أحتفلت الجامعة الاسلامية في لبنان بتخريج طلاب الجامعة – فرع صور للعام الدراسي 2016-2017، برعاية رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى رئيس مجلس امناء الجامعة الاسلامية في لبنان الشيخ عبد الامير قبلان ممثلا بالمفتي الجعفري الممتاز الشيخ احمد قبلان، في حضور النائب عبد المجيد صالح ممثلا رئيس مجلس النواب نبيه بري، المطران شكر الله الحاج، مفتي صور وجبل عامل الشيخ حسن عبد الله، متربوليت صور للروم الملكيين الكاثوليك ميخايل ابرص، ،أمين عام المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الأستاذ نزيه جمول، مفتي صور ومنطقتها ممثلا بالشيخ عصام كساب، مسؤول اقليم جبل عامل لحركة امل علي اسماعيل، رئيس اتحاد بلديات صور حسن دبوق، مسؤول التعبئة التربوية لحزب الله في الجنوب حيدر مواسي، حشد من الشخصيات والفعاليات السياسية والإجتماعية والبلديات وممثلو الأجهزة الأمنية والأندية الثقافية والإجتماعية والرياضية ورؤساء البلديات واهالي الخريجين.
وبعد مرور موكبي الخريجين ورئيسة الجامعة والعمداء والاساتذة، وتلاوة آيات من الذكر الحكيم والنشيد الوطني وتعريف من الدكتور خضر ياسين، القى مدير فرع صور د. انور ترحيني كلمة ترحيب قال فيها: حَسْبُ هذا الصرحِ الجامعيّ ان يُجدِّد هذا العام وككل عام موعِدَهُ مع الحياة، مع حُلمٍ مَفْعمٍ بالفكرِ والسحرِ والبهاءِ، مع نهايةِ رحلةٍ دراسيةٍ توجت بالقرائحِ الجوّادة.وحسبُ مدينةِ صور مدينةِ البحرِ واليراعِ وحكاياتِ الأرجوان أن تجمعَ المجدَ أكواماً، أن تكونَ الشاهدَ الأولَ على الحضورِ الصارخِ لسماحة الإمام المغيب السيد موسى الصدر الذي زرعَ البذرةَ الأولى لهذا الصرحِ الجامعيّ الوطني، وعَمِلَ ليكونَ لبنان وطنَ الخيرِ والعافيةِ والتآخي والعيشِ الواحد الراقي، وحوَّل البورَ الى بساتينَ غنّاء وأخرجَ الأمورَ من البلبلةِ الى الوضوحِ، وأيقظ المعاني الساكنةَ فينا.
وابْتَدَع من نورِ عينيهِ الخضراوين ومن نبضاتِ قلبهِ السّمحِ النقيّ، ومن دَفْقِ عطاءِ عقلِهِ المُسْتَنير حُلْماً جديداً وُلِدْنا معه من جديد.ونحنُ إذ نُحي هذا الحفلَ بالتزامن مع ذكرى تغييبِكَ، نُعاهدُكَ سيدي الإمام أننا سنحيا طالما بقيت الأحلاُم والأكوانُ والنجومُ، سنغتنم الحياةَ بكاملها، نحملُ البُشرى المُفرحةَ، رافعين رايةَ العلمِ الذي بدونِهِ لا يكون أيُّ إنسانٍ جديراً باسمِهِ كإنسان، ولا يتسنى لهُ أن يحيا.
وخاطب الخريجين فقال:بالأمسِ كنَّا الزارعين وكنتم حاصِدي غِلالَ ما زرعنا. غداً ستكونون الزارعين وسيكونُ جيلٌ جديدٌ حاصداً لغلال جهودكم، هكذا دائما تبقى روحُ العطاءِ على ما هي عليه رغم تَبدُّلِ الأزمان وتجدٌّدِ الأجيال.اقرنوا علمَكُم بالعمل، وهنا أذكِّر نفسي وأذكِّركُم بما جاء على لسان سيد البلغاء الإمام علي بن ابي طالب حيث يقول: “العلمُ مقرونٌ بالعمل، فمن عَلِمَ عَمِلَ . والعلمُ يهتِفُ بالعمل فإنْ أجابَهُ وإلّا ارتحلَ عنه.لكم تهاني عائلِتِنا الجامعية، رئيسةً وعمداءَ ومدراءَ وأساتذةً وإداريين وموظفين، وإلى ميدان العمل تصنعون الخيرَ بِلا مُقَابل.
