لم تكن جولة رئيس حزب القوات اللبنانية، سمير جعجع، في الأشرفية عقب انفجار 4 آب، خطوة تضامنية وتفقدية حصراً. السير في ساحة ساسين، ولو لبضعة أمتار لا غير، أرادها جعجع رسالة الى باقي الأحزاب بأنه ليس واحداً من «كلّن يعني كلّن». يومها، كان ثمة محتجون في وسط بيروت، لكنهم مُنِعوا، وفق ما قالوا، من ملاحقة رئيس القوات وطرده، باستثناء إحدى المواطنات التي أطلّت من شرفتها صارخة في وجهه: «يا مجرم طلاع من هون (…) استقيل». وبالفعل، بدا جعجع على وشك الاستقالة، فقد أعلن من ساحة ساسين أن استقالة نواب القوات «في جيبهم»، مضيفاً إن «الاتصالات جارية مع كل القوى السياسيّة، بهدف تجميع عدد كبير من الاستقالات من المجلس النيابي خلال اليومين المقبلين». كان الموقف مربحاً له وخصوصاً أن من كان يصف الاستقالة بالعمل الساذج، بات يراها ضرورة بعد الانفجار، ولا سيما في أوساط المجتمع المدني. فالمجموعات الرافضة تماماً لانتخابات نيابية مبكرة بالقانون نفسه الذي يعيد الطقم نفسه في غياب أي ائتلاف معارض جدّي يشكّل بديلاً من السلطة، أصبحت في ليلة وضحاها مؤيدة للطرح. لكن ارتباطات رئيس القوات داخلياً وخارجياً، حالت دون إكماله «المفاجأة الكبيرة» التي وعد بها الناس بعد ثلاثة أيام على زيارته الأشرفية، بل زايد على نفسه بالطلب من النواب المستقيلين العودة عن استقالاتهم. وللمرة الأولى، تحدّث البعض يومها عن نزوح قواتي الى بيوت الكتائب وإلى المجموعات المدنية، نتيجة غضب المناصرين وخيبة أملهم. هكذا، قطع جعجع ما كان يمكن أن يجعله وجهاً مقبولاً في أوساط بعض المنتفضين.