أعلن المجلس الوطني للبحوث العلمية، خلال مؤتمر صحافي في مقر المجلس، عقد لعرض نتائج “الحالة البيئية لمياه البحر على طول الشاطىء اللبناني، وأثرها على الثروة السمكية”، أن 17 موقعاً بحرياً صالحاً للسباحة من أصل 31 موقعاً موجوداً على الشاطئ اللبناني، بالإضافة إلى أن 8 مواقع من أصل 31 ملوثة بشكل كبير، و6 مواقع مصنفة حذرة إلى غير مأمونة.
وفي التفاصيل، بداية رحب الأمين العام للمجلس الدكتور معين حمزة بوزير البيئة دميانوس قطار، ووزير السياحة والشؤون الاجتماعية رمزي المشرفيه، وبممثلة وزير الزراعة الوزيرة السابقة وفاء الضيقة حمزة وعضو لجنة البيئة النيابية النائبة الدكتورة عناية عز الدين، والأمين العام للمجلس الأعلى للدفاع اللواء الركن محمود الأسمر ورئيس مجلس إدارة المجلس الوطني للبحوث العلمية الدكتور جورج طعمة، للإعلان عن نتائج المسوحات البحرية للشاطئ اللبناني، وتحديد المواقع الصالحة للسباحة والغطس والصيد، مع الإضاءة على أهم المشاكل التي يعاني منها البحر في لبنان.
وقال: “إن التقرير السنوي للمجلس يحظى بإهتمام المراجع والمؤسسات العلمية، وهو مرجع معتمد عالميا في تقييم ومتابعة الحالة البيئية للحوض الشرقي في البحر المتوسط”. ولفت إلى أن “عددا من المؤسسات تعمل للتكيف مع توصياته على الصعيد الوطني، مع الإشارة إلى المبادرات الإيجابية التي اتخذتها بعض بلديات الساحل اللبناني للحفاظ على البيئة البحرية، مثل بلديات عمشيت، جبيل، جونيه، صيدا وصور”.
وأوضح أن “تحاليل المعادن الثقيلة (فناديوم، رصاص، نحاس وكادميوم) في ما يخص الثروة السمكية في رسوبيات الشواطئ العامة في كل من طرابلس والرملة البيضاء وصور، أظهرت تركيزات أقل بأضعاف من التركيزات في الرسوبيات المأخوذة بالقرب من مطمر النفايات في مواقع أنطلياس والدورة والكوستا برافا التي تفوق النسب المقبولة عالميا، وتعتبر غير مقبولة بكل المقاييس البيئية”، لافتا إلى أن “مياه الشاطئ والرسوبيات ملوثة بالمعادن الثقيلة السامة في جوار المدن الكبرى والمرافئ ومكبات النفايات الصلبة، ولا فائدة ترجى من اصطياد الأسماك بجوارها”.
وأشار إلى أن “الأسماك وثمار البحر التي يتم اصطيادها بعيدا عن مصبات الصرف الصحي أو الصناعي، بعيدا عن الشاطئ، داخل البحر، هي سليمة وغير ملوثة، والتي تتطلب إجراءات مستدامة لحمايتها من الضغوطات البيئية وغزو أصناف سامة دخيلة على البيئة البحرية”.
وأضاف: “إن اختفاء التوتياء البحرية من الشاطئ اللبناني تعود أسبابه إلى كثافة الملوثات العضوية، عدا عن عوامل التغير المناخي وارتفاع في معدلات الحرارة وملوحة البحر”. وأشار إلى أن “بعض أصناف الأسماك الغازية (سمك النفيخة وسمك الأسد) التي وصلتنا من البحر الأحمر والمحيط الهندي، أدت إلى اندثار أصناف محلية قيمة (سلطان إبراهيم، جربيدي).
وبالنسبة إلى تكاثر قناديل البحر، فعزا حمزة أسباب ظهوره بكثرة إلى “الدورة البيولوجية للقناديل، وإلى تزايد الملوثات العضوية التي تتغذى منه، موضحا أن انتشار النفايات الصلبة على سطح البحر تشكل عاملا حاضنا لنموها وتكاثرها. وقال: “من المعروف ان القناديل تغزو المياه اللبنانية ما بين شهري تموز وآب، ولكن الحال تغيرت أخيرا لدرجة أن القناديل المؤذية، أضحت تجتاح بعض المناطق حتى في فصلي الشتاء والربيع”.
ولفت إلى أن “المجلس سعى بالتعاون مع مؤسسات علمية أوروبية عريقة لدراسة أثر جائحة كورونا على مياه البحر، ولكن أيا من الدراسات العلمية الموثقة في آسيا وأوروبا والقارة الأميركية لم تتوصل إلى تأكيد إمكانية انتشار فيروس كورونا المستجد في مياه البحر، أو إمكانية انتقاله الى إلكائنات البحرية الحية (الصدفيات والرخويات والأسماك) أو إلى البشر الذين يمارسون السباحة أو الغطس”.
وتابع: “خصائص التخفيف والإذابة في مياه البحر، ووجود الملح بنسب عالية (39 غراما في الليتر)، وحركة الأمواج المستمرة وأشعة الشمس فوق البنفسجية، من شأنها أن تفكك تركيبة الفيروسات، كما تؤكده بحوث عالمية على أنواع مماثلة لفيروس كورونا. لذلك فإن أفضل وسائل الوقاية هي احترام الإجراءات الصحية المعلنة (التباعد، تعقيم الأسطح، …) والابتعاد عن مصبات الصرف الصحي ومكبات النفايات الصلبة”.
