الرئيسية / أخبار محلية / ثلاثة آلاف ليرة ربطة الخبز في الأسواق إنجاز وزير الإقتصاد المستقيل

ثلاثة آلاف ليرة ربطة الخبز في الأسواق إنجاز وزير الإقتصاد المستقيل

الديار

الفلتان الاقتصادي الأمني يزداد بوتيرة عالية… والتجار أبطال المأساة
أمام حكومة مشلولة عاجزة… فرض حالة طوارئ أصبح حاجة مُلحّة

لمُحلّل الاقتصادي

ارتفاع وتيرة الأحداث الأمنية من عمليات سطو وإشكالات مُسلّحة، يُشكّل نذير شؤم عما قد تؤول إليه الأمور في المرحلة المقبلة. ففي ظرف يومين (من الإثنين ليلا حتى الأربعاء مساء)، تمّ القيام بعدد من عمليات السطوّ المُسلّح في العديد من المناطق اللبنانية، على مثال عملية البحصاص (الكورة) حيث قام عدد من المسلحين بالإعتداء على سائق شاحنة وتمّ سلب الشاحنة وما يحمله هذا السائق. أيضًا تمّ السطو المُسلّح على عسكري خارج الخدّمة وتمّ سلبه وذلك في منطقة العبودية. وفي منطقة الرفاعية في طرابلس، قام مُسلّحون بسلب شخص كل ما يحمله… وفي نفس الفترة، نشب عدد من الخلافات الشخصية التي تطوّرت إلى نزاعات مُسلّحة على مثال ما حصل البارحة في عين الحلوة، وفي سير الضنّية أطلق مُسلّحون النار في باكور مُخلّفين أضراراً مادية. وفي خندق الغميق، تطوّر خلاف شخصي إلى شبه حرب مع إستخدام أسلحة رشاشة قرب مبنى الخطيب في الخندق الغميق. وأول من أمس أدّى خلاف شخص في المنكوبين في طرابلس إلى جرح شخص… أمّا على صعيد إقفال الطرق، فقد تمّ إغلاق العديد من الطرق خلال اليومين الماضيين في بعلبك، وسط المدينة، الحمرا، الجيّة، صور، طرابلس، سليم سلام، تعنايل…

هذا الكمّ الكبير من الأحداث الأمنية، هو نتاج تغيّب الدوّلة اختياراً وخصوصًا السلطة التنفيذية إضافة إلى تلطّي المُخالفين وراء محميات سياسية لا يمكن ردعها! وبالتالي فإن هذا المشهد هو سابقة في تاريخ لبنان ما بعد الحرب الأهلية، وإذا كان يدلّ على شيء فإنه يدلّ على بدء مرحلة الفوضى والتي عــادة ما تســبق إنهــيار مؤسسات الدوّلة، إلا أن الأمر منعكس في لبنان، إذ إن انهيار مؤسسات الدولة حاصل حكماً، لذا تبقى وتيرة هذه الفوضى التصاعدية مسألة وقت، ولعل ما يمنعها حالياً هو إمساك بعض أهل السلطة لجمهورهم، ولكن إلى متى يمكنهم المحافظة على هذه الســيطرة – أو ضبط النفس –؟

من هذا المُنطلق، أصبح من الضرورة بمكان، وحفاظًا على ما تبقى من الكــيان اللبــناني، أن يتمّ إعــلان حــالة طوارئ تسمح للجيش اللبناني بإستلام زمام الأمور على كامل الأراضي اللبنانية بهدف ضرب أي عمل تخريبي أو فتنة يتمّ التحضــير لها من خلال الإخلال بالأمن.

المرسوم الإشتراعي رقم 52 تاريخ 05/08/1967 (اعلان حالة الطوارئ او المنطقة العسكرية) نصّ في مادّته الأولى على أنه «تعلن حالة الطوارئ او المنطقة العسكرية في جميع الاراضي اللبنانية او في جزء منها: – عند تعرض البلاد لخطر مداهم ناتج عن حرب خارجية او ثورة مسلحة او اعمال او اضطرابات تهدد النظام العام والامن او عند وقوع احداث تأخذ طابع الكارثة». وبغض النظّر عما تنصّ عليه المادّة الثانية من هذا المرسوم الإشتراعي والتي تُعطي مجلس الوزراء صلاحية إعلان حالة الطوارئ، فإن شروط إعلان حالة الطوارئ موجودة. والتحذيرات التي أصدرها وزير الداخلية (في مقابلة تلفزيونية) عن فقدان الأمن هو أكبر دليل على فلتان الأمن الذي يضرب العديد من المناطق وهو مُرشّح أيضاً للإزدياد مع الوقت.

