أجرى مجلس الوزراء في جلسته التي عقدت عند الرابعة والنصف من بعد ظهر اليوم في قصر بعبدا، سلسلة من التعيينات المالية والادارية شملت تعيين نواب حاكم مصرف لبنان، ورئيس وأعضاء لجنة الرقابة على المصارف، ومفوض الحكومة في مصرف لبنان، أعضاء في هيئة الأسواق المالية، وعضو في هيئة التحقيق الخاصة في مصرف لبنان، إضافة إلى رئيس مجلس الخدمة المدنية، ومحافظي بيروت وكسروان- الفتوح وجبيل، ومدير عام وزارة الاقتصاد والتجارة، ومدير عام الاستثمار في وزارة الطاقة والمياه، ومدير عام الحبوب والشمندر السكري.
وكانت سبقت الجلسة خلوة بين رئيسي الجمهورية والحكومة.
البيان
وبعد انتهاء الجلسة، تلا وزير الشؤون الاجتماعية ووزير السياحة الدكتور رمزي المشرفية البيان التالي:”عقد مجلس الوزراء جلسته الأسبوعية برئاسة رئيس الجمهورية وحضور رئيس مجلس الوزراء والوزراء الذين غاب منهم وزير الأشغال ميشال نجار ووزيرة العمل لميا يمين.
في مستهل الجلسة تحدث رئيس الجمهورية عن الاحداث التي وقعت يوم السبت الماضي خلال التظاهرات التي انطلقت، وقال :” لقد استغل البعض هذه التظاهرات للقيام بأعمال تخريبية مدانة طالما حذرنا من وقوعها. واليوم أعود وأكرر وجوب الحذر الشديد حيال مثل هذه الممارسات، والأجهزة الامنية والعسكرية تتابع ما حصل، وعلينا التنبه من اي تصعيد يلجأ إليه الذين يقومون بأعمال شغب وتخريب لا سيما وأن المعلومات التي توافرت لدى الأجهزة المعنية تفيد بارتباطات خارجية لمجموعات من المشاركين في التظاهرات.
اضاف رئيس الجمهورية: “ان التعرض للأديان والمذاهب والرموز الدينية أمر غير مقبول إطلاقا ولم يسبق أن حصل حتى في أحلك الظروف، لذلك علينا التنبه وعدم السماح للفتنة في أن تتسلل إلى مجتمعنا. نحن مع حق المواطنين بالتظاهر والتعبير عن الرأي، لكن لا يمكننا القبول بإحداث الشغب والعنف وقطع الطرق وإثارة النعرات الطائفية والمذهبية وتهديد السلم الأهلي.
وتحدث رئيس الجمهورية عن الاجتماعين الماليين اللذين عقدا في قصر بعبدا بحضور رئيس الحكومة ووزير المال وحاكم مصرف لبنان والمعنيين، حيث تم التوافق على أن تكون الأرقام الواردة في خطة الحكومة الاصلاحية المالية منطلقاً لاستكمال المفاوضات مع صندوق النقد الدولي والتي نأمل أن تنتهي في أسرع وقت ممكن.
وتابع رئيس الجمهورية: “لا بد من الاضاءة على ما تقوم به الحكومة من انجازات، والتأكيد على الاستمرار في العمل من دون التوقف عند الحملات التي تستهدف الحكم والحكومة، ومنها إشاعات عن تغيير حكومي أو إسقاط للحكومة وغيرها من الاخبار التي لا اساس لها من الصحة. استمروا في العمل ولا تشغلكم مثل هذه الاشاعات”.
الرئيس دياب
بعد ذلك تحدث رئيس الحكومة فقال:” مر لبنان بقطوع خطير آخر الأسبوع الماضي، وتجاوزنا مشاريع فتنة طائفية ومذهبية.أنا كنت حذرت من مخطط لإراقة الدماء واستثمارها في السياسة، وما حصل في الشارع كان ينبئ بخطة خبيثة لإشعال فتنة في البلد، والحمد لله أننا تجاوزناها. وأنا هنا أسجّل ارتياحي لوعي معظم القوى السياسية الذي نجح في تفويت الفرصة على المصطادين في الماء العكر. لكن هذا الوعي كان يجب أن يتنبّه إلى التحريض السياسي المستمر منذ فترة، والذي يخلق بيئة مناسبة لتسلّل مشاريع الفتنة إلى البلد.
