خطبة الجمعة ” العبادة في الإسلام ”
لفضيلة الشيخ علي ياسين العاملي
26-5-2017م
﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ * إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ ﴾ .
خلق الله سبحانه وتعالى الإنسان وأوجده ليعمر الأرض ويعبد الله سبحانه ، يعمر الأرض حسب ما رسم الله له من تأمين سبل عيش وتأمين سلامته ليتمكّن من العبادة الصحيحة ويثبت على خط رضا الله سبحانه ، والعبادة هي الخضوع والتذلل لله عزّ وجلّ بأن يكون الإنسان في جميع حالاته كما يحب الله ويرضى في العقائد والأقوال والأفعال ؛ وذلك بأن يراقب الله في كل قولٍ وفعلٍ ، إذ ليست العبادات محصورة بالمناسك العبادية المطلوبة كالصلاة والصوم والحج والزكاة ، بل تشمل عبادات ومعاملات الإنسان ، إذ ما من شيء يصدر عن الإنسان من قولٍ أو فعلٍ أو عقيدة إلاّ وله عنوان من عناوين الأحكام الخمسة [ واجب – حرام – مستحب – مكروه – مباح ] وكما قال الإمام علي (ع) لكميل : يا كميل ؛ ما من حركة إلا وأنت محتاج فيها إلى معرفة .
وأوّل العبادة معرفة الله والإقرار له بالوحدانية والخضوع والتذلّل ، وقد فرض الله عبادات مخصوصة على الإنسان لما لها من أثر روحي وتهذيب للنفس ، قال أمير المؤمنين (ع) : فَرَضَ اللهُ الْإِيمَانَ تَطْهِيراً مِنَ الشِّرْكِ ، وَالصَّلاَةَ تَنْزِيهاً عَنِ الْكِبْرِ ، وَالزَّكَاةَ تَسْبِيباً لِلرِّزْقِ ، وَالصِّيَامَ ابْتِلاَءً لْإِخْلاَصِ الْخَلْقِ ، وَالْحَجَّ تَقْرِبَةً لِلدِّينِ ، وَالْجِهَادَ عِزّاً لِلْإِسْلاَمِ ، وَالْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ مَصْلَحَةً لِلْعَوَامِّ ، وَالنَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِرَدْعاً لِلسُّفَهَاءِ ، وَصِلَةَ الرَّحِمِ مَنْماةً لِلْعَدَدِ ، وَالْقِصَاصَ حَقْناً لِلدِّمَاءِ ، وَإِقَامَةَ الْحُدُودِ إِعْظَاماً لِلْمَحَارِمِ ، وَتَرْكَ شُرْبِ الْخَمْرِ تَحْصِيناً لِلْعَقْلِ ، وَمُجَانَبَةَ السَّرِقَةِ إِيجاباً لِلْعِفَّةِ ، وَتَرْكَ الزِّنَى تَحْصِيناً لِلنَّسَبِ ، وَتَرْكَ اللِّوَاطِ تَكْثِيراً لِلنَّسْلِ ، وَالشَّهَادَاتِ اسْتِظهَاراً عَلَى الْمُجَاحَدَاتِ ، وَتَرْكَ الْكَذِبِ تَشْرِيفاً لِلصِّدْقِ ، وَالسَّلاَمَ أَمَاناً مِنَ الْمَخَاوِفِ ، وَالْإِمَانَةَ نِظَاماً لِلْأُمَّةِ ، وَالطَّاعَةَ تَعْظِيماً لِلْإِمَامَةِ.