بالطبع، المُعارضون لمثل هذا الأمر سترتفع أصواتهم في المرحلة المُقبلة سواء ضدّ تسلّم الجيش زمام الأمور أو لغايات أخرى تنبع من المصالح السياسية والشخصية. إلا أن هذا الأمر هو ضرورة قصوى مع عجز حكومة حسان دياب عن الإمساك بزمام الأمور وبالتالي فإن المُعارضين سيتحمّلون مسؤولية تاريخية أمام ما قد تؤول إليه الأمور في حال عدم فرض حالة الطوارئ.

إقتصاديًا، الأمور ليست بحالٍ أفضل! فغياب الرقابة أدّت إلى تفلّت الأسعار بشكل غير مقبول مع تجّار أقلّ ما يُقال عنهم أنهم أبطال التهريب والإحتكار ورفع الأسعار بشكلٍ أدّى إلى زيادة نسبة الفقر مما دفع بعض المواطنين إلى السرقة بهدف إطعام عائلاتهم. نعم التُجّار يرفعون الأسعار بشكل غير مقبول ووزارة الاقتصاد والتجارة في غيبوبة تامة لا تُحرّك ساكنًا. والأصعب في الأمر أن التهريب الذي يستهلك ما بين 50 إلى 70% من دولارات لبنان، يقبضها التجّار في الخارج ولا يُعيدونها إلى لبنان! كل هذا أمام عجزّ حكومي قاتل.

وكأن فلتان الأسعار وعجز الحكومة لا يكفيان، فقد عاود وزير الاقتصاد والتجارة المستقيل رفع نسبة إنجازاته وذلك برفع سعر ربطة الخبز إلى ثلاثة ألاف ليرة بعد أن خفّض من وزنها في الأسبوع الماضي. كلفة المحروقات التي يتمّ تهريبها تبلغ بضعة مئات ملايين الدولارات شهريًا في حين أن كلفة الطحين لا تفوق بضعة عشرات ملايين الدولارات! فهل هذا تواطؤ أم عجز حكومي أم سعي لإشعال الغضب الشعبي عن سابق تصور وتصميم؟ ما يمكن الجزم به هو أنه في جميع الحالات نجحت هذه الحكومة بتثبيت مفهوم أنها لا تعمل لمصلحة اللبنانيين بكل ما أوتيت من قوة!

والمُعيب أن هناك مسؤولين في الدوّلة يظهرون على شاشات التلفزة لتبرير رفع الأسعار بحجّة ارتفاع سعر صرف الدولار وهو تبرير لا يقوم إقتصاديًا نظرًا إلى أن نسبة الدولار في ربطة الخبز لا يُبرّر ارتفاع الأسعار الذي يُقرّه وزير الاقتصاد والتجارة المستقيل إلا من رفع منسوب هموم اللبنانيين.

من جهتها، بدأت المنظومة المُسيطرة على إستيراد النفط برفع أسعار البنزين والمازوت والغاز حيث بلغ سعر صفيحة البنزين أربعين ألف ليرة يتمّ أخذ دولاراتها من أموال المودعين ويتمّ تهريبها إلى الخارج من قبل نفس المنظومة.

أمام هذا المشهد السريالي للواقع اللبناني المأزوم فإن المرحلة المقبلة يشوبها غموض أكبر فيما يخصّ كلاً من حجم التفلّت في الأسعار والتفلّت الأمني.

من هذا المُنطلق يأتي تدخّل الجيش في هذه اللعبة لضبط عملية الإحتكار المقنع والتهريب المنظم اللذان يلعب فيهما التجّار دور البطولة. هذا من جهة، وأما من جهة أخرى، فإن هذا التدخل ضروري أيضًا لضبط التفلّت الأمني الذي أصبح يُشكّل خطرًا فعليًا، وإلا فإن استنساخ الحالة الفينزويلية وصيرورتها واقعاً لبنانيا لا مفر منه عندها تصبح عمليات السطو المُسلّح تضرب المواطنين كل يوم وبوتيرة متصاعدة.

شاهد أيضاً

غزة ما بعد العصر الإسرائيلي: قيامةٌ لا رجعة منها

يمثّل تحرير قطاع غزة من الاحتلال الإسرائيلي محطّة مضيئة في الصراع المستمرّ مع العدو، كونه …

Open chat
أهلاً وسهلاً بكم