الرئيسية / أخبار صور / خطبة الجمعة لفضيلة الشيخ علي ياسين العاملي

خطبة الجمعة لفضيلة الشيخ علي ياسين العاملي

لقد فُطرت البشريّة على الإيمان؛ بأن العدل لابدّ وأن يعم الأمم، وآمنت بضرورة ظهور مُنجي البشريّة الذي يُحقّق الإصلاح، وهذا الاعتقاد راسخ لدى أصحاب الديانات السماوية، ويتجذّر في العقيدتين الزرادشتية والهندوسية، فهذه هي عقيدة المُخلّص في الأديان السماوية وشبه السماوية، والمسلمون ينتظرون المُخلّص [المهدي]، وفي الديانة اليهودية يُبشّرون بالمسيح اليهودي أو بعودة العزير، والديانة المسيحية تُبشّر بعودة السيد المسيح نفسه، الزرادشتيون ينتظرون عودة إنسان اسمه بهرام، والهندوس يعتقدون بعودة [الوشنو]، بينما المجوسية تؤمن بعودة [أردشير]، والبوذية تنتظر عودة [البوذا]، حتى أصحاب المباديء المادية – كالماركسية مثلاً – في فلسفتهم أن مبدأهم سوف يسود البشرية وتعم المساواة، ولكن ثبت بالفعل بطلان المبدأ الماركسي .
المسلمون باختلاف طوائفهم يعتقدون بالمهدي من ذرية رسول الله (ص) يخرج في آخر الزمان ليملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعد أن مُلئت ظلماً وجوراً، يقول عبد الرحمن بن خلدون [من علماء القرن التاسع الهجري]: اعلم أن المشهور بين الكافة من أهل الإسلام على ممر الأعصار أنه لا بد في آخر الزمان من ظهور رجل من أهل البيت يؤيد الدين ويظهر العدل ويتبعه المسلمون ويستولي على الممالك الإسلامية ويسمى بالمهدي، ويكون خروج الدجال وما بعده من أشراط الساعة الثابتة في (الصحيح) على إثره، وأن عيسى عليه السلام ينزل من بعده فيقتل الدجال، أو ينزل معه فيساعده على قتله، ويأتم بالمهدي في صلاته.
الكثير من أهل السنة يقولون بأن المهدي يولد في آخر الزمان، لكن الشيعة مجمعون على أنّه مولود، وخاصة الشيعة الإمامية الاثني عشرية فيقولون هو محمد بن الحسن العسكري، وقد وُلد في الخامس عشر من شعبان سنة 255هـ، وهذا مروي عن العديد من علماء السنة، نذكر على سبيل المثال – لا الحصر – :
1- الذهبي يقول في كتابه [العبر في خبر من غبر] جزء3 صفحة 31: وفيها – أي في سنة 256 هـ – ولد محمد بن الحسن بن علي الهادي بن محمد الجواد بن علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق العلوي الحسيني، أبو القاسم الذي تلقّبه الرافضة الخلف الحجة، وتلقّبه بالمهدي، والمنتظر، وتلقّبه بصاحب الزمان، وهو خاتمة الإثني عشر. ويقول الذهبي في كتابه [تاريخ دول الإسلام] جزء 19 صفحة 113 في ترجمة الإمام العسكري: الحسن بن علي بن محمد بن علي الرضا بن موسى بن جعفر الصادق، أبو محمد الهاشمي الحسيني، أحد أئمة الشيعة الذين تدّعي الشيعة عصمتهم، ويقال له: الحسن العسكري، لكونه سكن سامراء، فإنها يقال لها: العسكر، وهو والد منتظر الرافضة، توفي إلى رضوان الله بسامراء في ثامن ربيع الأول سنة ستين ومائتين وله تسع وعشرون سنة، ودفن إلى جانب والده. وأما ابنه محمد بن الحسن الذي يدعوه الرافضة القائم الخلف الحجة فولد سنة ثمان وخمسين، وقيل: سنة ستّ وخمسين . وقال في سير أعلام النبلاء: المنتظر الشريف أبو القاسم محمد ابن الحسن العسكري بن علي الهادي بن محمد الجواد بن علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر ابن زيد العابدين بن علي بن الحسين الشهيد ابن الإمام علي بن أبي طالب، العلوي، الحسيني خاتمة الإثني عشر سيّداً .
