خرج رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، بمؤتمرٍ صحفي، تناول فيه التطورات السياسية والمالية وموقف التيار منها.
في بداية كلمتهِ، تطرق باسيل الى مسألة التنقيب عن النفط، فقال، “تراهم يطبّلون فرحاً لمجرّد ورود بعض الأخبار عن عدم اكتشاف غازي تجاري في البلوك 4 رغم اكتشاف الغاز ولو بكميات غير كبيرة حتى الآن ورغم ان المعدّل العالمي للنجاح من اوّل مرّة هو فقط 30%، ورغم وجود عدّة نقاط للبحث فيها في بلوك 4، ووجود عشر بلوكات اخرى”.
اعلان
وأضاف، “تراهم يطبّلون فرحاً لمجرّد ورود بعض الأخبار عن عدم اكتشاف غازي تجاري في البلوك 4 على اعتبار ان التيّار الوطني الحر هو وراء انجاز دخول لبنان في العالم النفطي ولذلك فالأمر خسارة للتيار وينسون انّها خسارة للبنان ان وقعت والربح للبنان ان حصل”.
وأكمل، “يعتبرون ان الاخبار المتداولة عن عدم اكتشف غازي تجاري في البلوك 4 خسارة للتيار وينسون انّها خسارة للبنان ان وقعت تماماً كالكهرباء والسدود التي يتمنّون انهيارها، كأن معمل دير عمار لبيت ابي وسد بسري لبيت جدّي، وكأن محاربة الفساد هي بإسم أمّي”.
وأشار باسيل الى أن “هناك عقليّة سياسية مريضة لم تكتفِ فقط بتعطيل المشاريع المجدية للبلد، بل نهبت البلد منذ التسعينات ووضعت سياسات نقدية ماليّة اقتصادية أفقرت الدولة والناس وظلّت مصرّة عليها رافضة تغييرها وتغيير رجالاتها”.
كما إعتبر أن “هناك عقليّة سياسية مريضة ركّبت نهجا سياسيا فاسدا ومنظومة من السياسيين والإعلاميين والموظفين وأصحاب النفوذ والمال وضعت يدها على المفاصل المالية والاقتصادية في الدولة وترفض تغييرها وتهجم بشراسة حتى الاغتيال السياسي والجسدي”.
ولفت رئيس التيّار الى أن “هناك من يتمنى ان يطير البلد كي تبقى المنظومة فالمنظومة أهمّ من البلد لأنها تنهشه وما الشراسة المتجددة مؤخّرًا على الحكومة والعهد إلاّ بسبب استشعار المنظومة مجدّدًا أنّ شيئًا ما سيتغيّر وممنوع التغيير… تغيير السياسات والأشخاص”.
وأردف، “هناك مجموعة وزراء بمعظمهم أوادم وأخصائيين أتوا بضغط من الناس والشارع، وكلّ ذنبهم أنهم يريدون العمل والاصلاح ونتيجة الإنهيار الذي حصل كان عليهم أن يدرسوا الواقع المالي ليبدأوا بالعلاج على أسس علميّة”.
كما نوّه بأن “درس الواقع المالي كشف حجم الخلل والثقب المالي الكبير الموجود والمخبّأ ولسدّه بدأت الإستعانة بالشركات الأجنبية ذات الصدقية وبالمؤسّسات الدولية، فإذا بأمر المنظومة بدأ ينكشف للخارج وليس للداخل فقط”.
وأكد أن “أمر المنظومة كان مكشوفا بالنسبة الينا ونبّهنا منه أصلاً ولا ننسى مؤتمر الوزير منصور بطيش في نيسان 2019 والذي قامت عليه القيامة عندما كشف بعض الأرقام وكذلك موقف الوزير رائد خوري في مجلس الوزراء”.
وقال، “لسدّ الثقب المالي بدأت الحكومة البحث عن مصادر المال فبدأوا بالحديث عن بيع الدولة وعقاراتها وعن هندسات عقارية بعدما نهبوا من الهندسات الماليّة وعندما رأوا أنّها “مش ماشية” بدأوا بالتهديد بالحرب إن استمرّ الحديث عن المسّ بأموالهم المنهوبة والمحولة وسمّوا هذا انقلابًا عليهم”.
ورأى الوزير السابق الى أن “الحقيقة الساطعة اليوم هي أن هناك خسارة كبيرة بأرقامها التي بدأت تصبح معروفة إذا لم يكن هناك من مفاجآت أخرى غير معروفة ومخبّأة ويجب تسكير هذه الخسارة ولذا يجب أن يكون هناك توزيع عادل للخسائر”.