في هذا القول بيان لبعض علل بعض العبادات وآثارها الإجتماعية ، لكن المؤمن يأتي بالعبادة امتثالاً لأمر الله سبحانه ، لا لأجل تحقيق مصالح دنيوية ، وهذا يكشف عن إخلاص العبد وطاعته لله سبحانه وطمعاً في ثوابه وخوفاً من عقابه يوم القيامة ، لا لرغبة بتحقق منفعة دنيوية ، وأعلى درجات العبادة هي عبادة الأحرار ، وكما روي عن أمير المؤمنين (ع) : إلهي ما عبدتك خوفاً من نارك ، ولا طمعاً في جنّتك ، ولكن رأيتك أهلاً للعبادة فعبدتك . وهو القائل (ع) عن العباد ؛ منهم من عبد الله شكراً ؛ وهي عبادة الأحرار ، ومنهم من عبد الله خوفاً من النار ؛ وهي عبادة العبيد ، ومنهم من عبد الله طمعاً في الجنة ؛ وهي عبادة التجار . وهذا لا ينافي الإخلاص والطاعة والانقياد ، لأنّ الله سبحانه خلق الجنّة ترغيباً لطاعته ، وخلق النار ترهيباً من معصيته ، ولذا نجد الكثير من الآيات والروايات التي تحدد ثواب بعض الطاعات ، وتصوّر عذابات ارتكاب بعض المحرمات ، وما ذلك إلاّ لحمل الإنسان على الطاعة وإبعاده عن العصية ، فلا ينشغل الإنسان بحب الدنيا ، بل يعيش الحب لله سبحانه ، فيهتم لأن يكون في كل حالاته مرضياً عند الله ، فيخرج حب الدنيا من قلبه ، ويجهد لأن يكون قوله وفعله وتوجهاته كما يحب الله ويرضى ، فلا يقتصر بعبادته على بعض الطقوس والمناسك ، إذ لا حصر ولا تحديد لنوع الأفكار والأعمال والأقوال والأحاسيس التي يعبد الله بها ، كالصلاة والصوم والصدقة والحج والجهاد والتفكّر في خلق الله ومساعدة الضعيف وأداء الأمانة وبر الوالدين والإحسان إلى الناس وإقامة العدل ومواجهة الفساد ، وعدم شرب الخمر وترك الغيبة وعدم الكذب والابتعاد عن الربا وتجنّب الاحتكار وكف الأذى .
إنّ الأحاديث والروايات توضّح المفهوم الإسلامي للعبادة ، وتشخّص أبعاده ؛ فعن رسول الله (ص) : العبادة سبعة أجزاء ؛ أفضلها طلب الحلال . وقال (ص) : نظر الولد إلى والديه حبّاً لهما عبادة . وعن السجاد (ع) : نظر المؤمن في وجه أخيه المؤمن للمودة والمحبة له عبادة . وعن الباقر (ع) : أفضل العبادة عفّة البطن والفرج . وعن الصادق (ع) : أفضل العبادة العلم بالله والتواضع له . وورد عن الإمام الرضا (ع) : ليس العبادة كثرة الصيام والصلاة ؛ وإنما العبادة كثرة التفكّر في أمر الله . وورد في الحديث : كم من مصلٍّ ليس له من صلاته إلاّ العناء ، وكم من صائمٍ ليس له من صيامه إلاّ الجوع والعطش . وذلك حينما تصدر منه العبادة كعادة ، ولا تكون عن نيّة خالصة ، إذ المهم في العبد أن تكون نيّته خالصة لله عزّ وجلّ ، فإذا كان صادق النيّة وعازماً على العمل الصالح والطاعة – كلّما توجّه إليه لأمر ، أو دعاه واجب – فإنّ الله يعطيه الثواب ويرفع درجته ، في السيرة : أنّ النبي (ص) خرج إلى غزوة تبوك فقال : إِنَّ بِالْمَدِينَةِ أَقْوَامًا مَا قَطَعْنَا وَادِيًا وَلَا وَطِئْنَا مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا أَنْفَقْنَا نَفَقَةً وَلَا أَصَابَتْنَا مَخْمَصَةٌ إِلَّا شَرِكُونَا فِي ذَلِكَ وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ . قَالُوا: وَكَيْفَ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَيْسُوا مَعَنَا ؟ قَالَ: حَبَسَهُمُ الْعُذْرُ ، فَشَرِكُوا بِحُسْنِ النِّيَّةِ .
فالنية تعبّر عن الموقف الداخلي والحقيقة الباطنة للإنسان ، ولذا ربط الثواب والعقاب بها ، لأنّها هي التي تكشف عن الحقيقة الباطنية للإنسان ، ولذلك كان الثواب والعقاب بها لا بمجرّد الفعل ، لأنّ العمل لا يكشف عن واقع الإنسان وباطنه ، إذ قد يكون قصده من كثرة العبادات والتظاهر بالصلاح هو كسب ثقة الناس ، جاء في الحديث النبوي الشريف : إنّما الأعمال بالنيات ، ولكلّ امرئ ما نوى ، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله ؛ فهجرته إلى الله ورسوله ، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة يتزوّجها ؛ فهجرته إلى ما هاجر إليه .
