شهدت بلدة عيناثا في قضاء بنت جبيل، لقاء سياسيا- شعبيا- ثقافيا حاشدا، احتضنه “مسرح الانتصار” في البلدة، حيث أقام “منتدى جبل عامل للثقافة والأدب”، مهرجان الشعر العربي الذي شاركت فيه نخبة من الشعراء اللبنانيين والعرب، تكريما للشاعر الراحل السيد نظام الدين فضل الله بمناسبة إطلاق كتاب “ذاكرة القوافي” الذي جمع فيه نجله النائب حسن فضل الله قصائد والده، إضافة إلى إلقاء الضوء على سيرته الدينية والأدبية والنضالية والاجتماعية.
تقدم حضور المهرجان: ممثل رئيس مجلس النواب نبيه بري النائب علي بزي، ممثل الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب الحاج محمد رعد، ممثل رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان، وزير المالية علي حسن خليل، السفير السوري علي عبد الكريم علي، النواب: أيوب حميد، علي عمار، عباس هاشم وعبد المجيد صالح، رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله السيد هاشم صفي الدين، رئيس مجلس الجنوب قبلان قبلان، مدير مكتب المرجع الديني السيد علي السيستاني حامد الخفاف، وفد من جمعية المبرات الخيرية برئاسة السيد جعفر السيد محمد حسين فضل الله، الإعلامي طلال سلمان، رؤساء إتحادات بلدية وبلديات جنوبية، ممثلون عن القوى الأمنية الرسمية، حشد من رجال الدين ووجوه إعلامية وثقافية وتربوية.
رئيس الجمهورية
وخص رئيس الجمهورية العماد ميشال عون المهرجان برسالة تهنئة، بباقة ورد زينت المسرح وجاء في رسالته: “أهنئ النائب الدكتور حسن فضل الله على كتابه ذاكرة القوافي، وأتمنى النجاح لمهرجان الشعر العربي، وأدعو للقيمين عليه دوام التوفيق والعطاء حفاظا على التراث، وإنماء للثقافة والفكر”.
فضل الله
قدم للمهرجان الاعلامي سهيل ذياب، وألقى في بدايته النائب فضل الله كلمة قال فيها: “ما أنا بشاعر، ولا أكتب لغة القصيدة، لكن سقاني أبي من عين عيناثا ومن عين جوزتها كأسا ملآنا مشبعا، نسكبه هنا رحيقا، سقى الأرض من دم الشهداء، فأينع النصر وتألق، وأشعل هناك القمم فتجدد. نفس التراب هنا، وخرير الماء وصوت الحجر وحفيف الشجر قواف يلهبها آب، كأن له في كل زمن وعدا صادقا، عاد يحمل شعلة المجد، يوقد ذاكرة القوافي، فيمحو زمن النكبة في حيفا، وينعش زمن النصر في عيناثا، وفي كلا الزمنين عاش أبي نستعيده في كتاب، وأي أب مثلك يا أبي لا يحويه كتاب”.
أضاف: “الأب المربي الآتي من أصالة الإيمان، ومن إرث العرب في بلاغة لغتهم، وجزالة شعرهم، المغروس في الجبل العاملي، والمختزن عصارة تراثه وأدبه وثقافته، سليل مدارس العلم لآبائه وأجداده، والتي امتدت جيلا بعد جيل وصولا إلى عهد أبيه العلامة السيد حسين حيدر فضل الله، وجده علامة الجبل وإستاذه الشيخ موسى مغنية.
الأب الآتي من تراث فلسطين في حيفا يوم ذهب إليها كأغلب العامليين في زمنه، عاملا في سبيل لقمة عيش حلال، فصار فيها واحدا من الفدائيين العرب، ولكن العرب أضاعوا فلسطين، فبقي يناجي القدس شعرا علها تعود لأصحابها مع أي جيل آت، وكاد الجنوب معها يضيع قبل زمن المقاومة وإشراقة الانتصار في أيار عام 2000”.
واستطرد: “الأب، صاحب ثروة لا تقدر بثمن تركها لأبنائه وعارفيه، وهي خارج معادلات الأرقام، إنها منظومة القيم والسيرة والسلوك، نستظل بأفيائها، وعلى بركاته نعيش، ثروة لا تحتاج إلى تدوين على ورق، لأنه خطها على صفحات القلوب، فلا يمحوها تقادم الزمن ولا تنساها الذاكرة”.