تلتها كلمات الخريجين باللغات العربية والانكليزية والفرنسية للطلاب غدير الموسوي، حسن مرتضى واسراء بيضون، ثم القت رئيسة الجامعة ا.د. دينا المولى كلمة قالت فيها: بداية أتوجه بالتهنئة للشعب اللبناني بالتحرير الثاني وانتصاره في حرب على أعداء الوطن والتحية للشهداء الأبرار من الجيش اللبناني والمقاومة الباسلة الذين حرروا الأرض ورووها بدمائهم الذكية الطاهرة ،سنة مضت على تسلمي لمهامي وكانت أول كلمة لي كرئيسة للجامعة الإسلامية في لبنان وقلت يومها من هنا من امام شاطئ صور فبالرغم من ان صور مدينة التاريخ فهي ايضا” مدينة الحاضر وحتما” مدينة المستقبل الواعد بكم طالما ان حركة الإستنارة ابتدأت من صور بحروف مشرقة أدت الى الحضارة الإنسانية. فكانت الجامعة الإسلامية في لبنان ” جامعة لكل الوطن “.وها انا اليوم وبعد مرور سنة على التسلم اشد عزما واندفاعا، فمن اجدر من الجامعة الإسلامية لرفع ابنائها من الظلمة الى النور تلبية لرغبة صاحب الأمانة الإمام المغيب السيد موسى الصدر يوم قاد معركته بوجه الحرمان، لم يكن الحرمان بمعناه المادي أو الإجتماعي فقط بل كان يعنيه الحرمان من العلم وتحديداً التعليم العالي والتخصص الذي حرمت منه معظم الشرائح الإجتماعية في الوطن فأصر على حق المجلس بإنشاء جامعة ترفع الحرمان وتتيح للطلاب بتحصيل علمي مشرّف وبأرقى المعايير ولم يردها مشروعاً استثمارياً تجارياً فكان له ما أراد على يد الإمام الراحل الشيخ محمد مهدي شمس الدين وتشهد تطوراً وتوسعاً وتألقاً في عهد الإمام الشيخ عبد الأمير قبلان أطال الله بعمره وبدعم ورعاية مستمرة وإحتضان كامل من حامل الأمانة دولة الرئيس نبيه بري. فوضعت اسسا” لخطة عمل لتواكب التطور العلمي للإرتقاء الى أعلى المعايير الأكاديمية والتجدد والتكييف بأهداف جريئة لتبقى شامخة قادرة دوما” على المنافسة لتصبح من أولى الجامعات في الوطن العربي تؤمن لطلابها فرص العمل المبنية على الجدارة والكفاءة .
واردفت د. المولى … بدأنا بتوجيه برامج التعليم وفقاً للمعايير الدولية وأعدنا دراسة المقررات في كل كلية من كليات الجامعة والإستعانة بأهل الإختصاص من لبنان وفرنسا وتحديد المقررات بما يتناسب مع التطور والحاجة في سوق العمل والتركيز على اللغات الأجنبية وعلوم التكنولوجيا وعملنا على فتح مسارات جديدة في بعض الكليات وحصلنا على ترخيص لشهادة ماجستير في إدارة قطاع النفط والغاز وهو سيواكب المرحلة القادمة لإستخراج النفط والغاز والهدية الكبرى في هذا العام الحصول على ترخيص لكلية الصحة والتي تضم إضاقة إلى التمريض العلاج الفيزيائي وتقويم النطق والعلوم المخبرية والقبالة القانونية والتغذية. وقد بدأت تشهد إقبالاً كثيفاً.
لقد أصبحنا محط أنظار المؤسسات الحكومية اللبنانية فوقعنا اتفاقيات مع بعض الوزارات ( وزارة الإقتصاد ) لتقديم الإستشارات وتدريب الموظفين وكذلك مع قيادة الجيش والأمن الداخلي والأمن العام )مراكز الدراسات فيها(، فنظمنا عدة مؤتمرات بالتعاون والتنسيق مع أرقى الجامعات الفرنسية والعربية والإسلامية وشاركنا في مؤتمرات دولية على مساحة الوطن العربي وأوروبا واستضفنا إتحاد الجامعات الفرنكوفونية ونسعى لترؤسه هذا العام إن شاء الله. لن يقف أي عائق أمام طموحنا فلدينا كل الإمكانات العلمية وذوي الإختصاص وبدأنا نشجع على الهجرة المعاكسة من أوروبا إلى لبنان وأصبح بيننا كوادر أكاديمية مرموقة وحصلنا على المراتب الأولى في المعارض والمسابقات بين الجامعات ووصل طلابنا إلى لاهاي.
وختمت بالقول…إنني أتوجه بالشكر لكل الزملاء على تفانيهم في خدمة الجامعة والإداريين وسائر العاملين على جهودهم ومشاركتهم القيمة لإنجاح مسيرة الجامعة.أنتم اليوم الدفعة السابعة لفرع صور تستحقون الأفضل. فقيمة التخرج ليست بما بلغ اليه الطالب بل بما يطوق البلوغ اليه .فالشجرة التي تنبت في الكهف لا تعطي ثمارا” ، فلن تقبل جامعتكم ان تكونوا يوما” في ظل الحياة. فلا يوجد نور أشد سطوعا” وأكثر لمعانا” من الأشعة التي يبعثها العلم ليضع بين أيديكم فرص العمل التي نعمل على تأمينها بكل جهد. فلا تغمضوا أعينكم ولا تحولوا وجهكم عن النور فأنتم اليوم الطائر الذي يخرج من ظلمة القفص الى نور المعرفة فلن يكون أمامكم دائماً إلا فجر الربيع.لقد مضت شهور وأنتم تترقبون هذا اليوم وتنظرون الى المستقبل من وراء الكتب فترونه مشعشعا”. ولكنّ النجاح والفشل يتصارعان بالقرب منكم ، فعليكم الإختيار أي منهما هو الدرب الأصلح، إما المثابرة وإما الإنكفاء.فحياتكم الجامعية قصيرة تبتدئ بالتسجيل وتنقضي بالتخرج، فهي مثل قطرة الندى التى تسكبها أوراق الورد عند مطلع الفجر. فأنتم اليوم مثل هذه القطرة في مطلع الفجر في الربيع فالنور يلامسكم فلا تدعوه يجفف هذه القطرة بل دعوا النور يحولها الى لؤلؤة ينقلها شاطئ صور الى أعماق معترك الحياة.فلست اليوم بصدد إسداء النصائح لكم ولكن سأقول اليوم وبكل حفل تخرج بالمسقبل ستبقون أمانة في أعناقنا لأننا حزنا على ثقة أهلكم الذين أودعونا إياكم، فأنتم أملهم وبكم يحققون أحلامهم بنجاحاتكم ونحن على العهد لنكون على مستوى ثقة ذويكم وأبناء منطقتكم وأهل صور وجبل عامل خاصة ومن خلالهم إلى كل الوطن. أهلاً بكم أبناء وطني في جامعتكم جامعة لكل الوطن.
بعدها القى المفتي قبلان كلمة استهلها بالقول:لأنّ تمكين الإنسان من فهم غاية وجوده ودوره وتأمين مصالحه ومنافعه مشروط بالعلم، نجد أنّ الله سبحانه وتعالى قرن بين نبوّاته ورسالاته والعلم، وأكّد ذلك بالفطرة التي جعل خلقه وناسه عليها، وهو نفسه ما طبّع الإنسان نفسه عليه، لأنّ الإنسان من يومه الأول يسأل ذاته عن ذاته، عن كونه، وعن وجوده، ومن أين؟ والى أين؟ولأن الوصل مع الله يفترض تحصيل المعرفة بقواعدها الكليّة، نجد الله سبحانه وتعالى يقول بحقّ بعثاته النبوية:{ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ}، لأنّ العلم ركيزة الله بالإنسان، واطروحته لخلقه، فهو القائل لهم : { قُلْ سِيرُوا فِي الأرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ}، لأنّ الإنسان مدعو لمعرفة نفسه وطبيعة هذا الكون والعالم الذي يعيشه أو سيعيشه، وهنا نتذكّر المنطق بلسان علي بن أبي طالب: ليس أن تعيش لتأكل وتلتذّ بل لتخالط الحقيقة كلها وفق مفاد قوله: “مَا خُلِقْتُ لِيَشْغَلَنِي أَكْلُ الطَّيِّبَاتِ، كَالْبَهِيمَةِ الْمَرْبُوطَةِ هَمُّهَا عَلَفُهَا، أَوِ الْمُرْسَلَةِ شُغُلُهَا تَقَمُّمُهَا، تَكْتَرِشُ مِنْ أَعْلاَفِهَا وَتَلْهُو عَمَّا يُرَادُ بِهَا”نعم الأكيد المطلق أنّنا لم نخلق لعبث، ولم نصنع للهو أو لعب، لأنّ العقل الذي يتحكّم بهذا الوجود هو عقل خارق دقيق قادر وشديد الحكمة، وما في هذا الكون من تدبير ومعاجز وقدرة هو أكبر دليل على عظمة الله الخالق.