صحيح أننا اليوم أحبطنا هذه الخطة، لكن مشروع الفتنة قائم ومستمر، وأنا أؤكّد أن العدو الإسرائيلي يريد افتعال الفتنة في لبنان من أجل التغطية على خطته لضم الضفة الغربية. لذلك، أدعو إلى أعلى درجات اليقظة والوعي لمواجهة هذا المخطط الإسرائيلي وإحباطه. كل فتنة، مذهبية أو طائفية أو سياسية أو مناطقية، تصب اليوم في خدمة مشروع العدو الإسرائيلي لحدف الأنظار عن مشروع ضم الضفة الغربية.
إن المسؤولية الوطنية تتطلب من جميع القوى السياسية والمسؤولين، في مختلف المواقع، أعلى درجات التنبّه لعدم السماح بتسلّل مشروع الفتنة الإسرائيلي إلى لبنان. ولقد أثبت المسؤولون آخر الأسبوع الماضي أنهم قادرون على إحباط هذا المشروع، والمطلوب اليوم هو قطع الطريق على الفتنة لحماية البلد.
نحن بأمس الحاجة اليوم إلى وحدة وطنية، خارج سياق السجالات والاصطفافات السياسية والحزبية. نحن جميعاً معنيون بهذا الوطن، وأنا على ثقة أن لا أحد يريد أخذ البلد إلى المهالك، اللهم إلا أولئك الذين يعيشون على الفتن والدم، والذين لا يقيمون وزناً إلا لمصالحهم الشخصية على حساب مصلحة الوطن والناس.
البلد يمرّ بأزمات كثيرة، ومناعته ضعيفة، وكل انقسام في هذه المرحلة، يفتح الأبواب مشرعة لدخول المخططات التي تريد الإضرار بمصلحة لبنان.
لقد تعرضت الحكومة خلال الأيام الماضية، وتعرضت أنا شخصيا، لحملات ممنهجة، تختلق الأخبار، وتحرّض، وتتحامل، وتتهم، وتخوّن، وتحمّل هذه الحكومة مسؤوليات متراكمة جاءت هذه الحكومة لمعالجتها وليست هي من أوصلت البلد إليها.
أنا أؤمن بالمعارضة لأنها عنصر رقابة وضغط لتصويب مسار الحكم، ونحن بحاجة إلى وجود معارضة بنّاءة. لكن بعض ما يحصل لا علاقة له لا بمعارضة ولا بأي شكل من أشكال الرقابة. هناك غرف سوداء تختلق أكاذيب وتروجها للتحريض على الحكومة لتحميلها أوزار السنوات الماضية التي تسببت بوصول البلد إلى الوضع الذي نعيشه اليوم.
الحكومة تبذل جهودها، ليس بالاجتماعات فقط، وإنما بإجراءات متدرجة، بعضها عاجل وبعضها متوسط المدى وبعضها طويل المدى. حجم المشكلات المتراكمة عميق جدا بمدى السنوات الطويلة التي تسببت بهذه المشكلات، ولا يمكن بالتالي حلها بأيام وأشهر.
الوضع الاقتصادي والاجتماعي والمعيشي يضغط على الناس، ونحن نحاول جهدنا التخفيف اليوم قدر الإمكان من هذه الضغوط، ونضع مشاريع حلول متوسطة وطويلة المدى. فلا يحاول أحد التذاكي برمي مسؤولية دهر على شهر.
في كل الأحوال، نحن نتبع سياسة عدم الرد على الأكاذيب، لأننا نريد العمل لخدمة الناس، وبصمت، ومن دون استعراضات انتخابية لا تعنينا لا من قريب ولا من بعيد.
هناك معضلة أساسية نعمل على معالجتها، وهي التلاعب بسعر العملة الوطنية، وهذا الأمر نتابعه على مدار الساعة، ونحن أعطينا تعليمات واضحة وحاسمة إلى الأجهزة الأمنية للتشدّد في ضبط فلتان التسعير لدى الصرافين الشرعيين وغير الشرعيين.