كي لا ينجرف الإنسان وراء شهواته ورغباته ونزواته فيعبد الدنيا ولا يعبد الله ؛ جاء إرسال الرسل والأنبياء لتنبيه الناس لسبب خلقهم وعلّة وجودهم وهو عبادة الله سبحانه ، وبيّن كيف تكون العبادة ؛ وأوّلها الإعتقاد بالله الخالق والمسبّب للأسباب ، وأمرهم بما يصلحهم ونهاهم عمّا يفسهدهم ﴿ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ﴾ لأنّ العبادة هي طريق الوصول إلى الله سبحانه ، فالعبادات في الإسلام لها آثار كبيرة على النفس لإصلاحها ، فلكلّ عبادة أثرها النفسي والجسدي ، فرضها الله سبحانه لتتكامل وتصلح النفس الإنسانية ، وترتفع قيمته الروحية ، ويزيد قدره ، فيحصل على التقوى ، فلا يترك أمراً يقرّبهُ من الله سبحانه وبذلك يحصل على حبّ الله سبحانه ، ومن هذه العبادات الصلاة والصيام والدعاء ، فالعبادات منها عقلي محض ، ومنها بدني ومنها مالي ، ومنها مالي وبدني ، فالعبادة العقلية هي توحيد الله سبحانه وامتلاء القلب بمحبته ليحصل على مرتبة الرهبة والخوف من الله تعالى ، فيكون خاشعاً ذليلاً مع خالقه والمنعم عليه .
والعبادات البدنية – كالصلاة والصوم – والعبادات المالية – كالخمس والزكاة – والعبادات البدنية المالية – كالحج – ؛ فلكلٍّ من هذه العبادات تأثير على حالة الإنسان الروحية والنفسية ، فيعيش المؤمن أقصى حالات الخضوع والتذلّل لله سبحانه ، والله جل وعلا لم يفرض على الإنسان شيئاً إلاّ وفيه مصلحة لنفس الإنسان ، فمن العبادات التي لها تأثير كبير على الإنسان الصيام الذي فرض على المسلمين ، في السنة الثانية للهجرة نزلت آيات الصيام على قلب النبي (ص) ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ خاطب الله فيها المؤمنين من هذه الأمة وأمرهم فيها بالصيام ، والصيام في اللغة هو الكف والإمتناع عن الشيء ﴿ إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَٰنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا ﴾ أي أنها أمسكت عن الكلام ، والصوم في الشرع هو الإمساك عن الطعام والشراب وعن كل ما يفسد الصيام من الفجر إلى المغرب ﴿ وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ﴾ وقوله تعالى ﴿ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ ﴾ فيمسك احتساباً لله سبحانه واستعداداً لتطهير النفس تهيئةً لها لتقوى الله بتربية الإرادة على كبح جماح الشهوات ، فيقوى المؤمن على ترك المضار والشهوات ، فالصوم يقوي الإرادة عند الإنسان ويزكّي النفس ويطهّرها ، وللصوم فوائد صحيّة كثيرة على الجسد ، وكلّما تقدّم الزمن وتطوّر العلم اكتُشفت فوائد جديدة للصوم ، ولم تكن فريضة الصوم على المسلمين فقط ؛ بل كانت عند الأمم السابقة ﴿ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ ﴾ فالصوم عبادة وتقرّب إلى الله سبحانه منذ القدم ، آدم ونوح والأنبياء كانوا يصومون ، ويذكر في التاريخ أنّ قدماء المصريين كانوا يصومون إلى أربعين يوماً في كلّ عام ، وقدماء اليونانيين كانوا يلجأون إلى الصوم قبل البدء في الحرب ، وكذلك الرومان كانوا يكثرون من الصوم عند الشدائد وطلب النصر ، واليهود في زمن النبي موسى (ع) كانوا يصومون أربعين يوماً ، وجاء في التوراة صيام العاشر من الشهر السابع ، واليوم التاسع من الشهر الثامن ، ولذلك سمي صوم يوم الكفارة ، وعلى ذلك سار المسيح والنصارى .
