الرئيسية / أخبار صور / ياسين: للتركيز على الهموم المعيشية بدل التلهي بمناكفات تشي ببرامج انتخابية مسبقة

ياسين: للتركيز على الهموم المعيشية بدل التلهي بمناكفات تشي ببرامج انتخابية مسبقة

اعتبر رئيس لقاء علماء صور ومنطقتها الشيخ علي ياسين، في تصريح اليوم، أن “الاستمرار في الأنشطة التضامنية مع فلسطين والقدس هي ليست للتنديد واستنكار قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب فقط، بل هي لممارسة الضغط الذي بتراكمه بغض النظر عن الوقت الذي يقطعه سيمد الشعب الفلسطيني وقوى المقاومة بالعزيمة والإرادة على مواصلة الإنتفاضة والمقاومة حتى تحرير كل فلسطين”.

وشدد الشيخ ياسين على أن “كل فرد ومن مكانه مناصرة القضية الفلسطينية، لأنها تمثل قضية محقة لكل إنسان حر، وليست قضية نخب أو مشروع أو متدينين فحسب”، مضيفا “ان الصراع مع الكيان الصهيوني هو صراع وجود لا صراع حدود، ففلسطين هي الدولة من البحر الى النهر ومهما طال الزمن فتحريرها محقق بالمقاومة”.

وفي الشأن الداخلي، تطرق العلامة ياسين إلى الدعوة لنبذ الخلافات الجانبية والتركيز على أساسيات الهموم المعيشية للمواطن، بدل التلهي بالمناكفات التي تشي ببرامج انتخابية مسبقة”، منوها “بترفع بعض الفرقاء السياسيين عن هكذا جدليات لا طائلة منها”.

وأشار إلى مطالبة الهيئات الحقوقية الإنسانية والدولية برفع الصوت عاليا أمام المحاكمات السياسية في البحرين”، مؤكدا “حقوق الشعوب في تقرير مصيرهم دون تدخل من أي جهة خارجية”، مدينا “المجازر المتلاحقة والوحشية بحق الشعب اليمني الأعزل”.

خطبة الجمعة ” نبي الله عيسى(ع) بن مريم(ع) ”
فضيلة الشيخ علي ياسين العاملي [جامع الدينية 29-12-2017م مدينة صور]

” إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ * وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَمِنَ الصَّالِحِينَ ”
قال أمير المؤمنين (ع): وإن شئت قلت في عيسى بن مريم (ع) فلقد كان يتوسد الحجر ، ويلبس الخشن ، ويأكل الجشب ، وكان أدامه الجوع ، وسراجه بالليل القمر ، وضلاله في الشتاء مشارق الأرض ومغاربها ، وفاكهته وريحانه ما تنبت الأرض ، ولم تكن له زوجة تفتنه ، ولا ولد يحزنه ، ولا مال يلفته، ولا طمع يذله، دابته رجلاه، وخادمه يداه .
إذا كان الخامس والعشرين من شهر كانون الأول في كلّ عام تجري الاحتفالات بميلاده المبارك؛ فمن هو السيد المسيح (ع)؟ هو نبي من أنبياء الله أولي العزم [وهم: نوح (ع) وإبراهيم (ع) وموسى (ع) وعيسى (ع) ومحمد (ص)] وهم أصحاب الشرائع السماوية التي تتضمّن أحكاماً وقوانين للبشريّة، قال تعالى مخاطباً نبيّه المصطفى (ص) ” وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنكَ وَمِن نُّوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ۖ وَأَخَذْنَا مِنْهُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا ” وقال تعالى ” فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ ۚ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ ۚ بَلَاغٌ ۚ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ ” وفي الحديث؛ ورد في رواية عن سماعة بن مهران قال: قلت لأبي عبد الله الصادق (ع): كيف صاروا أولي العزم؟ قال: لأن نوحاً بعث بكتاب وشريعة، وكل من جاء بعد نوح أخذ بكتاب نوح وشريعته ومنهاجه، حتى جاء إبراهيم عليه السلام بالصحف وبعزيمة ترك كتاب نوح لا كفرا به، فكل نبي جاء بعد إبراهيم عليه السلام أخذ بشريعة إبراهيم ومنهاجه وبالصحف حتى جاء موسى بالتوراة وشريعته ومنهاجه، وبعزيمة ترك الصحف وكل نبي جاء بعد موسى عليه السلام أخذ بالتوراة وشريعته ومنهاجه حتى جاء المسيح عليه السلام بالإنجيل، وبعزيمة ترك شريعة موسى ومنهاجه فكل نبي جاء بعد المسيح أخذ بشريعته ومنهاجه، حتى جاء محمد بالقرآن وبشريعته ومنهاجه فحلاله حلال إلى يوم القيامة وحرامه حرام إلى يوم القيامة، فهؤلاء أولو العزم من الرسل عليهم السلام .
إنّ معجزة خلق نبي الله عيسى (ع) هو أنه وُلد من أمٍّ دون أبٍ، بأمرٍ من الله سبحانه، الذي يقول للشي [كُن؛ فيكون]، وكان الله سبحانه قد خلق آدم جدّ البشريّة من دون أمٍّ وأبٍ، قال تعالى ” إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ” .
للتّعرّف على نبي الله عيسى (ع) لابد من التعرّف على أمّه (ع) وآل عمران؛ عمران هو والد السيدة مريم (ع)؛ فقد كان رجلاً صالحاً عابداً، وكذلك زوجته أم السيدة مريم (ع)، فقد كانت امرأة صالحة لا تلد، فتوسّلت إلى الله سبحانه ودعته أن يرزقها ولداً، ونذرت أن تجعل ذلك الولد متفرّغاً للعبادة ولخدمة بيت المقدس، استجاب الله دعاءها، لكن مشيئة الله اقتضت أن تلد أنثى، سمّتها مريم، وكفلها نبي الله زكريا (ع)، حيث كان زوج خالتها، وتلك مشيئة الله سبحانه لتقتبس السيدة مريم (ع) من علوم نبي الله زكريا (ع) ونور إيمانه وتنشأ على الصلاح والتقوى، فأصبحت مريم (ع) مثالاً للعبادة والتقوى وأفاض الله من نعمه عليها، ” كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا ۖ قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّىٰ لَكِ هَٰذَا ۖ قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ۖ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ “، فكانت تحظى بعناية سماوية، وما ذلك – على ما يظهر – إلاّ تمهيداً لمعجزة كبيرة أدركت السيدة مريم أنها ستصل لها من خلال حديث الملائكة ” وَإِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاء الْعَالَمِينَ * يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ “، حازت على تربية زكريا، أمّا