Home / أخبار محلية / الجمهورية: بيروت بيد الجيش.. والاقامة الجبرية “للمـــخزّنين”.. و5 أيام لكشف “المجرمين”!

الجمهورية: بيروت بيد الجيش.. والاقامة الجبرية “للمـــخزّنين”.. و5 أيام لكشف “المجرمين”!

علم لبنان مُنكّس فوق أنقاض عاصمته المنكوبة التي تغيّرت معالمها بالكامل، وفوق جثامين شهدائها الـ135، وآلام جرحاها الخمسة آلاف، وعشرات المفقودين، والذين انهارت منازلهم وأصبحوا بلا مأوى في بيروت الحزينة، التي كانت وستبقى “ست الدنيا”، ولا بد لها من أن تقوم من تحت الرماد، وتعود كما كانت دائماً عروس العواصم الأجمل في هذا الشرق.

سنة مشؤومة
لقد دخل لبنان فعلاً موسوعة المصائب؛ لم يعد التوصيف يُجدي وسط الدمار الشامل الذي حلّ ببيروت؛ منذ بداية هذه السنة ولبنان ينساق الى الذبح، لجريمة، او لجرائم، لم يرتكبها، بل ارتُكبت بحقه من قبل مجموعة المتسلّطين عليه والمتحكّمين بأمره والقابضين على انفاسه سياسياً واقتصادياً ومالياً، مجموعة فرّخت عصابات عاثت فيه فساداً ونهباً، وخرّبته بسوء إدارتها وإهمالها الذي جاء بأبشع صوره الكارثيّة في زلزال مرفأ بيروت.
منذ بداية السنة وحتى اليوم المشؤوم الثلاثاء 4 آب 2020، يبدو لبنان وكأنه لم يبقَ منه شيء سليماً، فكل شيء فيه صار متهالكاً. فمنذ اللحظة الاولى التي بدأ فيها خَطوه في اليوم الأول من هذه السنة، دُفع بلبنان ليقف على مفترق مصائب متناسلة من بعضها البعض، ومتتالية كحلقات متواصلة؛ المصيبة الاقتصادية والمالية خَلّعته بالكامل، والمصيبة الكورونية تفتك بواقعه الصحي، والمصيبة السياسية هي وحدها أم المصائب، وها هي المصيبة الكيميائيّة تدمّر العاصمة برمشة عين، وتهوي بها الى قعر الوجع والحزن والخراب.
بالأمس، انقشعت صورة الانفجار، وهول المشهد فظيع، الوضع الانساني في منتهى الكآبة، والألم في ذروته، والبلد من أدناه الى أقصاه مصدوم، والناس تريد ان تعرف ما الذي حصل بالفعل، وهل انّ الانفجار ناجم عن خطأ غير مقصود، او انه مفتعل، ناجم عن عمل تخريبي من الداخل او من الخارج، الناس لا يمكن ان تقبل ان يُلَفلف هذا الامر.

ضبابية
حقيقة ما جرى تتوارى خلف رواية رسمية عن انّ التدمير ناجم عن انفجار كميات هائلة من نيترات الامونيوم، انفجرت بسبب تلحيم لإحدى البوابات فيه، وكذلك خلف الكثير من الروايات التي تتوالى من كل حدب وصوب، وترجّح فرضية العمل التخريبي او العدواني.
وزاد من ضبابية المشهد ما ذكرته صحيفة هآرتس الاسرائيلية من أنه “تم استهداف أسلحة لـ”حزب الله” في مرفأ بيروت”. ومن دون ان تقدم اضافات، وكذلك التصريحات الاميركية المتضاربة حول الانفجار، حيث اعلن الرئيس الاميركي دونالد ترامب “انّ ضبّاطاً أميركيين أبلغوه أنّ الانفجار الرهيب في بيروت ناجم عن قنبلة من نوع ما”، إلّا انّ 3 من مسؤولي وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، أبلغوا قناة “سي إن إن”، أمس، انه “لا يوجد لدى الجيش الأميركي أي دليل على أنّ الانفجار في بيروت نَجمَ عن هجوم، كما أشار الرئيس الأميركي دونالد ترامب سابقاً.

