لم يحمل يوم أمس ما يعكّر صفو الأيام الماضية التي شهد خلالها عداد كورونا استقراراً في أعداد الإصابات. فمن أصل 1540 فحصاً أجريت خلال الساعات الـ24 الماضية، سجّل العداد 3 إصابات جديدة. في مقابل هذه الأرقام التي حملها تقرير وزارة الصحة العامة صباح أمس، خلا تقرير مستشفى بيروت الحكومي ليلاً من «النتائج الإيجابية»، إذ جاءت نتائج الفحوص الـ348 التي أجراها سلبية. هكذا، سجّل عداد كورونا حتى ليل أمس 710 إصابات، شفي منها 145 حالة، فيما استقر عداد الوفيات عند الرقم 24.إلى الآن، الرقم «يبشّر بالخير»، على ما تقول مصادر وزارة الصحة. وما يعزّز هذا الأمر أن جلّ الفحوص الموجهة التي نظمتها وزارة الصحة لتحديد مسار الوباء جاءت سلبية، أضف أن الإصابات التي تسجّل اليوم إيجابية هي «لأشخاص مخالطين لحالات سابقة». وهذه نقطة قوة تبني عليها وزارة الصحة في دراستها لمسار الوباء. غير أن هذه الأرقام المطمئنة لا تكفي للقول إن «القطوع» قد مر، فثمة استحقاقان أساسيان لم يجتزهما لبنان بعد، ويمكن أن يعيدا خلط الأوراق مجدداً، هما عودة المغتربين المقررة اليوم، ورفع الإغلاق الذي بدأت أولى مراحله أمس. في الشق الأول، تشير المصادر إلى أن «الآلية التي اتبعت في الدفعة الأولى من العودة هي نفسها التي ستتبع اليوم، وقد أثبتت نجاحها». وفي هذا الإطار، انتهت، أمس، اللجنة المكلفة بالإعداد للمرحلة الثانية من عودة المغتربين أعمالها، حيث جرى تنظيم الفرق الطبية وزيادة عددها «لتأمين المواكبة الصحية والميدانية المطلوبة في استقبال المغتربين وتتبع أوضاعهم الصحية، خصوصاً أن هذه المرحلة ستشتمل على عدد وافدين أكبر من المرحلة الأولى، ويتوقع أن يبلغ أكثر من أربعة آلاف شخص».
أما في الشق الثاني، فلا يبدو الأمر مطمئناً كثيراً، إذ لم تكد تبدأ المرحلة الأولى من «فكّ» التعبئة، حتى عاد الناس في الكثير من المناطق إلى حياتهم الطبيعية، كأن شيئاً لم يكن. وفي مقابل عودة «مقنّنة» في بعض المناطق، فكّت مناطق أخرى التعبئة العامة دفعة واحدة، حارقة الكثير من المراحل، وهو ما يمدّد حال الحذر اليوم. من هنا، كانت دعوة وزارة الصحة «العائدين» إلى التزام الإجراءات الوقائية في حياتهم كما كانت أيام العزل المنزلي.

المستشفيات الخاصة وشركات التأمين ترفض أي تسوية لعلاج المصابين

من جهة أخرى، تكمل وزارة الصحة عملها في ما يخص تقييم مخاطر الوباء من خلال استكمال الفحوص الموجهة في المناطق. وفي هذا الإطار، تستكمل الفحوص اليوم في محافظة النبطية، حيث يتوقع إجراء حوالى 1500 فحص كان يفترض أن تجرى أمس، وأُرجئت إلى اليوم بسبب قطع الطرقات. على صعيد آخر، لم تبدأ الوزارة إلى الآن بتطبيق الفحوص السريعة (rapid test)، «وذلك بعدما بيّنت الاختبارات التي أجريت عدم دقة هذه الفحوص».
على خط علاج مرضى كورونا، لا تزال أزمة المستشفيات الخاصة وشركات التأمين مفتوحة إلى الآن، في ظل رفض المستشفيات القبول بأيّ تسوية. فبعد أكثر من لقاء مع لجنة الصحة النيابية، وصلت الأخيرة مع نقابة أصحاب المستشفيات إلى طريق مسدود، محيلة الأمر إلى وزارة الاقتصاد «للتصرف على أساس ما تسمح لها به القوانين في ظل حال التعبئة العامة»، على ما يقول رئيس لجنة الصحة النيابية عاصم عراجي. غير أن وزارة الاقتصاد والتجارة فضّلت الوقوف اليوم موقف المتفرج ممّا يحصل، فيما تلعب وزارة الصحة العامة دور الـ»centraliste» اليوم لتسيير أمور المرضى الذين يعالجون على حساب شركات التأمين، ففي كل يوم «ثمة شكاوى نعمل على حلها بالتوسط لدى شركات التأمين والمستشفيات»، على ما تشير المصادر. وعندما يغيب الحل، تتحمل الوزارة عبء الخلاف بين الطرفين، إذ «تتكفل بالعلاج، علماً بأن الموازنة المخصصة للطبابة، والمقدرة بـ445 مليار ليرة، بالكاد تكفي في الظروف العادية للحالات التي تعالج على حساب الوزارة». لذلك، المطلوب «قيام وزارة الاقتصاد بدورها، لكون شركات التأمين تتبع لها». وهنا، ثمة حلول يحميها القانون في حالة التعبئة العامة، إذ يحق للوزارة أن تفرض على الطرفين الحلول المناسبة، غير أن ما يجري اليوم هو مجرد الصمت وترك المستشفيات وشركات التأمين لفعل ما تريانه هما مناسباً.

الصيادلة والعودة
الى ذلك، يلعب الصيادلة، اليوم، دوراً أساسياً في مواكبة المرحلة الأولى من تخفيف إجراءات التعبئة العامة، إذ يقع على عاتق هؤلاء مراقبة الوضع على الأرض وإرشاد المواطنين وتثقيفهم. وفي هذا الإطار، بحث وزير الصحة، حمد حسن، أمس، مع نقيب الصيادلة غسان الأمين في مواكبة الصيادلة لهذه المرحلة، وذلك في إطار «الحرص على عدم حصول أي انتكاسة في انتشار وباء كورونا». كما تناول البحث طلب حصر بيع الأدوية في الصيدليات، ومن بينها اللقاحات والهرمونات. وأشار الأمين إلى أن وزير الصحة العامة «اتخذ قراراً بتطبيق القانون الموجود في هذا المجال، ما سيؤدي إلى توفير في الكلفة ويضمن حسن المراقبة والصحة العامة، خصوصاً أن وزارة الصحة تواظب على مراقبة الصيدليات في حفظ الأدوية».