالي، الإشاعات والأقاويل بالمئات، والتخبّط سيّد الموقف على المُستوى الحكومي، لجهة الحديث عن خُطط إصلاحيّة إنقاذيّة، ثم التراجع عنها، ولجهة الحديث عن مخارج وحُلول ثم التنكّر لها! وكل ما حُكي عن مسودة رسميّة أعدّتها الحكومة، للسير بخارطة طريق لحلّ المشاكل الإقتصاديّة والماليّة، صار رهن التبخّر، بعد المُعارضة الكبيرة التي لاقتها هذه الخطة المُسرّبة من قبل مجموعة واسعة من القوى السياسيّة، إن المُمثّلة في الحكومة أم خارجها! وتصاريح وزير المال ​غازي وزني​ لعبت دورًا سلبيًا في زيادة حالات الضياع والقلق والخشية على “جنى العُمر” لدى الرأي العام، الذي لم يعد يثق بأيّ خطّة إصلاحيّة، بسبب عدم إعطائه أيّ تطمينات في ما خصّ أمواله في المصارف، والإكتفاء بنفي خجول لما يتردّد من مشاريع وخطط للإقتطاع من الودائع ولتحويلها إلى أسهم، إلخ. وفي الوقت الذي يزداد الشكّ في قُدرة السياسة الماليّة والإقتصاديّة الحاليّة للحكومة، في الحُصول على دعم صندوق النقد الدَولي، وفي توفير المليارات الموعودة من مؤتمر “سيدر”، خاب ظنّ اللبنانيّين بالإجراءات القضائيّة الرامية لإعادة ​الأموال المنهوبة​. حتى أنّ قرار حجز أموال رؤساء مجالس إدارة المصارف سقط سريعًا، مثله مثل الحديث عن إعادة الأموال التي جرى تهريبها إلى الخارج خلال “الثورة”. حتى أنّ ما تسرّب عن الخطة الإصلاحيّة للحكومة، لا يعد بالخروج عن سياسة “الإقتصاد الريعي” التي إعتمدتها الحكومات السابقة، ولا وُجود لخطط جدّية وفعّالة لتنشيط الصناعة المحلّية، ولتشجيع الناس على إستثمار الأراضي الزراعية.
وفي ملفّ التعيينات، لم تنجح الحكومة الحالية في التمايز عن نظيراتها، حيث أنّ التشكيلات القضائيّة المُجمّدة، أظهرت مدى هشاشة الجسم القضائي الذي يُنازع لكسب إستقلالية غير موجودة! وحتى الساعة، لم يُعالج التباين بين مجلس القضاء الأعلى ووزيرة العدل ​ماري كلود نجم​ ومن وراءها، ولم ينته معه الكلام عن معايير نزاهة وكفاءة هنا بوجه تدخلات سياسيّة كبرى هناك! وتعيينات نوّاب ​مصرف لبنان​، لا تزال بدورها عرضة للأخذ والردّ، بسبب التدخلات، بعيدًا عن أيّ معايير ماليّة إنقاذيّة حقيقيّة. حتى أنّ تمرير الحكومة سِلسِلة من التعيينات الإداريّة ​الجديدة​ لم يمرّ على خير، حيث فتح الباب مُجدّدًا على الواقع الطائفي والمذهبي في لبنان، وأسفر عن إرتفاع صوت مُمثّلي الطائفة الأرثوذكسيّة الرافضين للمساس بحقُوقهم!.
في الملف التربوي، الضياع سيّد الموقف حتى الساعة، حيث أنّ لا قرارات واضحة بالنسبة إلى ​العام الدراسي​، وموعد الإمتحانات، إلخ. وقد بدأ التعثّر في دفع رواتب المُعلّمين في ​المدارس الخاصة​، وهو تعثّر مرشّح للتصاعد إعتبارًا من نهاية الشهر الحالي، في ظلّ رفض الأهالي دفع الأقساط المدرسيّة في الوقت الذي يقبع فيه أولادهم في المنازل، الأمر الذي سيحرم الكثير من المُعلّمين والإداريّين من رواتبهم، وسيُفجّر مُشكلة إجتماعيّة إضافيّة.
في الختام، صحيح أنّ الحكومة الحالية لا تُحسد على التركة الثقيلة التي ألقيت على عاتقها، لكنّ الأصحّ أنّ إدارتها لكثير من الملفّات جاءت دون الآمال المَعقودة عليها. فهل سيتمكّن رئيس الحكومة الذي سيخرج في مقابلة إعلامية خلال الساعات المقبلة، من إقناع الرأي العام بصوابيّة خياراته، أم أنّه سيتحوّل تدريجًا مع حكومته، إلى نسخة أخرى عن الحكومات السابقة التي فشلت فشلاً ذريعًا في الوفاء بوعودها للبنانيّين!؟.

النشرة

شاهد أيضاً

20% من المدارس الرسميّة خرقت إضراب هيئة التنسيق

في اللقاء مع هيئة التنسيق النقابية، أمس، طرح وزير المالية غازي وزني أفكاراً يعتقد بأنها …

Open chat
أهلاً وسهلاً بكم