طعامها فمن عند الله سبحانه، وحياتها في بيت الله، فاصطفاها الله على نساء العالمين، فانقطعت إلى الله سبحانه راكعة مع الراكعين، كأنّما تنتظر حدثاً يُكرّمها، بعد أن أمرها بالركوع والخشوع له سبحانه، فكانت ولادة عيسى (ع) – كما يصوّرها القرآن – ” وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا * فَاتَّخَذَتْ مِن دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا * قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَن مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيًّا * قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلامًا زَكِيًّا * قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا * قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِّنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَّقْضِيًّا ” جاءها المَلّك على صورة إنسان وهي في المحراب حتى لا ترتعب، لكنّها وحيدة، وتعرف شذوذ الكهنة واجتراءهم على حدود الله، فذكّرته بالله، فطمأنها أنه عبدٌ أرسله الله إليها ليهبها غلاماً طاهراً زكيّاً، فاطمأنت له، لكنها عادت إلى سؤاله: من أين لها بالغلام؟! وهي عذراء لم يمسها بشر؛ فطمأنها أنّ ذلك سهل على الله سبحانه أن يأتي بغلام من أمٍّ دون أب، فقد خلق قبله آدم من دون أبٍ ولا أمٍّ، وبشّرها بأن مولودها سوف يكون له شأن، وهذا أمرٌ من الله الذي يقول للشيء [كُنْ؛ فيكون]، ثم أكمل جبرائيل بيان شأن هذا الولد قائلاً: ” إِنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ * وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَمِنَ الصَّالِحِينَ ” ثم نفخ جبرائيل في جيبها؛ فحملت به، ولما شعرت بآلام الوضع والولادة؛ خرجت من بيت المقدس بعيداً عن العيون، وراحت تفكّر في نفسها – بعد أن شعرت بآلام الولادة ” فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَىٰ جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَٰذَا وَكُنتُ نَسْيًا مَّنسِيًّا ” تفكّر: ماذا سيقول عنها الناس والرهبان الذين كانوا معها في المسجد؟ وماذا ستقول لهم؟ هل من الممكن أن يصدّقها الناس أنّها ولدت بدون أن يمسسها بشر؟ وهي في هذا الحال من الحزن والهم؛ ناداها طفلها الذي وُلد ” فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا * وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا * فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيْنَ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا ” هدّأ كلامه من روعها، ولمست جذع النخلة؛ فتساقط عليها الرطب الطيب الشهي، فأكلت منه وشربت من الماء الذي هيّأه لها، وبعد استراحة الولادة حملت طفلها واخذت طريقها إلى المسجد، وهي ساكتة، تلاحظ نظرات الناس الغريبة لها، وتساؤلاتهم: أليست هذه مريم العابدة الزاهدة؟ فمن هذا الطفل الذي تحمله؟ لابد وأنّه ابنها؛ فمن أين جاءت به؟ وجاء الكهنة يسألونها: يا مريم؛ ابنُ مَنْ هذا؟ ومن أين جئتِ به؟ فظنوا بها شرّاً وعاتبوها بقولهم ” يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا “، لم ينل ذلك من طمأنينتها، فاتكلت على الله سبحانه وأشارت إلى الطفل؛ تطلب من الكهنة أن يسألوه – وهي واثقة أنه بأمر الله سوف يكلّمهم – ، فقالوا لمريم ” كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيّاً * قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيّاً * وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيّاً * وَبَرّاً بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيّاً * وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيّاً ” ما إن سمعه الكهنة حتى أصيبوا بالذهول وتغيّرت وجوههم، وأدركوا أنهم يشهدون معجزة ولادة طفل من دون أب، وهو نبي سوف يُبيّن للناس الأحكام الإلهية