بعد ان قدموا كل ما عندهم من طاقات وامكانات وقدرات في مجال الالعاب التي احبوها وبرعوا فيها، غاب نجوم لبنان المخضرمين عن الاضواء. واذا كان قسم قليل منهم لا يزال اسمه متداولاً في الحياة الرياضية اللبنانية، كمسؤولين رياضيين او مدربين او اداريين، فإن الغالبية بقيت غائبة عن انظار محبيها في لبنان.
يعتبر أحد أبرز المهاجمين في العصر الذهبي لكرة القدم حيث اشتهر بلقب ثعلب العرب وتميز بحسه التهديفي العالي وبتمركزه الصحيح أمام مرمى الخصوم.
الحديث هنا عن قائد وهداف منتخب لبنان وفريقي الأنصار والتضامن صور في فترة الثمانينات وأوائل التسعينات إبراهيم دهيني.
دهيني يعمل حاليا كموظف في الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي ويحلل بعض مباريات كرة القدم على التلفاز.
وردا على سؤال حول عدم رؤيته كمدرب لأحد الأندية في السنوات الماضية، كشف دهيني بأنه خاض تجربة التدريب عندما اعتزل لكن الواقع حاليا صعب من ناحية التعامل مع الأندية.
ويضيف دهيني: استلمت تدريب التضامن صور منتصف التسعينات، وصعدنا سويا للدرجة الأولى كما كنا أول فريق من الدرجة الثانية يصل لنهائي كأس لبنان ونافسنا على بطولة لبنان عندما صعدنا للأولى حيث تم تسمية ملعب الإصلاح حيث كنا نخوض المباريات التي تحتسب على أرضنا ب” مقبرة الغزاة ” لكن للأسف يقف في وجهك أشخاص لا يحبذون التطور في كرة القدم وهذا موجود في كثير من الأندية فيقفون بوجه طموحك وطموح الكثير من اللاعبين الموهوبين.
أنا أحد الأشخاص المغضوب عليهم إذ صح التعبير، يتابع دهيني لأنني كنت لا أساير في عملي كمدرب على الرغم من قيامي باكثر من دورة خارجية تحت إشراف المدرب الفرنسي المعروف ريشار تاردييه لأصبح مساعدا له في الدورات التي قام بها لتخريج مدربين جدد ضمن بروتوكول لبناني فرنسي.
دهيني كشف أن اتجاهه لتحليل المباريات على التلفاز هو من باب تسخيره للخبرة التي يمتلكها وقرائته للمباريات وهو يحب هذا الأمر مع أنه ليس سهلا نظرا لوجود كاميرا ونقل مباشر حيث يتطلب الأمر سرعة بديهة وجرأة بالتحليل دون مسايرة أي لاعب أو مدرب أو نادي مع تطوير مستمر للذات كاشفا عن طموحه للعمل كمحلل في الخارج لكن وظيفته في صندوق الضمان الإجتماعي لا تسمح له بالسفر المتكرر نحو الخارج وهذا عائق أساسي بالطبع.
وعن مسيرته في الملاعب، يبدي دهيني رضاه التام عنها وقال بأنه خلال مسيرته مع نادي الأنصار والتضامن صور والمنتخب اللبناني نجح في تطوير أداءه بسرعة حيث لعب كقلب هجوم بعمر صغير بجنب نجوم كبار ما أكسبه خبرة التمتع بحس القيادة ليصبح فيما بعد هداف وقائد كل فريق لعب به بالإضافة للمنتخب الوطني وهذا أمر ليس سهلا.
وأرجع دهيني تألقه في الملاعب إلى الحياة الإحترافية التي عاشها إن من ناحية الأكل، النوم والحياة الخاصة خارج الملاعب وهذا كله ترك أثرا إيجابيا على مسيرته.