2- ابن صباغ المالكي في كتابه [الفصول المهمة] صفحة 274: ولد إبو القاسم محمد الحجه بن الحسن الخالص بسر من رأى ليلة النصف من شعبان سنة 255 للهجره ، وأما نسبه أباً وأماً فهو أبو القاسم محمد الحجه بن الحسن الخالص بن علي الهادي بت محمد الجواد بن علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب (ع) ، وأما أمه فأم ولد يقال لها : نرجس خير أمة ، وقيل : إسمها غير ذلك ، وأما كنيته فأبو القاسم ، وأما لقبه فالحجه والمهدي والخلف الصالح والقائم المنتظر وصاحب الزمان وأشهرها المهدي.
3- ابن حجر الهيثمي في كتابه [الصواعق المُحرقة] صفحة 124: أبو محمد الحسن الخالص، وجعل ابن خلّكان هذا هو العسكري، ولد سنة اثنتين وثلاثين ومائتين… مات بسُرَّ من رأى، ودفن عند أبيه وعمّه، وعمره ثمان وعشرون سنة، ويقال: إنّه سُمّ أيضاً، ولم يخلّف غير ولده أبي القاسم محمد الحجة، وعمره عند وفاة أبيه خمس سنين، لكن أتاه الله فيها الحكمة، ويسمى القائم المنتظر، قيل: لأ نّه سُتِرَ بالمدينة وغاب فلم يعرف أين ذهب .
4- القندوزي الحنفي في كتابه [ينابيع المودة] جزء 3 صفحة 306: ورجع الحسن إلى داره ، وتوفي (ر) ، ويقال: إنه مات بالسم ، ولم يخلف غير ولده أبي القاسم محمد الحجة ، وعمره عند وفاة أبيه خمس سنين ، لكن آتاه الله تعالى الحكمة ، ويسمى القائم المنتظر ، لأنه ستر وغاب فلم يعرف أين ذهب .
5- ابن الأثير في كتابه [الكامل في التاريخ] في حوادث 260هـ: وفيها توفي الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (ع) ، وهو أبو محمد العلوي العسكري ، وهو أحد الأئمة الإثني عشر على مذهب الإمامية ، وهو والد محمد الذي يعتقدونه المنتظر بسرداب سامرا ، وكان مولده سنة إثنتين وثلاثين ومائتين.
6- ابن خلّكان في كتابه [وفيّات الأعيان] يقول: أبو القاسم محمد بن الحسن العسكري بن علي الهادي بن محمد الجواد المذكور قبله، ثاني عشر الأئمة الإثني عشر على اعتقاد الإمامية المعروف بالحجة… كانت ولادته يوم الجمعة منتصف شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين .
7- أحمد بن يوسف القرماني الحنفي قال في كتابه [أخبار الدول وآثار الأول] في الفصل الحادي عشر في ذكر أبي القاسم محمد الحجة الخلف الصالح: وكان عمره عند وفاة أبيه خمس سنين ، أتاه الله فيها الحكمة كما أوتيها يحيى (ع) صبياً ، وكان مربوع القامة ، حسن الوجه والشعر ، أقنى الأنف ، أجلى الجبهة …… وإتفق العلماء على أن المهدي هو القائم في آخر الوقت ، وقد تعاضدت الأخبار على ظهوره ، وتظاهرت الروايات على إشراق نوره ، وستسفر ظلمة الأيام والليالي بسفوره ، وينجلي برؤيته الظلم إنجلاء الصبح ، عن ديجوره ، ويسير عدله في الآفاق فيكون أضوء من البدر المنير في مسيره.