ولقد اختص الله المسلمين بصيام شهر رمضان لما له من مكانة وكرامة وأنّه أشرف الشهور ، فيه أنزل الله القرآن على قلب الحبيب المصطفى (ص) ليخرج الناس من الظلمات إلى النور ، وفيه تفتح أبواب الجنان وتغل الشياطين ، وأن لله سبحانه عند كل إفطار عتقاء من النار ، وفي النبوي الشريف : من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه . وأعظم ما فيه ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر ، وهو شهر العتق من النار والفوز بالجنة ، فيه تضاعف الحسنات ، ورد في النبوي الشريف : كلّ عمل ابن آدم يضاعف الحسنة عشر أمثالها إلى سبعماية ضعف ، قال الله عز وجل : إلاّ الصوم فإنّه لي وأنا أجزي به ، يدع شهوته وطعامه من أجلي ، للصائم فرحتان : فرحة عند إفطاره ، وفرحة عند لقاء ربه ، ولخلوق فم الصائم أطيب عند الله من رائحة المسك. وقال (ص) : الصوم جنّة من النار . وقال (ص) : الصوم في الحر جهاد .
عن أمير المؤمنين (ع) : صوم القلب خير من صيام اللسان ، وصوم اللسان خير من صيام البطن . قال النبي (ص) : من منعه الصوم من طعام يشتهيه كان حقاً على الله أن يطعمه من طعام الجنة ويسقيه من شرابها .: وقال (ص) : طوبى لمن ظمأ أو جاع لله ، أولئك الذين يشبعون يوم القيامة . عن الإمام الصادق (ع) قال : من صام لله عزّ وجلّ يوماً في شدّة الحر فأصابه ظمأ وكّل الله به ألف ملك يمسحون وجهه ويبشّرونه حتى إذا أفطر . قال رسول الله (ص) : إنّ للجنة باباً يدعى الريان ، لا يدخله إلاّ الصائمون . عن الإمام الصادق (ع) : أيما مؤمن أطعم مؤمناً ليلةً من شهر رمضان ؛ كتب الله له بذلك مثل أجر من أعتق ثلاثين نسمة مؤمنة ، وكان له بذلك عند الله دعوة مستجابة .
شهر رمضان شهر تقوية الإرادة والعزيمة والصبر ، شهر جهاد النفس ، فيه كانت معركة بدر الكبرى ، سجّل فيه المسلمون أول نصر عسكري على قريش ، لأنهم لم يتّكلوا على عددهم أو عدّتهم ؛ بل أعدّوا ما استطاعوا وتوكلوا على الله ناصرهم ومعزّهم ، لاعتقادهم أنّ النصر من عند الله ، وهم على يقين بأنهم سوف ينتصرون ، لأنهم حذفوا كلمة هزيمة من منهجهم ، ولم يرضوا إلاّ بنصرٍ أو شهادة ، وعلى هذا النهج المحمدي سار المجاهدون ، هذا النهج الذي ثبت عليه من تخرّجوا من مدرسة كربلاء على مر التاريخ ، فلم يعطوا بأيديهم إعطاء الذليل ، ولم يفرّوا فرار العبيد ، مردّدين قول سيّدهم وإمامهم (ع) [ هيهات منا الذلية ] ، فكان النصر الذي حقّقه الإمام الخميني حيث أسقط أكبر طواغيت عصره ،وأرسى دعائم الدولة الإسلامية تمهيداً لدولة الفرج الأكبر إن شاء الله تعالى ، وكانت الإنتصارات التي حقّقها المجاهدون على العدو الصهيوني ، إذ صمّموا على مواجهته من ساعة وطأت جيوشه أراضي الوطن ، وكانت المواجهات البطولية في خلدة التي استمرّت بملاحقة العدو الصهيوني الذي كان يتقهقر من منطقة إلى أخرى تحت ضربات المقاومة ، وهو يحاول أن يخرج من لبنان باتفاق يُبقي يده هي الطولى ، فسقط اتفاق 17 أيام ، وفرضت المقاومة توازن الرعب في سنة 96 ، إلى أن فرضت عليه المقاومة أن يلملم جنوده ويهرب في ليل ذليلاً في الخامس والعشرين من أيار سنة 2000 ، وسقط الحلم الأكبر بإسرائيل الكبرى ، وكانت نتيجة عدوانهم في تموز عام 2006 بداية العد العكسي لعمر هذا الكيان القائم على العدوان والإرهاب ، ولن يجرؤ على التفكير في عدوانه مجدداً فضلاً عن أن يقضي على المقاومة – كما يحلم بعض أحلافه – ، وما كانت هذه النتيجة تحصل لولا الإرادة الصلبة للمقاومة التي هزمته وأخرجته من لبنان يجر ذيول الخيبة ، فالمقاومة أقوى مما كانت عليه سابقاً عدّةً وعدداً وعزيمةً وإيماناً .
