الرئيسية / أخبار صور / الشيخ علي ياسين العاملي المباهلة والتصدق بالخاتم”

الشيخ علي ياسين العاملي المباهلة والتصدق بالخاتم”

اليوم الرابع والعشرين من شهر ذو الحجة وفيه مناسبتان عظيمتان:
– الاولى : مباهلة النبي (ص) نصارى نجران في الرابع والعشرين سنة التاسعة للهجرة.
– الثانية : تصدق الامام علي (ع) وهو راكع ونزول اية الولاية.
يوم المباهلة في السنة التاسعة للهجرة في الرابع والعشرين من شهر ذي الحجة، يروي الشيخ المفيد فيقول : لما انتشر الإسلام بعد الفتح وقوي سلطانه، وفد إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم الوفود، فمنهم من أسلم ومنهم من استأمن ليعود إلى قومه.. وكان فيمن وفد عليه أبو حارثة أسقف نجران في ثلاثين رجلاً من النصارى، منهم العاقب والسيد وعبد المسيح، فقدموا المدينة وقت صلاة العصر، وعليهم لباس الديباج والصلب، فصار إليهم اليهود وتساءلوا بينهم فقالت النصارى لهم: «لستم على شيء» وقالت لهم اليهود: «لستم على شيء» وفي ذلك أنزل الله سبحانه: وقالت اليهود ليست النصارى على شيء وقالت النصارى ليست اليهود على شيء».فلما صلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم العصر توجهوا إليه يقدمهم الأسقف، فقال له: «يا محمد، ما تقول في السيد المسيح؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «عبد الله اصطفاه وانتجبه، فقال الأسقف: «أتعرف له يا محمد أبا ولده»؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «لم يكن عن نكاح فيكون له والد»، قال: «فكيف قلت إنه عبد مخلوق، وأنت لم تر عبدا مخلوقا إلا عن نكاح وله والد»؟ فأنزل الله تعالى الآيات من سورة آل عمران إلى قوله: «إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ * الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُن مِّن الْمُمْتَرِينَ * فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةُ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ ». هذا ما ذكره الشيخ المفيد رضوان الله تعالى عليه.
بقى النصارى على رأيهم بأن المسيح هو ابن الله وليس عبداً مخلوقاً، فطلبهم النبي (ص) للمباهلة كما امره الله سبحانه وتعالى، والمباهلة تعني الملاعنة، وهنا امر النبي (ص) ان كل من لا يقتنع بالحجة فليدعوه للمباهلة والدعاء ان لعنة الله على الكاذب وان ينزل عليه العذاب، ولأن نصارى نجران اصروا على الوهية المسيح امر الله سبحانه وتعالى رسوله (ص) بقوله: فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةُ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ .
والمباهلة ايضا تعني أن يدعو الإنسان ويطلب من الله سبحانه وتعالى أن يترك شخصاً بحاله، وأنْ يوكله إلى نفسه، وعلى ضوء كلام الامام علي بن أبي طالب (ع) أن يطلب من الله سبحانه وتعالى أن يكون هذا الشخص أبغض الخلائق إليه، وأيّ لعن فوق هذا، وأيّ دعاء على أحد أكثر من هذا ؟، لذا عندما نرجع إلى معنى كلمة اللعن في اللغة نراها بمعنى الطرد، الطرد بسخط، والحرمان من الرحمة، فعندما تلعن شخصاً ـ أي تطلب من الله سبحانه وتعالى أن لا يرحمه ـ تطلب من الله أن يكون أبغض الخلائق إليه، يقول امير المؤمنين (ع): إنّ أبغض الخلائق إلى الله رجلان، رجل وكله الله إلى نفسه فهو جائر عن قصد السبيل، مشغوف بكلام بدعة ودعاء ضلالة، فهو فتنة لمن افتتن به، ضالٌّ عن هدي من كان قبله، مضلٌّ لمن اقتدى به في حياته وبعد وفاته، حمّالٌ لخطايا غيره، رهنٌ بخطيئته.