كنّا التقينا نقابة الصرافين قبل نحو أسبوع، وسنعود لنلتقي بهم يوم الإثنين المقبل مع حاكم المصرف المركزي وجمعية المصارف، وسيكون لنا كلام حاسم بهذا الموضوع.
أما بالنسبة إلى أسعار المواد الغذائية، فقد أبلغني معالي وزير الاقتصاد أن الإجراءات التي تم اتخاذها بدأت تعطي نتائج مثمرة، حيث أن هناك بعض السلع الغذائية انخفض سعرها إلى النصف تقريباً، وسنتابع هذه الإجراءات حتى نصل إلى تخفيض أسعار السلّة الغذائية بكاملها.
طبعاً، أنا أتفهم وجع الناس المعيشي، وأتفهم صرختهم، وأتفهم اعتراضهم واعتصاماتهم. هذا حقهم، فهم يعانون من ضغوط كبيرة على المستوى المعيشي”.
القرارات
بعد ذلك درس مجلس الوزراء المواضيع الواردة على جدول الاعمال، واتخذ في شأنها قرارات مناسبة، وابرزها التعيينات الآتية:
اولاً: التعيينات المالية، وشملت:
1- نواب حاكم مصرف، وهم: وسيم منصوري، نائب أول سليم شاهين، نائب ثان، بشير يقظان، نائب ثالث والكسندر موراديان نائب رابع.
2 -لجنة الرقابة على المصارف:
مايا دباغ رئيسة اللجنة.
كامل وزني وجوزف فؤاد حداد مروان مخايل عادل دريق، أعضاء.
3- الأسواق المالية:
واجب علي قانصو، وفؤاد شقير، ووليد خليل قادري .
4- مفوّض الحكومة في مصرف لبنان: كريستال وليد واكيم .
5- هيئة التحقيق الخاصة في مصرف لبنان: شادي حنا، عضو.
ثانيا: التعيينات الادارية، التي ارتكزت على آلية اعتمدت الكفاءة والجدارة والخبرة، اضافة الى مقابلات شخصية مع المرشحين، وهي:
1- رئيس مجلس الخدمة المدنية : نيسرين مشموشي.
2 – محافظ مدينة بيروت: القاضي مروان عبود.
3- محافظ كسروان – الفتوح وجبيل: بولين ديب، لحين اصدار المراسيم التطبيقية.
4- مدير عام وزارة الاقتصاد والتجارة: محمد ابو حيدر
5- مدير عام الاستثمار في وزارة الطاقة والمياه: غسان نور الدين.
6- مدير عام الحبوب والشمندر السكري: جريس طانيوس برباري.
حوار
ثم دار حوار بين الوزير المشرفية والصحافيين، فسئل عما اذا كان هناك اعتراضات على الاسماء المطروحة، فأشار الى ان مداولات مجلس الوزراء سرية في العادة، لافتا الى حصول بعض النقاشات مثلما يحصل في مجالس اخرى، وكل القرارات اتخذت تقريبا بالإجماع.
اما بالنسبة الى المحافظة الجديدة، هناك قانون صادر في هذا المجال ، وكان رأي وزير الداخلية هو ان يتزامن التعيين مع اصدار المراسيم، وهذا ما حصل.
وردا على سؤال حول الشعور بالمحاصصة التي جرت على اساسها التعيينات، اكد ان اختيار المعينين تم حسب الكفاءة والخبرة والمقابلات الشخصية، واحيانا كان هناك اكثر من 12 مقابلة مع المرشحين. اما بالنسبة الى التجاذبات السياسية، فهذا امر طبيعي في البلد، لأن كل طرف يحب ان يأتي بأشخاص قريبين منه او يدورون في فلكه. ولكن في النتيجة كل الاشخاص الذين اختيروا هم اصحاب كفاءة، واختيروا بناء على مقاييس وسير ذاتية ومقابلات شخصية.