ويتوزّع الذين يتحمّلون الخسارة بحسب باسيل، بين “الفاسدين والسارقين، والمستفيدين الجشعين، والمصارف واصحابها والمساهمين فيها، والمصرف المركزي، والدولة بسياساتها وبرجالاتها وليس بأصولها واملاكها”.
وإعتبر باسيل أنَّ “قاعدة توزيع الخسارة يجب أن تستند الى 3 معايير: المسؤولية والاستفادة والحجم، بمعنى ان نطال اوّلاً من ارتكب ليتحمّل المسؤولية وثانياً من جنى ارباحاً كبيرة ولو مشروعة وان تكون الخسارة متناسبة مع حجم الأموال كالضريبة التصاعديّة او على الثروات مع تحييد أصحاب الودائع الصغيرة والمتوسطة”.
و”كي لا يبقى الكلام عن استعادة الأموال المنهوبة شعاراً”، دعا باسيل “لأن نذهب الى الشق العملاني كي نحشر الجميع ونفرز الأوادم من الفاسدين، ونخرج من شعار “كلّن يعني كلّن” فاسدين الى عنوان تطبيقي للشعار”.
وذكَّر بأننا كتيّار وتكتّل “قدمنا رزمة من 5 قوانين لمكافحة الفساد: انشاء المحكمة الخاصة بالجرائم المالية منذ سنة 2013 واربعة منذ من حوالى سنة هي رفع السرية المصرفية ورفع الحصانة واستعادة الأموال المنهوبة وكشف الحسابات والاملاك”، لافتًا الى اننا “نمارس ضغطًا لإقرارها دون نتيجة فعلية حتى الآن”.
وكشف أننا “قدمنا قانونا لرفع الحصانة عن القائمين بالخدمة العامة منذ اكثر من سنة في 19 آذار 2019 وتمّت احالته مع بقية القوانين الى لجنة نيابية مصغّرة، وقدّم النائب ميشال معوّض بالتنسيق معنا منذ حوالى شهر قانونا يتعلّق بحصانة الرؤساء والوزراء ويعالج مسألة التعديل الدستوري المطلوب”.
وقال، “لنكن صريحين… هناك قانون واحد سريع وفعّال ويفرز بسرعة الفاسدين من الأوادم هو قانون كشف الحسابات المالية والأملاك… تعالوا نقرّه ونرفع التحدّي أمام الجميع! هذا القانون يقوم ببساطة على فكرة الطلب الى هيئة التحقيق الخاصة في المصرف المركزي كشف حسابات وأملاك كل قائم بخدمة عامّة”.
وأوضح أنه “بحسب قانون كشف الحسابات الذي قدمناه يتم بسرعة فرز الرؤساء والوزراء والنواب والموظّفين إلى فئتين: مَن لم يظهر فرق بأمواله وأملاكه ومن ظهرت لديه فروق كبيرة فإذا لم تثبت الفئة الثانية أن أموالها وأملاكها هي من غير تعاطي الخدمة العامة يحالون إلى محكمة خاصة لمحاكمتهم واستعادة الأموال”.
وأوضح جبران باسيل، “لأني أدرك صعوبة إقرار قانون كشف الحسابات والاملاك الذي قدمناه لأنه سيفضح الفاسدين أدعو جميع القائمين بخدمة عامة إلى القيام بهذا الأمر من تلقاء أنفسهم! فأنا قمت به من تلقاء نفسي عبر الاعلام”.
وتحدّى باسيل “أن يثبّت احد اي املاك او اموال لي في الداخل او في الخارج خارج ما كشفته من تلقاء نفسي”، قائلًا، “خلوا الآدمي يظهر آدميته، ولنتجرّأ ونفضح كل من لا يجارينا بكشف الحسابات والاملاك تلقائيا او بإقرار القانون بالمجلس النيابي وهذا سيظهر فعلاً عدد الناس المتورطين وحجم أموالهم واملاكهم”.
وقال باسيل، “أرفع التحدّي أمام الجميع وتستأهل القصّة ان نخلّص البلد وننظّفه من الفاسدين بكشف حساباتنا واملاكنا للرأي العام بكل شفافية كما انا فعلت ومن لا يجرؤ في هكذا وضع يمرّ به البلد فهو مشبوه الى ان يتطوّع بذلك تلقائياً او بإقرار القانون”.
وبالنسبة لأصحاب الودائع الكبرى والذين جنوا أرباحا كبيرة على مدى سنوات من استدانة الدولة منهم بفوائد عالية، أشار باسيل الى أن “هؤلاء اتركهم لخطة الحكومة وما هي عازمة على القيام به مع العلم ان الأفكار كثيرة لعدم المس بأصل اموالهم ولا بحقوقهم”.