امر النبي (ص) بالملاعنة لان فيها طرد من رحمة الله سبحانه وتعالى وان العذاب ينزل على المبطل.
وافق وفد النصارى على مباهلة النبي (ص) واتفقوا ان تكون صبيحة غد، ولما رجعوا الى رحالهم قال لهم الاسقف: اُنظروا محمَّداً في غد، فإن غدا بولده وأهله فاحذَروا مباهلته، وإن غدا بأصحابه فباهلوه فإنه ليس على شيء.
وفي الزمان والمكان الموعود راحت الابصار تتساقط الى الجهة التي سيطل منها رسول الله (ص)، واطل الرسول (ص) محتضناً الحسين (ع) ويمسك بيده اليمنى الحسن (ع) وخلفه فاطمة (ع) وعلي (ع) خلفها، فلما رأى نصارى نجران ان النبي (ص) جاء بأعز اهله، ادرك وفد النصارى ان محمداً نبي وانهم لو باهلوه لخسروا ، فقال الاسقف لمن معه : أرى وجوها لو سأل الله بها أحدا أن يزيل أحدا من مكانه لأزال، أفلا تنظرون محمدا رافعاً يديه ينظر ما تجيبون به وحق المسيح إذا نطق بكلمة لا نرجع إلى أهل ولا إلى مال. فطلبوا من النبي (ص) ان يعفيهم من المباهلة واتفقوا معه ان يدفعوا له جزية كل سنة وانصرفوا خائبين، وقال النبي (ص) لاصحابه: والذي نفسي بيده ان الهلاك قد تدلى على أهل نجران، ولو لاعنوا لمسخوا قردة وخنازير ولأضطرم عليهم الوادي نارا، ولما حال الحول على النصارى كلهم حتى يهلكوا.
واية المباهلة تؤكد ان اهل البيت الذين اذهب الله عنه الرجس هم من جاء بهم النبي للمباهلة، اصطحب عليا وهو نفسه – ولم يصطحب عمه العباس – وابناءه الحسن والحسين وليس احداً من ابناء بني هاشم ومن النساء فاطمة فقط، ولم يصحب واحدةً من نسائه، ويكفي هذا رداً على من اراد تعميم (اهل البيت) الواردة في اية التطهير الى نساء النبي (ص) تمشيا مع حقده وحسده لعي (ع)، لكن يأبى الله الا ان يتم نوره وتظهر الكرامات لعلي عليه السلام على لسان النبي (ص).
وفي القران الكريم، اذ في الرابع والعشرين من ذي الحجة كان تصدق الامام علي (ع) بالخاتم وهو يصلي فنزلت في حقه اية الولاية (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ * وَمَن يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ).
اجمعت التفاسير وكتب السيرة انها نزلت في علي (ع)، عن الصحابي الجليل ابي ذر الغفاري رضي الله عنه قال: رأيت بهاتين والا عميتا وسمعتين بهاتين والا صمتا رسول الله صلى الله عليه وآله وهو يقول علي عليه السلام قائد البررة علي عليه السلام قاتل الفجره منصور من نصره مخذول من خذله ، وذلك ان سائلا اتى مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله فلم يعطه احد فمد له علي عليه السلام كفه وهو راكع فأخد السائل خاتمه من يده واشترى بثمنه طعاما له فلما سمع بذلك رسول الله صلى الله عليه وآله رفع يديه بمحرابه قال اللهم ان اخي موسى سألك فقال (قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي * وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي * وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي * اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي * وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي) فأنزلت عليه (قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا).