إذا رجعنا للروايات الصحيحة عند أهل السنة وعند الشيعة التي تنص على أنّ الخلفاء بعد النبي (ص) هم اثنا عشر خليفة وأن آخرهم قائمهم تكون له غيبة يحتار فيها الناس، وأنه يخرج في آخر الزمان ليملأ الأرض قسطاً وعدلاً تصديقاً لوعد الله سبحانه وتحقيقاً لآمال الأمم؛ نجدها تنطبق على أئمة أهل البيت (ع) ابتداءً بأمير المؤمنين (ع) ثم الحسن ثم الحسين ثم التسعة من أولاد الحسين (عليهم السلام)، إذ أجمع علماء عصرهم بأنهم أفضل الناس وأعلم الناس، وإن حاول حكّام الجور من بني أمية القضاء على الإسلام، وأن يعود الناس إلى جاهليّتهم، لكنّ حكمة الأئمة المعصومين (ع) وتضحية الإمام الحسين (ع) أبقت على روح الإسلام الذي أسقط بني أميّة وقضى عليهم تحت شعار الأمر للرضا من آل محمد، هذا الشعار الذي أوصل بني العباس للحكم، وقد حاولوا أن يصرفوا الناس عن الإيمان بالمهدي (عج) وحاصروا أئمة الهدى من أهل البيت (ع)؛ لكن لم يستطيعوا إلغاء دورهم والقضاء عليهم، ومحاولة السيطرة على الإمام المعصوم ووضعه تحت المراقبة الدائمة، لأنهم يعلمون في داخلية قلوبهم أنهم ليسوا أئمة حق؛ إنّما إمام الحق من كان في زمن كلٍّ منهم من ذريّة الإمام الحسين (ع)، لذا يدسّ هارون السم للإمام الكاظم (ع)، ومن بعده المأمون عمل على القضاء على الإمام الرضا (ع) والمعتصم سمّ الإمام الجواد (ع)، وعلى نهجهم سار من جاء بعدهم؛ فوضعوا الإمامين الهادي وابنه العسكري تحت المراقبة في سامراء بين جيوشهم حتى عُرفا بالعسكريين، ودسوا لهما السم، وعملوا على البحث عن ابن الإمام العسكري ليقينهم بأنه هو الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً، فكما لم يستطع فرعون مصر من منع ولادة موسى الذي أدرك أنّ زوال سلطانه على يديه، كذلك لم يتمكّن حكّام بني العباس من وضع يدهم على الإمام المهدي الذي خرج إلى العلن وصلّى على أبيه ثم اختفى، لتبدأ الغيبة الصغرى سنة 260هـ، واستمرت إلى 326هـ، كان الإمام خلالها يتواصل مع شيعته عبر أشخاص مُحدّدين كانوا يأخذون من الناس أسئلتهم ويوصلوها لحضرة الإمام (عج) فيُجيب عليها بالكتابة وممهورة بختمه الشريف، وأطلق على هؤلاء الأشخاص السفراء وهم أربعة:
السفير الأول: هو الشيخ عثمان بن سعيد العمري، لم يرد في المصادر التاريخية عام ولادته ولا عام وفاته. له ولدان هما أحمد ومحمد، والأخير خلف والده في موقع السفارة بعد وفاته. كان يشتغل بتجارة السمن ببغداد، وهو وكيل خاص للإمام علي الهادي حتى مدحه بقوله: “هذا أبو عمرو الثقة الأمين، ما قاله لكم فعنّي يقوله، وما أدّاه فعنّي يؤديه”. وبعد استشهاد الإمام الهادي أصبح “أبو عمرو” وكيلاً خاصاً للإمام الحسن العسكري، وقد زاد من دوره ونشاطه، مسلك الإمام العسكري في الاحتجاب عن قواعده الشعبية. وكان العمري يظهر أمام الناس بمظهر التاجر الاعتيادي، وهو يستفيد من عنوانه التجاري في التغطية على أعماله الضخمة