سحر بشروش
ترافق الفتيات المحجبات تحديات كثيرة من ناحية الحصول على فرص الوجود في مجال التمثيل، وهذه الصعوبات تنجم عن طبيعة متطلبات التمثيل من ناحية، وطبيعة الالتزام الديني بالحجاب من ناحية أخرى. ومن هنا نسأل، بالنسبة للمحجبة، هل الشرع هو المانع أم المخرجين هم من يرفضون المحجبات في المشاركة أعمالهم؟
يؤكد المفتي الشيخ احمد طالب عدم وجود اي رادع شرعي يمنع الفتاة المحجبة من التمثيل، بشرط الا يكون هناك اي مساس في حرمة الحجاب من ناحية، كالاحتكاك الجسدي ومن ناحية تقديم مشاهد تضم بعض الحركات او الايمائات التي تتعارض مع الامور الشرعية، وإن وجدت في مضمون الدور الذي ستؤديه الفتاة المحجبة هنا يدخل الدين والشرع كمانع في تمثيل هذا الدور دون سواه من الادوار التي قد تكون ضمن الاطار الشرعي، وفق طالب.
أما عن مفهوم الادوار والشخصيات التمثيلية وما تحمله من متطلبات اساسية لنجاحها، يقول المخرج اللبناني العالمي سعيد المروق، ان الفتاة المحجبة لديها حظوظ ضعيفة وقليلة في تمثيل الادوار والشخصيات في كلا الافلام او الفيديو كليبات، ولكن هذا لا ينطبق على حظوظها في التمثيل في الاعلانات او الدعايات حيث تواجدها بات مألوفا.
ببرر الماروق فكرته الأولى أن الفتاة المحجبة تفرض شخصيتها على شخصية الدور المكلفة بتمثيله، وهذا ما يتناقد مع اسس التمثيل. ويضيف الماروق انه لا مانع بأن تقوم بإعداد فيلم تمثيلي او فيديو كليب شخصية اساسية او احدى الشخصيات فيه فتاة محجبة، ولكن هذا لا يعني ان من سيلعب الدور هي في نفسها. ويقول انه لا مانع لديه بأن يقوم “كاستنغ” لفتيات محجبات وغير محجبات، الا انه يعيد ويؤكد أن حظوظ المحجبة قليلة، نظرا للموانع التي تحملها من ضوابط دينية وما شابه، وهذا يشكل تحديا كبيرا في التمثيل، “فأنا لا استطيع ان اطلب من الفتاة المحجبة التي تلعب دور الحبيبة ان تحضن حبيبها او زوحها في الفيلم”. واستشهد بمثل قائلا: “اذا كان هناك دور في فيلم لشخص مدخن، لن اذهب وابحث عن المدخنين لتأدية الدور، او اذا كان هناك دور لشخص ابكم لن ابحث عن شخص في الحقيقة ابكم، فنجاح وتألق الدور يكون في ان تحضر شخص لا صلة له بالدور وان يؤديه بنجاح، وهنا يكمن التميز و الابداع والتفوق في مجال التمثيل”.
وعند سؤالنا هل اذا كان مع او ضد وجود المحجبات في مجال التمثيل علق الماروق:” انا ضد قولبة الادوار ضمن شروط محددة تتوافق مع شخصية الممثل الحقيقية، مهما كانت. فالممثل يجب ان يؤدي كل الادوار المقدمة له من دون اي قيد، وعليه ان يتخلى عن قيوده الشخصية من اجل نجاح العمل”.
نرى في وجهة نظر كلا الطرفين انهما يلتقيان عند فكرة حق المحجبة في التمثيل الا ان طبيعة الدور المقترح في المثيل هو الذي يحول دون الحصول على الفرص. وهنا نطرح سؤالا عما اذا كانت الدراما اللبنانية يمكنها خلق مجال وفرص لتمثيل مشاهد لا تحمل اي من الاحتكاك الجسدي او الايماءات و”الحركات المبطنة” عموماً؟ الم يعد هناك وجود لادوار تقدم صورة او فكرة من دون الحاجة الا اللجوء لكلا العنصرين المذكورين! ولربما هذا يفتح امامنا باب التدقيق في مدى قدرة الدراما اللبنانية في تقديم صورة واقعية للمجتمع اللبناني بكل مكوناته، من دون الحاجة الى حذف اي فئة. فالمحجبات يشكلن قسما لا يستهان به من المجتمع المحلي، بالتالي لا يمكن تقديم صورة واقعية للدراما اللبنانية ونستثني هذه الفئة.