بعد الخطوة الإيرانية الأخيرة تجاه فنزويلا، والتي تمثّلت في كسر حصار الولايات المتحدة المفروض على الدولتين عبر إرسال سُفن محملة بالمنتجات النفطية لسد العجز التي تعاني منه كاراكاس، نقلت وكالة «رويترز» عن مصادر إيرانية قولها إن «إيران قد ترسل شحنتين أو ثلاثاً شهرياً ضمن مبيعات منتظمة من البنزين لفنزويلا»، وهو ما يساعد في تصريف فائض محلي في الإمدادات.
وأضافت الوكالة، نقلاً عن اثنين من المصادر، إن «الوحدة العسكرية القوية للحرس الثوري الإيراني، هي التي تحدد السياسة بشأن فنزويلا»، مضيفة نقلاً عن متعامل إيراني على دراية بالسياسة: «هذا قرار استراتيجي طويل الأجل اتخذته الدولة لتوسيع النفوذ»، مشبّهاً ذلك بـ«شحنات إيران إلى سوريا».
ولم يصدر ردّ على طلبات للتعقيب من الحرس الثوري ووزارة النفط الإيرانية وشركة النفط الوطنية ووزارتي النفط والإعلام في فنزويلا.
وكانت إيران قد أرسلت في شهر نيسان الماضي 5 ناقلات بحمولة إجمالية 1.5 مليون برميل تقريباً إلى فنزويلا، غير أن الشحنات لم تساعد كثيراً في تخفيف طوابير تستمر لساعات عند محطات الوقود.
وتوعّدت إدارة ترامب، التي تسعى إلى وقف تجارة إيران في مجال الطاقة وإسقاط الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، بالانتقام، وحذّرت موانئ وشركات للشحن البحري وشركات للتأمين من تقديم تسهيلات للناقلات.
إلّا أنها عملياً لم تستطع وقف الشحنات أو معاقبة طهران وكاراكاس، ولكنها صعدت ضد حلفاء مادورو، ودفعت السلطات في جمهورية الرأس الأخضر إلى اعتقال أليكس صعب موران، رجل الأعمال الكولومبي المقرّب من الرئيس الفنزويلي، وفق ما قالت وزارة العدل الأميركية يوم السبت الماضي.
وأضافت المتحدثة باسم وزارة العدل، نيكول نافاس أوكسمان، في بيان، أن «صعب أُلقي القبض عليه بموجب نشرة حمراء من الإنتربول صدرت بعد إصدار لائحة الاتهام الأميركية، من دون تقديم مزيد من التفاصيل»، في خطوة فُسّرت بأنها جزء من ردود الفعل الأميركية على الشحنات الإيرانية.
لكن وفق خمسة مصادر تجارية وصناعية مقرّبة من وزارة النفط، «تعتزم طهران مواصلة الشحنات». وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية إن بلاده «لن تتسامح مع التدخل أو خرق العقوبات لدعم فنزويلا، لكنه لم يحدد ما هي الإجراءات التي قد تتخذ».
وأعلنت إيران، وهي مستورد صاف للبنزين منذ عقود، الاكتفاء الذاتي العام الماضي، مع تدشين المرحلة الثالثة من مصفاتها «نجم الخليج الفارسي» المنشأة حديثاً بطاقة 350 ألف برميل يومياً في ميناء بندر عباس، لكن جائحة «كوفيد 19» قلّصت الطلب إلى حوالى 450 ألف برميل يومياً في الربع الأول من 2020 من نحو 650 ألفاً العام الماضي، وفق «إف جي إي» لاستشارات الطاقة. وحتى قبل الجائحة، كان فائض المعروض يومياً من البنزين قد بلغ 84 ألف برميل، وذلك في الربع الأخير من 2019، لكنه قفز إلى 172 ألفاً في الشهور الثلاثة الأولى من العام الحالي، وفق المصدر نفسه.
كذلك، بيّنت المصادر التجارية والصناعية أن إيران غير مستعدة للتخمة في ظل عدم كفاية طاقة التخزين، حيث نقلت «رويترز» عن أحد المصادر قوله إن «فائض معروض البنزين الإيراني يساوي 15 إلى 20 شحنة متوسطة الحجم كل شهر». وتصدّر إيران 5 شحنات فقط شهرياً إلى آسيا وأفريقيا، لذا فإن فنزويلا هي الخيار العملي الوحيد، علماً بأن ناقلة متوسطة الحجم، من النوع الذي ترسله إيران إلى فنزويلا، يمكنها حمل ما بين 190 ألفاً إلى 345 ألف برميل. وذكرت «رويترز» أنه على العكس من أغلب الناقلات الإيرانية التي توقف عمل أجهزة الإرسال والاستقبال للشحنات التي تلتف على العقوبات الأميركية، «أبقت السفن الخمس التي وصلت إلى فنزويلا على نظامها الآلي لتحديد الهوية في وضع التشغيل».
إلى ذلك، تحدث رئيس الأركان الإيرانية، اللواء محمد باقري، عن محاولات وتهديدات أميركية لناقلات البنزين الإيرانية التي ذهبت إلى فنزويلا مؤخراً. ووفق وسائل إعلام إيرانية، فقد قال النائب في مجلس الشورى الإيراني، علي رضا سليمي، إن اللواء محمد باقري «قدم تقريراً إلى النواب، خلال الاجتماع المغلق لهم، اليوم الثلاثاء، عن القدرات الدفاعية للبلاد». وأضاف: «صرّح باقري في الاجتماع بأننا في معظم الحالات نتبوّأ الدور الأول في المجال الدفاعي على صعيد المنطقة، وفي بعض الحالات نحن من بين البلدان الأولى أو الثانية على الصعيد العالمي».
وتابع النائب: «أثناء إرسال ناقلات النفط الإيرانية إلى فنزويلا، خطّطت أميركا أولاً لمنح رشى، ثم هدّدت القبطان والكادر الملاحي، لكن محاولاتها باءت بالفشل». وأشار سليمي إلى أن رئيس أركان القوات المسلحة الإيرانية، ذكر أن «عدداً من السفن الحربية الأميركية في المحيط الأطلسي هدّدت بتأجيج التوترات، لكنّ الأميركيين فشلوا في تحقيق أهدافهم بفضل إدارة الأوضاع بشكل جيد من قبل الكوادر الملاحية للناقلات الإيرانية».
al-akhbar