عن الإمام الصادق (ع): مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَطْلُبُ فِيهِ عِلْمًا , سَلَكَ بِهِ طَرِيقًا مِنْ طُرُقِ الْجَنَّةِ ، وَإِنَّ الْمَلائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتِهَا رِضًا لِطَالِبِ الْعِلْمِ ، وَإِنَّ فَضْلَ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ عَلَى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ ، وَإِنَّ الْعَالِمَ لَيَسْتَغْفِرُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ ، وَكُلُّ شَيْءٍ حَتَّى الْحِيتَانِ فِي جَوْفِ الْمَاءِ ، إِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الأَنْبِيَاءِ ، إِنَّ الأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا ، وَلا دِرْهَمًا ، وَأَوْرَثُوا الْعِلْمَ , فَمَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ . الأنبياء والرسل وجميع المعصومين خير خلق الله سبحانه، جعلهم الله هداةً للخلق، يرشدونهم إلى الصراط المستقيم، ويعالجون مشاكلهم الروحية والمعنوية والمادية، يدعون الناس لعبادة الله سبحانه، يبشرونهم بالجنة وينذرونهم من عذاب النار، يُبيّنون لهم ما يُصلح دينهم ودنياهم وآخرتهم، وأوّل مهام المعصومين تبليغ الأحكام التي أرسلهم الله بها إلى الناس، ليضمن لهم سعادة الدارين، قال تعالى ” يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ” يُبلّغ بلا خوفٍ ولا وجلٍ؛ لأنها وظيفته التي أمره الله بها، يبلّغ ويُبيّن للناس ما أمره الله به، قال تعالى ” وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ” فلا يكتفي بالتبليغ فقط؛ بل يُبيّن لهم ما تشابه عليهم وما كان مجملاً، لتحقيق الغاية من بعثته، وأنّ الله أرسله لإصلاح وتزكية النفوس وتهذيبها، فترى المعصوم قد جبلت نفسه بالإنصاف والأخلاق الحميدة والصفات الفاضلة، كالصدق والوفاء والأمانة وغيرها، فهو مُطهّرٌ من كل رجس، سعياً نحو مكارم الأخلاق تأسياً بسيد البشرية ” إنما بُعثتُ لأتـمّمَ مكارم الأخلاق ” فقد بعثه الله ليُزكّي الناس ويرفعهم ويُطهّر قلوبهم وبيوتهم وأعراضهم وكلّ شؤون حياتهم وعباداتهم ومعاملاتهم . إنّ العلماء يرثون الأنبياء في أخلاقهم السامية وسلوكهم الرفيع من التواضع وحب المساكين وحسن الخلق، ويرثونهم في مهامّهم بالهداية والتبليغ بتعليم الناس وتزكيتهم وإنذارهم وتبشيرهم ومعالجة أمراضهم الاجتماعية والنفسية ” وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ “، فالعلماء الذين يحافظون على إرثهم من الأنبياء؛ يحفظهم الله ويرفعهم ” يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ “، ومن خلال استعراض الآيات والروايات التي تتحدّث عن مقام العلماء ندرك أنّ ما من منزلة أرفع لدى الله سبحانه بعد مرتبة الأنبياء (ع) والأئمة (ع) من منزلة العلماء العاملين للحفاظ على الدين بردّ الشّبهات ومجاهدة أعداء الله، لتكون كلمة الله هي العليا وكلمة أعداء الله هي السّفلى، عن رسول الله (ص): أقرب الناس من درجة النبوة أهل العلم والجهاد . وعنه (ص): العلماء ورثة الأنبياء، يُحبّهم أهل السماء ويستغفر لهم الحيتان في البحر إذا ماتوا إلى يوم القيامة . وعنه (ص): العلم وديعة الله في أرضه، والعلماء أمناؤه عليه، فمن عمل بعلمه أدّى أمانته . إنّ الشهداء ليتخرجون من تحت منابر العلماء، لأنّ العلماء قد زرعوا في قلوبهم حبّ الله وعشقه سبحانه، وزرعوا بذور الإيثار في قلوبهم، وحملوهم على سيرة الأبرار، فللعلماء الفضل في تربيتهم وتوجيههم إلى الجهاد وعشق الشهادة، فكان مداد العلماء أفضل من دماء الشهداء . عن الإمام الصادق (ع): إذا كان يوم القيامة جمع الله عز وجل الناس في صعيد واحد ووضعت الموازين فيوزن دماء الشهداء مع مداد العلماء فيرجح مداد العلماء على دماء الشهداء .
العالم العامل إذا رأيته تتذكّر سيرة النبي (ص) والأئمة (ع)، فتلتفت إلى أنّ هناك جنة ونار، فحينها تكون رؤية العالم موعظةً تجلو صدأ القلب، عن رسول الله (ص): النظر إلى وجه العالم عبادة . وكيف تكون عبادة ؟ يُجيب الإمام الصادق (ع) بقوله: هو العالم الذي إذا نظرت إليه ذكّرك بالآخرة . فللعلماء فضلٌ كبيرٌ على الأمة، وهذا يوجب للعلماء حقوقاً على من علّموهم وأرشدوهم، عن الإمام زين العابدين (ع): وأما حقّ سائسك بالعلم التعظيم له . وقال (ع): مَنْ وقّرَ عالماً فقد وقّر ربّه . قال أمير المؤمنين (ع): من حق العالم عليك أن تُسلم على القوم عامة وتخصّه دونهم بالتحيّة . إنّ العالم يُبعث يوم القيامة أمة وحده، قال رسول الله (ص): ألا أخبركم عن الأجود الأجود ، الله الأجود الأجود ، و أنا أجود ولد آدم ، و أجودهم من بعدي رجل علم علما فنشر علمه يُبعث يوم القيامة أمّة وحده .