أجواء إيجابية أشاعتها مصادر القصر الجمهوري أمس، في ما يتعلق بتشكيل الحكومة. تشير تلك الأجواء إلى أن حكومة من ١٨ وزيراً ستبصر النور قبل الأربعاء المقبل. لكن اللافت أن هذه الأجواء لم تنتقل إلى القوى المعنية بتأليف الحكومة – ومن بينها التيار الوطني الحر – والتي تقول إنها لا تملك أي مؤشرات على ذلك. وفي الإطار نفسه، خرج من التقى اللواء عباس ابراهيم، بعد عودته من باريس التي زارها موفداً من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لمناقشة مسألة التأليف وأمور أخرى، بانطباع يفيد أن الزيارة لم تكن إيجابية، من دون أن يتضح تأثير ذلك على وجهة الحكومة.
في المقابل، فإن بين القوى التي سمت مصطفى أديب لترؤس الحكومة من يشير إلى أنه لا يزال مصراً على حكومة من ١٤ وزيراً، يختارهم ويختار حقائبهم بنفسه. وإذا أصر أديب على ذلك فعلاً، فلن يكون مستبعداً أن يزور قصر بعبدا لإطلاع رئيس الجمهورية على التشكيلة، علماً بأنه لم يبحث مع عون في أي امر له صلة بالتأليف، لا بالخطوط العريضة ولا في التفاصيل. وإذا راهن أديب على تشكيلة لا تأخذ بعين الاعتبار وجهة نظر القوى المختلفة، كأن يسمي وزيراً للمالية من غير الطائفة الشيعية أو شيعياً لا يوافق عليه الرئيس نبيه بري، فإن احتمالاً من اثنين سيتحقق: إما يوافق عون على التشكيلة ويرمي كرة النار نحو المجلس النيابي، أو بشكل أدق نحو بري وحزب الله، أو يرفض التوقيع، معتبراً أن التشكيلة غير مطابقة للمواصفات. لكن بصرف النظر عن الاحتمالات المطروحة، فإن إصرار بري على الحصول على وزارة المالية صار مضاعفاً بعد العقوبات الأميركية التي طالت الوزير السابق علي حسن خليل. ما يعني أن أي تشكيلة حكومية لن تمر من دون أن يحصل على المالية.
مصادر التيار الوطني الحر أكدت أنه لا يرغب بالمشاركة في الحكومة، لكنه سيسهّل إلى أبعد حدود. إلا أنها تساءلت عن سبب عدم تشاور الرئيس المكلف مع الكتل النيابية التي سمّته، باستثناء تيار المستقبل. أضافت: «كيف ستبصر النور حكومة من دون التشاور مع القوى التي ستمنحها الثقة؟ وإذا وافقنا على ذلك، فهل سيوافق الآخرون؟ وفي حال نالت حكومة كهذه الثقة، فهل ستتمكن من العمل والاستمرار؟».
تعويضات الضمان
على صعيد آخر، وافق المجلس المركزي لمصرف لبنان الأسبوع على الطلب المقدّم من الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، تحت عنوان «حماية القيمة الشرائية لتعويضات نهاية الخدمة». وطلب «الضمان» من مصرف لبنان معاملة تعويضات نهاية الخدمة للموظفين والاجراء المسجلين في «الصندوق» بالطريقة نفسها التي اعتُمِدت مع أصحاب الودائع الصغيرة في المصارف، إذ يجرى تحويل أموالهم من الليرة إلى الدولار بناءً على سعر 1515 ليرة للدولار الواحد، ثم يُعاد تحويلها إلى الليرة بسعر «المنصة» البالغ نحو 3900 ليرة للدولار الواحد. وبدلاً من ان تكون التعويضات قد فقدت نحو 80 في المئة من قيمتها مقارنة بالدولار في السوق، يتم تقليص هذه الخسارة إلى أقل من 50 في المئة، في حال بقي سعر الدولار في السوق السوداء بحدود الـ7500 ليرة (وهو أمر غير مضمون). ويبدو ان حاكم مصرف لبنان رياض سلامة يميل نحو تطبيق هذا الإجراء على كامل التعويضات التي استحقّت منذ بداية العام الجاري. وبحسب الأرقام المقدّمة من الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، فقد تم تحرير نحو 13600 شيك لمستخدمين طلبوا الحصول على تعويضات نهاية الخدمة، منذ بداية العام حتى نهاية شهر تموز، بقيمة إجمالية تبلغ نحو 440 مليار ليرة. وتبيّن ان اكثر من 6650 تعويضاً تقل قيمة كل منها عن 10 ملايين ليرة لبنانية، في مقابل 2280 تعويضاً يفوق كل منها عتبة الـ50 مليون ليرة. وسيغطي مصرف لبنان الفارق بين أصل التعويضات وما ستصبح عليه بعد اعتماد العملية المشار إليها. وسيساهم هذا الإجراء بزيادة الكتلة النقدية الموجودة في السوق، كما من المتوقع ان يزيد الضغط على سعر الليرة في السوق السوداء.
al-akhbar