يكاد هناك إجماع داخلي “قل نظيره” ان مبادرة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون قد تضررت بشكل كبير، وان ماكرون “أحرق اصابعه” في الملف اللبناني، ولكن قلة من يتوقعون ان تثمر “الحلة الجديدة” لمساعي ماكرون في ولادة الحكومة قبل تشرين الثاني المقبل اي حتى تبيان الخيط الاسود من الخيط الابيض في الانتخابات الاميركية.
في حين يرى قلة من المتفائلين ان ولادة اي حكومة ممكنة بـ”فلتة شوط” جديدة بين الثلاثي الاميركي- السعودي- الايراني، وفصل الملف اللبناني عن النزاع بين الدول الثلاث وعدم ربطه بتسويات ما بعد حلول الرئيس الاميركي الجديد في البيت الابيض.
وتؤكد اوساط بارزة في “الثنائي الشيعي” لـ”الديار” ان كل القوى المعنية والاساسية بتشكيل الحكومة سرعان، ما استفاقت من هول الصدمة التي احدثها اعتذار الرئيس المكلف مصطفى أديب بإستثناء من دفعه الى الاعتذار مكرهاً، وبعد تقاذفها تهمة التعطيل ومحاولة لصق البعض مسؤولية تطيير الحكومة بـ”حزب الله” و”حركة امل”، لتجد انها “غاطسة” في الوحول اللبنانية والتي ستزيد تعقيداً كلما اقتربنا من نهاية العام اي موعد نفاد احتياطي مصرف لبنان في شهر كانون الاول، وتوقف الدعم التدريجي عن السلع الغذائية الاساسية لتكون المحروقات “اول الضحايا” والدواء آخرها.
وفي ظل هذه الاجواء القاتمة والمأساوية سياسياً ، تكشف الاوساط ان نقاشاً حاداً ساد مشاورات قوى 8 آذار وتحالفها مع “الثنائي” وفي العديد من اللقاءات المصغرة في الايام الماضية.
ونوقشت الظروف التي ادت الى تكليف أديب وكيفية إدارته لملف الحكومة، والابتزاز الذي مورس على الاكثرية النيابية ومحاولة تمرير بعض القوى السياسية من “المستقبل” الى غيره من القوى التي احتكرت لنفسها تشكيل الحكومة وامتنعت عن التشاور مع “الثنائي” وحلفائه ورئيس الجمهورية، اسماء الوزراء من كل الطوائف ومن التابعين لها و”المستوردين” من الخارج.
حيث كان يخطط لسحب البساط تدريجياً من تحت الاكثرية. ووضعها في “بيت الياك” الاقتصادي وتحت واقع الانهيار المالي والاجتماعي والمعيشي. وارتفاع الصرخة في كل الطوائف والمناطق. واحراج كل القوى المشاركة والقابضة في السلطة، وحتى التي تدعي “البراءة” والمعارضة، امام الناس والجماهير والمحازبين في ظل العقم عن تأمين بدائل وحلول تمنع الجوع والفقر والعوز.
وفي سياق النقاشات، تُقر الاوساط ان 8 آذار وتحالف “الثنائي الشيعي” يعترف بأنه اخطأ خطأ استراتيجياً وجسيماً، عندما اضطر الى التضحية بحكومة الرئيس حسان دياب بعد شعوره بجدية المبادرة الفرنسية وانها قد تحمل تبدلات نوعية في الوضع القائم وتخرج الجميع من “الستاتيكو” الخطير والذي ينذر بمزيد من الانهيارات فلا حول ولا قوة للحكومة المستقيلة والكل مكبل ومحاصر والعقوبات تحاصر الجميع.
وتكشف الاوساط ان “حزب الله” الوحيد الذي كان يقظاً ومتنبهاً الى خطورة فشل المبادرة الفرنسية وجسامة المخاطرة بحكومة دياب الاصيلة وجعلها مستقيلة وكلفته السياسية العالية. وحكومة دياب قد بدأت تتعاطى بجدية مع المجتمع الدولي وتتفاوض مع صندوق النقد الدولي وفتحت “طاقة” مع فرنسا وغيرها بعد إنفجار مرفأ الكارثي والمأساوي وتحويلها الى حكومة مستقيلة ومشلولة زاد المآسي مآس.
وتقول ان بعد حسن النوايا من 8 آذار وحلفائه، تبين سوء النوايا والمنحى الانتقامي الثأري الداخلي والسعودي والاميركي من “الثنائي الشيعي” والسعي الى إكمال العقوبات والضغط والحصار حتى آخر رجل وحتى آخر دولار وسنت في البنك المركزي.
فسيناريو تجويع اللبنانيين لتركيعهم هو الامثل برأي هؤلاء وكانت المحاولة بالتذاكي وتمرير الخديعة عير حكومة أديب لكنها فشلت.
وتؤكد الاوساط ان نقاشاً جدياً يدور في الكواليس القيادية لاعادة الحكومة المستقيلة الى دورها ولا سيما انها البلاد في حالة طوارىء بعد تفجير المرفأ وانفجار فيروس “الكورونا”.
وهي مضطرة الى الاجتماع واتخاذ قرارات كأنها اصيلة بسبب حال الطوارىء بحدود ما يسمح الدستور والقوانين، مع إبقاء خطوط الواصل مفتوحة مع الفرنسيين وغيرهم ومع المخلصين في الداخل والعهد والحلفاء للوصول الى حكومة اذا سنحت الظروف وصفت النوايا.
el-nashra