مع الإمام، وأثنى عليه الإمام العسكري في مناسبات مختلفة وأمام الناس، ومن ذلك قوله (عليه السلام): “هذا أبو عمر الثقة الأمين، ثقة الماضي وثقتي في المحيا والممات، فما قاله لكم فعنّي يقوله، وما أدّي إليكم فعنّي يؤدي”. وبعد استشهاد الإمام العسكري نصّب ولده الإمام المهدي أمام وفد وصل من مدينة قم إلى مدينة سامراء عاصمة الخلافة العباسية ودار سكنى الإمامين العسكريين، على سفارة أبي عمرو عثمان بن سعيد، وبذلك اضطلع بمهمة ربط القواعد الشعبية بالإمام وتبليغ توجيهاته وتعاليمه إليهم، وإيصال أسئلتهم ومشاكلهم وأموالهم إليه، وتنفيذ أوامر الإمام وتوجيهاته فيهم. وقد استمر في موقعه حوالي خمس سنوات إلى أن وافاه الأجل حيث دُفِنَ ببغداد.
السفير الثاني: هو الشيخ محمد بن عثمان بن سعيد العمري، ابن السفير الأول. نصّ الإمام المهدي على سفارته بواسطة كتاب خرج من الإمام على يد أبيه السفير الأول. أثنى عليه الإمام المهدي، وقال في حقه: “لم يزل ثقتنا في حياة الأب ـ رضي الله عنه وأرضاه وأنضر وجهه ـ يجري عندنا مجراه ويسد مسدّه، وعن أمرنا يأمر الابن وبه يعمل . وتولى السفارة لمدة أربعين سنة إلى أن توفي عام (٣۰٤هـ) أو (٣۰٥هـ). ولطول مدة سفارته كان أوسع السفراء تأثيراً في وسطه الاجتماعي وأكثرهم توفيقاً في تلقي تعاليم الإمام المهدي. له كتب مصنّفة من الفقه وصلت بعد وفاته ودفنه في بغداد، ليد السفير الثالث.
السفير الثالث: هو الشيخ أبو القاسم الحسين بن روح النوبختي. بدأ سفارته بعد وفاة السفير الثاني وبنصه، عن الإمام. اشتهر بإخلاصه وإيمانه ووثاقته، عمل وكيلاً لدى السفير الثاني، الذي عمد في السنوات الأخيرة من سفارته إلى تكثيف المهمات عليه بأمر من الإمام المهدي، فيما يشبه إعداده للسفارة وتهيئته لها. وامتاز بثقافة إسلامية عالية وبانفتاح شديد على مختلف المذاهب والاتجاهات السياسية في عصره، الأمر الذي قاد إلى تكيّفه مع المناخ العام وحفاظه بالتالي على سرية مهمته كوكيل خاص للإمام المهدي. واستمرت سفارته واحداً وعشرين عاماً انتهت بوفاته سنة ٣٢٦هـ، حيث دُفن ببغداد.
السفير الرابع: هو الشيخ أبو الحسن علي بن محمد السمري. أصبح سفيراً للإمام المهدي بعد وفاة السفير الثالث، واستمرت سفارته حوالي ثلاثة أعوام إلى حين وفاته في النصف من شعبان عام (٣٢٩هـ)، وبذلك تكون سفارته أقصر السفارات. لقد اشتد في عصره ضغط السلطة السياسية على الخط الموالي لأهل البيت (عليهم السلام). وكنتيجة لذلك لم يكتسب السفير الرابع عمقاً عريضاً في الأوساط الشعبية، من دون أن يؤثر في ذلك على موقعه في السفارة أو وثاقته والاعتقاد به. كان آخر توقيع أخرجه عن الإمام المهدي، يؤكد انتهاء السفارة الخاصة، وبالتالي انتهاء آخر طريق للارتباط المباشر بين الإمام المهدي والناس. وبوفاته انتهت الغيبة الصغرى لتبدأ الغيبة الكبرى التي ما زالت مستمرة حتى يأذن الله بأمر منه .
