نص رسالة اللواء قاسم سليماني إلى الإمام الخامنئي
بسم الله الرحمن الرحيم
إنّا فتحنا لك فتحاً مبينا
قائد الثورة الإسلامية العزيز والشجاع سماحة آية الله العظمى الإمام الخامنئي (دام ظلّه)
سلام عليكم
منذ ستّة أعوام نشبت فتنة خطيرة شبيهة بفتن عصر أميرالمؤمنين (عليه السلام) سلبت المسلمين فرصة وحلاوة الفهم الحقيقي للإسلام المحمّدي الأصيل وكانت ملفوفة ومغمّسة بسموم الصهيونية والاستكبار وطافت في أرجاء العالم الإسلامي مثل إعصار مدمّر.
أحدث أعداء الإسلام هذه الفتنة المسمومة والخطيرة بغية إشعال النيران بشكل واسع في العالم الإسلامي ودفع المسلمين للتصارع فيما بينهم. نجح تيّار خبيث يُدعى “الحكومة الإسلامية في العراق والشّام” خلال الأشهر الأولى في استغلال عشرات الآلاف من الشباب المسلم في هذين البلدين ودفع العالم الإسلامي والعراق وسوريا بشكل مؤثّر ومصيري نحو أزمة بالغة الخطورة وسيطر على مئات آلاف الكيلومترات المربّعة من أراضي هذه الدول إضافة إلى آلاف القرى، المدن ومراكز المحافظات الهامّة ودمّر آلاف المصانع والبنى التحتيّة في هذه البلاد من ضمنها الطرق، الجسور، مصافي النفط، الآبار وخطوط النفط والغاز ومصانع الطاقة الكهربائية و… وقد فخّخوا مدن هامّة بما تحتويه من آثار ثمينة وهامّة وحضارة وطنيّة وأبادوها أو أحرقوها.
مع تعذّر إحصاء حجم الخسائر لكنّ التحقيقات الأوليّة تحكي عن خمسمائة مليار دولار.
في هذه الحادثة تمّ ارتكاب جرائم مؤلمة جدّاً يتعذّر عرضها ونشرها؛ من ضمنها: قطع رؤوس الأطفال أو سلخ جلود الرجال الأحياء أمام عوائلهم، أسر البنات والنساء البريئات واغتصابهنّ، حرق الأشخاص وهم أحياء وذبح مئات الشباب بصورة جماعية.
مسلمو هذه البلاد المذهولون من هذا الإعصار المسموم، تعرّض بعضهم للذبح بالخناجر الحادّة على يد المجرمين التكفيريين وشُرّد ملايين الأشخاص الآخرين من بيوتهم ورحلوا إلى مدن وبلاد أخرى.
في هذه الفتنة السوداء، تمّ هدم وتدمير آلاف المساجد ومراكز المسلمين المقدّسة وفي بعض المواقع قاموا بتفجير المسجد مع إمام جماعته ومصلّيه.
ما يفوق الستّة آلاف شاب مخدوع باسم الدفاع عن الإسلام قاموا بتفجير أنفسهم بصورة انتحاريّة مستخدمين السيارات المليئة بالمواد التفجيريّة في الساحات، المساجد، المدارس، حتّى المستشفيات ومراكز المسلمين العامّة وكانت نتيجة هذه الأعمال الإجراميّة استشهاد آلاف الأبرياء من رجال، نساء وأطفال.
لقد تمّ التخطيط لكافّة هذه الجرائم وتنفيذها بواسطة قادة أمريكا والمؤسسات التابعة لها باعتراف أعلى منصب رسمي في أمريكا الذي يتقلّد اليوم منصب رئاسة الجمهورية في هذا البلد كما أنّ هذا الأسلوب في التخطيط والتنفيذ لا يزال متّبعاً من قبل قادة أمريكا الحاليين حتى اليوم.
ما كان كفيلاً بإلحاق الهزيمة بهذه المؤامرة السوداء والخطيرة بعد لطف الله والعناية الخاصّة لرسول الإسلام العظيم (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته الكرام هو القيادة الحكيمة لجناب الموقّر والمرجع العظيم آية الله العظمى السيد علي السيستاني التي أدّت إلى حشد كافة القدرات لمقابلة هذا الإعصار المسموم.
لا يوجد أدنى شك في أنّ عوامل كصمود حكومتي العراق وسوريا وثبات جيش هذين البلدين وشبابهما خاصة الحشد الشعبي المقدّس وسائر الشباب المسلمين من سائر البلاد مع مشاركة حزب الله القويّة والشجاعة بقيادة سيّدهم المفتخر، سماحة السيد حسن نصرالله (حفظه الله تعالى) كان لها دور مصيري في هزيمة هذه الحادثة الخطيرة.