إننا نشيد بالمبدئية الشجاعة التي تمثّلت بمواقف الأمين العام لحزب الله ؛ خاصةً لجهة تأكيده على رفضه الفراغ وقانون الستين والتمديد . إنّ هذا الموقف يعكس حرص السيد نصر الله على استقرار الوضع الداخلي وتحسين الأوضاع السياسية والإدارية في لبنان ، لما فيه مصلحة الشعب اللبناني بكل أطيافه ، كما ونحيّي القوى الأمنية ، وفي مقدمتها الجيش على إنجازه الأخير في ملاحقة الخلايا الإرهابية في لبنان وإفشال مخططاتها الإجرامية بحق المدنيين في غير منطقة .
إننا نعتبر أن قمة الرياض أظهرت بلا أدنى شك أن فلسطين وقضيتها تشكل عبأً على الأنظمة العربية التي قدمت هدايا شخصية بمليارات الدولارات للرئيس الأمريكي وعائلته , هذه الهدايا لو أنفقت في فلسطين لكانت أعادت بناء قطاع غزة ولدعمت سكان القدس في صمودهم , ناهيك عن الصفقات التي تفوق مبالغها الأربعمائة وثمانين مليار دولار والتي لن تخدم سوى الولايات المتحدة الأمريكية إقتصادياً والعدو الصهيوني هيمنةً وعنصريةً , إن الإنفاق على السلاح من قبل الرياض يظهر ضعفها وسط شعوب باتت تعرف من أين انطلق الإرهاب الذي يُهزم في سوريا والعراق , ولو أنفقت الرياض هذه المليارات على شعبها وشعوب المنطقة ودعمت المقاومة لكانت قادت العالم العربي وجعلته مستقلا غير محتلٍ ولا تابعٍ ، ولكن إنفاق الرياض هذا يشكل خيانة لكل شعوب المنطقة وقضاياه .
وبالمقابل فإن كلام الأمين العام لحزب الله بالأمس أكد على مكانة فلسطين لدى محور المقاومة ، الذي لم يخفْ من اجتماعات سابقة وتحالفات معهودة ، وكذلك فإنّ كل ما سيتمخض عن قمة الرياض لن يؤثر على محور المقاومة ولن يخفي حقيقة الانتصارات المتتالية له في كل الميادين .
إننا ندين كل الممارسات اللا إنسانية بحق الشعب البحريني والقمع الذي يتعرض له أهالي القطيف لمجرد المطالبة السلمية بحقوقهم الإنسانية , ونؤكد أن من يعتبر قمع الشعب البحرني واضطهاد أهالي القطيف مسألة داخلية والتضامن معهم يوضع في الخانة الطائفية ؛ فإنه يسير في ركب المشروع الصهيو أمريكي الذي بدأ عدوانه بإحتلال فلسطين ، وما لبث أن وُلد من رحم الشعب مقاومة شعبية غيرت المعادلات وبدأت تؤتي ثمارها ؛ بأنّ الكلمة الفصل للمجهود الشعبي وقواه الثورية ، وليس لسلطة النار والبارود.
ونؤكد بأن إقدام النظام البحريني على التجرؤ على هامة كبيرة وطنية وإسلامية في البحرين متمثلة بآية الله الشيخ عيسى قاسم هي بمثابة بدء العد العكسي لنهاية حكم نظام آل خليفة الظالم ، الذي لم يحترم المقام الديني لآية الله قاسم ولا حتى عمره وحالته الصحية .
وأخر دعوانا أن صلّ اللهم على محمد وآله الطاهرين والحمد لله رب العالمين .