– كيف يقع الحبّ أول مرة؟
– أن تلتفتَ إليها فتجدها متبسمة لمجرد أنكَ تحكي.
– لكن قد يكون الحديث نفسه ممتعاً.
– ستكون كذلك في صمتك.
– رأيتها اليوم، لكن قبل أن نفترق وقفنا قليلاً على الرصيف، لم نحكِ شيئاً، كانت تمسك حقيبتها وتراقصها في الهواء، وأنا أنظر إليها وإلى المارة، لكن المشهد كان ضبابياً، لم أنتبه للمارين ولا أتذكر شيئاً مما كان يحدث من حولي. قالت إنها ذاهبة، قالتها كثيراً، وكلما قالتها، سألتها: إلى أين؟ فلا تُجيب. كأنها لا تعرف، أو لا تريد أن تعرف. تريد أن تذهب وتبقى. تريد أن تتحرك من مكانها وتكفّ عن مراقصة حقيبتها. تريد أن ترجع إلى الرصيف نفسه لتمشي. قالت: يلا باي، وطبعت ابتسامة ساحرة على وجهها، مشت قليلاً ثم استدارت ورمت نظرة غريبة لا تزال عالقة هناك، نظرة صنعت مكاناً.
– كلّمتها بعد ذلك؟
– لا.
– اتفقتما على موعد آخر؟
– لا.
– هل تعلم ماذا تفعل هي الآن؟
– ربما، ماذا تفعل برأيك؟
– تنظر إلى المرآة. هي أيضاً تستغرب ما استجدّ على وجهها، وماذا تصنع ملامحها، وأيّ معنى غريب تكلمك بهما، النظرة والإبتسامة. هي الآن غارقة في وجهها بالمرآة. تُحاول تقليد نفسها حين كانت معك، ستفعل ذلك مرات كثيرة، حتى تألف هذا الطارئ الجميل.
غفران مصطفى