من الحتمي أن الدور القيّم الذي لعبه شعب وحكومة الجمهورية الإسلامية خاصّة رئاسة الجمهورية الإسلامية المحترمة، مجلس الشورى الإسلامي، وزارة الدفاع والمؤسسات العسكرية والقوى الأمنية في بلدنا في دعم وحماية حكومات وشعوب الدول المذكورة أعلاه تفوق الذكر غير قابلة للشكر والتقدير.
إنني أنا الحقير بصفتي جنديّاً مكلّفاً من قبلكم في هذا الميدان ومع إنجاز عمليات تحرير الأبوكمال آخر قلاع داعش وإنزال علم هذه الجماعات الأمريكية – الصهيونية ورفع العلم السوري، أعلن إنهاء سيطرة هذه الشجرة الخبيثة الملعونة نيابة عن جميع القادة والمجاهدين المجهولين في هذه الساحة وآلاف الشهداء والجرحى الإيرانيين، العراقيين، السوريين، اللبنانيين، الأفغانيين والباكستانيين المدافعين عن المقدسات الذين هبّوا للدفاع عن أعراض وأرواح المسلمين ومقدّساتهم ونثروا الأرواح في سبيلها وأهنّئ وأبارك لجنابكم وشعب إيران الإسلامية العظيم والشعوب المظلومة في العراق وسوريا وسائر المسلمين هذا النصر العظيم والمصيري كما أمرّغ جبهتي بالتراب في حضرة الله القادر المتعال شكراً لهذا النصر الكبير.
وما النّصر إلا من عند الله العزيز الحكيم
إبنكم وجنديّكم قاسم سليماني.
نص جواب الإمام السيد علي الخامنئي على رسالة اللواء قاسم سليماني
بسم الله الرحمن الرحیم
القائد الإسلامي المفتَخَر والمجاهد في سبيل الله اللواء الحاج قاسم سليماني دام توفيقه.
أحمد الله العظيم بكل وجودي أن أضفى البركة على مجاهداتكم ومجاهدات عددٍ كبيرٍ من زملائكم في مختلف المستويات المليئة بالتضحيات واقتلع بأيديكم أنتم أيها العباد الصالحون جذور الشجرة الخبيثة التي قام طواغيت العالم بغرسها في سوريا والعراق.
لم تكن هذه مجرّد ضربة موجّهة لجماعة داعش الظالمة والمَخزيّة، كانت ضربة أشدّ للسياسة الخبيثة التي كانت ترمي إلى إشعال حرب أهليّة في المنطقة وزوال المقاومة ضدّ الصّهيونيّة وإضعاف الحكومات المستقلّة بواسطة رؤساء هذه الجماعة الضالّة الأشقياء. كانت ضربة موجّهة لحكومات أمريكا السابقة والحاليّة والأنظمة التابعة لها في هذه المنطقة التي أسّست هذه الجماعة وقدّموا مختلف أنواع الدعم لأجل بسط وتوسيع سلطتهم المشؤومة في منطقة غرب آسيا وتمكين الكيان الصهيوني الغاصب من التسلّط عليها. أنتم بقضائكم على هذه الغدّة السرطانية والمميتة لم تقدّموا خدمةً عظيمةً لبلدان المنطقة وللعالم الإسلامي فقط؛ بل لجميع الشعوب وللبشرية جمعاء.
لقد كانت هذه نصرة إلهية ومصداق لقوله تعالى: وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى. والتي أهداكم إياها جلّ وعلا بعد جهادكم وجهاد رفاقكم بالسلاح المستمر ليل نهار.
إنني أتقدم إليكم بالتهنئة القلبية الحارة وعلى كل حال أؤكد أن لا تتم الغفلة عن كيد العدو.لن يجلس الذين دبّروا من خلال التمويل الهائل هذه المؤامرة المشؤومة مكتوفي الأيدي وسوف يحاولون إعادة إطلاقها في مكان آخر من هذه المنطقة أو بشكل آخر. ينبغي إبقاء الدافع، البقاء على يقظة، المحافظة على الوحدة، اقتلاع الخلايا الخطيرة المتبقية، العمل الثقافي المُنَمّي للبصيرة وبعبارة أخرى يجب أن لا تتم الغفلة عن الاستعداد والتأهب في جميع الميادين.
أستودعكم أنتم وجميع الأخوة المجاهدين من العراق وسوريا وبقية البلدان الله العظيم وأبعث لكم جميعاً سلامي ودعائي.
والسلام عليكم ورحمة الله