من هنا كمنطق حياة وكميزة إنسان وارتباط أكيد بمنطق الله وأنبيائه كان لا بدّ من دعم التعليم والحضّ عليه والتأسيس له، ومع كل دفعة تخرّج في جامعتكم الجامعة الإسلامية اليوم نعيش لحظة ارتقاء بالحقيقة، لأنّ الإنسان من العلم كالرأس من الجسد، وهو فريضة الله على كل إنسان، وهو حقّ لهذا الإنسان على دولته ومجتمعه، إلا أنّنا نعيش وسط عالم تتحكّم به الأنانية والمال، حتى كاد أن يتحوّل العلم سبيل ارتزاق، مما أثّر على الغاية وشوّه الهدف الرئيسي للعلم .
واردف المفتي قبلان….إنّ المطلوب اليوم علم يليق بإنساننا كمخلوق كريم، كمخلوق له دور مقدّس، وهذا يعني ان التنمية البشرية يجب ان تكون رأس أولويات الدولة، والعلم هو رأس هذه الاولويات، لكن للأسف الشديد هذا هو ما نفتقده في هذا البلد لأسباب مختلفة أوّلها فساد الرؤية السياسية والتربوية والاجتماعية والاقتصادية، فضلاً عن أنانية السلطة وسقوطها في نفق الصفقات التجارية الفاسدة والمحاصصة الطائفية والمناطقية، لذلك إننا نصرّ على مشروع الدولة كضامن حقوق وأساس لدولة المواطنة، وهذا الامر يحتاج الى كفاح وطني شعبي لتأكيد حقوق الناس، في بلد لا ماء ولا كهرباء فيه ولا دواء، ويعزّ علينا ما يمر به شعبنا من وجع وفقر وحاجة وضياع واستغلال على كافة الأصعدة.
إنّنا بحاجة الى مشروع وطني إنقاذي لأجيالنا، من خلال الاستثمار بالعلم والتربية وتغيير الذهنيات القديمة بمناهج تربوية وتعليمية حديثة، تؤسّس لقيام دولة المواطنة والإنسان، لأنّ التعاسة تغتال هذا البلد، كما نشدّد على العدالة الاجتماعية والشراكة الوطنية، لأنّ الطائفية والعقلية الضيقة حوّلت هذا البلد الى فريسة تتناهشها ذئاب المال والسلطة.
وفي هذا السياق نستذكر ونستحضر الامام الصدر، ونؤكّد أن هذا الرجل كان مشروعه بحجم كل إنسان لا بل كان بحجم أمة، وهو القائل: علّموا أبناءكم وتعلّموا وشاركوا بالقضايا العامة، فإن الأوطان لا يبنيها الا العلم وتحمّل المسؤوليات”، كما نكرّر شعاره بضرورة وجود دولة بحجم مأساة الإنسان.
وختم بالقول….نبارك للبنانيين نصرهم على عصابات التكفير، ونذكّر من يعنيهم الأمر أن ما قدّمته المقاومة بحجم وطن، وأن أمن لبنان يرتبط بشكل أساس بقدرات المقاومة، ومعها ينتهي الجدل بأنّ لبناننا حصيلة الإنجاز الأسطوري الذي حقّقته الاستراتيجية الدفاعية الذهبية: جيش وشعب ومقاومة، فكفانا ارتزاقاً باسم الوطنية واخواتها.
معكم أيها الطلاب الاعزّاء يكبر الأمل، ومع كل جيل يتخرّج نشعر بضرورة تطوير لبنان.الشكر لله، الشكر لكل مخلص في هذا الصرح التعليمي، الشكر لكم جميعا، مبارك لكم، وفقكم الله لما فيه خير إنساننا ووطننا وأمتنا.
وفي الختام، تم تسليم الشهادات للخريجين وتثبيتهم.