تحت عنوان الحلول فاشلة… ولا تاملوا بضبط سعر الدولار، كتبت عزة الحاج حسن في “المدن”: تصرّ الحكومة على إدارة الأزمة من غرف السياسة وكواليس التفاهمات الحزبية، واضعة نصب عينيها هدف إنجاح العهد وتلميع صورة حكومته، من دون إيلاء أي اعتبار لدقة المرحلة وخطورة القرارات غير المدروسة وتداعياتها على حياة المواطنين.
صرافون بدل المصارف
ومارست الحكومة وكافة أركان السلطة الضغوط على مصرف لبنان، لاستصدار تعهد بالتدخل بالسوق، عبر ضخ الدولارات بهدف لجم تصاعد سعر الصرف وترشيد بيع الدولارات، لتغطية استيراد الاحتياجات الأساسية.
لكن ماذا عن شح احتياطيات مصرف لبنان باعتراف الحكومة والسلطة النقدية؟ ولماذا الإصرار على ضح الدولارات عبر الصرافين وليس المصارف؟ وماذا عن تجاهل الحدود البرية المشرّعة أمام تهريب البضائع كافة، بما فيها المدعومة من مصرف لبنان؟
الحكومة أدخلت الصرافين لاعباً أساسياً في سوق الصرف. وهذا لا يمكن حدوثه في أي بلد آخر. والمضحك أن الصرافين أكدوا انضباطهم في بيع الدولار والإلتزام ببيعه بسعر 3940 ليرة، وألقوا المسؤولية على المواطنين الذين عليهم التعامل مع الصرافين المرخصين حصراً. نعم المواطنون يتعاملون مع الصرافين المرخصين. لكن ألا تعلم نقابة الصرافين أن من يدير السوق السوداء هم بعض أعضائها؟ ألا تعلم أن المواطنين يشترون الدولار من صرافين قانونيين، عبر خدمة التوصيل إلى المنازل خارج دوام العمل، وبأسعار خيالية. وهذا يعني أن مجموعة من الصرافين المرخصين تبيع وتشتري في السوق السوداء.
هل يضخ المركزي الدولار؟
يعتقد البعض أن سعر صرف الدولار يمكن تحديده بقرار سياسي. لكن هذا الاعتقاد وما خلفه من قرارات اعتباطية، ناجمة عن جهل بطبيعة الأزمة النقدية في البلد. أو هي ناجمة عن تجاهل في سبيل تحقيق مآرب سياسية خارج الحدود.
وفي كلتا الحالتين، الفشل هو مصير خطة السلطة السياسية الحتمي، في ما يتعلق بضخ المصرف المركزي الدولارات في السوق. فلا فوضى سوق الصرف ستُضبط، ولا السوق السوداء ستُلجم، ولا البنك المركزي سيضخ الدولارات مما تبقى من احتياطياته. أما في حال فعلها، فعلينا أن نتوقع في المدى القريب أزمة في دعم استيراد القمح والأدوية والمحروقات.
من المُستبعد أن ينجرّ مصرف لبنان إلى قرارات شعبوية لا جدوى منها، وفق ما يؤكد مصدر من مصرف لبنان في حديث إلى “المدن”. فالمركزي تعهّد بضخ كمية من الدولار في الأسواق، تتناسب مع قدرته، ما يعني أن كميات ضخ الدولار لن تتجاوز تلك الوافدة عبر مؤسسات التحويل المالي، والتي لا تزيد عن 3 ملايين دولار يومياً، لاسيما أن المركزي مستمر في تغطية دولار استيراد المواد الأساسية الثلاث (الطحين والمحروقات والأدوية).
لذا، لن يتمكن البنك المركزي من التدخل في السوق، وضخ كميات كافية من الدولار للصرافين، إلا على حساب دعم المنتجات الأساسية التي تتعرّض هي الأخرى لعملية استنزاف عبر تهريبها إلى سوريا.