وانا اسألك ربي اشرح لي صدري ويسر لي امري واجعل لي وزيرا من اهلي عليا أشدد به ازري فما استتم كلامه حتى نزل قوله تعالى : (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ).
هذه الرواية رواها الكثير من الصحابة وانها نزلت في علي ولا نقاش في تواترها وان حسان بن ثابت انشد في علي (ع) شعرا عندما تصدق بخاتمه وهو راكع، قال حسان:
أبا حسن تفديك نفسي ومهجتي وكل بطيء في الهدى ومسارع
أيذهب مدحي والمحبين ضائعا وما المدح في ذات الإله بضائع
فأنت الذي أعطيت إذ أنت راكع فدتك نفوس القوم يا خير راكع
بخاتمك الميمون يا خير سيد ويا خير شار ثم يا خير بايع
فأنزل فيك الله خير ولاية وبيّنها في محكمات الشرائع
قال خزيمة بن ثابت الأنصاري :
فديت علياً إمام الورى سراج البرية مأوى التقى
وصي الرسول وزوج البتول إمام البرية شمس الضحى
ففضّله الله ربّ العباد وأنزل في شأنه هل أتى
تصدّق خاتمه راكعاً فأحسن بفعل إمام الورى
قال السيّد الحميري :
وأنزل فيه رب الناس آيا أقرت من مواليه العيونا
بأنّي والنبي لكم ولي ومؤتون الزكاة وراكعونا
ومن يتول ربّ الناس يوماً فإنّهم لعمري فائزونا
قال دعبل الخزاعي :
نطق القرآن بفضل آل محمّد وولاية لعلي هم لم تجحد
بولاية المختار من خير الورى بعد النبي الصادق المتودّد
إذ جاءه المسكين حال صلاته فامتد طوعاً بالذراع وباليد
فتناول المسكين منه خاتماً هبة الكريم الأجود بن الأجود
فاختصّه الرحمن في تنزيله من حاز مثل فخاره فليعدد
كان تصدق امير المؤمنين بخاتمه في الصلاة سبباً لنزول اية الولاية لتكشف عن عظمة الصدقة وقسمتها خاصة صدقة السر، وقد ورد في الحديث ان صدقة السر تطفئ غضب الرب، قد يكون علي (ع) لا يملك غير الخاتم الذي تصدق به وهو يصلي النافلة ونزل الوحي لا للاشارة الى القيمة المالية او المادية بل ليكشف من هو الخليفة ايمانيا وروحانيا وعيشه الذي يعتبر مثال لحب الخير، فحب الخير قربة الى المولى حركت الامام علي عليه السلام ليتصدق وهو يصلي لان الصدقة تقع بيد الله قبل ان تقع بيد العبد الفقير، اذا فنزول الاية بسبب هذه الروحية لا بقيمة الصدقة او فعل الصدقة، اذ ان هناك من قال بعد نزول الاية انه تصدق باربعين خاتماً وهو يصلي لينزل فيه ما نزل في علي عليه السلام، ولكن الله لا ينظر الى صورة العمل ومقدار العمل بل ينظر الى القلب الذي يصدر عنه العمل ومدى اخلاصه لله، ويقول امير المؤمنين عليه السلام: اخلص العمل يجزك منه القليل . ان الله لا ينظر الى كمية العمل بل يرى مدى الاخلاص الذي ينطلق منه العمل رجاء وجه الله سبحانه وتعالى، وعلياً كان كله لله سبحانه وتعالى ولم تكن عبادته طمعا في الجنة او خوفا من النار بل أنه راى الله اهلا للعبادة وكان عليه السلام يكسر الرغيف بكلتا يديه ولكنه خلغ باب خيبر بيد واحدة، وكان همه مصلحة الاسلام لذا كان ناصحاً لمن استولى على الخلافة وكلمته المشهورة (لاسالمن ما سلمت امور المسلمين ولو لم يكن بذلك جور الا علي خاصة)، كان همه ان يحفظ الدين ولو ازاله بعض المسلمين عن مكانه فهذه هي مسؤولية الائمة المعصومين عليهم السلام، هو حفظ الدين والنظر لما فيه مصلحة الاسلام والمسلمين وهذا ما عليه نواب الامام من علماء الشيعة الامامية الذين لم تكن مواقفهم طائفية لانهم نهلوا من علوم اهل البيت عليهم السلام واخذوا ما صحت روايته عن رسول الله (ص) وهم الذين يتفاعلون مع كل القضايا الاسلامية فهذه فلسطين قضية المسلمين الاولى وقف معها علماء النجف من دون النظر الى طائفة الشعب الفلسطيني، وهذا الامام الخميني بعد ان حرر طهران من براثن الطاغوت واقفلها في وجه المشروع الصهيوامريكي قال : اليوم طهران وغدا فلسطين فحاربه عرب ومسلمون واتهموه بالطائفية وهم ابعد الناس عن الاسلام، فكانوا ادوات لتنفيذ المشروع الصهيوامريكي فيما يسمى بالربيع العربي للقضاء على ارادة المقاومة والممانعة التي صمدت في وجهها وها هي تشرف على تطهير العراق وسوريا من دويلة التكفيريين التي ارادوها ان تقطع الطريق على تحرير فلسطين بالفصل بين قوى الممانعة فخابت امالهم وسقطت مؤامراتهم وجن جنون الكيان الصهيوني الذي يعتبر ان الجمهورية الاسلامية في ايران صارت على حدوده فأعلن عن مناورات تحاكي حرباً مع حزب الله، وهذه المناورات لن تخيف محور المقاومة ولن تنال من عزيمته بل نرى ان رعب الكيان دفعه لتنفيذ خرق لجدار الصوت فوق مدينة صيدا ليطمئن سكان المستعمرات على الحدود مع لبنان المقاوم في محاولة لنقل الرعب الذي يعيشه سكان المستعمرات الى اللبنانيين ولكن فشل وسيفشل ومهما خرقت طائرات العدو جدار الصوت وانتهكت الاجواء اللبنانية فلن يخاف شعبنا بل سيزيد تمسكا بثلاثية الجيش والشعب والمقاومة التي حررت لبنان من العدو الصهيوني وردعته عن الاقدام على اي عدوان وحررت لبنان كذلك من العدو التكفيري وجعلته اول دولة تتخلص من جرائيم التكفير الوحشية ، هذه الثلاثية التي حمت الداخل والتي ستحرر ما تبقى من ارض يحتلها العدو الصهيوني يجب ان تدفع المسؤولين الى تحمل المسؤولية وان يتحرر بعضهم من الضغوط الخارجية ويتركوا رهاناتهم ويعملوا على تسليح الجيش واستخراج النفط والغاز ويكفوا عن فرض الضرائب على الشعب الصابر المجاهد ويرفعوا ايديهم عن المخالفين للقانون حتى لا يسقطوا قبل ان يسقط البلد، فالشعب اللبناني يعاني ما يعانيه من اوضاع اقتصادية واجتماعية بسبب الادراة غير المسؤولة لبعض السياسيين الذين لا يحسبون لليوم الذي سينفجر في الشعب في وجوههم بسبب فسادهم وظلمهم .
نبارك للمقاومة وشعبها تحرير اسيرها من ايدي الدواعش التكفيريين وكما ان المقاومة لا تترك اهلها في السجون فلن تترك ارضاً يحتلها عدواً وستواجه كل خطر يهدد لبنان واهله وستحافظ على وحدة وسلامة اللبنانيين وارضهم دون الالتفات للاصوات المتماهية مع المشروع الصهيوامريكي والتي ستضعف وتسكت لان المقاومة وشعبها لن يتعبوا ولن يسكتوا عن انحراف وظلم، وستبقى الثلاثية الالماسية حافظة وحامية للبنان واللبنانيين والمقيمين فيه وسيبقى لبنان وطنا نهائيا لكل ابنائه وطوائفه.

وأخر دعوانا أن صلّ اللهم على محمد وآله الطاهرين والحمد لله رب العالمين .

خطبة الجمعة

تصوير:رامي أمين

شاهد أيضاً

فرصة عمل في صور

Job Location: Tyre, Lebanon Company Industry: Insurance Job Role: Accounting Employment Type: Full Time Employee …

Open chat
أهلاً وسهلاً بكم