بعدها بدأت الغيبة الكبرى، واستمر بنو العباس في التضييق على الشيعة وكانوا يتتبعون تحركات الشيعة علّهم يضعون يدهم على الإمام الحجة (عج)، لذا كانت تعاليم الإمام أن لا يذكروه باسمه، فقد خرج التوقيع الشريف لمحمد بن عثمان العمري بيان سبب عدم ذكر الإمام باسمه: فإنهم إن وقفوا على الاسم أذاعوه ، وإن وقفوا على المكان دلوا عليه . فالإمام (عج) لم يضمن عدم تسريب مكان تواجده إذا عرغه الناس إلى العباسيين فيصلوا إليه ويقتلوه، حينها تخلو الأرض من قائم لله بحجة، فجاءت الغيبة الكبرى بعد أن اطمأن الإمام إلى إيمان الناس وإمكان التزامهم بأحكام الله، حتى يأتي اليوم الذي يتمكّن فيه المؤمنون من التمهيد لدولة الفرج الأكبر.
إنّ النبي (ص) والأئمة (ع) كانوا قد مهّدوا للغيبة الكبرى بما ذكروه من روايات، كالرواية الواردة عن رسول الله (ص) أنه قال: لابد للصبي من غيبة . فقيل له: ولم يا رسول الله ؟ قال: يخاف القتل . وعن أبي عبد الله الصادق (ع): للقائم غيبتان إحداهما قصيرة والخرى طويلة، الغيبة الأولى لا يعلم بمكانه فيها إلاّ خاصة شيعته، والأخرى لا يعلم بمكانه فيها إلاّ خاصة مواليه . وعن الإمام الصادق (ع): أما والله ليغيبنّ إمامكم سنيناً من دهركم، ولتمحّصنّ، حتى يُقال: هلك بأي واد سلك؟ ولتدمعن عليه عيون المؤمنين .
غاب الإمام (عج) الغيبة الكبرى وبدأ عصر انتظار الفرج، والأمر بتهيئة الأمور ليخرج وليس في رقبته بيعة لظالم، وقد استنفذت الأمم تجاربها، وقال الإمام العسكري (ع) في ردّه على أحد المؤمنين: عليك بالصبر وانتظار الفرج فإن النبي (ص) قال: أفضل أعمال أمتي انتظار الفرج . وروى أبو خالد الكابلي عن الإمام زين العابدين (ع) قال: يا أبا خالد … إنّ أهل زمان غيبته القائلون بإمامته المنتظرون بظهوره أفضل أهل كل زمان .
حينما يعتقد الإنسان بلا بديّة ظهور الإمام (عج) لإقامة العدل ونشر الرحمة في أرجاء المعمورة؛ لابد وأن تتولد إشراقة أمل في قلبه، تدفعه لتزكية نفسه وإصلاحها بالسعي والورع، وترغّبه في الالتزام بالتكاليف الشرعية والفرائض الدينية، وهذا ما أشارت إليه الروايات عن أهل البيت (ع)، عن أبي بصير عن الإمام الصادق (ع) أنه قال: من سُرّ أن يكون من أصحاب القائم فلينتظر وليعمل بالورع ومحاسن الأخلاق وهو منتظر، فإن مات وقام القائم بعده كان له من الأجر مثل أجر من أدركه مجدداً، وانتظروا هنيئاً لكم أيتها العصابة المرحومة . وروى إبراهيم الكوفي عن الإمام الصادق (ع) أنه قال: المنتظِر للثاني عشر كالشاهر سيفه بين يدي رسول الله (ص) يذبّ عنه .