وسئل عن التغيير الذي يمكن ان تحدثه التعيينات المالية، فقال:” اريد ان اوضح اولاً ان القرار اليوم في مجلس الوزراء كان بتلازم تعيين نواب حاكم مصرف لبنان مع تخفيض رواتبهم، وهناك تمن من قبلنا على الحاكم بتخفيض رواتب نوابه. اما ما الذي يمكن ان تحدثه هذه التعيينات بالنسبة الى الوضع المالي، فانتم تعرفون ان الوضع المالي والاقتصادي ليس وليد اليوم، وهو معقد جداً وهناك الكثير من العوامل التي تؤثر عليه، منها عوامل اقليمية والاوضاع الاقتصادية التي نشأت نتيجة الوضع المصرفي المتدهور خلال السنوات الماضية والذي برز بعد 17 تشرين الثاني الماضي. وجود نواب الحاكم يسهل عملية اخذ القرارات بطريقة جماعية، بدون تفرد في القرار، ويجب ان يساعد في تقييد حركة صرف الدولار في البلاد، وطبعا من الصعوبة ان يحل كل المشكلة، ولكن دائما يكون لدينا توجه الى السيطرة على الصرف من خلال وجود اشخاص معينين بنوع من المشورة حول الحاكم.
وردا على سؤال حول الاصلاحات التي رافقت هذه التعيينات، لا سيما وان رئيس الحكومة كان قد اعترض في السابق على المحاصصة وطالب بتخفيض عدد نواب الحاكم، فإذا بالاسماء اليوم تصدر كما كانت في السابق، باستثناء المقعد الدرزي الذي آل الى حصة النائب المير طلال ارسلان، فقال: “ليس على علمي ان الامر جرى هكذا. وتساؤلاتنا مع الرئيس دياب في المرة السابقة لم تكن على المحاصصة أنما كانت بكل صراحة في المضي بالسير الذاتية التي يجب ان تكون قد قدّمت. والرئيس دياب لم يكن مقتنعا بالسير الذاتية التي قدمت لجهة المستوى المطلوب. فصار التمني في المرة السابقة بتأجيل القرار بالسير في التعيينات الى حين استيفاء الشروط. وكانت بعض الاسماء قد تسربت في المرة الماضية. انما التساؤلات لم تكن حينها على اساس المحاصصة، انما على اساس السير الذاتية والتقييم الشخصي والكفاءة، مراعين التقسيم الطائفي.
وسئل ان البلد كان يوم السبت على ابواب حرب اهلية، وعقدت في السراي الحكومي اجتماعات امنية، وكأن السلطة السياسية تتلطى وراء الجيش والقوى الامنية لمعالجة ازمة بنيوية في المجتمع اللبناني، فهل تكفي المعالجة الامنية لما حصل يوم السبت، والا يجب ان تترافق مع معالجة سياسية؟ وهل سيتم جلب الممول والمحرّض الى القضاء؟ فأجاب: حتى الآن اعلمتنا القوى الامنية بوجود كثير من الموقوفين، والتحقيقات جارية بالنسبة الى المحرضين. وهناك تحقيق ايضا بالنسبة الى من مول. والحل الذي اتخذته الحكومة ليس حلا آنيا، هناك حلول سياسية وهنك حلول تتعلق بالخطاب السياسي لكافة القوى السياسية في البلد، وهناك تمن. وكما رأيتم في بيان كل من فخامة الرئيس ودولة الرئيس فإن اتصالات جرت مع جميع الفرقاء وكان هناك تمنٍ عليهم جميعا بالا يتكرر هذا الامر. بالنتيجة،فإن كل من هو في موقع مسؤولية في البلد كان على تجاوب، والجميع مقدر للوضع ولدقته في آن. والطريقة التي تمت فيها المعالجة اضافة الى سرعة هذه المعالجة تنم عن القدرة واجتماع كافة القوى للوصول الى هذه الغاية، لأنه لكي تتمكن من السيطرة على هكذا فتنة فإن ذلك يكون بالاتفاق مع كافة القوى الموجودة على الساحة اللبنانية.
وسئل لماذا لم يتم تعيين قائد الشرطة القضائية، فاجاب: في المرة المقبلة. وهذا يتم بمرسوم ولا يحتاج الى مجلس الوزراء.
وردا على سؤال آخر عما اذا كان تم الاتفاق على تعيينه فاجاب: ليس هناك من اشكال بشأنه.
وعن غياب وزراء المردة وما اذا كان يقتصر على هذه الجلسة فحسب، وهل سيحضران الجلسة المقبلة، اجاب: اكيد. ان شاء الله، مشيرا الى ان معالجة الامر تتم مع دولة الرئيس.