ليبانون ديبايت” – فادي عيد
يجتاز لبنان مرحلة فيها الكثير من القلق على ضوء التهديدات الإسرائيلية التي تفاعلت في الآونة الأخيرة وصولاً إلى الإنتخابات الرئاسية الأميركية، والتي غالباً ما تؤدي إلى استغلال إسرائيل لهذا الإستحقاق وقيامها بعدوان على لبنان، وربما شنّها عمليات واسعة النطاق في سوريا، وفق أجواء ينقلها أكثر من ديبلوماسي، وتؤشّر إلى إمكانية توسيع نطاق هذه الأعمال باتجاه الأراضي اللبنانية، أو على خط بيروت ـ دمشق وبعض المواقع الفلسطينية التي تتبع إلى طهران ودمشق في البقاع الغربي.
وثمة تقارير ديبلوماسية، تنقل مخاوف موسكو من إمكانية حصول هذا السيناريو في الوقت الضائع، إن على مستوى الإنتخابات الأميركية، أو بعد تشكيل الحكومة الإسرائيلية، وأن تكون رسالتها الأولى على مستوى الصراع العربي ـ الإسرائيلي عدواناً تجاه أراضٍ عربية، ولا سيما سوريا ولبنان، وفي ظل إرباكات الداخل اللبناني إن على صعيد الإنقسامات الداخلية، أو بفعل وباء “كورونا”، إضافة إلى الأزمات الإقتصادية والمعيشية والمالية.
وفي غضون ذلك، فإن ما زاد الطين بلّة ورفع من منسوب المخاوف، ما يتمثّل بالمواقف المتكرّرة لنائب مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى دايفيد شينكر، الذي كشف عن وجود أجندة أميركية تحمل المزيد من العقوبات التي ستفرضها الإدارة الأميركية على أطراف موالية لإيران وشخصيات لبنانية أخرى، ما يشير إلى أن واشنطن، لن تكون عقبة أمام أي عدوان إسرائيلي جديد، وخصوصاً في هذه المرحلة، وفي سياق صراعها مع الصين ربطاً بوباء “كورونا” واهتزاز الوضع الإقتصادي الأميركي، وعندئذٍ يبقى كل شيء متاح في الإطار السياسي والعسكري، وما الدليل على ذلك إلا الغارات التي تقوم بها إسرائيل على قواعد عسكرية إيرانية في سوريا دون رقيب وحسيب، لذا، فإن الأمور مرشّحة للتصعيد، في ظل انشغال المجتمع الدولي بوباء “كورونا” وتداعياته.
وتضيف التقارير، أن الحرب في ليبيا بدأت تأخذ أشكالاً جديدة على غرار ما جرى في سوريا، ومن دون أن يكون هناك أي اجتماع لا للجامعة العربية، أو للأمم المتحدة، لوقف عمليات القتل والدمار، وبناء على هذه المؤشّرات، فإن أي عدوان إسرائيلي على لبنان وسواه، وفي الظروف الراهنة، لن يلقى استنكاراً أو إدانة على غرار ما كان يحصل في محطات سابقة.
وأخيراً، وأمام هذه المعطيات والأجواء، فإن الوضع اللبناني الداخلي والمأزوم سياسياً واقتصادياً ومعيشياً، ليس بمقدوره أن يفعّل ديبلوماسيته ودوره لمواجهة أي احتمالات لتعرّضه لعدوان إسرائيلي، وبالتالي، أن البعض يؤكد أنه، وإن حصل أي عمل عسكري فسيقتصر على ضربات محدودة، وليس على غرار حرب تموز أو عدوان نيسان في العام 1996 نظراً لتبدّل أمور كثيرة من قوة “المقاومة” إلى دور الجيش اللبناني، وعلى هذه الخلفية، فإن المحلّلين السياسيين والعسكريين، يؤكدون بأن إسرائيل ستعتمد الضربات المحدودة والمتنقّلة على غرار ما تقوم به حالياً، ولكن في خضم الأجواء الراهنة التي يجتازها البلد، فإن القلق يتمحور حول الحالة الإنقسامية السائدة بين المكوّنات السياسية المحلية على أكثر من ملف، وحيث الخلافات والإنقسامات عادت ليس إلى حقبة العام 2005، بل إلى ما قبلها بكثير، مما يساهم في التباعد عوض التكاتف والتوافق لمواجهة أي عدوان، ولا سيما في ظل المشاريع التي تُطرح من قبل المرجعيات الروحية والسياسية، إن على مستوى العناوين التقسيمية أو الفيديرالية.