الصحيحة، فهم قد غيّروا في شريعة موسى (ع)، وصاروا يبيعون للناس صكوك الغفران، وإن تم الأمر لهذا الولد فسوف يُفسد عليهم حياتهم ويفضحهم أمام الناس؛ فكابروا واتهموا مريم بالبغاء، ولاحقوها وعملوا على منع الناس من التواصل معها، حتى لا يصلحوا دينهم، فحملت مريم ابنها وانتقلت به من مكان إلى آخر، وقيل أنّها انتقلت به إلى مصر، ولمّا بلغ الثلاثين من عمره – على ما في بعض الروايات –؛ نزل عليه الوحي، وأعطاه الله الإنجيل، واجرى المعجزات على يديه بقوله تعالى ” وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنجِيلَ * وَرَسُولًا إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ ۖ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ ۖ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَىٰ بِإِذْنِ اللَّهِ ۖ وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * وَمُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلِأُحِلَّ لَكُم بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ ۚ وَجِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ * إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ ۗ هَٰذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ ” .
مع كل هذه الآيات والمعاجز، وإباحة النبي عيسى بعض الأمور التي كانت محرّمة عليهم؛ أصرّ أحبار اليهود وكهنتهم على تكذيبه – تغليباً لمصالحهم على أحكام دينهم – ، وبقوا على كفرهم، لكن ذلك لم يُثنِ عيسى (ع) عن دعوته، قال تعالى ” فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَىٰ مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ ۖ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ * رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ ” وكان عدد الحواريين ما بين اثنا عشر وسبعة عشر رجلاً، آمنوا بعيسى، وانتشر بين الناس خبر معاجز النبي عيسى (ع)، وخشية أن يتبعه الناس ويخسر الأحبار والرهبان امتيازاتهم؛ ذهبوا إلى ملك تلك المناطق، وكان من أهل الروم، وحرّضوه على عيسى، قائلين له: إنّ عيسى يزعم أنه ملك اليهود، وسيأخذ الملك منك . صدّقهم الملك وأمر بالبحث عن عيسى (ع) ليقتله، تُحدّث الروايات أنه عندما بلغ عيسى أنّ الملك يريد قتله؛ خرج على حوارييه وقال: من منكم مستعد أن يلقي الله عليه شبهه، فيُصلب بدلا منه، ويكون معه في الجنة . فقام شاب؛ فحنّ عليه عيسى – لأنه لا يزال شاباً -، فسألهم مرةً ثانية؛ فقام نفس الشاب، فنزل عليه شبه عيسى (ع)، ورفع الله عيسى أمام أعين الحواريين، وجاء اليهود وأخذوا الشبه فقتلوه ثم صلبوه، وأخذوا الحواريين فأمسكوهم ثم أطلقوهم خشية أن يغضب عليهم الناس، وضل الحواريون يدعون بالسر، وبقي النصارى على التوحيد مئتي سنة، حتى آمن أحد ملوك الروم [واسمه؛ قسطنتين] بالمسيحية، ولكنه استعمل سلطانه وأدخل الشرك في دين النصارى .
اليهود دينهم المصلحة الشخصية، حتى قبل النبي عيسى (ع) كانوا إذا جاءهم نبي بما لا تهوى أنفسهم وفي غير مصلحتهم؛ يزايدون عليه ويتهمونه بأنه يكذب على الله؛ ليبرروا قتله، حتى عُرفوا بقتلة الأنبياء، وهم مستمرون بالقتل والإرهاب إلى أن يأتي وعد الآخرة ويستأصلهم ويطهّر الأرض منهم .
من أقوال السيد المسيح لحوارييه: بحق أقول لكم: أعلمكم لتعلموا ولا أعلمكم لتعجبوا بأنفسكم. إنكم لن تنالوا ما تريدون إلا بترك ما تشتهون. ولن تظفروا بما تأملون إلا بالصبر على ما تكرهون. إياكم والنظرة، فإنها تزرع في القلوب الشهوة وكفى بها لصاحبها فتنة. طوبى لمن جعل بصره في قلبه ولم يجعل قلبه في نظر عينه . لا تنظروا في عيوب الناس كالأرباب وانظروا في عيوبهم كهيئة عبيد الناس. إنما الناس رجلان مبتلى ومعافى، فارحموا المبتلى واحمدوا الله على العافية .