وتمنى حمزة على “الوزراء إعطاء العناية لهذا المورد الإستراتيجي، القادر على استعادة نقائه وسلامته كاملة في أقل من ثلاثة أشهر، في حال أزيلت مصادر التلوث وتمت معالجتها كما تقتضي المعاهدات الدولية التي التزم بها لبنان، وكما تقتضي مصلحة الوطن وأبنائه”.
ومن ثم عرض مدير المركز الوطني لعلوم البحار الدكتور ميلاد فخري، نتائج التقرير بحيث صنف المناطق استنادا إلى الفحوصات البكتيرية في المواقع المحددة على الشكل التالي:
– 17 موقعا من أصل 31 جيدة إلى جيدة جدا على الشاطئ اللبناني قليل التلوث البكتيري والعضوي وتركيز البكتيريا البرازية أقل مما هو مسموح به، وينصح بالسباحة فيها وهي: المنية/شاطئ الأحلام، طرابلس/بجانب الملعب البلدي، الهري/الشاطئ الأزرق، البترون/الحمى، جبيل/شاطئ البحصة الشعبي، جبيل/الشاطئ الرملي، العقيبة/مصب نهر إبراهيم، البوار/شاطئ عام، الصفرا/أسفل شير الصفرا، جونيه/شاطئ المعاملتين، الدامور/ شاطئ الدامور، الجية/مجمع بانجيا، الرميلة/شاطئ هافانا، بيروت/عين المريسة (بين مرفأ الصيادين الجديد والريفييرا)، الأولي/شمال مصب نهر الأولي، صور/شاطئ المحمية الطبيعية والناقورة شمال مرفأ الناقورة.
-7 مواقع من أصل 31 ملوثة بشكل كبير ولا تصلح للسباحة حيث أن كمية البكتيريا البرازية فيها أعلى من المستويات المسموح بها. هذه المواقع هي: عكار/القليعات، طرابلس/الميناء مقابل جزيرة عبدالوهاب، طرابلس/المسبح الشعبي، الضبية/جانب المرفأ، أنطلياس/مصب نهر أنطلياس، بيروت/المنارة (أسفل منارة بيروت)، بيروت/الرملة البيضاء.
– موقع شاطئ سلعاتا الشعبي يعتبر مقبولا من الناحية البكتيريولوجية، غير أن موقع هذا الشاطئ بمحاذاة معمل للكيماويات وتأثره بمخلفات المعمل بشكل مباشر، يجعله عرضة للتلوث الكيميائي المثبت والموثق في دراسات سابقة، ولذلك يجب عدم السباحة في مياه هذا الشاطئ.
-المواقع الـ 6 المتبقية حذرة إلى حرجة غير مأمونة، ونسب التلوث البكتيري في مياهها تعتبر متوسطة (حذر إلى حرج غير مأمون) وتتعرض للتلوث بشكل متقطع أو ظرفي وهي: أنفه/دير الناطور، عمشيت/الشاطئ الشعبي، الفيدار/تحت جسر الفيدار، جونيه/المسبح الشعبي، صيدا/شاطئ صيدا الشعبي، الصرفند/الشاطئ الشعبي.
من جهته، اعتبر الوزير المشرفيه أن “الأرقام والمعلومات العلمية التي تم عرضها تستحق أن تصل إلى جميع المراجع والناس”. وقال: “إن النتائج تدل على أن 17 موقعا من أصل 31 هي صالحة للسباحة”، مشيرا إلى أنه “من المؤسف أن يكون هناك لا يزال مصبات للصرف الصحي ونفايات صلبة على شواطئ لبنان دون أي معالجة”.
ولفت إلى أن “التلوث يصيب الثروة السمكية ويترك أثرا على المواطن اللبناني من ناحية الغذاء، والصحة. والأمر الوحيد المؤكد أن فيروس كورونا لا علاقة له بالوجود على الشواطئ اللبنانية اذا اتبعنا التباعد الاجتماعي، مشددا على أن الوصول إلى الشاطئ اللبناني هو حق لجميع الناس”.
بعد ذلك، كانت مداخلة للوزير قطار قال فيها: “إن عمل المجلس الوطني للبحوث العلمية يتصف بالشفافية والمنهجية، ولا يوجد أي إخفاء للمعلومات، التي من الممكن أن تسيء إلى السياحة، إنما تبقى مفيدة جدا لحماية الناس، وبالتالي المجلس طرح برنامجا للمعالجة يستحق المتابعة”.
أضاف: “من المؤلم أن نقرأ عن محاصرة الشاطئ الشعبي في طرابلس بالتلوث”. واعتبر أن “العمل التراكمي العلمي يحتاج إلى عمل تراكمي مؤسساتي على الأرض، وتكمن الخطورة في أن تتراجع مستويات المناطق من مناطق جيدة جدا إلى مناطق حذرة، إذا لم تبادر الدولة لاتخاذ إجراءات الحماية اللازمة”.
وأكد أن “الوصول إلى الشاطئ حق لكل المواطنين، ولا يجوز وضع قيود لمنع المجلس من إجراء المسوحات فيها بشكل دوري وآمن.