1- جانيت وينترسون
بروفسور الكتابة الإبداعية في جامعة مانشستر
لا يهمني ما يدور في رأسك، لأنه إذا لم يُكتب على الصفحة فلن أوليه أي اعتبار. إن الاتصال بين عقلك وعقل القارئ هو اللغة، والقراءة ليست عملية تخاطر .
لا يعنيني ما إذا كانت النصوص التي ندرسها تروقك أو العكس، ففكرة الإعجاب أو عدمه هي أمر شخصي بحت وقد يخبرني هذا شيئًا عنك إلا أنه لا يخبرني أي شيء عن النص. وإن كنت تعتقد أن شيئًا اما كتب لم يكتب بصورة جيدة فاطرح علي أفكارك وأقنعني، وإن كنت تعتقد العكس، فأقنعني أيضًا! تعلّم من كل ما تقرأه، ثم افهم كيف تتعلم من كل ما تقرأه، فضلًا عن كل هذا اقرأ، إنني أستخدم في حصصي النصوص وأنا على يقين من أن طلابي لم يدركوا ذلك جديًا، فأنا أريد لهم أن ينظروا إلى سعة العالم عبر الكتب والأفكار والخيال. وأنا أبذل جهدي كي أعيد تشكيل علاقتهم باللغة وطرق استجابتهم لها .
الكتابة هي علاقة حب وليست متعة فردية. باستطاعتك أن تكتب عن أي شيء تريده، بشرط توفر الاتصال بينك وبين المادة .
لا تستمع لأي نصيحة ممن لم يكتب وينشر مقطوعة أدبية بالغة الروعة. “لقد كان عزرا باوند محقًا”.
***
2- راشيل كاسك
بروفسور الكتابة الإبداعية في جامعة كنغستون
يعتقد الكثير من طلاب الكتابة الإبداعية أن الكتابة عبارة هي وجهة نظر، أي أن العالم يوجد بمقدار ما تدركه الذات البشرية . لذا فإن أغلب ما أقوم بتدريسه إنما ينطوي على تشجيع الطلاب لكي يفسروا ذاتية العالم من خلال تحديد ماهية الاشياء بدلًا من توجيهها إلى شخصية جون أو جين. و بالنسبة للقارئ، أن يكون خاضعًا لتجربة جون أو جين الشخصية ويكون مجبرًا على الرجوع إلى أصغر معلومة، فذلك هو الانعكاس الحقيقي لتجربته الخاصة في الوجود. والقصة التي تُستهل بـ ” نظرت جون عبر نافذة مطبخها واستسلمت للتفكير في حياتها ” سوف يعاني كاتبها من تحريرها من الوهم على الرغم من أن ما كتب واقعي مائة بالمائة .
وقد يجد الكثير من الطلاب أن هذه الفكرة معارضة للحدس وغير متوقعة، إلا أن الأيسر والاكثر تأثيرًا هو الكتابة المستندة إلى تقنية معينة. إن مطمح الكتابة أمر يسير، لكن الجهد يكون في تقنية الكتابة ذاتها. لقد اختبرت طلابي بتمارين في مسألة معينة عليهم أن يبرزوها عبر الكتابة بالطبع، وقمت باختيار المسألة والمادة بنفسي، وكلما ازداد الأمر غرابة عليهم، ازدادت العملية الذاتية في الكتابة جودة . وقد تمثلت المسألة في الاصطدام بالواقع، وكان لها تقريبًا الأثر في تحول كتابتهم إلى العكس. وتعلمت بمرور الوقت أي المسائل والمواد قد تكون الافضل، ومن الأدوات التي استخدمتها الكمان أو المقص، حيث تتشكل بسهولة في العالم الذاتي الخاص بالطالب نفسه. أما الأدوات الأخرى كالعشب أو زوج من الأحذية، كانت تجعل الكتابة بدون أي شك موضوعية جدًا، لذا على السرد أن يشق طريقه حول الاشياء ولا يصطدم بها، كالماء الذي يتدفق ويمرّ حول الحجارة التي تقف في طريقه، والنتيجة ستكون بمنح العمل شكله الخاص به .
***
3- مايكل كاننجهام
محاضر أول في الكتابة الإبداعية في جامعة ييل
أعطي حصصًا في التمرن على كتابة الرواية في جامعة ييل، ويكون ذلك مزيجًا بين حصة للأدب وورشة للكتابة. وقد تكون هناك حصة للأدب الكلاسيكي تهتم بانجذابنا نحو كُتاب مثل هنري جيمس أو جيمس جويس، وهكذا تركز الحصص التي أقدمها على طبيعة أعمالهم وكيف قاموا بكتابتها وإنجازها، مكتفين بالحبر والورق ومفردات متداولة بين الجميع.
