المصدر: الأخبار
سعد الحريري يُناور ويُقدّم مواقف متناقضة للقوى السياسية المحلية والدولية، لأنّه غير مُستعجل تأليف حكومة جديدة. وفي الوقت نفسه، لن يتخلّى عن السلطة. يعرف أنّ المناخ الغربي غير جاهز بعد لحسم الملفّ اللبناني، فيُحاذر حلّ العقد الحكومية. أما رئيس الجمهورية، العماد ميشال عون، فبات يجاهر بضرورة البحث عن رئيس حكومة آخر
التعقيدات الحكومية الداخلية ليست يتيمة، فمعطوفٌ عليها «اقتناعٌ» من الدبلوماسيين المؤثّرين بأنّ لا تغييرات في المشهد الحكومي في المدى المنظور. السعي الأوروبي، وتحديداً الفرنسي، والضغوط الممارسة على القوى السياسية لإنضاج التسوية، تصطدم بعدم الجهوزية الأميركية للبتّ به بعد. الملفّ اللبناني ليس أولوية على طاولة البيت الأبيض، الذي لم يُعيّن مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأوسط، خلفاً لديفيد شينكر. وتُضيف المصادر بأنّ التصريحات، ولا سيّما للسفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا، حول ضرورة تخلّي القوى السياسية عن شروطها والاتفاق على الحكومة، «لا تعدو كونها أكثر من مواقف عامة، لأنّ شيا لم تتسلّم بعد تعليمات إدارتها بما خصّ لبنان».
في المحصّلة، لم يظهر بعد الضوء في آخر النفق. إلا أنّ الأوضاع على المستويات كافة لا تحتمل الانتظار. يوجد حكومة تصريف أعمال، لكنّها ترفض أن تتحمّل مسؤولياتها حتى بما يُشرّعه لها القانون. يتذرّع رئيس الحكومة المُستقيلة حسّان دياب بأنّه لن يتخذ أي قرار لا يكون مُغطّى من مجلس النواب. فالرجل الذي يعتبر نفسه «خُدع» من قوى 8 آذار ورئاسة الجمهورية، ويُصرّح بشكل مُتكرّر بأنّ القوى التي دعمت تأليف حكومته كانت أوّل من تخلّى عنها، لم يعد «يثق» بالفريق الذي سمّاه، ويُطالب بـ«ضمانات» تحميه قبل الإقدام على أي خيار. كما أنّ دياب، الآتي من خارج نادي رؤساء الحكومات التقليديين، قرّر في آخر عهده أن يتمسك بحماية «البيت السنّي» له، دينياً (دار الفتوى) وسياسياً (بيت الوسط). يُحاذر اتخاذ أي قرار قد يُبعده عن «نادي رؤساء الحكومات السابقين». كما أنّه لا يُريد أن يُغضب الحريري. لذلك، يُدير دياب «الأذن الطرشاء» لوزراء يُطالبون بتفعيل عمل الحكومة المستقيلة، وقد دار نقاشٌ بينهم على إحدى مجموعات تطبيق «واتساب». وعلى الرغم من نفي نائبة رئيس الحكومة، وزيرة الدفاع زينة عكر، خبر عقد اجتماع إلكتروني لتفعيل حكومة تصريف الأعمال، أشارت مصادر بارزة إلى أنّ الأمر تمّ على شكل محادثات على اجتماع، وأنّ دياب يُجدّد رفضه تفعيل الحكومة، لتعرّضه «للضغط من بري والحريري»، وثانياً لأنه «لا يريد الاصطدام بطائفته التي رفضت على لسان دار الفتوى ونادي رؤساء الحكومات تفعيل الحكومة».
قال الحريري لبرّي إنّه لم يعد متمسّكاً بأن تكون الحكومة من 18 وزيراً
وأشارت المصادر إلى أن «الوزراء المحسوبين على رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر هم من يدفعون إلى ذلك»، علماً بأنهم ينفون الخبر، مؤكدين أنّ «التواصل دائم للتشاور في عدد من الملفات المهمة». وتُضيف المصادر إنّ دياب أرسل موفدين إلى عين التينة التي ردّت بأنّ ممارسة الحكومة لواجباتها ضمن نطاق تصريف الأعمال ليست بحاجة إلى جلسة نيابية لتوضيح ذلك، وبإمكان مجلس الوزراء مناقشة مشروع الموازنة. فاستعان دياب برئيس مجلس القضاء الأعلى السابق، القاضي غالب غانم، فكان جوابه أيضاً أنّ الدستور واضح ولا حاجة إلى جلسة تشريعية لتفسيره.
مليار دولار لـ«المنصة»
على صعيد آخر، لا يزال مصرف لبنان «يتكتّم» على أيّ معلومات لها علاقة بمنصة الصرافة التي سيُطلقها. وبعدما كان البيان الصادر عن رئاسة الجمهورية الأسبوع الماضي، يُشير إلى أنّ العمل بالمنصة سيبدأ الأسبوع المنصرم، أجّل «المركزي» التطبيق إلى 16 نيسان. وتُفيد معلومات «الأخبار» بأنّ القيمة المتوقعة لضخّها في المنصّة، من مصرف لبنان والمصارف، هي مليار دولار أميركي، مصدرها الاحتياطي الإلزامي للمصارف لدى مصرف لبنان. الاتفاق المبدئي السابق مع مصرف لبنان، كان يتضمّن إمكانية أن تُعيد المصارف مليار دولار من قرابة 3 مليارات ونصف مليار دولار التي أودعتها في حساباتها لدى مصارف المراسلة في الخارج. «مصرف لبنان سيسمح للمصارف بذلك، لكنّه لن يفرضه عليها»، تقول مصادر مُتابعة. وتوضح المصادر أنّ «المركزي» يوحي بأنّ تمويل منصة الصرافة من الاحتياطي «لن يمسّ بالاحتياطي الإلزامي لأنّ الرقم الإجمالي لـ«الإلزامي» تدنّى أصلاً إلى حدود الـ 15 مليار دولار أميركي، بعد انخفاض قيمة الودائع». وقد حُسم أنّ المستفيدين من المنصة هم التجّار والصناعيون، «على أن يُبحث في المرحلة الثانية إمكانية فتحها أمام الأفراد، شرط أن يكونوا من زبائن المصارف، وذلك بحجة مكافحة تبييض الأموال». تمويل المنصة، ألن يؤثّر على الدعم؟ تُجيب المصادر بأنّه في الأشهر الماضية كان حاكم مصرف لبنان رياض سلامة يُخيّر النواب والسياسيين بين دعم استيراد المواد المدعومة وبين منع الليرة من الانهيار، «الآن أيضاً يقول إنّ علينا أن نختار بين دعم الاستيراد وبين التدخل في السوق لوقف انهيار الليرة».