وكان يقول لليهود: يا بني إسرائيل أما تستحيون من الله؟ إن أحدكم لا يسوغ له شرابه حتى يصفيه من القذى، ولا يبالي أن يبلغ أمثال الفيلة من الحرام، ألم تسمعوا أنه قيل لكم في التوراة صلوا أرحامكم، وكافئوا أرحامكم؟ وأنا أقول لكم: صلوا من قطعكم، وأعطوا من منعكم وأحسنوا إلى من أساء إليكم، وسلموا على من سبكم، وأنصفوا من خاصمكم، واعفوا عمن ظلمكم، كما أنكم تحبون أن يعفى عن إساءاتكم فاعتبروا بعفو الله عنكم، ألا ترون أن شمسه أشرقت على الأبرار والفجار منكم، وأن مطره ينزل على الصالحين و الخاطئين منكم؟ فإن كنتم لا تحبون إلا من أحبكم ولا تحسنون إلا إلى من أحسن إليكم ولا تكافئون إلا من أعطاكم فما فضلكم إذا على غيركم؟ قد يصنع هذا السفهاء الذين ليست عندهم فضول ولا لهم أحلام، ولكن إن أردتم أن تكونوا أحباء الله وأصفياء الله فأحسنوا إلى من أساء إليكم، واعفوا عمن ظلمكم، وسلموا على من أعرض عنكم، اسمعوا قولي، و احفظوا وصيتي، وارعوا عهدي كيما تكونوا علماء فقهاء.
وقال لهم: بحق أقول لكم: إنه كما لا ينقص البحر أن تغرق فيه السفينة ولا يضره ذلك شيئا كذلك لا تنقصون الله بمعاصيكم شيئا ولا تضرونه بل أنفسكم تضرون، وإياها تنقصون، وكما لا ينقص نور الشمس كثرة من يتقلب فيها بل به يعيش ويحيى كذلك لا ينقص الله كثرة ما يعطيكم ويرزقكم، بل برزقه تعيشون وبه تحيون، يزيد من شكره إنه شاكر عليم .
لقد بالغ النبي عيسى (ع) في وعظ بني إسرائيل، لكنّهم كانوا يصرّون على الظلال، لأن بطونهم مُلئت بالحرام، فسعوا لقتله، لكنّ الله سبحانه نجّاه منهم ورفعه إلى السماء، حافظاً له إلى اليوم الموعود؛ ليطهّر القدس من أرجاس الصهاينة الذين يعيثون الفساد في الأرض، يمارسون الإرهاب بكلّ أنواعه على الشعب الفلسطيني، فيقتلون الأطفال والنساء والشيوخ، ويحتجزون الحريّات، ويقبع في سجونهم الآلاف بدون ذنب، ولسنوات عديدة، ويدعمون الإرهابيين في العالم، وخاصة في الدول المجاورة لها، تأكيداً على سوء الجوار، ليضمنوا سلامة كيانهم اللقيط، بعد أن سقط حلمهم بإسرائيل الكبرى، لكن كما سقط حلمهم فحتماً ستعود فلسطين والقدس لأهلها، ولن ينفع قرار ترامب وغيره، بل سيؤدي لردّات فعل توقظ المسلمين والمسيحيين، ليعملوا على إخراج اليهود من القدس، وتطهيرها منهم، مقدّمة لتحرير كامل تراب فلسطين من الرجس الصهيوني، إنّ من يسكت عن جرائم الكيان الصهيوني هو خائن لدينه وللقضايا الإنسانية ولمسرى رسول الله (ص) وميلاد السيد المسيح (ع) .
إنّ ما يُسمّى بدولة إسرائيل كيان عنصري مُصطنع، لا يمكن أن يبقى للأبد، لأنّ الصراع معه صراع وجود لا خلاف على الحدود، فلا بد أن يرجع الشعب الفلسطيني ويقيم دولته كامل التراب الفلسطيني، وستبقى القدس وفلسطين حاضنة الديانات الإسلامية والمسيحية واليهودية، لأننا لا نطالب برمي اليهود في البحر؛ فهم كشعب يحق لهم العيش بكرامة وأمان، أمّا الصهاينة فهم سرطان البشرية، فلا اعتراف بوجود هذا الكيان، ولا بإمكانية التعايش معه؛ لأنه كيان عدواني يحتقر من يسالمه ولا يحترم القوانين والضوابط الأخلاقية، ولا تردعه إلاّ القوة، ولا يأمن جاره إلاّ إذا كان قويّاً، فلولا المقاومة وسلاحها لما تحرّرت الأرض، ولكانت اعتداءات الصهاينة يومياً قتلاً وتهجيراً، ولما قامت الدولة واستقر النظام.
إنّ المقاومة وسلاحها عامل اطمئنان، وما دام الكيان الصهيوني على حدودنا فلا رادع له إلاّ ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة، ولولا المقاومة وسلاحها لما أمكن الاستقرار والعيش بأمن وسلام .
وآخر دعوانا أن صلّ اللهم على محمد وآله الطاهرين والحمد لله رب العالمين .

تصوير:رامي أمين

شاهد أيضاً

Ideal Mobile Gambling Enterprise: A Comprehensive Guide to Taking Pleasure In Gambling Establishment Games on the move

In today’s electronic age, mobile phones have actually ended up being an important part of …

Open chat
أهلاً وسهلاً بكم