ونَوّهت المصادر الثلاثة، في ذات الوقت، بأنها “لا تعرف ما الذي يتحدث عنه الرئيس”. وأشار أحدهم الى أنه، لو كان لدى الجيش أيّ دليل على أنّ ما حصل كان هجوماً مدبّراً، فإنّ السلطات الأميركية كانت ستقرّر على الفور اتخاذ إجراءات إضافية لحماية القوات المسلحة الأميركية والممتلكات الأميركية في المنطقة. وشدّد المصدر على عدم صدور مثل هذه الأوامر حتى الآن”.
وكان ترامب، في موجز صحفي في البيت الأبيض، قد أجاب بالإيجاب عندما سُئل عما إذا كان يعتقد أنّ سبب ما جرى في بيروت كان هجوماً، وليس نوعاً من الحوادث.
وقال: “إنطلاقاً من طبيعة الانفجار، يبدو الأمر كذلك. إلتقيتُ بعض جنرالاتنا الرائعين، ويبدو أنهم يعتقدون أنه كان هجوماً. السبب كان نوعاً من القنابل، نعم”.
من جهته، إستبعد وزير الدفاع الأميركي مارك اسبر أن يكون الأمر نتيجة قنبلة كما اقترح الرئيس دونالد ترامب، وتبنّى عِوض ذلك رواية السلطات اللبنانية التي قالت إنه نتج عن تخزين 2750 طناً من مادة نيترات الأمونيوم في مستودع في مرفأ بيروت في غياب تدابير وقاية.
وقال اسبر في منتدى أسبن للأمن: “لا زلت أتلقى معلومات حول ما حصل”، مشيراً إلى انّ “الأغلبية تظن أنه حادث”.
وفي وقتٍ برزَ موقفٌ مريب لرئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو، حيث أعلن استعداد تل أبيب “لتقديم المساعدات الإنسانية إلى لبنان، مِن بَشر لِبشر”، أشارت إيران على لسان رئيس منظمة الدفاع المدني غلام رضا جلالي إلى “احتمال أن يكون انفجار مرفأ بيروت ناجماً عن فِعلٍ مُتعمد من قبل أعداء جبهة المقاومة”، فيما لفتت وكالة “فارس” الإيرانية إلى أصابع “الكيان الصهيوني الخفية وراء كارثة بيروت”.

الرواية الرسمية
حتى الآن، لا تبدو المعطيات مكتملة، وفي غياب ما يُثبت سائر الروايات، تبقى الرواية اللبنانية هي المُعطى الرسمي المُتاح، والنقاش الجاري استناداً إليها، يسعى الى إماطة اللثام عن كل خفايا هذه المسألة وألغازها، وهو ما يفترض ان تتوصّل اليه التحقيقات سريعاً، وتقدم الحقيقة الكاملة لهذا الزلزال وأسباب انفجاره.

واضح انّ البلبلة هي سيدة الموقف، وبالتأكيد انّ لعبة الاستثمار السياسي ومحاولة الرقص فوق دماء الشهداء والجرحى وفوق ركام العاصمة، قد تُعادِل الانفجار. وبالتأكيد ايضاً انه إذا صحّت الرواية الرسمية، فإنّ الدخول في لعبة تَقاذف المسؤوليات وتجاوز محاسبة المسؤول أو المسؤولين عما جرى، في أيّ موقع كانوا، سواء لناحية الاهمال او التخزين، يعدّ جريمة أكبر من هول الإنفجار نفسه، فكيف يعقل ان تخزّن مواد كيميائية قابلة للانفجار وتعادِل قنبلة نووية، بالقرب من المناطق الآهلة بالسكان؟ ومن البديهي التأكيد هنا على انّ هذا التخزين، وبمعزل عن الطريقة التي تم فيها، او مَن أوحى به، سياسياً كان او أمنياً او قضائياً، ولأيّ سبب او ذريعة، ما هو سوى فساد لا يمكن فصله ابداً عن منظومة الفساد، وبنية الفساد الحاكمة في البلد، والذي أدى الى تجميع كميات هائلة من نيترات الأمونيوم (2700 طن)، بين الناس وانفجرت فيهم، والعدد النهائي للشهداء زاد عن المئة، والجرحى فاقوا الأربعة آلاف، امّا الخسائر المادية فقدّرت بما يزيد عن 5 مليارات دولار.

