الرئيسية / أخبار صور / خطبة الجمعة لفضيلة الشيخ علي ياسين العاملي 

خطبة الجمعة لفضيلة الشيخ علي ياسين العاملي 

 ” ذكرى ولادة النبي(ص) وحفيده الإمام الصادق (ع) ”

في السابع عشر من ربيع الأول كانت ولادة رسول الله(ص) سنة 570م، عام الفيل قبل البعثة النبوية الشريفة بـ40 سنة، وكذلك في مثل ذلك اليوم سنة 83هـ كانت ولادة الإمام جعفر بن محمد الصادق(ع).

كم هو ملفت توقيت القدر من الله سبحانه للولادتين في نفس اليوم من شهر ربيع الأول، بمولد رسول الله(ص) استبشر أهل السماء والأرض بمجيء الرحمة الإلهية، وكانت ولادة خاتم الأنبياء الذي أخرج الناس من ظلمات الشرك إلى نور الإيمان، فبيّن للناس الحلال من الحرام، وأمرهم بما يُسعدهم في الدنيا والآخرة، وبعد رحيله(ص) بسبعين عام – وقد كان كثير من سُننه(ص) قد حُرّف وبُدّل – وفي يوم ولادته الشريفة(ص) يولد حفيده الإمام جعفر الصادق(ع) الذي أعاد الحياة لسُنن وشريعة جدّه المصطفى(ص)، إذ كان كلّ همّه(ع) [كيف يحفظ شريعة رسول الله(ص)؟ ويزيل عنها التشويه والتحريف الذي سبّبه المتربّصون شراً برسالة الإسلام من يهودٍ مُندسّين ومنافقين أظهروا الإسلام وأبطنوا الكفر وتحكّموا في رقاب المسلمين، يدفعون الرشوة لمن يكذب عن لسان النبي(ص)، حتى امتلأت الكتب بالإسرائيليات والروايات المدسوسة والعقائد المُضلّلة].

عبد الله بن عبد المطلب والد النبي(ص) توفي ومحمد(ص) جنين في بطن أمه آمنة بنت وهب، التي تقول أنّها ما وجدت منه شقة حين وضعته، ولحظة ولادته(ص) خرج نور أضاء له إيوان كسرى، لمّا سمع جدّه عبد المطلب بولادته فرح كثيراً، وكأنّما كان ينتظر هذا المولود المبارك، دخل على آمنة وقام يدعو الله ويشكره على ما أعطاه، ومما قاله – كما في السيرة -:

الْحَمْدُ لِلّهِ الّذِي أَعْطَانِي*** هَذَا الْغُلَامَ الطّيّبَ الْأَرْدَانِ

قَدْ سَادَ فِي الْمَهْدِ عَلَى الْغِلْمَانِ * أُعِيذُهُ بِالْبَيْتِ ذِي الْأَرْكَانِ

