المصدر: لبنان 24
دعت الباحثة في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى انا بورشفسكايا الرئيس الأميركي جو بايدن إلى السير على خطى نظيره الروسي فلاديمير بوتين وجعل سوريا من أولوياته، محذرةً من أنّ موسكو تعزز انتشارها العسكري في مناطق حساسة وتواصل مسارها الديبلوماسي بما يؤثر سلباً على المصالح الأميركية في البلاد.
ولفتت بورشفسكايا إلى أنّ الاحتجاجات الشعبية الواسعة في روسيا والمشاكل الاقتصادية وجائحة كورونا والاضطرابات الحدودية المتزايدة لم تؤثر كلها على جهود بوتين في سوريا، مشيرةً إلى أنّ موسكو بدأت منذ أواخر كانون الأول الفائت (في أعقاب الانتخابات الرئاسية الأميركية) تعزيز وجودها في شمال شرقي سوريا، المنطقة الكردية-العربية المحاذية للحدود التركية والعراقية.
وأوضحت الباحثة أنّ نحو 3 آلاف عنصر تابعين للشرطة العسكرية الروسية وصلوا إلى الحسكة، مشيرةً إلى أنّه يتردّد أنّ موسكو نشرت وحدات عسكرية جديدة في القامشلي و عين عيسى والرقة في ظل تصاعد القتال؛ علماً أنّ الصيف الفائت شهد احتكاكاً بين القوات الروسية والأميركية في شمال شرقي سوريا.
وفي قراءتها، اعتبرت بورشفسكايا تمركز الشرطة العسكرية الروسية رسالة للولايات المتحدة و تركيا، وهي تفيد بأنّ موسكو لا تريد التنازل عن هذه المساحة. وفي هذا الصدد، أبرزت الباحثة أهمية هذه المنطقة التي تحكمها “قوات سوريا الديمقراطية” المدعومة أميركياً بشكل شبه مستقل، مبيّنةً أنّها تمثّل نقطة تقاطع لمصالح اللاعبين الكبار في سوريا، أي الولايات المتحدة و تركيا و روسيا .
وإذ وصفت الباحثة العلاقة الروسية-التركية بغير المتكافئة في سوريا، حيث تملك موسكو أوراقاً أكثر، ذكّرت باقتراب تركيا و روسيا من مواجهات عسكرية مباشرة في إدلب، قائلةً: “ترغب موسكو في تقييد النفوذ العسكري التركي الذي من شأنه التأثير على مصالح موسكو و(الرئيس السوري بشار) الأسد في المنطقة”.
وكتبت بورشفسكايا: “وضع بوتين تعزيز الوجود الروسي في شمال شرقي سوريا نصب عينيه منذ وقت طويل، وذلك منذ الإعلان عن انسحاب أميركي جزئي في خريف العام 2020 على الأقل”، مضيفةً: “يبدو أنّه من شأن وجود أميركي محدود أن يضع السوريين الأكراد أمام خيار واحد وهو إبرام اتفاق يتيح لدمشق استعادة السيطرة على المنطقة وبالتالي تقريب بشار الأسد من النصر”.
توازياً، تناولت الباحثة التقدّم الروسي بمحاذاة طول الحدود السورية شرقي المتوسط، وتحديداً في اللاذقية، حيث تقع قاعدة حميميم، مشيرةً إلى أنّ تقارير حديثة قالت إنّ موسكو توسّع مدرجاً لاستيعاب ناقلات جوية ثقيلة.
ديبلوماسياً، لفتت الباحثة إلى أنّ موسكو وطهران وأنقرة أصدرت بعد أيام على تنصيب بايدن بياناً مشتركاً بعد الجولة الخامسة لمحادثات السلام في جنيف، فتم التأكيد على الالتزام القوي بـ”سيادة (سوريا) واستقلالها ووحدتها وسلامة أراضيها”. يُذكر أنّ هذا البيان صدر بعدما فشلت الجولة الخامسة لاجتماعاتاللجنة الدستورية في 29 كانون الثاني الفائت في تحقيق نتائج ملموسة.
وفي الإطار الديبلوماسي نفسه، تطرّقت الباحثة إلى استضافة موسكو الجولة الخامسة عشر لمحادثات أستانة في 16 و17 شباط الفائت، معتبرةً أنّ هذه المحادثات وفّرت مساراً بديلاً حيّد الولايات المتحدة وروّج لدور روسيا كصانعة سلام.
وعليه، حذّرت بورشفسكايا من أنّ روسيا تستخدم سوريا منذ أيلول العام 2015 لتوسيع نفوذها في دمشق ودعم الأسد من جهة، وكمنصة انطلاق لتنفيذ عملياتها وبسط سيطرتها في الشرق الأوسط من جهة ثانية. وكتبت الباحثة: “قد لا تمثّل سوريا أولوية لإدارة بايدن، إلا أنّها أولوية بالنسبة إلى بوتين”، مؤكدةً أنّ اتساع النفوذ الروسي في سوريا سيلحق ضرراً أكبر بالمصالح الأميركية، بل المصالح الغربية على نطاق أوسع، على حدّ تعبيرها.