وإن كانت الورشة التي أقدمها تقليدية، فإنها تستند إلى مبدأ التجربة والخطأ “اكتب قصة وسنهتم جميعًا بالأخطاء الواردة فيها”. كما ترتكز حصصي جزئيًا على الاهتمام بسؤال: لماذا يكتب الكتاب بهذه الطريقة؟
وأذكّر طلابي دائمًا أن الرواية تحتوي على عنصر من الغموض لا يمكن تجنبه، يتزامن مع عناصر الكتابة الروائية الأخرى، وأن القصة أو الرواية العظيمة عظيمة بطرق معينة في وسعنا توضيحها، وأخرى قد لا نستطيع الوصول إليها . وإننا إذ نقوم بتشريح الأدب فإن علينا أن نتوقع بأننا لن نحصل عليه مجزءًا ومفصلًا بكل خفاياه، بل إنه معتمد على تصورنا وتخيلنا لكل هذه التفاصيل.
إن قراءتنا الواسعة ،التي تعيدنا كل مرة إلى أن نقرر أي العوامل هي الأكثر تأثيرًا في كاتب ما، وكيف استطاع جيمس مثلا بناء شخصياته في “ورقات أسبرن”؟ وكيف صنع جويس بُنية “الميت”؟
وعلى مدى الحصص والورش، يقوم الطلاب بتقديم التمارين الكتابية، وقد يمضي الأسبوع كاملًا على شخصية واحدة، فقد أطلب منهم مثلًا كتابة مقطوعة تتضمن مظهرًا وطبيعة شخصية. وخلال الأسبوع يكون العمل على الهيكلية، وأقوم بإعطائهم قدرًا كبيرًا من المعلومات مثلًا: سبعة أشخاص مختلفون يمرون بأحداث وصراعات متصلة وأطلب منهم تقديم التخطيط الأولي للقصة، مع إخبارهم بن هذا التخطيط قابل للتعديل والحذف والزيادة بحسب ما يرونه مناسبًا.
وأثناء الجزء الثالث والأخير من الفصل الدراسي، أطلب من طلابي ببساطة تجميع كل ما تعلموه والبدء عمليًا في كتابة قصة، أي قصة يرونها مناسبة ، قد تصل إلى 25 صفحة “رغم أني أحثهم على الاهتمام بالمضمون أكثر من عدد الصفحات”، وأشدد على الحرص والدقة والإتقان خلال الفصل، وتكون النتيجة في أن القصص التي تصلني تدهشني بجودتها غالبًا .
***
4- تيسا هادلي
بروفسور الكتابة الإبداعية في جامعة باث سبا
الأسبوع الماضي، أمضينا ما يزيد عن نصف ساعة ونحن نبحث في أدق التفاصيل في نسختين من مقطوعة لبحر ساركاسو الواسع لجين ريس. وقد بدا أنها حققت الضغط والكثافة في النسخة الأخيرة من خلال تقليل الروابط اللغوية في الجمل، واستخلاص الشروح، واقتطاع الصوت الوسيط من بين الأشياء المرئية. وقد غادر الطلاب إلى منازلهم للعمل على مقطوعاتهم النثرية بحسب الطريقة ذاتها.
في حصة القصص القصيرة أمضينا معظم الوقت في التفكير بالنهايات. لماذا تتحمل النهايات القصصية كل هذا الثقل المتساوي حتى مع النهايات الكبرى للروايات؟ أهالي دبلن، يودورا ويلتي، أغنيس أونس وسواهم.
ما هو المُرضي وما هو غير المُرضي؟ كيف يكون باستطاعة الكاتب أن يخبرنا أن الرواية تنتهي عند هذا الحد ونكتفي بها؟ لماذا انعكس الاتجاه وأصبح الكثير ضد النهايات المحكمة بإتقان أو تلك التي تتغير في أواخرها ؟
يعمل الطلاب على قصصهم الخاصة بهم، مع قراءة ونقاش متزامنين يمكناننا من التفكير أكثر حول مصير تلك القصة وانقطاعاتها. يخفف التدريب الجماعي من قبضة الخوف والإحباط ويعطي المخيلة المجال الأوسع للإنتاج.
إن ورشة الكتابة توفر لصاحب العمل وكاتب القصة جمهوراً، فالجميع يطور من أدائه من أجل قراء متطلّبين سيواجهونهم في الاسبوع القادم. والطلاب الكتاب سيكونون تحت ضغط من أجل أن يتعلموا سماع أنفسهم أو الإصغاء إلى ما ستبدو عليه أصواتهم وتلقي الأحكام على الإيقاع والسرعة وحسن الانتقال. بالطبع على جميع الكتاب أن يتعلموا ذلك، وفصل الكتابة الجيدة إنما يبلور الفرصة فقط. في الماضي كان الكتاب يتمرنون على هذه الكتابة مع عوائلهم أو أصدقائهم أو مع معلمٍ لهم. و رغم أن حصص الكتابة وورشها غير مجانية إلا أنني على يقين من أنها تساعد في توسع دوائر الفرصة للكتاب .