ليكون الإنسان من أنصار الإمام (عج) لابد وأن يعلّم نفسه ويستعد ويُهيّئ نفسه للانضمام إلى جيشه المبارك، فيرفض حياة الذل، ويعيش الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومقاومة كل باطل، ويشعر بالشوق لظهور إمامه، فيكون دائماً في حالٍ يرضاه الإمام (عج)، ويحزن لتأخير الفرج، فيعيش الهم والغم لطول غيبة الإمام مُتأسفاً لعدم تمكّنه من الوصول إليه رغم وجوده، فيُردّد دائماً وبحزن عميقٍ ما جاء في دعاء الندبة: عَزِيزٌ عَلَيَّ أَنْ أَرى الخَلْقَ وَلاتُرى وَلا أَسْمَعُ لَكَ حَسِيساً وَلا نَجْوى، عَزِيزٌ عَلَيَّ أَنْ تُحِيطَ بِكَ دُونِيَ البَلْوى وَلا يَنالُكَ مِنِّي ضَجِيجٌ وَلا شَكْوى. بِنَفْسِي أَنْتَ مِنْ مُغَيَّبٍ لَمْ يَخْلُ مِنّا .
الإمام يتألم لطول غيابه وينتظر أمر الله له بالخروج ليقيم العدل ويقضي على الظلم، فهو يطلب منّا العمل لتسهيل خروجه بالالتزام بشرع الله سبحانه، ليُستجاب دعاؤنا، ولا نكون ممن يساهم في ظلمه بارتكاب المعاصي، إذ ورد أنه مما يزيد في احتجاب الإمام وغيبته كثرة معاصي شيعته . فالانتظار الحقيقي هو بالتمهيد لدولة الفرج الأكبر من خلال تطبيق شرع الله على أنفسنا كأفراد، وتنظيم أمورنا على الشرع الحنيف لإيجاد أرضية تمكن الإمام من الخروج ومواجهة طواغيت الأرض، وهذا ما فعله الإمام الخميني (رض) بإقامة جمهورية إسلامية تُعدّ ما تستطيع من قوة، وعلى خط الانتظار الإيجابي جاءت مقاومة الصهاينة ومواجهة المشروع الصهيو أمريكي ومحاربة التكفيريين، إنّ من لا يحرّكه الانتظار لمواجهة الظلم والانحراف ورد العدوان قد يكون مع من يعترضون على الإمام إذا خرج بأن يومه لم يأتِ بعد .
إننا ندين ما صدر عن مؤتمر بروكسل، معتبرين أن هذا الموقف الغربي يشير بوضوح إلى مؤامرة لتوطين الفلسطينيين والسوريين، وإن خوف بعض الدول خصوصاً الأوروبية منها من موضوع النازحين، كان يجب أن يدفعهم لأخذ قرارات تدعم عودة النازحين الطوعية أو بالتنسيق مع الدولة السورية، وندعوا الحكومة اللبنانية للتنسيق مع الحكومة السورية لعودة النازحين السوريين إلى المناطق التي هزم فيها الإرهاب.
إننا ندعوا الناخبين للتحرر من العصبيات الحزبية والطائفية والإنطلاق من المصلحة الوطنية العلية التي تحفظ قوة لبنان وثرواته وتحميه من الأطماع الصهيونية وتنجيه من المخططات الصهيوأمريكية.
وإننا نعتبر أن اغتيال الرئيس الصماد لن يوهن من عزيمة اليمنيين بل سيزدادون وحدة وتصميماً على مواجهة العدوان والصمود حتى تثبيت الحكم العادل والقوي وعودة اليمن السعيد .
[وآخر دعوانا أن صلّ اللهم على محمد وآله الطاهرين والحمد لله رب العالمين]

شاهد أيضاً

فرصة عمل في صور

Job Location: Tyre, Lebanon Company Industry: Insurance Job Role: Accounting Employment Type: Full Time Employee …

Open chat
أهلاً وسهلاً بكم