أما بالنسبة للمستفيدين من الهندسات المالية، “وهذه أموال ضخمة”، فقال باسيل، “هؤلاء اتركهم ايضاً لخطة الحكومة او لقانون الأموال المنهوبة والموهوبة”.
وأضاف، “تخيّلوا يا لبنانيين، انّه مع كل ما يحدث وعدم تمكّنكم من سحب اموالكم الاّ بمقدار بضع مئات من الدولارات بالشهر، هناك من حوّل بضع مئات من الملايين لا بل مليارات الى الخارج، واذا تمّت المطالبة بها فإن الأمر يعتبر سياسيا”.
وأعلن أننا “سنتقدّم باقتراح قانون يلزم مساهمي المصارف والأشخاص الذين تسلموا مراكز سياسية او اداريّة او قضائيّة او عسكريّة اعادة جميع الأموال المحوّلة بناءً لطلب منهم الى الخارج والتي تفوق مبلغ 50,000$ تحت طائلة بطلان عمليّات التحويل والملاحقة الجزائيّة وسنرى من سيعارض تمرير هذا القانون”.
وبالنسبة الى المصارف والمساهمين فيها، أشار رئيس “التيّار” الى أنه “طبعاً عليهم ان يتحمّلوا جزءا من الخسارة لأنهم طوعاً اختاروا اقراض الدولة مع فوائد عالية اي مع مخاطر عالية بسبب علمهم عن عجز الدولة عن السداد وهناك طرق عدّة لقيامهم بذلك ولكن عليهم أن يقلعوا عن سياسة النكران”.
وبنفس الوقت حذّر باسيل “من أي نيّة لتدمير القطاع المصرفي أو لوضع اليد عليه بأي خلفيات سياسية، فهذا لن نرضى به وسندافع عن بقاء القطاع المصرفي حرًّا وركيزة أساسية للإقتصاد اللبناني ولتحريك دورته بإقراض أصحاب الإنتاج خاصة”.
وقال، “صحيح أنّنا مع إعادة هيكلة القطاع المصرفي وفق معايير دولية ولكننا ضد فرض أي سياسات إستنسابية على المصارف بغية تطويعها وإخضاعها، بل لتركها تتدبر أمورها من ضمن معايير تضعها الدولة والمصرف المركزي لتكون ملائمة لنهضة القطاع والاقتصاد”.
ولفت باسيل الى أن “المصرف المركزي يتحمل مسؤولية كبيرة بالخسائر الواقعة عليه، وبعدم شفافية أرقامه، وبطمأنته المتمادية مع إدراكه لفظاعة الأمور وخطورتها، ولعدم تعاونه مع السلطة التنفيذية ولاستفراده بسياسات انتقائية في الاقتصاد والإقراض والدعم دون الانضباط بسياسات الحكومة بل بوضعه سياسات خاصة به”.
وأشار باسيل الى أنه “لكلّ أزمة منافعها وفرصها وقد تكون إحدى أهم فرص هذه الأزمة إسقاط الحمايات الطائفية عن المرتكبين وحذارِ أن تفوت المرجعيات الدينية العليا، مسيحية واسلامية، الفرصة وتسعى لتأمين حماية بإسم الطائفة للمرتكبين، في الوقت الذي تطالب فيه هذه المرجعياتبالإستماع إلى صوت الشعب”.
وشدَّدَ على أن “الدولة مسؤولة برجالاتها وبالأشخاص الذين استلموا المسؤوليّات فيها، وليس بأملاكها التي تعود للناس، فقصاص الدولة يكون برجالاتها، وليس بفقدانها املاكها واصولها، وهذا جرم مضاعف ولن نسمح به”.
وطالب باسيل “بالاسراع بإقرار خطة الحكومة”، معتبرًا أنه “لا يجب ان يتعدّى الأمر هذا الأسبوع كما وَعَدت، والتوجّه بعدها الى المؤسسات الدولية وخاصة صندوق النقد الدولي لمفاوضته للحصول على الشروط التي تناسبنا والتي في نفس الوقت تقيّدنا لتنفيذ الاصلاحات اللازمة”.
وأكمل باسيل، “نطالب الحكومة ان تُقدم ولا تتراجع، فما يعانيه الوطن والشعب انما يعانيه كل الوطن وكل الشعب، ولا طائفية ولا استهداف ولا انقلاب بالفقر؛ بل هي حجج واهية للهجمة عليها لأنها بدأت بالتشخيص والاجراءات فاجتمع عليها المتضرّرون من المساءلة”.
وفي ختام كلمته، أشار باسيل الى أننا “نعاني واقعاً مؤلماً وعلينا القتال من دون مهادنة لاخراج شعبنا منه من دون اي حساب بل بمحاربة من يعيق عملية الانقاذ”.