حَتّى يَكُونَ بُلْغَةَ الْفِتْيَانِ * حَتّى أَرَاهُ بَالِغَ الْبُنْيَانِ

أُعِيذُهُ مِنْ كُلّ ذِي شَنَآنِ * مِنْ حَاسِدٍ مُضْطَرِبِ الْعِنَانِ

وأعطاه لحليمة السعدية لترضعه، وليعيش معها في البادية، وقد شعرت هي وعشيرتها ببركة هذا المولود، إذ بمجرّد أن حلّ بينهم حلّت البركة وتغيّرت الأحوال، ولم تكن آمنة راغبة في ذلك لأنه يتيم، وقد رجع نساء قومها كل واحدة بطفلٍ لترضعه، قالت لزوجها ليس بمكة غلام يسترضع إلاّ هذا الغلام، فلو أخذناه فإنّي أكره أن أرجع بغير شيء . فقال لها: خذيه عسى الله أن يجعل لنا فيه خيراً كثيراً . فأخذته ووضعته في حجرها فدرّ ثدياها حتى رُوي ورُوي أخوه ابن حليمة والذي كان لا ينام من الجوع، بقي عندها محمد سنتين، وجاءت به إلى أمه زائرة وأخبرتها ما رأت من البركة والخير الذي أصاب أهلها، ثم رجعت به إلى البادية وبقي إلى أن أكمل خمس سنوات وعادت به إلى أمه التي توفيت بعد ذلك بسنة، فكان عمر النبي(ص) حينها ست سنوات، لينفرد بحضانته جدّه عبد المطلب الذي كان يفضّله على أولاده وعلى أحفاده، وعندما دنت الوفاة من عبد المطلب والنبي ابن ثمان سنوات عهد به إلى أبي طالب وأوصاه فيه خيراً، فكانت عناية أبي طالب به أشد من عناية عبد المطلب؛ لأنهما كانا يدركان بأنّ شأناً عظيماً سيكون لهذا الطفل، فكان أبو طالب لا يفارقه حتى عندما خرج بتجارة له إلى بلاد الشام، اصطحبه معه وكانت في تلك السفرة حكاية الراهب الذي لاحظ الغيمة التي كانت تضلّل محمداً(ص) حيثما حل، وطلب من عمّه أبي طالب أن ينام محمدٌ معه تلك الليلة، وأخبر الراهب أبا طالب بأنّ لهذا الطفل شأناً وأوصى أبا طالب بالحرص عليه، ولم يكن أبو طالب بحاجة لمن يوصيه بابن أخيه، فكان شديد الاهتمام به والحفاظ عليه إلى أن زوّجه من خديجة بنت خويلد التي عمل النبي(ص) في تجارتها، فاخلصت له وأحبّته، وعندما كان رسول الله(ص) يتعبّد في غار حراء كانت تأتيه بالطعام غير آبهة بمشقة الصعود إلى الغار، وكانت هي والإمام علي أوّل المصدّقين له والمؤمنين بدينه، وأول من صلى خلف رسول الله(ص) في الكعبة، إذ كان علي(ع) يُصلّي على يمين رسول الله(ص) وخديجة خلفه إلى أن أمر أبو طالب ابنه جعفر بالصلاة عن شمال رسول الله(ص) قائلاً له: صل جناح ابن عمّك . أبو طالب كان مؤمناً برسول الله(ص) – وإن لم يُصرّح بذلك أمام الملأ؛ ليُبقي على زعامته في قريش فيتمكّن من الاستمرار بحماية رسول الله(ص) – الذي قال له يوماً ليشدّ من عزيمته: اصدع بما تؤمر، فوالله لا أسلمك لهم أبداً . بعد أن كان رسول الله(ص) قال لعمّه: والله يا عم لو أعطوني الشمس في يميني والقمر في يساري على أن اترك هذا الأمر؛ ما تركته أو أهلك دونه . وثبت معه في الحصار الذي فرضته قريش واستمر النبي(ص) في دعوته متحملاً الأذى والظلم وهو القائل(ص): ما أوذي نبي بمثل ما أوذيت . حتى استطاع إيصال رسالة ربّه إلى الناس وأرسى دعائم دولة الإسلام التي استطاعت التغلّب على دولتي الروم وفارس، لأن أهل الجزيرة العربية قبل دولة الإسلام لم تكن لهم دولة ولا حضارة، إذ كان يحيط بها ثلاث دول [ الأحباش والفرس والروم] ولم يُعرف لهم شأن، يكفي أن عصرهم عُرف بالعصر الجاهلي الذي كانت البنت تُدفن فيه حيّة لأنها لا تغزو، أو خوفَ العار، وبالإسلام صاروا قوةً عظمى، فعندما أطاع المسلمون رسول الله(ص) وأخذوا بتعاليمه صاروا دولة قويّة يخافها الأعداء، وكان النبي(ص) يؤكّد على المسلمين الالتزام بأوامره والمحافظة على وحدتهم، لكنّهم ضاعوا ووقعوا فيما كان يحذّرهم منه رسول الله(ص)، فصاروا كالأيتام على مآدب اللئام، وكادت أن تضيع سنة رسول الله(ص) لولا عِدْل القرآن الذي أمرنا النبي(ص) بالتمسك بهم مع القرآن، ولو أنّ المسلمين من حين رحيل النبي(ص) نفّذوا وصيته ولم يحيدوا عن علي(ع) لما وصلوا إلى ما وصلوا إليه من الضعف والتشرذم، لكنّها سنّة الحياة تجعل أهل الدنيا يخالفون ما يعتقدون، لأن الدنيا أغرتهم، وكما وصف أمير المؤمنين(ع) في خطبته الشقشقية قائلاً عنهم: كَأَنَّهُمْ لَمْ يَسْمَعُوا اللَّهَ سُبْحَانَهُ يَقُولُ تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِي

تصوير:رامي أمين

شاهد أيضاً

فرصة عمل في صور

Job Location: Tyre, Lebanon Company Industry: Insurance Job Role: Accounting Employment Type: Full Time Employee …

Open chat
أهلاً وسهلاً بكم