أسئلة
وبالتوازي مع استمرار عمليات البحث عن مفقودين وسط الدمار الهائل في المرفأ، ثمة اسئلة كثيرة تتطلب إجابات دقيقة:
– لماذا لم تتم ازالة هذا الخطر على مدى عهود الحكومات التي تشكلت منذ العام 2013 وحتى اليوم؟ وما أو من الذي منعَ ذلك؟
– مَن سيطال التحقيق؟ هل سيطال الموظفين فقط؟ او المسؤولين عن المرفأ فقط؟ ام انه سيتوسّع ليشمل بالمسؤولية مستويات رفيعة في الدولة ممّن كانوا في السلطة في السنوات الماضية من وزراء وغير وزراء؟
– لماذا لم يؤخذ بتحذيرات الاجهزة الامنية؟
– من أهمل هذه التحذيرات؟ ومن وما الذي كان يمنع إزالة هذه المواد من العنبر رقم 12؟
– هل صحيح انه كانت هناك ثغرة في العنبر حيث كانت المواد الكيميائية مخزّنة؟ ما هي هذه الثغرة؟ من فتحها؟ وكيف فتحت؟ ومن قرّر سدّها؟ وهل تمّت الاستعانة بخبراء عسكريين قبل عملية سد الثغرة وأثناءها؟
(يُشار هنا الى انّ رئيس مجلس إدارة والمدير العام لمرفأ بيروت حسن قريطم استغربَ في بيان “كيف أنه، وبالرغم من المراسلات المتكررة بين إدارة الجمارك وقضاء العجلة، لم يتم التخلّص من هذه المواد؟ مضيفاً أنه تمّ تعيين حارس قضائي عليها، ووُضِعت في عنبر منفرد حيث بقيت لمدة 6 سنوات من دون أن يكون للإدارة الحَق في التصرّف بها، مشيراً إلى أنّ الإدارة تلقّت تعليمات من القضاء مؤخراً وبعد كل هذه السنوات تقضي بإقفال فجوة في بوابة العنبر لحماية محتوياته من التلف والسرقة، وهذا بالتحديد ما أقدمت عليه إدارة المرفأ).
– هل صحيح انّ مديرية أمن الدولة وضعت تقريراً بالمواد المتفجرة في 10 كانون الاول 2019 وتمّ رفعه الى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والى حكومة سعد الحريري التي كانت مستقيلة في ذلك الوقت؟ ولماذا لم تتخذ الاجراءات المناسبة تِبعاً لهذا التقرير؟
– هل صحيح انّ أمن الدولة وضع تقريراً ثانياً حول الموضوع نفسه في 4 حزيران 2020 وجرى تسليمه الى رئيس الجمهورية والى رئيس الحكومة حسان دياب؟
– هل صحيح انّ أمن الدولة وضع تقريراً ثالثاً حول الموضوع نفسه في 20 تموز 2020 ورُفع مجدداً الى رئيسي الجمهورية والحكومة؟

مجلس القضاء
الى ذلك، أعلن مجلس القضاء الاعلى انه ” تابع ويتابع مع النائب العام التمييزي مسار التحقيقات التي باشر بها، ويعاهد الشعب اللبناني، ومن منطلق دوره في السهر على حسن سير القضاء، العمل من دون هوادة على أن تُنجَز هذه التحقيقات للوصول الى تحديد المسؤوليات وإنزال العقوبات الملائمة بحقّ المرتكبين”. وطلبَ مجلس القضاء الأعلى عدم إطلاق الأحكام المسبقة التي تتناول القرارات والإجراءات القضائية، بعيداً عن الإحاطة بكل المعطيات الثابتة المتعلقة بالملف.

Check Also

20% من المدارس الرسميّة خرقت إضراب هيئة التنسيق

في اللقاء مع هيئة التنسيق النقابية، أمس، طرح وزير المالية غازي وزني أفكاراً يعتقد بأنها …

Open chat
أهلاً وسهلاً بكم