يؤكد دهيني بأن اللاعب اللبناني موهوب وهو دائما ما كان يقول بأن اللاعب اللبناني أكبر من اللعبة، وهذا يعود لعدم تعامل الاندية الصحيح مع اللعبة حيث لا يوجد تأسيس سليم ما يمنع اللاعبين من التطور كما يجب، وهذا يؤكد ضرورة العمل على نقل اللعبة من جو الهواية إلى عالم الإحتراف فهذا يدفع ثمنه اللاعب فقط. واستشهد الدهيني بتجربته التدريبية مع نادي السلام صور حيث قال بأنه تولى تدريب الفريق في الدرجة الثالثة فحقق معه لقب البطولة ثم صعد إلى الثانية وفاز أيضا باللقب ووصل للدرجة الأولى في ظرف سنتين فقط، ما جعلني أرى أن اللعبة تضم الكثير من الخامات المميزة التي يجب فقط الإعتناء بها كما يجب من أجل أن تصل وأكبر دليل هو نجاح كل اللاعبين اللبنانيين الذين احترفوا بالخارج حيث متى توفرت لهم الظروف الإحترافية والأجواء السليمة، عكسوا موهبتهم الكبيرة في أرض الملعب.
مشكلة الكرة اللبنانية بحسب دهيني هي في عدم تطور إداريي الأندية، فكرة القدم أصبحت صناعة وعلم وليست مبدا الإحتفاظ بالمنصب الإداري مدى الحياة وتوريثه حتى، يجب أن يتم عمل نفضة إدارية في كرة القدم على صعيد النوادي كي تتطور اللعبة أكثر وأكثر.
فيما خص غياب الهدافين ورؤوس الحربة الصريحين عن الكرة اللبنانية بعكس الفترة السابقة في الثمانينات، التسعينات وأوائل الألفية الثالثة، عزا دهيني السبب إلى غياب التأسيس الصحيح للجيل الناشئ خاصة في الدرجات الثانية والثالثة والرابعة حيث لا يوجد مدربين مختصين ولديهم شهادات كروية كما أن الفئات العمرية لا يوجد من يدربها بالشكل الصحيح ويسهر على نموها كما يجب ما ينعكس غيابا للاعبين المميزين في أكثر من مركز وأهمها مركز المهاجم.
دهيني أبدى إعجابه باللاعب أبو بكر المل الذي قدم موسما مميزا رفقة ناديه السابق طرابلس رغم تذبذب مستوى ناديه لكنه نجح في رفع مستوى الفريق وهذه صفات اللاعب النجم كما أن لاعب العهد أحمد زريق لاعب موهوب ومميز جدا و لاعب الأخاء أحمد حجازي لفت النظر كثيرا بسرعته الكبيرة في نقل الكرة من الدفاع إلى الهجوم كما في حسه التهديفي الذي تطور كثيرا هذا الموسم.
أما عن المنتخب اللبناني، فأكد دهيني أنه يسير في منحى تصاعدي لكنه يجب عدم التوقف لفترة طويلة بل خوض المباريات بشكل متتالي بجانب معسكرات ووديات تزيد الإنسجام بين اللاعبين.
المنتخب يمتلك عناصر مميزة في كل المراكز وإذا ما تم الإعتناء به بشكل جيد فإنه لدينا فرصة لأن نعود بقوة إلى الساحة الأسيوية ونفرض أنفسنا من جديد كرقم صعب.
كما وجه دهيني نصيحة إلى لاعبي كرة القدم داعيا إياهم إلى الإبتعاد عن مرض العصر: الأركيلة لانها تستنزف الكثير من صحتهم وجهدهم فاللاعب لا يهم إن تألق لموسم أو موسمين بل الأهم هو الإستمرارية داعيا إياهم إلى اتباع نظام حياة صحي كي يستمروا لفترة أطول في الملاعب.
كما دعا إلى وضع المدرب المناسب في المكان المناسب فالواسطة لن تفيد أبدا كرة القدم اللبنانية والمدرب كما قال مرة الفرنسي تاردييه يجب أن يكون رمزا كرويا في بلاده كي يستمع إليه الجيل الصاعد ويقتنع بما يقوله.