وعن “ذاكرة القوافي” قال إنه “ديوان شاعر أبحر بين لجج المعاني، فانتقى منها الجواهر، وحكاية تاريخ عاملي نمشي دروبه التي أوصلت هذا الجيل من الشعراء إلى القصائد التي نسجوا معانيها، وعزفوا أوتارها. دروب مرت بحقب تاريخية طويلة، وشقتها أيد كثيرة حفرت في الصخر وعلى التلال وفي الوديان، وخضبت بدماء غالية، لتكون لهذا الجبل العاملي مدارس علمه ومنابر شعره وميادين جهاده”.
أضاف: “نستعيد هذه الذاكرة من خلال وهج هذا الحضور الذي تزدان به هذه القاعة، وهي التي تحمل اسم الانتصار تيمنا بنصر آب 2006 المضمخ بدم الشهداء من عيناثا ورفيقاتها خاصة في قرى الجوار. تضفي هذه المشاركة العزيزة رونقا خاصا لما تحمله من ود وصداقة واهتمام، وهي التي تزيد هذا المهرجان تألقا، فلكم مني ومن عائلة صاحب الديوان الشكر والامتنان. للشعراء للكبار جورج شكور، نجاح العرسان، طارق ناصر الدين، معروف فضل الله، أحمد بخيت، غسان مطر، الشكر على ما أبدعوه من قصائد، الشكر موصول لمنتدى جبل عامل بشخص رئيسه الشيخ فضل مخدر وكل العاملين على إتمام هذا المهرجان”.
وختم: “آمل أن يجد هذا الكتاب مساحة من اهتمامكم، وأن يضيف جديدا إلى معارفكم، وهو الذي سيوزع في نهاية هذا المهرجان كهدية عن روح الوالد السيد نظام الدين فضل الله، وعن أرواح شهداء المقاومة في أيام انتصار دمهم هنا في الجنوب وهناك في الجرود”.
الشيخ مخدر
ثم ألقى رئيس منتدى جبل عامل الشيخ فضل مخدر كلمة قال فيها: “إن السيد نظام الدين واحد من أولئك الرجالات الذين تشاركوا الهم، وهاجر الهجرتين، بل زاد بهجرة أخرى، وكان بندقية تطلق الرصاص تارة وتارة أزيز الحروف منذ حل ضيفا على حيفا مرورا ببحر بيروت ورمل الخليج، امتشق الحرف كما شهر البندقية، يورث التراب والحقول والأبناء عزم المواقف، ويشربهم نمير المقاومة”.
وألقى بعد ذلك قصيدة حيا فيها النصر في تموز 2006 و2017.
قصائد الشعراء
اعتلى بعد ذلك الشاعر جورج شكور المنبر فالقى قصيدة عنوانها “الوجود نظام”، ختمها بأبيات للمقاومة والشهداء. وقدم بعده الشاعر العراقي التهنئة للبنان ب”انتصاراته الجديدة والتي ترافقت مع الانتصارات في العراق”، وقال: “نصركم نصرنا والعكس صحيح”، وألقى قصيدة بعنوان “الملخص في نظام الدين”. وتبعه الشاعر طارق ناصر الدين بقصيدة عنوانها “نهر حنين”، تميزت ببعدها العاطفي تجاه صديقه الشاعر الراحل. ثم ألقى الشاعر معروف فضل الله قصيدة بعنوان “إرث الجدود”، أشار فيها إلى تاريخ الشاعر الراحل، وحيا “انتصارات المقاومة وقائدها السيد حسن نصر الله”. واعتلى الشاعر المصري أحمد بخيت المنبر قائلا “لم أشهد في مشاركاتي مثل هذا المستوى من الحضور المتميز والحاشد”، ثم ألقى قصيدة بعنوان “وصايا السيد” تألق فيها بالأبيات والأداء. وجاءت قصيدة الشاعر غسان مطر الحماسية التي خصص جزءا منها للانتصارات الأخيرة، لتزيد حماسة الجمهور.
واختتم المهرجان بتوزيع الكتاب على الحضور كهدية عن روح الشاعر وأرواح شهداء المقاومة.
المصدر: الوكالة الوطنية