قبل نحو أسبوع، نبّه مدير برنامج الطوارئ الإقليمي في منظمة الصحة العالمية ريتشارد برينان، في حوار مع «الأخبار»، الى أن إقناع الناس بإعادة اتباع الإجراءات يُمثّل واحداً من أبرز التحديات التي يواجهها لبنان في مواجهة فيروس كورونا، مشدداً على ضرورة التحرّك سريعاً قبل أن يفقد لبنان السيطرة على الوباء تماماً.
مذذاك، سُجّلت آلاف الإصابات التي استدعت اتخاذ قرار الإقفال بدءاً من يوم الجمعة الفائت، فيما يبدو أن التحدّي يكمن حالياً في إقناع السلطة باستخدام كل السبل لعدم جعل الإقفال شكلياً، كما بدا عليه بالفعل نهاية الاسبوع المنصرم.
ففي ظلّ تفاقم الأزمة الاقتصادية وبقاء العوامل التي تدفع المُقيمين إلى التمرّد على إجراءات الإقفال، لا يبدو أن الالتزام سيستقيم ما لم تُبدِ السلطة الحزم الذي وعدت به، في وقت تبدو فيه أنها لا تملك القدرة – أو ربما القرار – على إجبار المُقيمين الذين يعانون من تبعات الوضع الاقتصادي على الالتزام. ولو كانت السلطة تملك فعلياً القدرة على الضرب بيد من حديد، فإنّ هذه الجهود كانت أولى أن تُصب مع بداية الفتح التدريجي للبلاد عبر تفعيل الرقابة، فضلاً عن ضبط حركة الوافدين وغيرها من الخطط التي كان يمكن أن تجنّب التوصل إلى قرار العودة إلى الإقفال، وبالتالي التمرّد عليه من قبل المُقيمين وأصحاب المصالح.
أمّا الموقف الأوضح للتمرّد، فعبّرت عنه نقابة أصحاب المطاعم والمقاهي والملاهي التي أصدرت، أمس، بياناً رأت فيه أن قرار الإقفال الجزئي «غير مجدٍ لا للصحة ولا للاقتصاد»، مُشيرةً إلى ما سمّته «استنسابية ضمن القطاعات في البلد التي نراها تعمل بشكل كامل في المحميات المناطقية والاستثناءات من هنا وهناك». واذ اعتبرت النقابة أن المؤسسات المطعمية بقيت وحدها «كبش محرقة جائحة كورونا»، لمّحت إلى أنها «مُضطّرة إلى أخذ القرار المناسب في الأيام المُقبلة خلال فترة الإقفال الحالية مع التزام التدابير الوقائية». وختمت: «جائحة كورونا لن تنتهيَ قريباً، لذلك عودوا إلى المعادلة الثلاثية الذهبية التي شرحناها في البيان الأخير، حيث الدولة تضرب بيد من حديد وأصحاب المؤسسات هم ضباط الإيقاع والرواد هم الحسيب والرقيب».
أمام هذا التململ الواضح، تردد أنه قد يُعاد النظر في قرار الإغلاق، فيما استبعدت مصادر اللجنة الوزارية المتعلقة بالتدابير الوقائية لمواجهة كورونا هذا الخيار بسبب استمرار تسجيل عدد كبير من الإصابات يومياً.
وكانت وزارة الصحة أعلنت، أمس، تسجيل 507 إصابات جديدة (500 مُقيم وسبعة وافدين)، 11 منها سجّلت في القطاع الصحي (بلغ اجمالي المصابين في صفوف هؤلاء 499)، ليرتفع بذلك عدد المُصابين الفعليين إلى 8950 شخصاً يُقيم 266 منهم في المُستشفيات (75 منهم حالتهم حرجة). كما أعلنت الوزارة تسجيل حالتي وفاة خلال الساعات الـ 24 المُنصرمة، ليُصبح إجمالي الوفيات 123.
وكان لافتاً في هذا الصدد ما أعلنته مُستشارة رئيس الحكومة حسان دياب للشؤون الصحية، بترا خوري، لجهة أن عدد الوفيات في لبنان يتضاعف كل 23 يوماً، «وهذا الرقم أسرع بـ3.3 مرات من المتوسط العالمي للوفيات»، مُشيرةً إلى أن التغيير السلوكي الفردي هو المفتاح لإنقاذ الأرواح.
وفيما أثار عدد من الناشطين تساؤلات تتعلق بدقة نتائج فحوصات الـ pcr محمّلين الوزارة مسؤولية التأخير عن إعلان النتائج وتالياً التسبب في فوضى الإصابات، صدر عن المكتب الإعلامي لوزير الصحة في حكومة تصريف الاعمال حمد حسن بيان أوضح أن إجراء فحوصات مخبرية في بعض المناطق «وفي وقت تجاوزت الفحوصات اليومية الأرقام التي تستطيع المختبرات استيعابها يؤدي إلى تأخير في إصدار النتائج (…)». وإذ لفت البيان إلى أن النتيجة الإيجابية التي تتبعها بعد أيام نتيجة سلبية قد تكون علمياً ناتجة عن شفاء مخبري للمريض، أشار إلى أن التشكيك في بعض النتائج المخبرية «لا يخدم المصلحة العامة، خصوصاً في هذا الوضع (…) ونشدّد على الحجر المنزلي الإلزامي لمدة 10 أيام بصرف النظر عن نتيجة الفحوصات».
al-akhbar