انتظرا توقف سيارته عند الإشارة الضوئية، ليطلقا عليه رصاصتين أصبتاه في رأسه قبل أن يلوذا بالفرار على دراجة نارية كانا يستقلانها. هو حسين حجيج (60 عاماً) ابن بلدة دير انطار الجنوبية الذي دفع حياته في الاغتراب بعدما امضى 35 سنة من عمره في فنزويلا.
عند الساعة السادسة والنصف من مساء أمس بتوقيت #فنزويلا، اي الثانية عشرة والنصف بتوقيت بيروت، انتظرت يد الاجرام حسين في مدينة برشلونة وهو في طريق عودته من عمله الى منزله، وبحسب ما شرحه شقيقه رضوان لـ “النهار” فإنه “حتى اللحظة لا نعلم دوافع الجريمة النكراء، لكن بما أن لا اعداء لشقيقي، لذلك يرجح ان السرقة هي الهدف”. واضاف: “لم يتم توقيف المجرمين اللذين كانا على دراجة نارية الى الآن، وما يزيد الطين بلة عدم وجود كاميرات مراقبة في المكان، مما يصعب عملية التعرف إليهما”.
“لا أمن في البلاد”
بالدماء خطّ المجرمان نهاية والد لخمسة ابناء، ترك بلدته حيث كان يعمل نجار باطون قبل ان يسافر للعمل في ليبيا والمملكة العربية السعودية، ليتخذ بعدها قراره وينتقل الى فنزويلا. عمل هناك، طور نفسه الى ان صار رجل اعمال، ولفت رضوان “كان دائماً يزور لبنان، آخر زيارة له كانت قبل ثلاثة اشهر من الآن، كما كنت على تواصل معه يومياً عبر الهاتف، في الامس حدثته كان يحتسي القهوة قبل الذهاب الى عمله، ردد على مسامعي جملة اعتاد قولها منذ اشهر وهي لا أمن في هذا البلد وهو يفكر جدياً بالعودة الى وطنه في بداية العام المقبل، لنفاجأ بعد ساعات بخبر مقتله”.
صدمة الوالدة التسعينية
في عائلة مؤلفة من 6 شبان وثلاث فتيات ترعرع حسين، ويقول شقيقه: “معظم افراد العائلة في فنزويلا، اكثر من 200 شخص هناك، من دون ان يحول ذلك دون قدومهم الى لبنان عدة مرات في العام”. وأشارإلى أن “والدتي البالغة من العمر 95 سنة تعجز عن الكلام منذ ان علمت بمقتل فلذة كبدها في بلاد الاغتراب، نحن بانتظار نتائج التحقيقات، ونتمنى توقيف الجناة في اسرع وقت، كما اننا نتواصل مع قنصل لبنان في فنزويلا لاجراء معاملات عودة جثمان حسين كي يدفن في بلدته”.
فصول من المأساة
فصل جديد بعنوان حسين حجيج اضيف الى كتاب ضحايا لبنان في الغربة، بعد فصول عدة حملت اسماء عشرات اللبنانيين، منهم الشاب أحمد حسن حلاوي الذي اصيب برصاصة في رأسه أنهت حياته في البرازيل في تشرين الثاني من العام الماضي، قبل ان يعود جثه إلى وطنه ليلتحف تراب بلدته قعقعية الجسر، وذلك بسبب إشكال لم يكن له يد فيه. اما في كانون الثاني من هذا العام، فإن يد الغدر طالت ابن بلدة صير الغربية رجل الاعمال امين بكري في لاوندا بعدما أنهى جولته في معمل الفرش الذي يمتلكه، فركب سيارته مع صديقه وانطلق، فكانت عصابة سرقة ونهب تنتظره على بعد أمتار حيث هاجمه ثلاثة شبان بمسدس حربي فاصيب برصاصة قاتلة في راسه، وفي شهر ايلول الماضي غُدر الشاب حمزة خضر سرحان ابن بلدة برج قلاويه الجنوبية بخمس طلقات في ظهره وواحدة في قدمه في كندا لتنتهي حياته قبل ان يتسنى له متابعة دراسته في الطب.
ضريبة اللبنانيين في بلاد الانتشار دفعها هذه المرة وبالدم حسين حجيج، ليضيف خسارة جديدة من كوادر لبنان الذين حملوا أحلامهم قبل سنوات في حقيبة وقطعوا بها المحيطات بحثاً عن حياة افضل… بعرق جبينهم سقوا ارض الغربة قبل أن يغدر بهم رصاص حاقد خاطفاً حياتهم وتاركاً حرقة في قلوب أحبابهم.